]ذهبت ( رُلى ) الصغيرة إلى سرير نومها وكعادتها اصطحبت معها دميتها ( حياة ) وقبل أن تغفو قصت عليها قصة المساء ثم خاطبتها
أرجو لك يا ( حياة ) ليلة سعيدة وأحلاماً هانئة خالية من الصواريخ، فاليهود يُصِرون على إرهابنا كل مساء ، ولكن لا بأس فالله قادر أن ينجينا منهم. وينصرنا عليهم ، وحدَّثتها عن أشياء كثيرة ، عن المدرسة ، عن الأطفال.
وفجأة حدث دويٌّ هائل ، إنها طائرات العدو تقصف مدينة ( غزة ) الباسلة , القصف يشتد والمروحيات تقترب من بيت ( رُلى ) هاهي تسمع صوت أبيها يدعوهم للخروج من البيت فوراً ، وجدت ( رُلى ) نفسها مع أفراد عائلتها في الشارع , ولم تمض سوى دقائق حتى ينهار المنزل بكامله .
ما أصعب هذا، ما أصعب أن يفقد الإنسان بيته، نظرت ( رُلى ) إلى أفراد أسرتها، وقد أخذ الخوف والرعب طريقه إلى وجوههم، وقد وقفوا بثياب النوم ، لا يحملون شيئاً ، فكل شيء تركوه في البيت، وقد أصبح الآن رماداً. وفجأة تذكرت ( رُلى ) دميتها ( حياة ) فأخذت تصيح دميتي ، ( حياة ) ( حياة ) هي هناك ، يا إلهي كيف نسيت ( حياة ) وأخذت تبكي بحرقة .
تقدم منها والدها : أنت تبكين على ( الدمية ) يا رُلى، فماذا أقول أنا ؟ وقد فقدت البيت ، فقدت جنى عمري يا صغيرتي .
إنها المروحيات اللعينة ، استهدفت بيتنا وفقدتُ لعبتي ( حياة ) أريد ( حياة ) أريدها .
تقدمت منها أمها سأشتري لك أخرى .
- لا ، لا أريد إلا ( حياة ) ( حياة ) نفسها .
ذهب الجميع إلى بيت الجد للإقامة فيه ، وكانت ( رُلى ) كل صباح تذهب حيث ركام البيت تبكي دميتها وتنادي عليها .
وفي ذات صباح مرّ عليها كلب الجيران فسألها :
- لماذا تبكين يا رلى ؟
- إنني أبكي على دميتي ( حياة ) إنها هناك تحت الركام .
-آه يا صغيرتي , ماذا أقول أنا ، وقد فقدت إبني الجرو الصغير على أثر العدوان الأثيم ! لقد بكيت عليه ، ثم فكرت وصممتُ أن أنجب جرواً آخر .
- غريب أمرك .
لا , أمري ليس غريبا فالهرة ( بوسي ) ستفعل كما فعلت ، ( فبوسي ) فقدت صغيرتها على أثر قذيفة بكت عليها كثيراً ، ثم فكرت مثلما فكرت وبعد أيام ستنجب مجموعة من القطط الصغيرة .
وبعد قليل مرَّ بهما عصفور جميل وعندما عرف قصة ( رُلى ) ضحك وقال :
عُشي الصغير كان يضمني وأفراد أسرتي ، لقد بنيت هذا العش بين أغصان شجرة اللوز ، ولكن جرافات اليهود جرفت الشجر فسقط عُشي ومات صغاري وها أنا الآن أبني عشاً آخر لأنجب عصافير آخرين .
- فكرت رلى بما سمعت ، ثم هزت رأسها قائلة : لا بأس ، سأجرب
وفي المساء جلست ( رُلى ) مع أفراد أسرتها يتابعون الأحداث من خلال شاشة التلفاز في بيت جدها .
وفجأة ظهر وجه طفلة جميلة بريئة على الشاشة ، ثم ظهر جسدها وقد فرقته صواريخ المروحيات الصهيونية ، لتستشهد الطفلة ( إيمان حجو ) ذات الأربعة شهور قبل أن تنطق كلمة ( ماما ) أو ( بابا ) .
وبعد قليل انتقلت آلة التصوير حيث ترقد والدتها في أحد مستشفيات غزة وهي تتذكر كيف أنها حاولت حماية طفلتها ولكنها لم تستطع فقد أصيبت هي الأخرى ، وقالت بصوت خفيف ( إيمان ) لم تمت ، هي الآن في الجنة عصفور صغير أخضر ماذا أفعل هذه إرادة الله ، ثم أخذت تستنجد بحكام العرب أن ينقذوا شعبها من الدمار . ثم ظهر عم إيمان وهو يقول : هدفهم قتل الأحلام ، ولأن إيمان طفلة تحلم قتلوها ، فهي لم تقذف حجراً ولم تحمل على كتفها سلاحاً ، هدفهم أن يقتلوا أحلامنا .
وفي الصباح اجتمع الكلب ، والهرة ، والعصفور مع رُلى وقد اتفقوا جميعهم أن يذهبوا لزيارة والدة ( إيمان ) ومن ثم يتجهون إلى قبر ( إيمان ) ليزرع كل واحد منهم وردة قربها، فالورود التي يقتلها العدو ، يزرعها الشعب من جديد .
اللهم اجعل لأهل سوريا وفلسطين والمسلمين في كل مكان فرجا و مخرجا ، اجعل لهم فرجا و مخرجا ،
اجعل لهم فرجا و مخرجا ،
اللهم و احقن دماءهم ، و احفظ أعراضهم ، و آمنهم في و طنهم ،
اللهم و اكشف عنهم البلاء ، اكشف عنهم البلاء ، اكشف عنهم البلاء ،
اللهم و قاتل الظلمة المتجبرين ، يا جبار يا قهار قاتل المتجبرين الفجار ،
اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر ، و أرح البلاد و العباد منهم يا عزيز ،
اللهم و الطف بعبادك المسلمين في كل مكان يا رحيم يا رحمن ،
اللهم صل وسلم على نبينا محمد و آله و صحبه[/b]