منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك أصابتني نوبة انفلونزا.... I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةأصابتني نوبة انفلونزا.... I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرأصابتني نوبة انفلونزا.... I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورأصابتني نوبة انفلونزا.... I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةأصابتني نوبة انفلونزا.... I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةأصابتني نوبة انفلونزا.... I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودأصابتني نوبة انفلونزا.... I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرأصابتني نوبة انفلونزا.... I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة أصابتني نوبة انفلونزا.... I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لناأصابتني نوبة انفلونزا.... I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة أصابتني نوبة انفلونزا.... I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبأصابتني نوبة انفلونزا.... I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرأصابتني نوبة انفلونزا.... I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبأصابتني نوبة انفلونزا.... I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارأصابتني نوبة انفلونزا.... I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 أصابتني نوبة انفلونزا....

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
يحي امحمد
عضو شرف
عضو شرف
يحي امحمد

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
211

نقاط :
403

تاريخ التسجيل :
12/11/2011

المهنة :
استاذ


أصابتني نوبة انفلونزا.... Empty
مُساهمةموضوع: أصابتني نوبة انفلونزا....   أصابتني نوبة انفلونزا.... I_icon_minitime2013-01-18, 11:42

قبل أيام فقط ، كنت أزهو مختالا كحصان فتي وجموح ، انفلت عنانه ، وضج صهيله ، أسابق الأفراس الجذابة على مضمار الورقي أبيض وبيدي سوط أهوي به على حصاني فلا يلبث أن يعدوا على السطر مخلفا كلمات وحروفا ومشاعر ، و كنت مستعرضا جبروتي وشبقي وافتناني ، كديك الحبش، نفخ أوداجه ، وعبعب جناحيه ، خيلاء وتكبرا , فكور ذيله ، ونصب ريشه شامخا ، بغرور المغتر بمظهره ، لافتا الانتباه إليه ، يمشي بخطى مطمئنة ، ثابت القلب والقدم , كمغوار يجول في سـاحة النزال ، وقد صمم على إدخال الروع في قلب خصمه ، قبل بدء المنازلة.
نعم، هكذا كنت قبل أيام ، لولا أن ظهر تأثير ( الأنفلونزا ) شــد يدا عليّ هذا اليوم . صــداع يتوسـط جمجمة رأسي ، واحتقان تام يضغط على عينيّ ، وعلى فتحات تنفســي ،وحلقي يلتهب لكأني أبتلع جمرا ... الأمر الذي اضطرني إلي تناول مجموعة أقراص مضادة ، مختلفة التأثير ، لعلها تخفف بعض آلامي ، وعلى غير العادة المألوفة ، أحسست بثقل في رأسي ، وموجة نعاس قوي ، بدأت تداهمني قبل موعدها اليومي ، عصبت رأسي ، وارتميت على سريري، كخرقه بالية ، لا قوة فيها ولا إحساس ، خائر العزيمة ، محطم القوى ، والألم الشديد يتغلغل في أوصال جســمي كلها .

لم أعد أتذكر بدء إغفاءتي الأولى ، لكنها وبالتأكيد ، جاءت قبل أوانها ، إحساسي بالمحيط أخذ يتضاءل ويضمحل ، ويخفت معه صـوت المذياع الصغير ، المهمل على حافة السـرير ، صفيره المتقطع يمزق الجمل ويبتلع بعض كلماتها ، ثم يتلاشى صوته شــيئا فشـيئا ..... حتى سكت ، لقد توقف إدراكي بالمحيط تماما ، انه ســلطان النوم ، حلّ بكل أحماله ، فبدا لي أنني أغوص إلى أعماق ســحيقة في باطن الأرض ، وأجد صعوبة بالغة في التنفس ، كأن الجبال أطبقت على صــدري ، وكتمت عليّ أنفاسي، يصعب تصوير ذلك بدقة تامة ، فكل ما يمكن قوله ، إن إحساسي بالغوص نحو الأعماق ، كان يشــبه الســقوط المتأرجح نحو الهاوية ، الأمر الذي افقدني توازني وشجاعتي ، فاستسلمت لمصيري ، واستكنت إليه ، في لحظة عجز ليس لها مثيل ، وبما أن حالتي الصحية ، وسريري غير المريح ، لا يوفران لي نوما هادئا ومتواصلا ، وإنما غطيطا متقطعا مصحوبا بهلوســـة غامضة أشــبه بالهذيان ، فكثيرا ما كنت أفزّ من نومي على صــوت تمتماتي غير الواضحة ، وأنا في مثل هذه الحالة غير المســتقرة ،أجد نفسي أحيانا في ظروف مبهمة .... تائهة ، و أحيانا أخرى أقترب فيها من حالة التيقظ دون بلوغها .

