بلال موقاي نائب المدير
البلد : الجزائر عدد المساهمات : 1216 نقاط : 1939 تاريخ التسجيل : 28/04/2012 الموقع : https://twitter.com/mougay13 المهنة : جامعة معسكر، الجزائر
| موضوع: فلسفة اللغة طريقة جديدة في التفلسف... 2012-12-10, 15:22 | |
| فلسفة اللغة طريقة جديدة في التفلسف تمهيد: يوجد في الفلسفة كما في غيرها من الإختصاصات مناهج جيدة للإتفاق على معنى المفردات، وبالتالي يسهل علينا تحديد ما نتكلم عنه. هذه المهمة تبدو في الظاهر عديمة القيمة، ولكن غالبا ما نفاجأ ويتأكد لنا بأنها عملية محرجة وصعبة ! مثل هذا الامر يواجه الباحث ألمبتدئ عندما يطلب منه تحديد عبارة " فلسفة اللغة ". فمنذ وقت مبكر لوحظ ان هذه العبارة ذات المظهر البسيط جدا، انما تخفي في الواقع فهومات شتى ولها في بعض الأحيان ان تغطى وقائع كثيرة متنوعة. من هنا نتساءل ونقول: - مالمقصود بالزوج "فلسفة" – " لغة" ؟ - هل يجري الكلام عن فلسفة اللغة ام فلسفات اللغة؟ - وكيف تكون فلسفة اللغة طريقة جديدة في التفلسف؟ أ – مقاربة توضيحية: 1- الفهم الموسع: لنأخذ أولا عبارة فلسفة اللغة بمعناها الواسع جدا وهذا من دون شك هو المعنى الاكثر استعمالا وانتشارا. انها تشير اذا الى كل فلسفة وهي في سبيل تطورها تكون قد تصادفت أو تقاطعت مع مسألة اللغة وانطلقت منها مؤقتا باعتبار انها مسالة مميزة. بالنسبة لهذه الفلسفة تصبح اللغة في لحظة زمنية محددة هي الموضوع المفضل والمجال المركزي للبحث الفلسفي بهذا المعنى يمكن لنا القول مثلا، بأن التأملات المتعلقة باللغة هي جوهر" محاورة كراتيلوس " وهي ما يمثل فلسفة اللغة عند " أفلاطون ". إن تاريخ الفلسفة من " افلاطون " الى غاية " ميشال فوكو " زاخر بأمثلة مشابهة، في جميع الاحوال فإن الامر لا يتعلق بسوى مقاربات، ومع أنها لم تتجاهل ولم تدر ظهرها لمسالة اللغة فإنها تكون قد سمحت لنفسها بحق الاقامة في مجال فلسفة اللغة، ومع ذلك يجب الانتباه الى انها مجرد مقاربات سطحية عارضة. والسؤال لماذا ؟ - أولا: لأنها كمقاربة لا تعترف بأية اولوية لقضية اللغة مقارنة بقضايا اخرى - ثانيا: لأنها لم تجعل من اللغة نقطة مركزية للمسألة الفلسفية . لذلك المطلوب منا الآن إرهاق التحليل، وذلك من أجل الإطلاع على التنوع الكبير للنصوص المطلوبة ، فعندما يجري تنصيب اللغة في مستوى مسألة فلسفية مسيدة ومميزة، ولذلك نحتاج لمقاربات و أدوات متنوعة نلخصها في مجموعتين اثنتين هما: أ – المقاربة الخارجية: في إمكاننا الان ان نفحص اللغة باعتبارها مسالة مميزة من وجهة نظر خارجية، وذلك لا يجلها موضوعا لذاتها وفي ذاتها، انما بالتعامل معها كموضوع في علاقاته بوقائع اخرى. تقريب للفهم: ان كلامنا هذا يمكننا تأكيده من خلال مايلى: - ما ذهب اليه " ديكارت " حيث ذهب ليتفحص قضية اللغة في علاقتها مع الفكر والعقل - ما ذهب اليه " روسو " حيث طرح مسالة اللغة ولكن في علاقتها مع الحياة الاجتماعية - ما ذهب اليه " هيجل " حيث انصب اهتمامه على دراسة العلاقات القائمة بين اللغة والثقافة ب- المقاربة الداخلية: في استطاعتنا ايضا وبعكس المقاربة السابقة تفحص مسالة اللغة من وجهة نظر داخلية، وذلك عندما يذهب الباحث الى تحديد طبيعة اللغة في حد ذاتها و اظهار وظيفتها بل وحتى فضح اخطارها. تقريب للفهم: ان كلامنا هذا يمكننا تأكيده من خلال مايلي: - ارسطو الذي اهتم باللغة في تنظيمها الداخلي - ابن جني الذي يرى ان اللغة هي ما يعبر كل قوم عن اغراضهم - مارتن هايدغر الذي كتب مقالا في بعنوان: اللغة اخطر النعم.... والسؤال المطروح من خلال هذا العرض المقتضب هو: هل من الممكن ايجاد حالة تأليف بين المقاربتين ؟ كجواب نقول: لقد اثبت التاريخ وجود حالة تأليف بين المقاربتين ضمن نسق فلسفي واحد وخير دليل على ذلك فلسفة " ارسطو ". تقريب للفهم: ما نلاحظه على فلسفة ارسطو في اللغة هو انها جمعت بين المقاربة الخارجية والداخلية للغة، وذلك من حيث انه أشتغل على اللغة في تنظيمها الداخلي وفي علاقتها مع الحقيقة " المنطق "، كما اهتم بمسالة اللغة خارجيا ويتضح ذلك في بعديها " الجمالي " اي " فن الشعر " و" الوظيفة الاجتماعية " اي " فن الخطابة والبلاغة ". 2 – الفهم المضيق: الان اذا ما اخذنا العبارة " فلسفة اللغة " بصيغة المفرد في معناها المضيق الحصري والأكثر راهنية، والأكثر دقة، فإنها تشير الى تيار فلسفي عظيم ساد القرن 20م وانتشر خصوصا في العالم الناطق بالانجليزية " الدول الانغلوساكسونية "اي " الدول الناطقة بالانجليزية ". انه انقلاب فكري مس اسس المعرفة الحديثة برمتها: - ازمة الاسس في الرياضيات - مشكلة اليقين في المنطق - ازمة شرعية العلوم الانسانية - مشكلة المعنى في الفلسفة ب – فلسفة اللغة طريقة جديدة في التفلسف: تمهيد: لكي ندرك بوضوح كيف تحقق ميلاد " فلسفة اللغة " بالمعنى الضيق كما هي معروفة اليوم، كان من الضروري اجتماع ثلاثة شروط: – في بداية الامر كان لا بدا من طرح سؤالين بطريقة حاسمة جدا هما: سؤال اللغة، وسؤال الدلالة – و في مرحلة ثانية كان لا بدا من ان يطرح السؤالين، وذلك من خلال مفردات جديدة وحسب متطلبات جديدة – وفي الاخير كان لا بدا من ان يأخذ السؤالين الطابع ألاستعجالي المتميز من حيث انه سيجمع حول المشكلة مفكرين ينتمون الى افاق متباينة " مناطقة – رياضيون – فيزيائيون – فلاسفة " بناء على هذه الشروط الثلاثة تكون قد اجتمعت عند منعطف القرن 19م، وبالفعل ففي السنوات الاخيرة من ذلك القرن شوهد هناك عدد من الانتقالات في حقل المعارف، انتقالات تنبأ مباشرة بإعادة تركيب المعرفة الانسانية. أولا: نزعة جذرية اذا ما اضطررنا الى تحديد مميزات فلسفة اللغة المقترحة في هذا الاطار المضيق، فما علينا إلا ان ننعتها ونصفها بالجذرية وهذا لعدد من الاسباب: 1 – وجود ارادة قوية لدى المؤسسين في القطيعة مع الماضي،اقصد هنا بالتحديد كل من: " فريج – راسل – كارناب " حيث ان هذا الثلاثي كانت لديه كامل الرغبة في التخلص نهائيا من " الانحراف " الذي اصاب الفلسفة الكلاسيكية، انحراف تجسد حسب رأيهم في الميتافيزيقيات الموروثة عن القرون السالفة. والسؤال هنا هو: اذا كان نقد الميتافيزيقا ليس بالأمر الجديد، فما هو الجديد اذن الذي قدمه هذا الثلاثي على خلاف السلف؟ كإجابة نقول: ان الجديد الذي قمه هذا الثلاثي على خلاف السلف يتمثل بالأساس في ما اسموه " الطريقة والمنهج " والسؤال هنا هو: مامعنى هذا ؟ كإجابة نقول: معناه انه من الان فصاعدا لم يعد الهجوم على الانساق الفلسفية في مبادئها و افكارها المسبقة و لا حتى في نتائجها المرتقبة، و انما اصبح الهجوم يتركز بالأساس وبدقة متناهية على " لغة " تلك الانساق الفلسفية، وبذلك سرعان ما طفت الى السطح بأسلوب واضح وصارم و دقيق " مشكلة المعنى في الفلسفة ". والسؤال هنا مالمقصود بمشكلة المعنى في الفلسفة؟ كإجابة نقول: نقصد بها هنا "معنى القضايا التي تتكلم بها الفلسفة"، وبذلك بدا البحث عن المعيار والمحك وعندئذ اخذت الفلسفات التقليدية لا تظهر سوى كحشو من العبارات المزيفة الفاقدة لكل دلالة ، هذا ما يبدو عند بعض المفكرين موقفا سلبيا واختزاليا من الفلسفة الكلاسيكية. وخلاصة الكلام ان الذي يهمنا من خلال هذا العرض هو " ارادة القطيعة مع التراث لدى المنظرين الاوائل ". وبالتالي لا يمكن التوصل الى فهم عمق" فلسفة اللغة المعاصرة" إلا بعد الاحاطة بهذه الخلفية المعرفية . 