حكم نمص وترقيق الحواجب للنساء والرجال
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
إن من الزينة المحرمة على المرأة النمص وهو ترقيق الحواجب حتى يصبحان كالهلال أو تسويتهما وهو التغيير فيهما عن شكلهما الطبيعي وهو الذي لعن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلته والمفعول بها , وفيما يلي بيان ذلك :
- اتفق جمهور العلماء على حرمة نمص الحواجب واختلفوا في نمص أو حف الوجه . عن ابن عباس قال : " لعنت الواصلة والمستوصلة والنامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة من غير داء " . [ تهذيب سنن أبي داود لابن القيم 4165 ] .
قال أبو داود : " وتفسير الواصلة التي تصل الشعر بشعر النساء , والمستوصلة المعمول بها , والنامصة التي تنقش الحاجب حتى ترقه والمتنمصة المعمول بها ... " .
عن علقمة قال : لعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الواشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله , فقالت أم يعقوب : ما هذا ؟ قال عبد الله رضي الله عنه : وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي كتاب الله , قالت : والله لقد قرأت بين اللوحين فما وجدته , قال : والله لئن قرأتيه لقد وجدتيه { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } . [ صحيح البخاري 5595 ] .
قال ابن حجر في فتح الباري (10/377 ) : والمتنمصة التي تطلب النماص , والنامصة التي تفعله , والنماص إزالة شعر الوجه بالمنقاش , ويسمى المنقاش منماصاً لذلك , ويقال : إن النماص يختص بإزالة شعر الحاجبين لترفيعهما أو تسويتهما .
وخرّج الربيع في مسنده 1/250 (637) : ومن طريق ابن عباس عنه عليه السلام قال : ( لعن الله النامصة والمتنمصة والواصل والمستوصلة والواشمة والمستوشمة والمتفلجات للحسن ) .
قال الربيع : النامصة التي تأخذ من شعر حاجبها ليكون رقيقاً معتدلاً والمتنمصة التي يفعل بها ذلك .
وقال صاحب تحفة الأحوذي ( 8/55 ) : يقال : إن النماص يختص بإزالة شعر الحاجبين لترقيقهما أو تسويتهما , وقال صاحب البحر الرائق ( 6/88 ) وفي فتح القدير (6/426 ) .
ولعن في الحديث النامصة والمتنمصة , والنامصة هي التي تنقص الحاجب لتزيينه , والمتنمصة هي التي يفعل بها ذلك .
وتتأكد حرمة النمص إذا كان شعاراً للخليعات من النساء كما قال بعض الحنابلة .
قال النووي في شرح صحيح مسلم : باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة , والواشمة والمستوشمة , والنامصة والمتنمصة , والمتفلجات والمغيرات خلق الله : وأما النامصة بالصاد المهملة فهي التي تزيل الشعر من الوجه والمتنمصة التي تطلب فعل ذلك بها , وهذا الفعل حرام إلا إذا نبتت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالتها بل يستحب عندنا .
ومذهبنا ما قدمناه من استحباب إزالة اللحية والشارب والعنفقة ( شعيرات تنبت بين الشفة السفلى والذقن ) وأن النهي إنما هو في الحواجب وما في أطراف الوجه .
قال ابن حجر : وإطلاقه مقيد بإذن الزوج وعلمه وإلا فمنهي عن ذلك منعاً للتدليس .
وذهب الطبري إلى حرمة نمص الحاجب أو حف الوجه فقال : " لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادة نقص التماس الحسن لا للزوج ولا لغيره كمن تكون مقرونة الحاجبين فتزيل ما بينهما توهم البلج ( تباعد ما بين الحاجبين ) أو عكسه , ومن تكون لها سن زائدة فتقلعها أو طويلة فتقطع منها أو لحية أو شارب أو عنفقة فتزيلها بالنتف فكل ذلك داخل في النهي وهو من تغيير خلق الله تعالى .
ويجاب على الذين منعوا حف الوجه بما خرّج عبد الرازق في مصنفه 3/146 ( 5104 ) : عن معمر والثوري عن أبي إسحاق عن امرأة ابن أبي الصقر أنها كانت عند عائشة فسألتها امرأة فقالت : يا أم المؤمنين إن في وجهي شعرات أفأنتفهن أتزين بذلك لزوجي ؟ فقالت عائشة : أميطي عنك الأذى وتصنعي لزوجك كما تصنعين للزيارة .
وتفسير أبو داود النامصة التي تنقش الحاجب حتى ترقه .
قال الحنابلة : ويجوز الحف والتحمير والنقش والتطريف إذا كان بإذن الزوج لأنه من الزينة , وقد أخرج الطبري من طريق أبي إسحاق عن امرأته أنها دخلت على عائشة وكانت شابة يعجبها الجمال فقالت المرأة : تحف جبينها لزوجها ؟ فقالت : أميطي عنك الأذى ما استطعت .
الخلاصة : لا يجوز نمص الحواجب , أي ما يسمى حاجباً , لنفسها أو لغيرها , وتتأكد حرمة نمص الحواجب لأنه أصبح شعاراً للخليعات من النساء , كما قال بعض الحنابلة . يجوز إزالة القفلة بين الحاجبين لأنها ليست من الحاجبين .
يجوز للمرأة أن تأخذ شعر وجهها وجبينها – بإذن زوجها لأن الزينة مقصودة له – ما عدا الحاجبين لأن النمص فسره العلماء بترقيق الحواجب .
لا يجوز للمرأة العزباء ذلك إلا إذا نبت لها لحية أو شوارب ظاهرين كالرجل .
يقول الشيخ سعد شرف : إجازة الحف للزوج متعلق جوازه فيما إذا كانت المرأة لا يراها الرجال الأجانب وهذا في زماننا مستحيل .وعليه لا يجوز نتف الحواجب ولا ترقيقها إلا إذا كان بها تشوه كأن كانت كثيفة يشمئز الناظر من رؤيتها عندئذ تنتف أو تحلق لإعادتها إلى طبيعتها التي خلقها الله عليها ، أما لزيادتها جمالا فهذا من الحرام الصريح .
وإذا كان الإسلام قد عد النمص للنساء من التمثيل والكبائر فهو للرجال أشد حرمة .
والله تعالى أعلم