بهذا المعنى سيدخل التعليم الفلسفي إلى المؤسسة لتعميق هذا التساؤل حول الآنية، وليتحول إلى مؤسسة "نقدية". أو كما يقول فوكو- إلى فكر نقدي يأخذ شكل أنطلوجية لـ"نحن ذاتنا" أي أنطولوجيا الآنية(49).
بهذا المعنى كذلك ينبغي أن يفهم من التفلسف -لا استبعاد الثقافة الفلسفية أو تاريخ الفلسفة- بل تحيين موضوعات الفلسفة وجعل مفاهيمها ذات راهنية، من خلال تحليلها وطرحها ضمن إشكالات تلزم الفكر بأن يتحمل مسؤولياته الكاملة.
وفي الأخير، لا بد من التأكيد مرة ثانية، أن جواب كانط على مسألة التعليم يندرج ضمن التراث النقدي الذي ما فتئ يطرح السؤال: ما هي آنيتنا؟ ما هو المجال الحالي للتجارب الممكنة؟ وماذا يحدث اليوم؟ ماذا يحدث الآن؟ ما هو هذا الآن الذي نوجد نحن وغيرنا فيه؟
هوامــش:
1 - SOURIOU (Etienne), L’avenir de la philosophie, Idées/Gallimard 1982, Livre 2, section II, troisième partie.
2 - Husserl (Edmund), Méditations cartesiènnes, trad. G.Peiffer et E.M Lévinas, J.Vrin, 1980, p.4.
3 - Desanti (J.T), Le philosophe et les pouvoirs, Calmann-Levy, p.54.
4 - Kant (E), Critique de la raison pure, trad. France, A.Tremesaygues et B.Pacaud, PUF, 1968, p.564.
5 - ديكارت (رونيه)، مقالة الطريقة، ترجمة جميل صليبا المكتبة الشرقية بيروت 1970، الطبعة الثانية، ص.76.
6 - Kant (E), Critique de la raison pure, op.cite, p.26.
7 - Ibid, p.46.
8 - Ibid, p.518.
9 - Ibid.
10 - كانط (إمانويل)، مقدمة لكل ميتافيزيقا مقبلة يمكن أن تصير علما، ترجمة د.مازلي إسماعيل حسين،مراجعة د.عبد الرحمن بدوي، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، القاهرة 1968، ص.238.
11 - Kant (E), Critique de la raison pure, p.
12 - انظر تعليقات فتكتور دلبوس على "أسس ميتافيزيقا الأخلاق" لكانط، طبعة Delagrave 1969، ص.74.
13 - يؤكد كانط، في نقد العقل المحض: "أن الهندسة والفلسفة شيئان مختلفان أشد الاختلاف" (ص,501)، وعلى الرغم من أنهما معرفتان عقليتان، فإن المعرفة الرياضية هي معرفة عقلية تقوم على بناء المفاهيم، في حين أن المعرفة الفلسفية تقوم استعمال المفاهيم (ص.50-561).
14 - ربما بهذا المعنى سيقول فتغنشتاين Wittgenstein: "ليست الفلسفة علما من علوم الطبيعة. وكلمة فلسفة ينبغي أن تدل على شيء آخر أكثر أو أقل من ذلك، لكنه غير مكابق لعلوم الطبيعة. إن موضوع الفلسفة هو الإضاءة المنطقية للفكر. فالفلسفة ليست عبارة عن نظرية بل هي فعالية".
15 - Kant, D’un ton gra,d seigneur adopté naguère en philosophie, Trad.Fran. Guillermit, J.Vrin 1987m p.90.
16 - Ibid, p.89.
17 - تكشف أعمال Philonenko حول كانط عن وجود "كوجيطو متعدد" مما يطرح مشكل المشروعية في تعميم الفلسفة. يعتقد كانط في إمكانية هذا التعميم، فهو لم يحتقر الفلسفة الشعبية. ففي تقديره أن كل واحد يملك، في وعيه الساذج، ما هو جوهري من الحقائق الضرورية، للوصول إلى تحقيق وجوده العاقل. انظر بصفة خاصة المقدمة التي وضعها فيلوننكو لكتاب:
Kant, qu’est ce que s’orienter dans la pensée, trad. Fran. A.Philonenko, J.Vrin 1967.
18 - Kant, Qu’est-ce que s’orienter.
19 - Kant, Annonce du programme des leçons, trad.Fran, M.Ficha, J.Vrin 1973, p.69.
20 - Husserl (Edmund) la philisophie comme science rigoureuse, trad. G.Lauer, PUF. 1955, p.52.
21 - Kant, Annonce du programme, op.cité.
