معجم التعابير الاصطلاحية في العربية المعاصرة*
مدخل:
التعابير الاصطلاحية (Idioms) ظاهرة معجمية موجودة في كل اللغات الطبيعية ، وإن اختلفت درجة الوعي بهذه الظاهرة ، وتفاوتت درجات العناية بها: درسا وتحليلا وتوثيقا لها في معاجم تلك اللغات.
ويمكن تعريف التعبير الاصطلاحي بأنه : تجمع لفظي (أكثر من وحدة معجمية بسيطة) ، يقع في الاستعمال اللغوي باطراد، وله دلالة ثابتة لا تنتج من تجميع دلالات مفرداته المكونة له.
لذا فإن التعبير الاصطلاحي ، باعتباره ذا دلالة لا يمكن استنتاجها من خلال مفرداته ، يُعَدّ في العمل المعجمي الحديث وحدة معجمية. و يخصص له في المعجمات العامة مداخل فرعية ، كما تفرد له معظم اللغات الحية معاجم مستقلة ، يخصص له فيها المداخل الرئيسية.
واللغة العربية – التراثية والحديثة – تزخر بالتعابير الاصطلاحية ، وكان اهتمام المعجميين العرب بها بوصفها عبارات أو تراكيب تقع فيها الكلمة (المفردة) ، وظلت هذه النظرة التي ترى مركزية الوحدة المعجمية المفردة متحكمة في طريقة عرض التعابير الاصطلاحية في المعجم العام جمعا لمادتها، وإدراجا في بناء المعجم، وتحريرا وإخراجا طباعيا.
وفي العصر الحديث – ونتيجة للاحتكاك بالفكر اللغوي الغربي ، والصناعة المعجمية الغربية – برز اهتمام بالتعبير الاصطلاحي: تحديدا للمفهوم والمصطلح ، ثم بدأ الاهتمام بالتأليف فيه ، فظهر ثلاثة من معاجم التعابير الاصطلاحية، في الفترة الزمنية بين 1987 ، 2003
أهداف المعجم:
1. تغطية التعابيرالاصطلاحية الموجودة في العربية الحديثة.
2. المعالجة المعجمية الموسعة للتعابير الاصطلاحية.
3. خدمة الترجمة البشرية وبرامج الترجمة الآلية.
طبيعة المعجم / تصنيفه:
معجم مختص للتعابير الاصطلاحية في العربية الحديثة والمعاصرة ، أحادي اللغة ، مبني على مدوَّنة نصوص موسعة ( Corpus based )، يضم ما يقرب من 4000 تعبير اصطلاحي.
مادته:
بنيت مادة المعجم من خلال مدونة نصوص لغوية تمثل اللغة العربية الحديثة والمعاصرة في مجالات مختلفة : [ الأدب باختلاف أجناسه : ( روايات وقصص ومسرحيات عربية و مترجمة للناشئين والكبار) – فنون – علوم - رياضة – اجتماعيات – سياسة – اقتصاد- دوريات علمية ، ومجلات أدبية ونقدية، وسياسية ، وتربوية ، واجتماعية ، وثقافية فكرية، ونسائية ، تصدر في كل من مصر والكويت والإمارات والسعودية وسوريا ولبنان ولندن..إلخ ].
حجم المعجم:
يصل حجم المعجم إلى حوالي 500 صفحة .
بنية المعجم:
- البنية الكبرى:
قائمة مبنينة بالتعابيرالاصطلاحية في العربية الحديثة، كما أظهرتها مدونة النصوص.
- البنية الصغرى:
وتعرض فيها المعلومات الآتية لكل مدخل معجمي:
1. المدخل : التعبير وتنوعاته (Entry).
2. الشرح أو التعريف.
3. الأمثلة والاقتباسات من المدونة الحية (Corpus based).
4. المعلومات الصرفية (اشتقاقية وتصريفية).
5. المعلومات النحوية (تركيبية وإعرابية).
6. معلومات الاستعمال.
7. المعلومات التأثيلية ( Etymological information).
8. معلومات الهجاء.
الجديد في هذا المعجم:
* على المستوى التنظيري
1. تدقيق المفهوم ووضع معايير تحديد التعبير الاصطلاحي، وتحديد التنوعات الشكلية للتعبير الواحد.
2. بناء مدونة النصوص اللغوية وطرائق التحليل.
* على مستوى تقنيات الصناعة المعجمية
1. تقنيات جمع المادة:
- بالاعتماد – اعتمادا أساسيا – على مدونة نصوص طبيعية ، وعدم النقل عن المصادر المعجمية السابقة ، وإنما تنحصر الاستعانة بها في التوثيق.
