ككل يوم...........
تنفض غبار النوم عنها مفعمة بالثقة ،بالأمل ، يغمرها الفرح
هذا يوم جديد ، ترجوه سعيد، ككل أيامها ، تلبس أحلى ثياب وتلج الباب مودعة أمها بأسمى عبارات الحب .
....وقفت خلف باب بيتها لم تبارحه لا تدري لماذا رجعت مسرعة إلى أمها ضمتها بقوة
لا تدري لماذا هذا الشوق الحارق ولما هذا الخوف من الذهاب..........
استجمعت قواها وشدت الخطى إلى مدرستها وشعور غريب يغمر فؤادها لم تدر ما هو..
وصلت إلى ثانويتها أبصرت كل شيء حزين الوجوه يفوح منها عبير العذاب
دخل أستاذ الرياضيات ، بدأت الهمسات تتعالى ما أضخمه ، ماابشعه كان كل زملائها في
الصف يمقتونه مقتا ،لأنه شديد التعامل ، لكنها كانت تكن له الاحترام فهي تعرفه جيدا فهو
جارها في البناية ، تعرف جيدا زوجته وأولاده فهي صديقة ابنته سارة
في نهاية الحصة ناداها الأستاذ عمر فجاءت مسرعة
-كيف حالك صفاء
-بخير أستاذ شكرا ، ردت في استحياء
-هل يمكن أن تأتي اليوم لزيارة سارة فهي تجد صعوبة في اللغة العربية وترغب في مساعدتك
- يسعدني ذلك أستاذ
-أذن في المساء ستنتظرك بارك الله بك ابنتي، قالها وهو يربت على ظهري فشعرت بقشعريرة في بدني
ونفرت نفسي منه أيّما نفور ...... قفلت راجعة لبيتها وهي تراجع تلك الأحاسيس الغريبة .....
دخلت للبيت قبلت أمها ، ودخلت غرفتها لترتاح ، استغربت أمها الموقف ،
-صفاء ما بك ابنتي ألن تتناولي الطعام
-لا أمي ارتاح قليلا ، على فكرة سارة تريد مني أن أساعدها في دروس اللغة العربية، سأذهب اليوم عندها
- لا باس فراشتي فهي عائلة كريمة لن أخشى عليك هناك ،
أسندت رأسها على الوسادة، وأرخت خصلات شعرها الذهبية وراحت تجول بخواطرها، وتتذكر لحظاتها
السعيدة ، كانت صورته تملا عينيها أمير يا له من شاب رائع ، هو يكون اخو سارة ، كانت تتمنى أن تلتقي به هناك عندما تذهب ، نامت على أحلامها البريئة مدة ........
استيقظت و تهيأت للموعد كعروس تنتظر فارس أحلامها، ودعت أمها وقلبها يخفق بشدّة
آه ، اسكن أيها القلب ما بك تكاد تخرج من صدري ، وددت لو أطير لأعبر هاته الدرجات بسرعة..
دقت الباب وهي تأمل في أن يفتح الباب ، لكنه لم يكن هو ، كان الأستاذ عمر
- أهلا بك صفاء تفضلي بالدخول
دخلت وقد لاحظت أن الأستاذ عمر متزين كأنه سيخرج في حفلة
جلست على الأريكة تنتظر لكن لم تلاحظ وجود أي شخص ، استغربت ذلك
- أين سارة يا أستاذ
- لقد خرجوا فجأة لزيارة ابنة عمهم المريضة فقد انتكست صحتها
- -إذن سأذهب وأعود في وقت لاحق
- لا اجلسي ، وامسك بيدها بقوة ، لا لن تذهبي بهذه السرعة فقد انتظرتك كثيرا ، وآنت تكبرين أمام عيني
وجمالك ينمو كزهرة يانعة ، تسمرت في مكانها لم تدر ماذا تفعل ، نظرت إلى الباب وهمت بالرحيل
لم يعطها آية فرصة للهروب فقد قبض عليها قبضة الأفعى بالفار فأين المفر..........
استفاقت من كابوسها ، لم يرحم براءتها لم ينصت لتوسلاتها نظرت من حولها
لم تستطع النهوض مد يده وحملها وأخذها إلى الحمام اغتسلت وارتدت ثيابها ولم تنبت ببنت شفة الصدمة عقدت لسانها
نزت درجات السلم متثاقلة.....لكن إلى أين ...إلى بيتي لا لن أعود لأجلب له التعاسة والعذاب أبدا
أمي ، أبي أنا وردتكما الوحيدة لن أخزيكما أبدا الموت ارحم من آن أرى دموعكما تنسكب ممزوجة بزفرات الخوف على مستقبلي وحياتي
هوت أحلامها الوردية بأمير وتحطمت وكيف لا وأبوه من وأدها فبل آن تكبر
شدت الخطوات لا تدري إلى أين ركبت حافلة تاخدها بعيدا ...بعيدا.......
جنّ الليل وهي تتسكع في الطرقات وخرجت وحوش الليل من أوكارها
تريد فقط أن تصل إلى البحر.....آه ها أنت يا بحر صعدت إلى اعلي جرف ..
وقفت واسترجعت شريط حياتها السعيد كانت صور رائعة أمي أبي أحبكما فلأكن ميتة خير من أن أعيش في خوف
من المستقبل ربي اغفر لي لكني لن أتحمل دموع والدي وحياة العذاب.
ألقت بذلك الجسد الجميل والبريء وتلك الروح المسكينة التي لم يتركوا لها خيار.....
وفي خضم صراع الموج والموت لاح لها خيار ثان
لما لم تتقبل مصيبتها وتأخذ بثأرها من الوحش والأيام تداوي جراحها فليست أول من تسلب اعز ما تملك الأنثى عفتها....لن تتوقف الحياة هنا ...صفاء..كيف تقابلين ربك وآنت التي أزهقت روحك بيدك
.راحت بصوت مخنوق تصرخ ترجو أن ينقذها احد.. الآن اختارت الخيار الثاني
لكن هيهات فقد سبق السيف العدل واختارت في الوقت بدل الضائع
غاصت في المياه وتوقف نبضها والدمع والحسرة على سوء الاختيار تأكل قلبها ندما أكثر من أي شيء..........
-انظر آخي هناك جثة تطفو فوق المياه
-اين؟ لا أرى شيء
-انظر إنها خلف تلك الصخرة ،أتراها مازالت حية أم ماتت.
- لنخرجها من المياه بسرعة.......................