- الزحاف والعلــة
قد عرفت أن هناك أنماطاً من التغييرات تنال الأعاريض أو الأضرب – غير أن منها ما يلزم, ومنها ما لا يلزم.
وقد سموا اللازم منها علة, وغير اللازم زحافاً.
الزحافات: تعرض لثواني الأسباب وتجول في البيت كله, فهي تدخل العروض والضرب, وتدخل الصدر والحشو. والزحافات في أكثر أحواله يطرأ ويزول.
وقد يجيئك في صورة حذف حرف, أو في صورة تسكين حرف, كما أنه يجيئك مفرداً, أو مزدوجاً.
وتستطيع أن تستخلص ذلك أثناء قراءة البحور التي التي مرت بك.
وأما العلل: فهي تغييرات تنال الأسباب والأوتاد جميعاً ولكنها لا تبرح العروض والضرب. فإذا أصابت أحدهما لزمته في سائر القصيدة في أكثر الأحيان.
والعلة تكون بالزيادة تارة, وبالنقص تارة, وقد تكون بالنقص مع الإسكان, وربما جاءت العلة بالإسكان ليس غير.
وسنجمع لك سائر الزحافات والعلل, مفصلو منوعة عندما ننتهي من شرح البحور واستخلاصها من البحور ليس بالأمر الشاق.
ما ورد من الزحافات والعلل في البحور السابقة
1- في بحر الوافـر:
(1) العصب: وهو تسكين الخامس، وتصير به مفاعلتين، إلى مفاعلْتن.
(2) الحذف: وهو حذف السبب الخفيف.
(5) القطف: وهو مجموع العصب والحذف وتصير به مفاعلتن إلى مفاعل.
2- في بحر الهزج:
الحذف: ويصير به مفاعلن إلى مفاعى.
3- في بحر الكامل:
(1) القطع: وهو حذف ساكن الوتد المجموع وإسكان ما قبله. وتصير به متفاعلن متفاعلنْ.
(2) الإضمار: وهو تسكين الثاني وتصير به متفاعلن إلى متْفاعلن.
(5) الجذذ: وهو حذف الوتد المجموع وتصير به متفاعلن إلى متفا.
(8) التذييل: وهو زيادة ساكن على آخره وتد مجموع وتصير به متفاعلن إلى متفاعلان.
(هـ) الترفيل: وهو زيادة سبب خفيف على آخره وتد مجموع وتصير به متفاعلن إلى متفاعلان.
4- في بحر الرجــز:
(1) الخبن: حذف الثاني الساكن, وتصير به مستفعلن إلى مَتَفْعلن.
(2) الطى: حذف الرابع الساكن, وتصير به مستفعلن إلى مُسْتَعِلن.
(5) الخبل: وهو مجموع الخبن والطى, وتصير به مستفعلن إلى مُتَعِلُن.
5- في بحر الرمــل:
(1) الحذف: وتصير به فاعلاتن إلى فاعلاً.
(2) القصر: وهو حذف ساكن السبب الخفيف وإسكان ما قبله, وتصير به فاعلاتن إلى فاعلاتْ.
6 في بحر المتقارب:
(1) القصر: وتصير به فعولن إلى فعولْ.
(2) الحذف: وتصير به فعولن إلى فعو.
(5) البتر: وهو عبارة عن حذف السبب فيصير به فعولن إلى فعو, ثم القطع وتصير به فعو (فَعْ).
7- في بحر المتدارك:
(1) القطع: وتصير به فاعلن إلى فاعلْ.
(2) الخبن: وتصير به فاعلن إلى فَعِلن.
8- في بحر الطويل:
(1) القبض: وهو حذف الخامس الساكن, وتصير به مفاعيلن, إلى مفاعلن وفعولن إلى فعولُ.
(2) الحذف: وتصير به مفاعيلن إلى مفاعى.
9- في بحر البسيط:
(1) الخبن: وبه تصير فاعلن فِعلن.
(2) القطع: وبه تصير فاعلن إلى فاعلْ.
(5) التذييل: وبه تصير مستفعلن إلى مستفعلان.
(8) القطع: وبه تصير مستفعلن إلى مستفعلْ.
العلل الجارية مجرى الزحاف (1)
وإذ قد عرفت أن الأصل في العلة اللزوم, وأنها لا تبرح العروض والضرب فإننا ندلك هنا على أن بعض العلل قد يعرض ويزول. وأن بعضها قد يتعدى حدوده فينال حشو البيت وصدره, وبذلك يكون جارياً مجرى الزحاف.
ولنضرب لذلك مثلين:
1- قال حافظ:
حطمـت اليـراع فـلا تعجبـى وعفـت البيـان فلا تعتبى
فما أنت – يـا مصر دار الأديب ولا أنـت بالبلـد الطيـب
هذان البيتان من بحر المتقارب, وتستطيع أن تدرك في سهولة أن عروض البيت الأول (جبى), وهي محذوفة, والحذف علة.
