إن احتفال العالم بالمرأة - فيما يُسمّى بــ يوم المرأة - ليس دلالة على تكريم هذا العالم للمرأة - رغم كلّ الزّخم الثقافي المعاصر الذي يحيطُها به - ، وليس دليلا على نيل المرأة ما تستحقه من إكرام وتقدير ، فمازال الإسلام – وسيظلُّ – الدين الوحيد الذي سطع نورُه في الأرض بتوحيد الله ، وتكريم الإنسان ، وتحريم الظلم والمهانة والإذلال ... مازال الإسلام – وسيبقى دائما - نور العقل ومصدر الحكمة ، وإشباع الروح ، وعزّة النفس ، وبهاء الجبين ، وسموق القامة المؤمنة ... ومازالت – وستظلّ - المرأة المسلمة عروس الكون ، وسيّدة نساء الأرض ...
إنّ نظرة فاحصة منّا - جميعا - لوضعية المرأة في التاريخ الإنساني قبل الإسلام ، ثم ّ بعد الإسلام - في المجتمعات غير الإسلامية تؤكّد هذه الحقيقة التي لا نسوقها اعتباطا ، أو عن عنصريّة وتحيّز دينيٍ - حيث أصبح انتصارنا لديننا يوصف بالتطرّف وضيق الأفق وصار التحلل منه شرطا إذلاليّا يشترطُ لنوصف بالعالميّة وسعة الأفق - إن نظرة فاحصة لبعض عادات الشعوب في تعاملها مع المرأة واستقراءنا حال المرأة في العصر الجاهلي قبل الإسلام - بل وبعض آراء الفلاسفة والمواقف المعاصرة غير الإسلامية لكافٍ في الدلالة على أن المرأة كانت موءودة طوال تاريخها- ماديا ومعنويا - حتّى جاء الإسلام وبعث اللهُ الحياة في المرأة من جديد وبعث معها كرامتها وعزّتها وحقوقها ، ومنحها ورود الكون ومفاتيح جماله ...
عادات بعض الشعوب مع النساء :
نستعرض أمثلة لهذه العادات القديمة التي ما زالت مستمرة إلى اليوم شاهدا على هذا الماضي الأليم ، بل شاهدة على أن ماضي هذه الشعوب مع المرأة كان الأسوأ ممّا نعاينُ الآن :
1 – يجبرُ رجال قبيلة " جوبيس " النّساء على ثقب اللسان وضع حلقة فيه عند الخطبة ، على أن يوضع في الحلقة خيطٌ طويلٌ يمسكه الرجلُ بعد الزواج لإيقاف المرأة عن الثرثرة ... !
2 – في قبيلة " ناجا " الهندية تُجبرُ كلُّ امرأة على تعليقِ أجراسٍ صغيرة في طرف ثيابها حتّى يحدد زوجُها مكانها إذا تحركت ، وحتّى يعلم توقّفها عن العمل ؛ فيعاقبها ...!
3 – في الصّومال : يقوم الرجلُ يوم العرس بضرب امرأته أمام المَدْعوّين ليثبت سيادته عليها ...
4 – في جُزُر " أندمان " الأمريكية تُجبرُ أراملُ النّساء على وضع جماجم أزواجهنّ - الموتى – على ظهورهن ، وهُنّ يبحثن عن زوجٍ آخر !
5 – في قبيلة " هوثنثون " الأفريقية : يُعدّ " حَوَلُ العين " مقياس جمال المرأة ؛ لذلك يُجبرُ الفتيات على وضع ضفائرهنّ أمام أعينهنّ إلى أنْ يُصيبهنّ الــ حولُ
6 – وفي بعض قبائل الهند : وفي طبقة " الرّاجبوت " تُجبرُ المرأة على حرقِ نفسها عند جثة زوجها المٌتَوَفَّى وِفقاً لنظام الــ " ساتي " ويعني : المرأة الصّالحة ، وإذا رفضت الزوجة فإنّها تُقيّد بحبالٍ غليظة وتُلقى في النيران ...!
7 – في إنجلترا : ومنذُ مائة عام فقط ، كان الرجل يرهنُ زوجته إذا كان عليه دينٌ لا يستطيع قضاءه ، ويجعلها مقابل الدّين ، بل كان الرجل يورّث المرأة من بعده ، ويهديها - في حياته إلى منْ يريد ... !
**** أقوالٌ في المرأة ... قالوا فيها :
1 – سقراط : المرأةُ شجرةٌ مسمومةٌ ظاهرُها جميل . المرأةُ للرجلِ كالعبدِ للسيّدِ ، والعاملِ للعالمِ ، والبربريّ لليونانيّ .
2 – في الحكمة الصينية : المرأةُ هي المياهُ المؤلِمةُ التي تغسلُ العالم من المالِ والسّعادة ، وهي شرٌ يستبقيه الرجلُ إذا أراد ، ويتخلّص منه ولو بالبيع ِ... !