أجــد صعوبة بالغة في تحديد الوقت الذي ســمعت فيه أصــواتا غريبة مختلطة ، تنطلق متتابعة ، أشــبه بالصراخ الذي يدفعه الصدى بعيدا ... بعيدا ، وكأنّه ينبعث من أعماق الزمن ، وأشكالا مخيفة تتحرك في العتمة ، يصعب تمييزها ، أو تحديد ملامحها . شعور بالوجل يســلب المكان أمانه . يزداد الصوت ارتفاعا واقترابا ، ينســــلُّ من بين الأصوات عويل امرأة مذعورة تستغيث . صوتها المفجع ُيمزّقه البكاء ، تصرخ متألمة ؛ ( وا...مع ... تص ... ماه ) يســـكت الصوت لحظات لا تطول ، ثم يعود ثانية ... وثالثة ، يعقبه ســكونٌ مريع لا يدوم كثيرا ، ُيمزّقه دويُّّ صـــوت رجولي ، قادمٌ من الأفق البعيد ، يزلزل تصميما واســــــتجابة لبيك ... لبيك تتبعه جلبة ، وضجيج ، وقرقعت سـنابك ، وحمحمة خيول تمرُّ كالبرق ، يعقبها هــدوء مريح ، يزرع الاطمئنان في النفوس .

أيقظتني من نومي العميق نوبة سعال حادة ، كادت تمزق صدري . تحسست جبهتي المبللة بالعرق ، ثم تناولت الكأس المملوءة بالماء، وشربت ما بها دفعة واحدة ...تذكرت تلك اللحظة وأنا آخذ الكأس على فمي أن أكثر الذين يموتون كانوا يشربون الماء قبل موتهم لكيلا يغويهم الشيطان بشربة ماء في آخر رمقهم وينسون الشهادة أمي كانت تحكي عن ذلك كثيرا ..يا الهي هل سأموت الليلة ...نهضت متثاقلا ومشيت حتى وضعت جسمي المتهالك على كرسي أمام الحاسوب ...عنَّ لي في تلك اللحظة أني أديب كبير...ولبد لي أن أترك وصيّتي لأصدقائي الأدباء في منتدى التخاطب...و من واجبي أن أقدم لهم بعض النصائح في الكتابة ...واجتهدت في الكتابة وجعلت ذلك النص كأنه وداع أخير ..وكنت أكرر...طويت دفتري... طويت دفتري...آه لو تعلمون يا أدباء المنتدى من ستفقدون ليتكم تعلمون من سيرحل ويترك فراغا كبيرا في المنتدى...في ذلك الحين كنت أستحضر خطبة عمر ابن عبد العزيز_رحمه الله _ وكانت آخر خطبة خطبها وبعدها نزل ولم يعد بعدها حتى مات رحمه الله كنت دائما أذرف عندما أقرأها أو أسمعها خاصة حين يلقيها العفاسي ...ليت أصدقائي يذرفون دمعة وهم يقرأون آخر كتاباتي ...كانت تلك الأفكار تحوم في رأسي حتى أنهيت ذلك النص ثم أرسلته في المنتدى ثم أصلحت وسادتي ، وأرسلت برأسي المتعب عليها . أغمضت عينيّ المرهقتين . كانت أمي لحظة ذلك تستعد للنوم . توسدت يدها ، واستلقت على فراشها بتكاسل .
عيناي المتعبتان لم تصمدا طويلا أمام مـــــــدّ النعاس المتدفق بقوة ، تأثيره الشـــديد لا ُيقاوم ، لقد تغلب النوم عليهما ، وعلى كل أحاسيسي ، لا أدري كم مضى على إغفاءتي ،عندما بدأتُ أتأرجح من جديد ، وكأنني هذه المرة أعتلي صهوة موجة هائجة انفلت زمامها ،ترتفع بي عاليا فأشـــعر بالدوّار والغثيان ، ثم تهبط بي فجأة إلى القرار حتى تنقطع أنفاســي .
ريحٌ عاتية تضرب جدار بيتنا الشـرقي . تضربه ضربات شــديدة فيهتزُّ ، وأهتزُّ مع اهتزازه ، غريبة تلك الريح ، بالإضافة إلى هبوبها الجارف ، كانت محملة بأجسام غريبة ، تندفع معها نحو الجدار ،الذي لم يصمد طويلا ، فبدأ يتصدع بســــرعة وســــهولة ،وتداعت منه أجزاء ، كشـــفت عن فجوات ســـهّلت دخول الريح إلى المنزل ، التي ما إن دخلت إليه حتى عصفت بداخله ، رغم الظلام الحالك ، بدت أشـــياء غريبة تختلط بالريح ، لها ملامح الطيور ، تندفع كالســـهام نحـــو أهـــدافها ، وأكثر ســــوادا من ذلك الظلام الدامــــس ، رؤوســــها عارية إلا من خصلة شـــعر تتوسط هـــاماتها ، تشـــبه أذناب البغال المبتورة ، منــاقيرها مشـــــرعة كالســـيوف ، قوية وصلبة ، تفتت كل شـــيء .. حتى الحجارة . لم تمض إلا ثوان قليلة على دخولها إلى المنزل ، حتى حولت كل شــــيء فيه إلى حطام ، وكأنّهُ عصــفٌ مأكول . .. !