وتدرك أن عروض البيت الآخر (أديب), وهي ليست محذوفة بل مقبوضة, فالحذف إذن في عروض المتقارب علة جارية مجرى الزحاف.
2- وقال شوقي:
مـا بـال العـاذل يفـتـح لـي بـاب السلـوان وأوصــده
ويقــول يـكــاد تجـن بـه فـأقــول وأوشـك أعبــده
يمكن تقطيع الشطر الأول هكذا:
مابا (فاعل) للعا (فاعل) ذل يفـ (فعلن) ـتح لي (فعلن) كذلك يمكن تقطيع الشطر الأول من البيت الآخر هكذا.
ويقو (فعلن) ل تكا (فعلن) دتجنـ (فعلن) ن به (فعلن). فأنت تجد أن التفعيلتين الأولى والثانية في الشطر الأول قد أصابهما القطع بحذف ساكن الوتد المجموع, وتسكين ما قبله, أما نظيرتاهما من البيت الآخر فقد برئتا منه.
وبذلك يمكن الحكم بأن القطع في المتدارك علة تجري مجرى الزحاف من وجهين, الأول أنها تطرأ وتزول, والثاني أنها تدخل الصدر والحشو.
والنتيجة:
أن هناك عللاً تجري مجرى الزحاف في عدم لزومها لما تلحقه, وفي عدم اقتصارها على العروض والضرب, من ذلك القطع في المتدارك, والحذف في المتقارب.
العلل الجارية مجرى الزحاف
إجمالي الزخافات والعلل
عرفت أنماطا من التغييرات، تتوارد على الأعاريض والضروب، بيد أن منها ما يلزم ، ومنها ما يفارق . ثم جعلوا بعض هذه التغييرات زحافات لا تلزم . وبعضها عللا تلزم.
الزحـافــات
تغييرات تعرض لثواني الأسباب . وتجول في البيت كله فهي تدخل العروض والضرب وتدخل الصدر والحشو، ثم هي في الكثير الغالب ، لا تلزم بل تطرأ وتزول.
والزحاف يكون بالحذف ويكون بالتسكين.
وهو نوعان :
1ـ زحاف مفرد:
(1) يكون بحذف الثاني الساكن. ويسمى خبنا فمثل فاعلن تصير بالخبن
( فعلن) . وبحذف الثاني المتحرك . ويسمى وقصا. فمتفاعلا تصير به (مفاعلن) ، وهو نادر ، وبتسكين الثاني المتحرك ويسمى إضمارا.
فمتفاعلا تصير به (متفاعلن) .
(2) ويكون بحذف الرابع الساكن طيا فمثل مستفعلن تصير به (مستفعلن).
(ج) ويكون بحذف الخامس الساكن ،ويسمى قبضا ، فمفاعيلن مثلا تصير به (مفاعلن) ، كما يكون بحذف الخامس المتحرك ويسمى عقلا، فمفاعلتن تصير به (مفاعتن) وهو نادر.
ويكون بإسكان الخامس متحركا ويسمى عصبا ، فمفاعلتن مثلا تصير به
( مفاعلتن) .
(د) ويكون بحذف السابع الساكن ويسمى كفا. فمثل فاعلاتن تصير به (فاعلات).
(2) زحاف مزدوج:
(1) وذلك حيث يجتمع الخبن والطي،(2) ويسمى ذلك خبلا،(3) فمثل مستفعلن تصير به (متعلن).
(4) وحيث يجتمع الإضمار والطي ،(5) ويسمى ذلك خزلا ،(6) فمتفاعلن تصير به (متفعلن) .
(5) وحيث يجتمع الخبن والكف ويسمى شكلا،(6) فمثلا فاعلاتن تصير به (فعلات)
(8) وحيث يجتمع العصب والكف ويسمى ذلك نقصا ،(9) فمفاعلتن تصير به (مفاعلت) .
هذا والمزدوج كله قبيح .
العـلـل
تغيرات تنال الأسباب والأوتاد جميعا ، ولكنها لا تبرح العروض والضرب ، فإن أصاب أحدهما أو كليهما لزمته ، في سائر القصيدة ، في أكثر الأحيان ، والعلة تكون بالزيادة وبالنقص .
1- علل الزيادة :
ولاتراها إلا في المجزوء .
(1) وتكون بزيادة سبب خفيف على ما آخره وتد مجموع ، (2) وتسمى ترفيلا ، (3) وبها تصير فاعلن مثلا ( فاعلاتن ) .
(4) وتكون بزيادة حرف ساكن على ما آخره وتد مجموع ، (5) وتسمى تذييلا ، (6) وبها تصير فاعلن مثلا إلى ( فاعلان ) .
(5) وتكون بزيادة حرف ساكن على ما آخره سبب خفيف ،(6) وتسمى تسبيغا وبها تصير فاعلاتن ( فاعلاتان ) .