2 – منهاج جديدة: بما انها جذرية فان مقاربة المؤسسين الاوائل لفلسفة اللغة ما تزال كذلك عبر وجهتي نظر هما: - بواسطة نمط المعالجة الذي اخضعت له اللغة - بواسطة المكانة التي اهلت لها اللغة وفي صميمها مسالة " الدلالة " فنمط المعالجة الذي اخضعت له اللغة هو الذي يقدم لنا الجديد المذكور من قبل، انه سلسلة من الضربات سلطت على الميتافيزيقا وقد استهل هذا العمل اول الامر على المتن الهيجلي، اي مجموع مؤلفات " هيجل " وذلك بالاعتماد على: - الثقة بالنفس - التسلح بمعيار لتقييم هذا النمط من العبارات الفلسفية وعليه فقد كان مثل هذا المعيار متوافرا جرا اقترابه من المنطق الصوري الرمزي الجديد، الذي ساهمت ازمة الاسس في الرياضيات على تطويره، وبالتالي اصبح في يد المفكرين الاوائل ادوات تحليلية لم يسبق لها مثيل. تقريب للفهم: - نظرية التكميم ( الكم ) - نظرية الانماط وحساب العلاقات - نظرية الاوصاف وبذلك دخلنا مرحلة " التحليل المنطقي للقضايا الفلسفية " 3 – افق جديد: اذا كان الرجوع الى التحليل المنطقي قد سمح لفلاسفة اللغة الاوائل بإعادة تفسيره بل وتبرير الموقف الجذري من الفلسفات الكلاسيكية فان ما يسمح لنا الآن التكلم عن " فلسفة اللغة " الجديدة وعن الانقلاب والثورة الفكرية المعاصرة انما هو " المكانة والدور المنوطين باللغة ومسألة الدلالة ". في الواقع لقد عرفت الفلسفة شيئا عبر تاريخها الطويل، هكذا حصل بعض الخلود الثقيل للمدرسة الارسطية في العصور الوسطى وارتباطها بالإلهيات اليهودية – المسيحية، وكان دور " ديكارت "هو انجاز القطيعة، فبتصفيته لموروث الماضي كله خلص الفلسفة من عائقين كبيرين هما: - الالهيات - القياس الارسطي وبذلك زود الفكر من جديد بقوة الابداع في الفلسفة. بعد حوالي قرن – من ديكارت – فان الانقلاب الكوبرنيكي الذي احدثه " كانط " قد حل لينصب المبادئ القبلية للمعرفة ويرفعها الى مصاف الشروط البنائية للمواضيع الدائرة حولها. ولكن الملاحظة الجديرة بالالتفات هي انه لم يحدث ابدا الى غاية منتصف القرن 20م ان كانت اللغة موضوعا او فاعلا لمثل هذا ألانقلاب، بالعكس تماما لا طالما وضعت اللغة جانبا بعيدة عن الانتقادات الاكثر جذرية، الى ان جاء عصر التحليل المنطقي، حيث بدأت اللغة من الان فصاعدا تخضع له وبذلك اكتشف ان اللغة مصدر كثيف للهفوات والمغالطات التي تستدعي النقد والإصلاح. ج – فلسفة اللغة ام فلسفات اللغة؟ يمكننا الان ان نخلص باطمئنان الى ضرورة الانتقال من عبارة " فلسفات اللغة " بصيغة الجمع " الى عبارة " فلسفة اللغة" بصيغة المفرد وذلك لعلل التالية: 1- وحدة المشروع: عندما نأخذ بعين الاعتبار التغيرات المذكورة من قبل نلاحظ انه قد جرى في أن واحد تغيير طبيعة البرنامج وتحديد خصوصية المنهج بحيث اصبح جميع فلاسفة اللغة الجدد يتفقون على وحدة المشروع الملقى على اعتاقهم ولذلك ينبغي على الباحث المبتدئ ان يميز بين نوعين من التفلسف في اللغة ظهرا معا في القرن 20م وهما: - التيار الفينومينولوجي: - موسسه " ادموند هوسرل " والمنتشر في الدول الفرنكوفونية الالمانية " النمسى" - التيار التحليلي: مع " جورج مور – راسل – فتجنشتاين ....الخ والسؤال هنا هو مالذي يميزهما؟ كإجابة نقول: ان فلسفة اللغة الفينومينولوجيا تبدأ من الوعي لتصل الى الدلالة، في حين ان الفلسفة اللغة التحليلية تقوم بدراسة الدلالة وتحليل العلامات لتصل بعد ذلك الى الوعي، لذلك ركزنا فيما مضى على الفهم الضيق لفلسفة اللغة. وبهذا المعنى نقول عن " فلسفة اللغة " بمعناها المضيق انها ذلك التيار الفكري التميز بوحدة المشروع والمنهج في ان معا، بخلاف التيار الفينومينولوجي الذي يوجد فيه فروع مختلفة ومتضاربة. 2 – تنوع المساهمات: ان وحدة المشروع والمنهج لم تمنع وجود اطروحات متباينة وأساليب تحليلية داخل تيار " فلسفة اللغة الجديدة "، وذلك لأن هذه المدرسة جمعت شخصيات علمية من مواقع مختلفة، فهناك " رياضيون –مناطقة – فيزيائيون – فلاسفة....الخ مع تحية خاصة الاستاذ " بلقناديل " استاذ فلسفة اللغة بجامعة ابي بكر بلقايد تلمسان، الجزائر.