- الاستعانة في الجمع اليدوي للمادة بمجموعة من الباحثين ، ( من طلبة الماجستير والدكتوراه).
2. تقنيات البناء:
- رُتِّبَت البنية الكبرى للمعجم حسب الترتيب الألفبائي لحروف التعبير كاملا ؛ باعتباره الوحدة المعجمية.
- تم الربط بين تنوعات التعبير الواحد عن طريق الإحالات المعترضة Cross references.
- حرصت الباحثة على إحكام بنية المعجم على المستوى الدلالي بالربط بين الحقول الدلالية، وتجلية العلاقات الدلالية بين التعابير.
3. تقنيات التحرير:
- توخي البساطة في شرح التعابير، وتنويع وسائل الشرح.
- تقديم معلومات موسعة نسبيا عن التعابير: تأثيلها واستعمالها.
4. تقنيات الإخراج الطباعي:
- تتميم ضبط متن المعجم ، عن طريق ضبط كل كلماته ضبطا كاملا بالشكل.
- محاولة ضبط البنية على مستوى الإخراج الطباعي ، بتنميط طرق التعامل مع الأشباه والنظائر.
المستهدَفون من المعجم / المستفيدون منه:
1. ابن اللغة.
2. متعلم اللغة من غير أبنائها.
3. برامج معالجة اللغات الطبيعية (قواعد البيانات المعجمية – برامج الترجمة الآلية).
مشكلات المحاولات السابقة:
1. عدم تحدد المفهوم في ذهن صانعي معظم هذه المعاجم تحددا كاملا؛ مما أدى إلى الخلط بين التعابير الاصطلاحية وظواهر لغوية أخرى: ( بقية التجمعات اللفظية مثل الوحدة المعجمية المركبة، والمصطلحات متعددة الكلمات...إلخ ).
2. ضعف الاستيعاب ؛ لاعتماد معظمها على تقليدية المقاربة.
3.فوضى تقنيات المعالجة.
4. الخلط بين التنوعات المختلفة للتعبير الواحد ، ومعاملتها في كثير من الأحوال باعتبارها تعابير مختلفة ، وهو ما يؤثر في تمثيل المعجم.
5. غياب الصياغة البنيوية للمعجم.
6. النقل والتقليد.
فريق العمل:
ـ قامت الباحثة بإعداد فريق عمل عدده 15 باحثا ، اشترك في الجمع اليدوي لمادة المعجم ، بعد تدريب أفراده على تمييز التعابير الاصطلاحية من خلال ورش العمل ، وتكليفهم برصد التعابير، وتحديد مواضعها في المدونة ، وكتابة الجمل التي وردت فيها هذه التعابير على نماذج خاصة مطبوعة أعدتها لهذا الغرض.
ـ واشتركت الباحثة مع أفراد هذا الفريق في جمع مادة المعجم يدويا على مدى أربع سنوات، ثم قامت بمراجعة المادة التي جمعها الباحثون ؛ لتدقيقها ، وحذف ما لا يندرج في إطار التعابير الاصطلاحية. واختيار الأمثلة التي توضح السياقات التي يستعمل فيها كل تعبير اصطلاحي ، ثم بدأت في تحرير مادة المعجم.
ـ وفي مراحل التدقيق أضافت ما يفيد في توضيح المعنى، بشرح الكلمات الصعبة أو الغامضة ، وتحديد خصوصية استعمال التعبير: إن كان مختصا بالأشخاص أو غيرهم ، أو مرتبطا بصيغ صرفية أو نحوية بعينها. كما رصدت معلومات الاستعمال ، والتأثيل ، والإحالات ... الخ.
ـ حين وجدت للتعبير أكثر من معنى رصدت كلا من هذه المعاني، وأتبعته بالأمثلة التي توضح السياق الذي يستعمل فيه.
ـ وحين وجدت الباحثة بالمدونة بعض التعابير الاصطلاحية المعاصرة من اللهجات العامية ، حرصت على تحديد مواضع هذه التعابير في المدونة، بالإشارة إلى صفحات الكتب والمطبوعات التي جمعت منها المادة.
والمعجم يعد إضافة للمعاجم العربية ، في مجال التعبير الاصطلاحي ، الذي يندر فيه المعاجم العربية ، التي تتبع التقنيات الحديثة للعمل المعجمي ، فضلا عن المعاجم التي ترصد مادتها من خلال مدونة حية.