3 – في الفكرِ الكَنَسيّ :هي الكذبُ والجحيمُ ، وهي أخطرُ الحيوانات ... !
4 – المرأةُ شيطانٌ مُتقنُ الصُّنع ... وهي شيطانُ الرّجل
5 – المرأةُ إذا ابتلعها الشيطان لا يستطيع هضمها .
6 – المرأة تقدر على ما يعجزُ عنه الشيطانُ ... !
وفي العصور الوسطى في الغرب عُقد اجتماع مهيبُ من قِبل القساوسة والباباوات ورجال الفكر والشعراء لمناقشة مسألة طال غموضُها عند هؤلاء ، وهي : تحديد هويّة المرأة ، هل هي : إنسان ، أم حيوان ، أم شيطان ...! وكانت الآراء متفقة - أو شبه متفقة - على أنها أقرب للشيطان في روحها وللحيوان في طبائعها والغاية من خلقها ... وأنها تشترك مع الرجل في بعض الخصال الإنسانية ...
في هذه العصور ... العصور الوسطى كان الرجلُ الغربي يتمتّع بكل طاقات المرأة ، فهي : الزوجة ، والخادمة ، والجارية التي تباع في الأسواق فتفرج الضائقة المادية ، والراقصة التي تعربد كيفما عربد ، والطاهية ومربية الأطفال ... وهي ... هي الذبيحة التي يأكلها بعض الرجال إذا أصابهم الجوع والقحط ولم يجدوا ما يُطعموُه ... نحن نشيرُ إلى وقائع حقيقية سجلها التاريخ ، ولا نعبّر تعبيرا مجازيا ... نعم كانت تؤكلُ ... وكأنّ اهتضام حقوقها المعنوية وامتهانها خلقيّا لم يكن كافيا للدلالة على وأدها وقتلها ...
*** واقع المرأة الغربية المعاصرة بالأرقام :
هناك اعترافٌ عام منتشر في الدول الغربية مفادُهُ أن المرأة الغربية ليست هي المرأة النموذجية المُرتجاة ولا تصلح أن تكون كذلك، رغم أنّها تعيش حالة انفلاتها القُصوى - التي يسمونها حرية المرأة - وربّما أصبحت غير نموذجية لهذا السبب - ...! ورغم أنّها الحلمُ المأمول يتمناه كثير من رجالنا ، ويقلده كثير من نسائنا ...! أمّا أبرز مشاكل المرأة الغربية التي تصوّر واقعها المؤلم المسكوت عنه ، فيمكنُ أنْ نُجمِلُها بالأرقام - وهي أرقام إحصاءاتٍ قريبة زمنيّا كما سنرى :
في بريطانيا:
أكثر من 50% من القتيلات كنّ ضحايا الزوج أو الشريك ، و 25% من النساء كنّ يتعرضن للضرب من قبل أزواجهن أو شركائهن.
في أمريكا :
1900 فتاة يتعرّضن يومياً للاغتصاب ، كما يقتل سنويا مليون طفل ما بين إجهاض متعمد أو قتل فور الولادة.أمّا نسبة الطلاق فقد بلغت 60% من عدد الزيجات ، و 80% من المتزوجات منذ 15 عشرة سنة أصبحن مطلقات
- 8 ملايين امرأة في أمريكا يعشن وحيدات مع أطفالهن دون أي مساعدات خارجية أمَّا في سنة 1984م فقد كان 27% من الرجال يعيشون على إنفاق النساء .
-سنة 1986م: 65 حالة اغتصاب لكل 10 آلاف امرأة سنة وفي سنة 1982م. 80% من النساء يعانين من العنف المنزلي في محيط الأسرة والأصدقاء.، و 6 ملايين امرأة أمريكية يعانين من سوء المعاملة الجسدية والنفسية من قبل الرجال ، و 70% من الزوجات يعانين الضرب المبرح ، 4 آلاف امرأة يقتلن في كل سنة على أيدي أزواجهن أو من يعيشون معهن. وكان 74% من عجائز النساء فقيرات منهن 85% يعشن وحيدات دون أي معين أو مساعدة.
*** المرأة من الوأد الجاهلي إلى الإحياء الإلهي في الإسلامُ :
حينَ بُعثَ الرسولُ – صلّى اللهُ عليه وسلّم – برسالته ، كانت بعثتُه إيذاناً ببدء عهد الحرية والكرامة والعدل والرحمة والهداية والطهر ... حرّر الإسلام روح الإنسان من الرّقِ لغير اللهِ ، فأعتق الفقير من ظلم الغني ، والعبد من قيد السيد الباغي ، والصّغير من اعتداء الكبير ، وحرّر المرأة – تحريرا حقيقيا راقيا من ظلم الرجل الجاهلي الذي كان – يئدها حيّة ، أو يجبرها على :
تعدّد الأزواج ، التوريث لابن الزوج ، ... ، تحكّم الرجل في الإمساك بها أو تسريحها دون تقييد لعدد مرات الطلاق ، التعليق بين وضعية الزوجة والمطلقة إذلالاً لها ، الجمع بينها وبين أختها في زيجة واحدة ، زواج المتعة والشغار والاستبضاع ...! ويكفي أنْ نعرف أنّ المرأة في الجاهلية إذا تُوفّي عنها زوجها كان يكفي لأيّ رجل يريدها زوجة له – دون رغبة منها – أنْ يسارع بإلقاء ردائه عليها فتكون بذلك زوجته ، يفعل بها ما يشاء ، ويكفي أن نقول إنّ الرجل كان يحقّ له أنْ يقتل زوجته إذا أخبره أحدُ الكُهّان بما يسوؤه فيها بالتنجيم والدّجل والوثنية وزجر الطّير والاستقسام بالأزلام ...
