المحاكاة.. دراسة في فلسفة اللغة العربية
لخالد كموني
كتب: مدحت صفوت
صدر حديثًا عن المركز الثقافي العربي ببيروت، كتاب "المحاكاة.. دراسة في فلسفة اللغة العربية" للباحث اللغوي خالد سعد كموني.
ويقوم كتاب "المحاكاة" على مبدأ أنطولوجيٌّ عرف في تاريخ الفلسفة باسم مبدأ الثَّابت، وهو المبدأ الذي قال به الفيلسوف اليوناني بارمنيدس وتلاميذه، في مقابل المبدأ الفلسفي الذي قال به هيراقليطس صاحب مبدأ التغيُّر، والذي لا تزال عبارته المشهورة تتردَّد في المناسبات، وهي قوله: "لا تستطيع أن تضع قدمك في ذات النهر مرَّتين".
ويضم الكتاب أربعة فصول وخاتمة؛ وكما يقول المؤلف: إذ وجدنا ضرورةً في أن يكون الفصل الأول فصلاً نمهِّد به قبل الولوج إلى فكرة المحاكاة بوصفها نظريَّة لها دورها على صعيد النظرية اللغوية العربية. أما الفصل الثاني، فهو يهتمُّ بدايةً بتعريف المحاكاة لغةً واصطلاحاً، بحيث إننا نعمد إلى إظهار مدى تأثير المحاكاة في تكوين نظريات في مختلف العلوم الإنسانية، وبذلك نكون قد وضعنا في مخيِّلتنا سعة المجال الذي يمكن فيه للمحاكاة أن تطبع الظاهرة بطابعها. وبما أن كل العلوم التي أنتجها الإنسانُ لها تأثير في تطوُّر لغته، فإن معرفة صور المحاكاة التي أظهرتها العلوم الإنسانية، تبرز إمكانية تأثيرها الكبير في اللغة، لأن ألفاظ اللغة هي محصِّلةُ تجارب الإنسان وعلومه في هذا الكون، فإن كان للمحاكاة دور في هذه التجربة، فلا بدَّ من أن يظهر أثره في ألفاظ اللغة.
ويضيف كموني: والفصل الثالث فقد خصَّصناه للبحث في أثر الفعل المحاكاتي في صناعة المعجم العربي، إذ إن الطبيعة المحاكاتية للفظة العربية لها حضور أسِّي في صناعة البنية التركيبية للمعجم العربي، حتى إن هناك اختلافاً في المدارس المعجميَّة؛ كمعجم العين للخليل والصحاح للجوهري (ت. 393 هـ) ولسان العرب لابن منظور، وغيرها. ومصدر الاختلاف بين المدارس كان في طريقة الجمع والترتيب والتقصي للجذور اللفظية، بخاصة وأن اللفظة هي بنت الحياة المعاشة، وبالنتيجة فهي محصِّلة تجربة الإنسان في مجتمعه وبيئته، فلا بدَّ من أن يكون للمحاكاة دور في توليدها. لذلك، نقول إن المحاكاة هي الحركة الإنتاجية التي تحقِّق زيادةً في الثروة المعجميَّة في اللغة العربية، وهذا ما ينعكس في المادة المجموعة في المعجم.
فيما عُنيّ الفصل الرابع بمتابعة التنظير اللغوي العربي الحديث في مسألة المحاكاة اللغوية، وهو التنظيرُ الذي تكرَّس الجهد فيه على اكتشاف بوادر النشأة الطبيعية للغة، بحيث يبدو التفكير اللغوي وسيلةً ضرورية لاكتناه معرفة أوسع عن الذَّات العربية نفسها، فأصبح ذا بعدٍ حضاري إنساني.
يشار إلى أن الكتاب في أصله أطروحة خالد كموني والتي حصل بها على درجة الماجستير من قسم الفلسلفة بجامعة بيروت العربية بإشراف الدكتورين بسام عبد الحميد وميشال زكريا، وناقشه الدكتورين على دحروج وتغاريد بيضون وذلك في شهر مارس من العام 2010.
مجلة دليل الكتاب