تحليل النصوص
فن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه
المؤلف : محمد صالح الشنطي
الناشر : دار الأندلس للنشر والتوزيع - السعودية / حائل
الطبعة : الخامسة 1422 هـ - 2001 م
عدد الأجزاء : 1
http://sh.rewayat2.com/adab/Web/2037/001.htm
تحليل النصوص الأدبية ونقدها نمط من أنماط التحرير الذي يحتاج إلى دربة ومران، وذوق وحساسية خاصة، ونزوع مركوز في النفس بالإضافة إلى سعة في الثقافة، وفيض في المعرفة، إلى جانب حدة في النظر، وعمق في الإدراك، وانفعال لما يفصح عنه النص، وإلمام خاص بفنون اللغة وآدابها، والأساليب وخصائصها والأجناس الأدبية وقواعدها الكلية، ووسائل النظر فيها.
وقد تعددت مناهج التحليل والنقد وتنوعت، ولكن الناقد الحصيف هو الذي يختار منهجًا تكامليًا يلم بأهم المرتكزات في كل منهج؛ فضلًا عن، أن بعض النصوص تستدعي منهجًا بعينه لأنه؛ أقرب إلى طبيعتها.
ويمكن أن ندون مجموعة من الأسئلة تكون الإجابة عليها وسيلة لتقصي خصائص النص والتعرف على مميزاته.
أولًا: فيما يتعلق بالجنس الأدبي لا بد أن نجيب على هذه الأسئلة:
ما نوع الجنس الأدبي الذي ينتمي إليه هذا النص؟ هل هو قصة، أم مقالة أم خطبة أم مسرحية ... إلخ، وإذا كان شعرًا هل هو غنائي أم موضوعي؟ ثم نسأل ما مدى توفر الأصول الفنية لهذا الجنس الأدبي في النص؟
وما مظاهر التميز والانحراف عن القواعد المألوفة؟ وما أثر ذلك سلبًا وإيجابًا.
ثانيًا: الرؤية والموقف في النص؟
هل للكاتب رؤية محددة يمكن الإشارة إليها؟ أم أن النص يتسع لاحتمالات متعددة؟ كيف شكل الكاتب رؤيته وبسط أفكاره ومعانيه؟
(1/288)
________________________________________
ما العناصر التي كونت تجربته الفنية؟
ثالثًا: كيف صاغ الكاتب عمله؟ "الصياغة"
ما الخصائص التي تميزت بها لغة النص، وما الخصائص الأسلوبية البارزة عنده؟ وما أثرها في بناء الرؤية؟
- ما هي أبعاد الخيال عنده؟ وهل صوره تقليدية؟ ما مصدرها؟ ما طبيعتها؟ ما عناصرها؟ هل هي كلية شاملة أم جزئية؟ وهل اعتمد على الرمز؟
ما الألفاظ الشائعة عنده؟ هل له معجمه الخاص؟ ما دلالة ذلك؟
ما الخصائص التي تميز ألفاظه من حيث الدقة والقدرة على الإيحاء والوضوح، والألفة والطرافة، والتكرار والإيقاع، وهل يتكئ على الموسيقى الظاهرية، أم يتخطاها إلى مجالات أخرى؟
رابعًا: تحليل النص في ضوء علاقته بالواقع والبيئة:
- ما هي أصداء البيئة والواقع في هذا النص؟
- هل للطبيعة أثر في بناء الصورة عنده؟
- هل تعامل مع معطيات الواقع تعاملًا مباشرًا؟
خامسًا: النص في سياق جنسه الأدبي وفي سياق إنتاج كاتبه:
إذا كان تحليل النص يستوجب التعرف على تطورات الجنس الأدبي وموقعه من هذا التطور لأهميته فلا بأس من ذلك من خلال الأسئلة التالية؟
- هل النص يضيف جديدًا من حيث خصائصه الأسلوبية العامة أو يمثل طورًا جديدًا أو انعطافة مهمة في تاريخ فنه؟
- هل يعتبر النص نقلة تطورية مهمة في إنتاج الكاتب؟ وهل فيه إضافة إلى منجزات الكاتب، وهل نهج نهجًا مغايرًا لطريقته السابقة؟
(1/289)
________________________________________
- هل يمكن موازنته بأعمال أخرى متشابهة؟
- ما الآراء التي قيلت فيه بخصوص كونه مرحلة جديدة في سياقه، أو في أعمال الكاتب؟ ولا بد من استبعاد الأحكام الصارمة والعامة في هذا المجال.
سادسًا: معطيات النص:
قد يسلط النص على قضية معينة ذات طابع اجتماعي أو نفسي أو إنساني أو ذاتي، لذا لا بد من الإجابة على الأسئلة التالية:
ما مدى بروز العنصر الذاتي في النص؟ ما دلالته على نفسية الأديب؟
هل يفيد النص في الكشف عن رؤية الكاتب تجاه مشكلة سيكولوجية عامة؟
هل ثمة دافع شعوري أو نفسي يتضح لنا من خلال تحليل النص؟
وقد تبرز مجموعة من الأسئلة الإضافية عند تحليل النص:
ما المناسبة التي قيل فيها النص؟ إذا كان النص من أدب المناسبات.