تســـمرت في مكاني جزعا ، أمام هذا المشـهــد المرعب ، وتوقف عقلي عن التفكير , جحظت عيناي ، وارتعشت أوصـــلي هلعا ، خشـــية من أن تكشـــــفني تلك المخلوقات الفتاكة ، فتنقضُّ عليّ بمناقيرها التي لا ترحم ، وتفتتني أشــــــلاء كما فعلت بالأشــــياء المحيطة بي . فكرت بالفرار ، حاولت .... وحاولت ، لكنني فشـــلت ، فلم تطاوعني قدماي المنحلتان ، و جســــمي المتخشـــب . هممت على الصراخ بأعلى صوتي ، لكن لســــاني كان مشـــلولا ، وعاجزا عن الحركة ، فازدادت حيرتي وازداد معها جزعي ، وأنا في مثل هذه الحال من الإرباك والخوف, لمعت في ذهني فكرة ســـريعة نفذتها في الحال من دون تردد .
صمّمتُ أن أدحرج نفســـي .... هكذا فكرت ، ادفعها دفعة قوية قد توصلني إلى باب المنزل ، ومن ثم أقفز إلى الخارج ، حيث يكون الخلاص ، من هذا الكابوس الرهيب ، ترسخ اعتقادي بهذه الفكرة , جمعتُ كل قواي ، و ركزتها في مكان واحد من جســـدي ، في محاولة يائســــة وأخيرة ، بدأتُ بالعد تهيؤا : واحـــد ... اثنان ... ثلاثة ، ثم دفعتُ جســـــدي بكل ما أوتيت من قوة ، فكم كانت دهشـــتي كبيرة عندما ســـقطتُ من فوق الســـرير ، وارتطم رأســـي بالأرض الصُلبة , فاســتيقظتُ مذعورا ، والعرق يتصبب مني . تلفتُّ حولي بســـرعة خاطفة ، كانت أمي مســتيقظة ، سألتني : ما بك ؟ ، قلت لها : لاشـــيء ، كنت أحلم فقط . نظرت إلىّ نظرة مبهمة ، ثم تمددت فوق سريرها ، وســـرعان ما غطت في نوم عميق ، وصوت شـــخيرها يتصاعد عاليا .

