على صدر القرية الغافية في حضن الجبل ، قبع الخريف عقوداً طويلة .

كان ترابها تبراً ، وحصباؤها جمرٌ ، وماؤها حياة ، غير أن سدنة نيرون كانوا يتناوبون نفخ الشموع ، فظلت العناكب تعشعش في الزوايا ، وظل سكان القرية يعتمرون – صباحاً ومساءً- قبعات مصنوعة من جلود الحمْلان ،ويتنفسون في زق الخمر قبل الشروع في صلاة الصمت الطويلة.

يتداولون سراً ، حكاية الراعي الذي أمتهن الكذب حتى ضيَّع القطيع، بينما ظلوا يصفقون له كل لحظة وهو يعتلي التلة كل يوم ثم يكشر عن أنيابه لهم.

فيعودون مُنكسي الرؤوس إلى بيوتهم ليصفعوا الزوجات ، ويبصقوا في وجوه الجيران ، ويقطعوا الأيادي الممدودة ، ويذبحوا أحلام العصافير

لحسن حظهم ، أزهر الربيع باكراً في الحقول المجاورة ، فحملت الريح الشذى سريعاً وذرته في العيون ، وفي ليلة الزلزال الموعود ، أرعدت السماء ثم أمطرت دماَ .

سالت جداول وتخللت الشقوق ، فتثاءب البذر في رحم الأرض ، ثم فاض على سطحها خضاراً حتى بلغ الحلوق .

عندما أشرقت الشمس القديمة على الراعي الذئب ، أجتاز أهل القرية الوادي الضحل وراحوا يرقبونه على التلة .

كان كعادته يمتهن صناعة الفقد ، بينما العجز يكبل الثغاء.

صاح أحدهم : انظروا ، انظروا .

نظروا حيث أشار .

كانت الحملان تتقافز في النار وهي تعتمر الزئير.

يا لها من قصة متقنة اللغة والتعبير والتصوير
كأني أقرأ تاريخ الوطن الغالي برمّته أختي الغالية غالية
نعم قبع الخريف على صدر الوطن عقوداً لكن ثورة أبناءه وصحوتهم أعادت له الربيع
أهنئك على هذا الإبداع الذي فاق الخيال
استمتعت بها جداً
مع محبتي

العزيزة ولاء
شكراً لكل هذا الحب الذي تغدقين به كلماتي المتواضعة
محبتي

نص بديع ولقطة فنية متميزة تحمل بتخيلها اللبناء القصصي لعالم ارحب