د/ عصام عبدالرحيم عارف عضو شرف
البلد : مصر عدد المساهمات : 275 نقاط : 390 تاريخ التسجيل : 01/05/2011 المهنة : عضو هيئة تدريس
| موضوع: الفواصل القرآنية 2011-07-07, 10:46 | |
| الفواصل القرآنية الفواصل القرآنية هي حروف متشاكلة في المقاطع توجب حسن إفهام المعاني ، ويشيع إطلاقها على آخر كلمة تختم بها الآية ، وهي من الظواهر البديعية الصوتية التي شاعت في التعبير القرآني بما لها من أثر فعال في نسق الكلام واعتدال المقاطع وجذب انتباه السامع من خلال إيقاع الألفاظ الذي جبل على حبه الناس ، وقد سميت فاصلة لأنها تفصل بين آخر آية وما بعدها ، وهي أعم من السجع لأن حروف المقاطع فيها تتماثل أو تتقارب بخلاف السجع الذي تكون حروف المقاطع فيه متحدة ، وقد قسمها البلاغيون إلى : متواز ، ومتوازن ، ومطرف ، وسوف نوضح هذه الأنواع من خلال سورة (ق) ، فنقول :
المتوازي بلاغيا هو أن تتفق الكلمتان في الوزن وحرف الروي ، وهو سمة واضحة في فواصل السورة ، ويؤدي إلى إثراء التعبير بما له من رنين محبب تنشط له النفس ، نحو : ]حصيد – نضيد – وعيد – جديد – وريد – قعيد – عتيد – وعيد – شهيد – حديد – عتيد – عنيد [، وقد يزيد البيان القرآني في بعض المواضع في السورة ما يحدث نوعا من الجناس الصوتي البديع كلزوم ما لا يلزم نحو كقوله : ]فروج / خروج – بعيد / وعيد[ ، وكذلك بعض المحسنات الصوتية الأخرى مثل الفواصل الداخلية كقوله : ]بنيناها وزيناها – وألقينا فيها .. وأنبتنا فيها [ .
والمتوازن بلاغيا هو أن تتفق الكلمتان في الوزن دون الروي ، وقد تكرر كثيرا في السورة ، نحو : ]المجيد / عجيب / بعيد / حفيظ / مريج – الغروب / السجود[ ، وله من الحسن مثل سابقه ولا سيما عند المراوحة بينهما ، إذ يكسر رتابة الإيقاع ويحقق التنوع النغمي وعنصر المفاجأة التي توقظ النفس وتجذب الانتباه ، إذ كثرة تكرار القالب الصوتي وتعود الأذن على نمط مألوف من الإيقاع قد يبعث الملل وتقل معه متعة النفس ، ونلحظ أن اختلاف الروي كان من خلال استخدام بعض الأصوات المتقاربة المخارج مثل الدال والباء والجيم ... وهي حروف مجهورة مقلقلة شديدة تتسق مع الجو العام للآيات .
والمطرف هو ما اتفقت فيه الأعجاز في الروي دون الوزن ، وهو أقل شيوعا من اللونين السابقين ، نحو : ]مريج / فروج – الخلود / مزيد[ ... وقد يبدو أن اختلاف هذه الكلمات في الوزن لا يحقق الثراء الموسيقي ، لكن وجود حرف المد قبل الحرف الأخير – بالإضافة إلى التشابه في حروف الروي – يحقق هذا الثراء .
وقد أتت الفاصلة مرسلة أي : غير مقيدة بوزن ولا روي ، نحو : ]بهيج / منيب / الحصيد / نضيد / الخروج / ثمود / لوط – حفيظ / منيب / الخلود / مزيد / محيص / شهيد / لغوب [، وهذا كسابقه في وجود حرف المد قبل الحرف الأخير من كل مقطع مما يحقق قدرا كبيرا من الإيقاع اللفظي يغني عن وحدة الوزن والروي ، ويجعل نسق القول واحدا فيبعث التطريب في نفس المتلقي .
ونلحظ أن هذه الأنواع كانت تتراوح على نحو بديع معجز ، فقد يبدأ التعبير القرآني بالفواصل المتوازنة ثم يخرج منها إلى المتوازية أو المطرفة ثم يعود إلى المتوازنة – مثلا – فتتضافر الأنغام وتتآلف الأصوات مكونة لحنا سماويا بديعا يبهر الألباب ويأسر القلوب .