ما مدى توفر الوحدة الموضوعية والعضوية بين أجزائه؟
ما الأغراض التي تناولها النص إذا كان النص شعريًا قديمًا؟
ما الغامض الذي يحتاج إلى تفسير في النص، وما علاقته بالمرحلة التي يمثلها؟ ما البحر الشعري الذي جاء النص على وزنه، وما دلالته؟ وما نوع القافية، وهل لحرف الروي دلالة معينة؟
عملية التقويم يمكن أن تتناول.
- نجاح الكاتب في إيصال تجربته الشعورية.
- مدى عمق رؤيته وصدق عاطفته.
(1/290)
________________________________________
- ما أضافه من ابتكار خاص في أسلوب النص.
- خصوصية الرؤية والتشكيل الفني.
- مدى توفر الوحدة العضوية فيه.
- مكانته في سياق الفن الذي ينتمي إليه والمرحلة التي يعبر عنها.
مكتبة التحليل
1- د. عبد الحليم محمود: النصوص الأدبية - تحليلها ونقدها، عكاظ للنشر والتوزيع جدة ط2 1982م، وقد عرض المؤلف في هذا الكتاب في القسم الأول منه إلى مناهج تحليل النصوص الأدبية، وخصوصًا المنهج الفني والتاريخي والنفسي والتكاملي والمنهج المدرسي، وعرض نصوصًا تطبيقية في مختلف العصور وفي مجال الشعر والنثر.
2- د. شوقي ضيف: في النقد الأدبي، دار المعارف ط1 1962م، وقد تناول الكاتب فيه نشأة النقد وتطوره، وتحدث عن التحليل والتقويم والجمال الفني وتصوير الشخصية الأدبية والأوزان والقوافي، والصياغة الشعرية، وكيفية دراسة النصوص الشعرية وعناصر التجربة الشعرية، والوحدة العضوية في القصيدة، والصورة والمضمون والخيال وأسلوب القصة والمسرحية وما إلى ذلك.
3- د. عبده بدوي: دراسات في النص الشعري "العصر العباسي"، منشورات دار الرياض للنشر والطباعة والتوزيع ط2 1984م، وقد تناول الكتاب بالتحليل بائِيَّة أبي تمام في فتح عمورية وبعض مدائحه ومرثيته النونية التي وضع لها الكاتب عنوان "الولد يموت" وقصيدة أخرى لأبي تمام عنوانها "الزمن والإنسان" لأبي تمام وقصائد أخرى للبحتري مثل قصيدته
(1/291)
________________________________________
في الذئب وفي "جريمة قتل في قصر الجعفري"، وتناول قصيدتين لابن الرومي في وحيد المغنية ورثاء البصرة، وقصيدتين للمتنبي "في فراق مصر" و"شعب بوان"، وقصائد أخرى لأبي فراس والديلمي والمعري والصنوبري، وقد أشار الكاتب في المقدمة إلى أنه عمد إلى معايشة النص واستبطانه والصبر عليه، ويشير إلى أنه يأخذ بنظرية الانصهار بين اللغة والفكر، وأنه قصد من تحليل هذه النصوص فهم الخصائص الجوهرية للشعر، وقد التفت إلى أهمية البناء التشكيلي بأبعاده المختلفة باللغة والصور والإيقاع، وليس من شك أن هذ الكتاب له طريقته المتميزة في فهم النصوص وتحليلها.
4- د/ وفاء سليم: النصوص الأدبية، وكالة المطبوعات، الكويت، وقد تناولت فيه نماذج من مختلف الفنون الشعرية والنثرية، وطريقتها في تحليل النصوص مبسطة.
5-د/ شكري عياد: مدخل إلى علم الأسلوب، دار العلوم للطباعة والنشر سنة 1983م، وقد تناول في القسم الثاني منه مجموعة مختارة من الشعر الوجداني الحديث في دراسة تطبيقية منها قصيدة الغروب لإبراهيم ناجي، ومنها: "استقبال القمر" و"عاصفة الروح" للشاعر نفسه، كذلك تناول ثلاثة قصائد للشاعر أبي القاسم الشابي: في "ظل وادي الموت" و"الصباح الجديد" و"من أغاني الرعاة" وقد أوضح في مقال سابق طريقته في فهم النصوص تحت عنوان: كيف نقرأ النص الشعري؟ ويرى أن خير وسيلة لتحليل النص، هي أن نتركه يتعامل مع حِسِّنا اللغوي العادي فنستكشف استعمالاته الخاصة للغة، ونكتشف المعنى الباطن المختبئ وراء المعنى الظاهر.