القصد القرآني وحقيقة التعاقب والإنابة في معاني حروف الجر
دراسة نقدية في رفض التعاقب على حرف الجر الباء
أ.م .د. محمد توفيق عبد المحسن الدغمان /كلية التربية/ جامعة الانبار، جمهورية العراق
الحمد لله واسع النعماء ، جزيل العطاء منزل القرآن معجزاً في البيان والصلاة والسلام على محمد الأمين وبعد. فإن كثيراً مما وضع في التأليف ضمن الإنابة والتعاقب والتضمين يدعو إلى إمعان الفكر والتأمل ؛ لأن ما ذكر من ذلك في بيان آي القرآن الكريم كثيرٌ حتى غدا بعضها بموقعه دالاً على عامة ما سواه من الحروف. ولقد وجدتني ميالاً الى تحري الحقيقة وإزالة شيء من الغموض في قضية خلطها خلاف قديم ، وكان يقيني الدائم وقناعتي المطلقة أن الصورة غير الصورة التي رُسمت . فما تعدد المعاني للحرف الواحد بذلك الأمر ؛لأن في الاختصاص عمقاً للبلاغة وقد لا يجانس روح التنزيل التعدد. وكنتُ في بحث قبل هذا تناولتُ بالدرس الحرف " الى" وتعاقب المعاني عليه في كتب القدامى والمحدثين ، وها أنا ذا أعود لدراسة حرفٍ آخر من تلك الحروف مبنياً في دراستي القصد القرآني في اختيار الحرف منكراً وقوع الإنابة والتعاقب فيه مستدلاً بما تيسر لي من أدلة. على أن الإنكار هذا نادى به فريقٌ من البصريين على رأسهم الخليل (170هـ) وسيبويه (180هـ) والمبرد (285هـ) وابن السراج (316هـ) وغيرهم. وهو ما ذهب إليه السهلي (583هـ) وأنكره أيضاً أبو حيان (754هـ) إنكاراً صريحاً. وستظهر لنا في ثنايا هذا البحث الأمور جليةٌ واضحة إن شاء الله.