22 - Kant, Critique de la raison pure, op.cité, p.561.
23 - Ibid, p.562.
24 - Ibid, p.560.
25 - Ibid, p.560.
26 - Kant, logique, trad. guillermet, Vrin 1970, p.26.
27 - Kant, Critique de la raison pure, op.cité, p.147.
28 -Ibid, p.86.
29 - Ibid, pp.262-263.
30 - Ibid, p.91.
31 - Ibid, pp.91-92.
32 - يقول كانط: "ليس التعريف -وفقا لدلالة اللفظ- ولا يمكن أ، يكون سوى العرض الأصولي لمفهوم واضح، لشيء ما، عرضا عيانيا in concreto" (p.501) وحسب هذا التحديد وشروطه ".. ليس بإمكاننا تعريف أي مفهوم معطى قبليا" (p.502)، وذلك بحكم التفاوت بين الدال والمدلول. لذلك يقرر كانط: "بدل لفظ التعريف أفضل استعمال لفظ العرض، نظرا لتواضعه، ولأن الناقد بمقدوره أن يقبل بالتعريف المعطى فيه إلى درجة معينة، مع احتفاظه بشكوكه حول يقينه (كتعريف)" (p.502).
33 - Ibid, p.505.
34 - Ibid, p.558.
35 - Ibid, pp.561-562.
36 - Ibid, p.46.
37 - Ibid.
38 -Ibid, p.5.
39 - Kant, La logique trad. Guillermet, Vrin 1970, p.25.
انظر كذلك تعليق كانط على الأسئلة الثلاثة التي ينشغل بها العقل؛ ضمن كتاب "نقد العقل المحض"، وذلك بصدد حديثه عن مثال الخير الأسمى بوصفه المبدأ الغاية العقل القصدي، (ص.543-544).
40 - Kant, Critique de la raison pure, op.cite, p.25.
41 - Kant, Fondements de la métaphysique des moeurs, trad. V.Delbos, Delagrave, 1969, p.84.
42 - يلح كانط، في نقد ملكة الحكم، على قسمة الفلسفة إلى نظرية وعملية، موضوع الأولى هو الطبيعة أما موضوع الثانية فهو الحرية. الأولى تختص بالمعرفة، وتقوم على أساس "الفهم" والثانية تختص بالعمل، أو السلوك، وتقوم على أساس العقل، إلا أن هذه القسمة تكشف عن "الهوية" بني المحسوس، كموضوع للمعرفة، وما فوق المحسوس كموضوع للتفكير فحسب، بحيث يبدو أي ارتباط بينهما مستحيلا. إلا أن هذا الربط ضروري ما دام العلم الأخلاقي لا بد أن يدمج في العالم المحسوس. وقد اعتقد كانط أنه وجد في "ملكة الحكم" الوسيط الضروري بين العالمين. فملكة الحكم، كما يتم تعريفها هي: "القدرة على التفكير في الخاص من حيث هو متضمن في العام" (ص.27) والحالة هذه أن "بين ملكة الإدراك وملكة الرغبة يقوم الإحساس باللذة، كما تقوم ملكة الحكم بين الفهم والعقل" (Ibid).
Kant, Critique de la faculté de juger, trad.A.Philonenko, Vri, 1989.
43 - يستعير كانط من أفلاطون كلمة "أفكار" أو مثل، ليدل على تصورات العقل المحضة التي لا يطابقها أبدا أي موضوع من الموضوعات المعطاة في التجربة مطابقة تامة. فالأفكار نماذج أو أنماط، وبالتالي فهي غير قابلة للتمثيل الحسي.
44 - Kant, Fondements de la metaphysique des moeurs, op.cité, p.193.
45 - Ibid, p.126.
46 - Ibid, p.127.
47 - Kant, Critique de la faculté de juger.
مصطفى كاك
48 - Poirier, (Jean-Louis) la notion d’analyse de notion in Revue de l’enseignement philosophique, Paris, Volume 32, n°2, Décembre 1981.
49 - بخصوص هذه النقطة، لا بد من الرجوع إلى الدرس الذي قدمه ميشيل فوكو بالكوليج دوفرانس سنة 1983 في موضوع "كانط والثورة"، وهو قراءة جديدة للنص الذي كتبه كانط بعنوان "ما هو عصر التنوير؟"
انظر ترجمة النصين معا في مجلة الكرمل-مجلة الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين، العدد 12/1984. addthis_pub="Anfasse";addthis_header_color="#000000";addthis_header_background="#999999";addthis_brand="Anfasse.org";addthis_language="en";addthis_options="facebook myspace twitter";addthis_offset_top="";addthis_offset_left="";
منقول مجلة الحداثة