تماثلت للشـــفاء ، واختفت عني أعراض ( الأنفلونزا ) ، التي أطاحت بشــموخي ، ردحا من الزمن ، واستنزفت كل قواي . عادت إليّ عافيتي ،كاملة كما كانت ، فاشــتدّ عودي ، وتعاظم زهوي ، وافتتاني برجولتي ، وارتفع صوتُ صهيلي مدويا ،فامتلأت منه الســـفوح والســـهول و الوهاد ، وتزاحمت حمحمات عنفواني ، وتدافعت كجياد نزقة ، أُســـرجت لخوض معركة فاصلة ,تعلن عن جموحها الثائرُ تحفزا وهيجانا ، بضربات قوية من حوافرها ، فتحفر الأرض ، وتفتت الصخر ، تضربه حوافرها ، بقوة وبعزم ، حتى يقدحُ الصوان شــررا ، من صخب العزيمة الفائر ، ووهج القوة وجبروتها الطاغي ، يشــــتدُّ وميضه المضيء فيشـــتتُ ذيول الظلام المندحر على عتبات الشــــــفق القادم ، متقدما إشراقة شـــبابي المنتعش من جديد ، وكأنني في فجر يوم آخر . قد بزغ توّاً ، كل شيء فيه جميلٌ وفتي وفتان ، ُيحرّض على الغرور ، والإفراط بالكتابة والقص والمطالعة أكثر من أي وقت مضى ، فأنســـاني ذلك ، أن خطر الانتكاســة أشــد ُّفتكا ، وأكثرُ اســـتنزافا لطاقتي ، ... انغمســـت في أيامي ، وكأنني لم أســـتفد من أي درس ســابق ، فلم أتجنب الإفراط المضر بصحتي ، ولا اللامبالاة القاتلة ، فيما لو عادت إلي ( الأنفلونزا ) ، وتغلغلت في أحشــــائي من جـــديــد...
مضت أياما حلوة لذيذة ، مكللة بالســـعادة .. عدت أطلّ على المنتدى و أنا أشعر أني ذلك البطل الذي فُقد في المجهول وهو يدافع عن أصوله ولغته ...شعرت كأني أطل من هضبة بعيدة وسيفي في يدي قد غشى وجهي غبار المعركة ...و دمي مازال رطبا يسيل من وجنتي...ونَفَسي الرّطب يتصاعد من فمي ليصنع غمامة صغيرة أمام وجهي في ذلك الصباح المبتل بالضباب ...وكم كان اعتزازي عندما تلقاني أحد أصدقائي المقربين ...وهو يقول ...لا تطوي دفترك ..ولا تحرمنا منه...آه ..كل الناس يصادق ولكن قليل منهم من يفهمه صديقه ويكتشف ما يفكر به ...حتى ولو كان بغير قصد... حقا تشعر أنك مهم في هذه الحياة..
كل ذلك قبل أن أشـــــعر بصداع شـــديد ، تجمع في مقدمة رأســـي مرة أخرى، آلمني كثيرا ، وأقضّ مضجعي ، مصحوبا بدوّار فتت دفاعات صمودي ، وطوى عزيمتي ، وأوهن قوتي ، وغزاني غثيان مفاجئ ، نشــر غمامة ســـوداء فوق عينّيّ الذابلتين .لملمت كل جهد في جســـدي ، لعلي أصلُ إلى حافة الســرير ، ودفعتُ به إلى الحافة ، وما إن وصلتُ ، ألقيتُ بنفســي فوقه كيفما اتفق . كان همي الوحيد ، هو أن ألقي بهذا الجســـد الرخو , المنحلة قواه ، فوق الســــرير . ولمّا صرتُ فوقه ، أغمضتُ عينيّ المرهقتين ، موجة نعاس ثقيل ، استسلمتُ لها دون أي مقاومة ، فشعرتُ برذاذ أمواج البحر يدغدغ فتحات التنفس في مقدمة أنفي الكبير ، ورمال الشاطئ الرطبة تملأ النفس بهجة ، يزداد معها الشـــعور حبورا ، كلمّا نظرتُ إلى تلك الآكام المكســوة بخضرة وادعه ، والســــفوح المثقّلة بأشجار الفاكهة ، تنشـــرُ أزهارها أريجا زكيا ، ُيعطّرُ هبّات نســــيم المتوســـط العليلة .
كنّا ، أنا وصاحبي ، نلهو فوق رمــــــال الشاطئ الناعمة البيضاء ، يغمرنا الســـرور ،
وتحيط بنا البهجة من كلّ صوب ، عندما توقف صديقي فجأة جــامداً في مكانه ثم صرخ بأعلى صــوته ، مشــــيراً بذراعه إلى جهة البحر : أُنظرْ هنـاك ... !
