هناك خلاف و إشكال في الوقت نفسه ، بين الدارسين
المُحْدَثين العرب في استخدام المصطلحين التاليين و هما : المذهب و المدرسة ، و
ذلك لِإطلاقهما على نحاة البصرة أو نحاة الكوفة ، أو على من جاء بعدهم من علماء
بغداد و الأندلس ؛ إذْ ثَمَّةَ من ذهب إلى تفضيل مصطلح المذهب النحوي بدلا من
مصطلح المدرسة النحوية ، مثل الدكتور عبده الراجحي من خلال كتابه : دروس في
المذاهب النحوية ، و أيضًا هناك من فضّل استعمال مصطلح المدرسة عوضًا عن المذهب
كما فعل ذلك الدكتور شوقي ضيف من خلال كتابه : المدارس النحوية ، و كذلك الدكتورة
خديجة الحديثي في كتابها : المدارس النحوية . و أمّا الدكتور إبراهيم السامرائي
فقد استعمله هو أيضًا من خلال كتابه : المدارس النحوية أسطورة و واقع ؛ و كان – على حسب علمي- أول من أثار هذا الإشكال في استعمال
المصطلحين في هذا المُؤَلَّف و هو قَمينٌ بالقراءة .
الّذين
فضَّلوا مصطلح المذاهب النحوية كان تفضيلهم على اعتبار أنَّ الخلافَ كان في الفروع
و الجزئيات ؛ كبعض الاصطلاحات أو تفسير المسائل النحوية و التعليل لها ، ولم يَكُن
الخلاف في الأصول و الكليات العامّة مثل الأبواب النحوية كالفاعل و المبتدأ و
المفاعيل و غيرها و ما يتعلق بها من حدود و تعريفات . لقد اختلف إذًا المذهبـان
البصري و الكوفي في مسائـل فرعيـة تتَّصلُ بأدوات التأويل و التعليل ؛ فكـان
لهؤلاء مذهب أو طريقة ، و لأُولائك مذهب آخر أو طريقة .
أمّا مصطلح
المدرسة فلَمْ يُعرَف عند علمائنا العرب القدماء و لا شاع بينهم ؛ بل عرفوا
المصطلحين الآخرين و هما : المذهب أو الطريقة . و مفهوم المدرسة في اصطلاح العلم
الحديث هو تلك الوَحْدة التي تدرس الموادَّ العلميَّةَ مستقلَّةً و مختلفةً عن
غيرها من المدارس بنظريَّاتها الكلِّيّة و منطلقاتها الفكرية و أصولها التطبيقية و
أدواتها الإجرائية ؛ و ذلك كاختلاف المدرسة الرومانتيكية عن المدرسة الواقعية في
مجال الدراسات الأدبية ، و كاختلاف المدرسة التوزيعية عن المدرسة الوظيفية في
الدراسات اللسانية .
و هذا على
خلاف مذاهبنا العربية النحوية التي كانت مُدَوَّنتُها اللغوية واحدة و هي اللسان
العربي ، و منطلقُها الفكريُّ مُسْتمَدٌّ من القرآن الكريم ، و أصولُها التطبيقيةُ
نَابِعة من المصدر الأول للدرس اللغوي الذي أسسه أبو الأسود الدؤلي و مَن جاء بعده
مِن تلاميذه .
يُتْبَع.. إن شاء الله تعالى
2010-05-24, 15:42