ولايغرّنا سير بعض حرائر النساء في الجاهلية سواء منهنّ من استطاعت أن تُجير المستغيث مثل الرجال ، أو من استطاعت أن تزوّج نفسها أو تُطلّق بأمر نفسها ، أو أو ... فهذه استثناءاتٌ شاذّة يؤكد قلّتها ونُدرتها إحصاءُ المتخصصين لها ...
ثم جاء الإسلامُ فأقرّ وضعا اجتماعيا وإنسانيّا راقيا للمرأة بشكل عام - لا بشكل استثنائي ... أقرّ الإسلامُ أنّ :
-أنّ النساء شقائق الرجال ، ولسن عبيدا ، وأنّهنّ مُكلّفاتٌ بعبادة الله وتوحيده وطاعته ، لهُنّ أجورهنّ في ذلك مثل الرجال ، وأنّ طلب العلم فريضة على المسلم والمسلمة ، وأقرّ الإسلام للمرأة – لأول مرّة في تاريخها – ذمّة مالية مستقلة ، وشرع أحكاما للزواج والطلاق قوامها : المعروف والإحسان ، ونهى الرجّل وأثّمه إذا ما أمسك زوجته ليعضلها ، أو إذا ما اهتضم حقوقها المعنوية أو المالية ، وأوصى بالنساء خيرا ، فكان إكرام الله للنساء شديدا لمّا أنزل فيهنّ سورة قرآنية تدور - في كثيرٍ من آياتها - حول حقوق النساء وتكاليفهنّ وكثيرٍ من شؤونهنّ التي تحتاج لدعم الإسلام وتنظيمه ... وفضلا عن سورة " النساء " فقد احتفى القرآنُ الكريم في مواضع كثيرةٍ منه بقضايا النساء وكيفية حفظهنّ وحمايتهن من الغواية أو التسبب في الفتنة ، وكيفية احتشامهنّ وتزويجهن وحفظهنّ من غير المحارم وحمايتهنّ ممّن يظلمهنّ ولو كان من الآباء أو الأزواج أو غيرذلك ... كما أنّ القرآن خلّد ذكر الصالحات من النساء مثل أمهات المؤمنين ، وزوج فرعون ، ومثل مريم عليها السلام- التي حدّد مكانتها بعفّتها -... وكذلك فقد أوصى الرسول - صلى اللهُ عليه وسلّم - بالنساء خيراً في كثيرٍ من مواقفه وأحاديثه - بما لا يحتاج إلى إثباته - وأوصى بهنّ في آخر خطبه له في حجّة الوداع ،في الوقت الذي كان فيه الغرب في عصوره الوسطى يؤكد أنّ المرأة حيوانٌ يسكنه شيطان ، وكان الرجل يبعها إذا أفلس ، ويأكلها إذا جاع ...!
نقولها حقيقة ، ولو اتُّهمنا بالتطرّف ، أو الخطابيّة الزّاعقة ، أو الانحياز : أيتها المرأة المسلمة : وحدَك أنتِ سيدة نساء الأرضِ ، ... نقُولُها ونحنُ على أتمّ الاستعداد للخروج مطرودين منبوذين من الانتساب لأيّ صفةٍ أو معيارٍ معرفيّ يسخو به الغربُ على المسلم إذا ما غالط فطرته ، وتجاهل روعة وسمو عقيدته ، وجبُنَ وتخاذل عن نصرة ربّه ورسوله وأمّته ، جبُنَ وتخاذل عن الزّهو بمقومات حضارته الإسلامية التي يعلمُ تمامَ العلم أن العالم الغربي مفلسٌ من أدواتها ، وعاجزٌ عن مجاراتها ومرتعدٌ من قدرتها على النفاذ في أجواز السموات والأرض ... هذا العالم عاجز عن إنتاج ما تنتجُه هذه الحضارة الإسلامية العظيمة إذ يكفيه الانشغال بسبابنا والتطاول على رسولنا الكريم ، ثم إغراقنا بالمزيد من أنواع البيتزا لنلتهمها ... ونحنُ له شاكرون ...؟!
**************************
بقلم : جاميليــــــا حفني
مدوّنة " أدركتُ جلالَ القرآن "
http://greatestqoran.blogspot.com/2012/11/blog-p[/font]ost_3.htm