أجفلت من صرخته المباغتة ، فتصاعد لهاثي ، وتســـارعت ضربات قلبي ، وشــــحب لوني ، كأنني أُخذت على حين غرة ، حوّلت بصري فوراً إلى الجهة التي أشـــار إليها صاحبي، فهالني ما رأيت . أشـــرعة كثيفة وضخمة غطت البحر كله , كأنها غابات تتحرك فوق لجة المياه الراكدة ، رُسـمت عليها شـــارات ، خطوطها كبيرة ، متعامدة ومتشــابهة وبلون الدم الجاف ، تخفق على سـواريها ، رايات مختلفة الأشكال والألوان، تتجه إلى الشاطئ بحركة ثقيلة ، وكأنّها حُملت بالحجارة والحديد ، انتشرت السفن على شكل قوس ، كوحش مفترس فتح فكيه إلى أقصى مدى ممكن لهما ، يتهيأ للانقضاض على فريسته ، بعد دورة التفاف ، ثم حصار فهجوم .
قلت لصاحبي : هيّا بنا ، نعود إلى المدينة .
قال : نعم .... لننطلق مســــــرعين .
انطلقنا نعدو آفلين ، أســـرعُ من سـهامٍ مندفعة ، يتضاعفُ عدونا كلّما اشــتدّ خوفنا ،وصلنا المدينة ، فوجدنا الناس في حالٍ لا توصف ، لقد أخذ الذعرُ منهم كلُّ مأخذ ، بلبلةٌ وهرجٌ ومرجٌ وارتباكٌ وحيرةٌ . نســـاءٌ يندبن نائحات . رجالٌ مســـلحون يهرعون إلى مراكز الدفاع ، فوق الأســـوار وعند البوابات ، وآخــرون يفرون من المدينة , لم افهم شـــيئاً من هذا المشــــهد سوى الشــعور بالخطر ... والإحباط ...تقدم إليّ رجل من الجيش قال لي بصوت عال تكتمه أصوات المدافع و طلقات الرصاص...هل دخلت الخدمة في الجيش ؟؟؟أجبته لا ..ولكن سألتحق بعد شهرين ..فأخذ بكتفي ودفعني إلى أحد الجنود الذي اصطحبني إلى مركز حيث ألبسوني بدلة عسكرية ودفعوا إليّ سلاحا ..وصاحا بي أحدهم هيا انطلق..إلى الصفوف.. . زاغ بصري وجفّ ريقي . مرّت لحظات ثقيلة ، كلُّ ثانية منها تعادل دهرَا كاملا ، بدأ بعدها هجــوم عنيف , اســتهدف المدينة ، تقدم الهجوم ، وابلٌ من صخور ضخمة ، تحسبها تسقط من السماء السابعة ، تطحن ما ترتمي عليه ، وتسحقه سحقا كاملا ، حتى تزول آثاره من الوجود ، تلي ذلك ، قذائف من حمم محرقة ، كأنّها شـــواظ من نار ، تحرق الأخضر واليابس ، وتحيله إلى رماد تذروه الراح . تكاثرت الحرائق واشــتدّ ســعير نيرانها ، وعمَّ الخرابُ والدمار كلَ مكان ، تبعثرت جثث القتلى ، وســالت دماء بريئة . لا خلاص من هذا الكابوس ، ولا جدوى ولا نجاة إلا بالفرار ، ففرَّ خلقُ كثيرٌ إلى سفوح الجبال ، يتوارون خلف الأشـجار ، ووراء الصخور ، ونتوءات الأرض ، والوديان . يفرون بأرواحهم ..... ! ، لقد ســـطت المدينة ســقوطاً مروعاً ، واستباحها أعداء متوحشـــون ، لا تعرف قلوبهم الرحمة ، فعاثوا في الأرض فســـاداً ، مزّقوا البشر ، واجتثوا الشجر ، وهدّموا كلّ بناء وأثر .
تجمدت الدماء في شــراييني ، واقشــعر بدني فزعاً ، حينما برز لي أحــــد الغزاة وسيفه يقطر دماً ، يبحث عن ضحيّة أُخرى . أرعبني شكله المخيف ، فارتجفت هلعاً حتى اصطكت أســـناني . اقترب مني .. وراح يقترب أكثر ، شــاهراً ســـيفه العريض ، ولمّا اقترب مني تجمعت منكمشــــا على بعضي ، مددت ذراعيّ لأتقي ضربة ذلك الوحـــش الهائج ، عندما رفع ســيفه عالياً وهوى عليّ به ، بكل ما أوتي من قوة ، فصرخت صرخة مدويّة ، لم أصرخ مثلها طوال حياتي ... فاستيقظت مذعوراً من هول صرختي ، جلست على حافة السرير أرتجف رعباً ، مشتت الذهن ، خائر العزيمة ... والعرق يتصبب جســدي المنهك...وأقول هل في حدود المالي يوجد بحر ؟؟؟ . تلفت حولي ،فرأيت أمي متأهبة وقد استيقظت من نومها ، أيقظتها صرختي المســـتغيثة ، وقفت إلى جانب سريري ،تمسح قطرات العرق المتجمعة فوق جبهتي ، وقامتها المنتصبة شـــموخاً إلى جانبي ، تشـــدٌّ أزري ، وتستحث رجولتي ، مئزرها المشدود جيداً حول خصرها النحيل ، ينبئ بأنّها عازمة على أمر ما . ســألتني ، وراحة يدها الحريرية تمســح جبيني بعطف الأم الحنونة : ما بك ... ؟ . أجبتها : كنت أحلم ...