2- علل النقص :
(1) وتكون بحذف السابع متحركا ، (2) وتسمى كفا ، (3) وبها تصير مفعولات إلى (مفعولا ) .
(4) وتكوون بحذف سبب خفيف ، (5) وتسمى حذفا ، (6) وبها تصير فاعلاتن مثلا إلى ( فاعلا ) .
(5) وتكون بحذف الوتد المجموع. وتسمى حذذا. وبها تصير متفاعلن إلى (متفا) .
(8) تكون بحذف الوتد المفروق ، (9) وتسمى صلما ، (10) وبها تصير مفعولات إلى (مفعو) .
(3) علل النقص مع الإسكان:
(1) وتكون بحذف ساكن السبب الخفيف وسكان ما قبلة ، (2) وتسمى قصرا ، (3) وبها تصير فاعلاتن مثلا إلا (فاعلات ) .
(4) وتكون بحذف ساكن الوتد المجموع و‘سكان ما قبله ،(5) وتسمى قطعا ، (6) وبها تصير متفاعلن إلى ((متفاعل ))
(5) ويكون بحذف السبب ،(6) وإسكان الخامس المتحرك المعروف بالعصب وتسمى قطفا،(7) وبها تصير مفاعلتن إلى(مفاعل) .
(8) وتكون بحذف السبب الخفيف ، (9) مع حذف ساكن الوتد المجموع، (10) وإسكان ما قبله وهو المعروف بالقطع ، (11) وتسمى بتراً ، (12) وبها تصير فعولن مثلا إلى (فعْ) .
4ـ علل الإسكان فقط:
وتكون بإسكان السابع المتحرك وتسمى وقفاً، وبها تصير مفعولاتُ إلى (مفعولاتْ) .
العلل الجارية مجرى الزحافات
قدمنا لك أن العلل تلزم ما تقع فيه، وأنها لا تكون إلا في عروض أو ضرب ، وأنها تنال الأوتاد كما تنال الأسباب .
والآن نظهرك على أن بعض العلل يخرج عن هذا الأصل ، فلا يلزم ، بل يكون جارياَ مجرى الزحافات، في الطروء والزوال .
1ـ ترى ذلك في نحو قول أبي الطيب :
ذل من يغبط الذليل بعيش رب العيش أخـف منه الحمام
من يهن يسهل الهوان عليه مــا لجــرح بميت إيلام
ونقطع الأول هكذا:
ذل من يغ (فاعلاتن) ـبط الذلى (متفعلن) ـ ل بعيش(فعلاتن). رب عيش (فاعلاتن) أخف منـ (متفعلن) ـه الحمام (فاعلاتن) والذي نريد أن ندلك عليه، هو أن ضرب هذا البيت صحيح .
ولتقطع البيت الآخر:
من يهن يسـ (فاعلاتن) ــهل الهوا (متفعلن) ن عليه (فعلاتن) ما لحرج (فاعلاتن) بميت (متفعلن) إيلام (فالاتن) .
وأنت ترى أن ضرب البيت الثاني قد حذفت منه (العين) وهو أول الوتد المجموع ، وهذا الحذف يسمى (تشعيثا) ، وهي علة لأنها قد لحقت (وتدا) ومع ذلك فهي غير لازمة.
فالتشعيث ،علة غير لازمة في بحر الخفيف ، وكذا في المتدارك،تستطيع أن تتعرف على ذلك بمراجعة ما علقنا به من قول العروضيين في ما بال العاذل يفتح لي باب السلوان وأوصده ويقول تـكـاد تجن به فأقول وأوشك أعبده
فترى أن فنهم من يزعم أن بعض هذه التفعيلات قد دخله التشعيث ،وأن هذا التشعيث جار في الأعاريض والأضرب كما هو جار في الحشو، وبذا يشاكل الزحاف من وجهين . الأول: عدم لزومه ،والثاني : مجيئه في الحشو.
2 ـ وترى ذلك في نحو قول حافظ :
حطمت اليراع فلا تعجــبي وعفت البيان فلا تعتبي
فما أنت، يا مصر ، دار الأديب ولا أنت بالبلد الطيب
وتقطيع الشطر الأول هكذا:
حطمت ال (فعولن) ــيراع ( فعول) فلا تعــ( فعون) ــجي (فعو) ، وهذه عروض محذوفة ، والحذف علة ، فالأصل فيها اللزوم.
وتقطيع الشطر الأول من البيت الآخر هكذا:
فما أنــ (فعولن) ـت يا مصـ ( فعولن) ـر دار ال (فعولن) أديب (فعول) فالعروض هنا ليست محذوفة بل مقبوضة.
وإذن فالحذف لا يلزم في عروض المتقارب.
والنتيجة :
أن هناك عللا (1) تجري مجرى الزحاف ، في عدم لزومها لما تلحقه . وفي ورودها حشوا ، ومن ذلك التشعيث في بحري الخفيف والمتدارك . والحذف في بحر المتقارب .