عدل سابقا من قبل بلال موقاي في 2013-02-13, 11:33 عدل 3 مرات |
|
زهر السوسن عضو شرف
البلد : الجزائر عدد المساهمات : 879 نقاط : 1493 تاريخ التسجيل : 17/10/2012
| موضوع: رد: فلسفة اللغة طريقة جديدة في التفلسف... 2012-12-10, 15:50 | |
| مقالة غاية في الروعة ، طرحت موضوع فلسفة اللغةباسلوب اسميه سهل ممتنع ممنهج ومتسلسل ، حقا كاتبه متمكن وله صولات وجولات في عالم التفلسف واللغة تحية خاصة وشكرلك استاذ بلال وتحية اكبر وتقدير للاستاذ بلقناديل فقد فهمت الان العلاقة بين اللغة-الفلسفة شكراااااااااا جزيلاااااااااا |
|
بلال موقاي نائب المدير
البلد : الجزائر عدد المساهمات : 1216 نقاط : 1939 تاريخ التسجيل : 28/04/2012 الموقع : https://twitter.com/mougay13 المهنة : جامعة معسكر، الجزائر
| موضوع: رد: فلسفة اللغة طريقة جديدة في التفلسف... 2012-12-10, 18:59 | |
| شكرا لك استاذة " زهر السوسن " على مرورك الجاد والمثمن، لانه فعلا موقف يستحق التقدير والثناء بل ودليل على حسن الانتقاء ....شكرا لك، كما انني جد سعيد ( اقولها بكل صراحة )انك فهمت العلاقة بين اللغة والفلسفة، وما زادني سعادة اكثر هو انك ايضا وجهت الشكر للاستاذي الذي احترمة واقدرة " بلقناديل " والذي درست فيما سبق على يديه هذا المقياس، فكان ان تعلقت بهذا التخصص.واحببت ان ابدع فيه.فواصلت دراستي فية وتخصصت بالاساس في فلسفة اللغة والتواصل، وبالضبط في فلسفة " هابرماس". .....لك مني تحية احترام وتقدير كبيرين.....وفقكم الله وسدد خطاكم ......وبلغكم مرادكم.....اااااااااااااامين يارب العالمين. اخيك في الله " بــــلال " |
|
مطصفى محمد الامين .عضو مميّز
البلد : الجزائر عدد المساهمات : 48 نقاط : 48 تاريخ التسجيل : 18/11/2012
| موضوع: رد: فلسفة اللغة طريقة جديدة في التفلسف... 2012-12-16, 18:30 | |
| شكرا لك استاذ " بلال موقاي " المحترم على هذا المقال الرائع والجيد والمنظم ، كما انه فعلا سهل ممتنع، حقا انه لمقال يستحق النشر |
|
بلال موقاي نائب المدير
البلد : الجزائر عدد المساهمات : 1216 نقاط : 1939 تاريخ التسجيل : 28/04/2012 الموقع : https://twitter.com/mougay13 المهنة : جامعة معسكر، الجزائر
| موضوع: رد: فلسفة اللغة طريقة جديدة في التفلسف... 2012-12-16, 23:34 | |
| شكرا لك اخي الكريم على هذا الرد الجميل، كما اثمن كلماتك التي ادليت بها في هذا الصدد....شكرا لكم.انكم تستحقون كل الاحترام. |
|