قالت : تبدو عليك علامات الإرهاق ... أ أنت مريض ... ؟
: نعم ، صحتي كانت جيدة ،لكن بالأمس شعرت بدوّار وغثيان...
: هذه أعراض ( الأنفلونزا ) عادت إليك مرة أُخرى ، خذ هذا الدواء ، انّه شراب مقو وناجع ، كان مستخلصا من عصارة بعض الأعشـــاب الطبيعية أعطانيه مدير العمل...
ناولتني زجاجة فيها بعض الدواء ، ثم تابعت حديثها : تناول منه خمس ملاعق صغيرة في اليوم ، وواظب على تناوله بانتظام ، سيطرد الوهن والحمى من جســدك ، فلا تهمل تناوله أبــدًا ..هذا ما كتب علي العبوة .
قلت : لولا الإهمال واللامبالاة لما أصابني ما أصابني ... !
قالت : لا عليك ، أنا أمُّك أدرى الناس بك ، عزيمتك كالحديد ، وقدرتك على التحمل لا مثيل لها ، ستعود إليك عافيتك عمّا قريب ، وترجع إليك عزيمتك كما كانت ، عندما تغلبت على جميع أولاد الحي ، ... ألا تذكر ؟ ،في طرفة عين ، صرعتهم واحدا اثر الأخر ، ومنذ تلك الواقعة تواروا جميعهم عن الأنظار ، لقد اختفوا تماماً
قلت :نعم يا أمي إنهم أطفال الحي...وليسوا أولائك الوحوش من خوارج القاعدة على حدود المالي .
قالت : انّك وهن وضعيف ، لم تعد قويّاً كما كنت .
الثقة بالنفس سلاح مرهوب الجانب ، وأقوى الأسلحة على الإطلاق ، فلا تيئس يا ابني ، ... قم ... حاول ... انهض عن هذا الســــرير اللعين ، كفاك نومــاً يا فتى ... !!!
يحي امحمد عبد المتين

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زهر السوسن
عضو شرف
عضو شرف
زهر السوسن

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
879

نقاط :
1493

تاريخ التسجيل :
17/10/2012


أصابتني نوبة انفلونزا.... Empty
مُساهمةموضوع: رد: أصابتني نوبة انفلونزا....   أصابتني نوبة انفلونزا.... I_icon_minitime2013-01-18, 16:35


من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تلقيه المصائب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

((ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب- مرض- ولا هم ولا حزن ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه))

والحمد لله على سلامتك اخي يحي
أصابتني نوبة انفلونزا.... 463596 أصابتني نوبة انفلونزا.... 976116 أصابتني نوبة انفلونزا.... 976116
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

أصابتني نوبة انفلونزا....

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  :: كتابات الأعضاء الإبداعية :: الخواطر-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


أصابتني نوبة انفلونزا.... 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
اسماعيل الخيام بلال البخاري ظاهرة النص الخطاب ننجز المعاصر قواعد محمد العربي على اللسانيات اللغة النحو مبادئ موقاي مدخل العربية الأشياء الحذف النقد كتاب التداولية مجلة


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | انشئ منتدى | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية | آخر المواضيع