|
|
د/ عصام عبدالرحيم عارف عضو شرف
البلد : مصر عدد المساهمات : 275 نقاط : 390 تاريخ التسجيل : 01/05/2011 المهنة : عضو هيئة تدريس
| موضوع: رد: الفواصل القرآنية 2011-07-07, 10:49 | |
| وقد خرج نظم الآيات عن المعتاد في بعض المواضع مراعاة لإيقاع الألفاظ وتناسق الفواصل من خلال الفصل بين المتلازمين ، وتقديم ما أصله التأخير ، وتأنيث ما أصله التذكير ، وتثنية ما أصله الإفراد ، وحذف لبعض الحروف ، وإحلال لفظ محل آخر ... وذلك على النحو التالي : 1- الفصل بين المتلازمين : قد يحدث فصل بين عناصر الجملة من خلال تحويل أحد عناصر التركيب عن منزلته وإقحامه بين عناصر من طبيعتها التسلسل ، كما في قوله : (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد/16) فقد وقع فصل بين أفعل التفضيل (أقرب) و(من) الجارة بالجار والمجرور (إليه) للمحافظة على فواصل الآيات المردوفة بواو أو ياء ، وقد أجاز النحاة مثل هذا الفصل لأن الذي منعوه هو الفصل بينهما بأجنبي ؛ لأنهما بمنزلة المضاف والمضاف إليه ، ولهما شبه بالصفة الناصبة والمنصوب بها ، أما إذا كان الفاصل غير أجنبي فجائز ، ولهذا حسن انفصالهما بتمييز نحو : " زيد أكثر مالا منك " ، وبظرف نحو : " زيد أفضل عندك من بكر" ، وبجار ومجرور كما في هذه الآية ، وكما في قوله : (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم )]الأحزاب/6[ . ومن صور الفصل أيضا بين المتلازمين في السورة قوله : (ذلك حشر علينا يسير/44) فقد فصل (علينا) بين النعت ومنعوته لمراعاة الفاصلة ، وهذا الفصل بين النعت ومنعوته من المواضع التي أجازها النحاة لأن الفاصل غير أجنبي محض فهو معمول الوصف (يسير) ، ولو كان أجنبيا محضا لم يجز فلا يقال مثلا : مررت برجل على فرس عاقل أبلق . ومن صور الفصل أيضا قوله : (ذلك ما كنت منه تحيد/19) ، فقد فصل (منه) بين (كنت) و(تحيد) الذي ختمت به الآية وهو في غير مرتبته النحوية ليتفق مع غيره من الفواصل .
|
|
د/ عصام عبدالرحيم عارف عضو شرف
البلد : مصر عدد المساهمات : 275 نقاط : 390 تاريخ التسجيل : 01/05/2011 المهنة : عضو هيئة تدريس
| موضوع: رد: الفواصل القرآنية 2011-07-07, 10:51 | |
| 2- تأخير ما أصله التقديم : قد يحدث تغيير في ترتيب العناصر بالتقديم والتأخير وله بلاغته الخاصة وإيقاعه المؤثر ، كما في الآيات : (وعندنا كتاب حفيظ/4) – (وما لها من فروج/6) – (لها طلع نضيد/10) – (كذلك الخروج/11) – (لديه رقيب عتيد/18) – (وإلينا المصير/43) ... فقد تأخر المبتدأ وحده أو مع صفته للمحافظة على فواصل الآيات التي وردت مردوفة بواو أو ياء . وقد حدث تغيير في ترتيب المعطوفات في قوله : (كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود/ وعاد وفرعون وإخوان لوط/ وأصحاب الأيكة ..) ، فقد وردت في سورة ص بترتيب آخر في قوله : (كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد / وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة ..)]12-13 [– كما عرفنا في عطف المفردات – ولكن لأجل الفاصلة هنا تغير ترتيب المعطوفات فانتهت آية بقوله : (ثمود) وأخرى بقوله : (لوط) ، لأنهما كلمتان مردوفتان بواو وهو ما يتفق مع فواصل الآيات . |
|
د/ عصام عبدالرحيم عارف عضو شرف
البلد : مصر عدد المساهمات : 275 نقاط : 390 تاريخ التسجيل : 01/05/2011 المهنة : عضو هيئة تدريس
| موضوع: رد: الفواصل القرآنية 2011-07-07, 10:53 | |
| 3- الحذف في الفواصل : وذلك مثل الحرف الأخير (الياء) من كلمة (وعيد) في قوله : ( كل كذب الرسل فحق وعيد/14) ، وقوله : (فذكر بالقرآن من يخاف وعيد/45) فقد حذفت الياء طلبا للموافقة في فواصل الآيات ، مثلما حذفت من "أطيعوني" في قوله : (فاتقوا الله وأطيعون)]آل عمران/50[ ، ومن "يسرى" في قوله : (والفجر ، وليال عشر ، والشفع والوتر ، والليل إذا يسر)]الفجر/4:1 [ . |
|
د/ عصام عبدالرحيم عارف عضو شرف
البلد : مصر عدد المساهمات : 275 نقاط : 390 تاريخ التسجيل : 01/05/2011 المهنة : عضو هيئة تدريس
| موضوع: رد: الفواصل القرآنية 2011-07-07, 10:58 | |
| 4- العدول عن الأصل : وذلك كما في قوله تعالى : (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب/39 ) فقد اقترن ب (أل) ما حقه الإضافة ، إذ جاء لفظ (طلوع) مضافا إلى (الشمس) ، وحق لفظ (الغروب) أن يكون مضافا إلى ضميرها فيقال : "غروبها" ، كما في سورة طه]130[ (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) ، ولكن عدل عن الأصل وقال : (قبل الغروب) لأجل فواصل الآيات . |
|
د/ عصام عبدالرحيم عارف عضو شرف
البلد : مصر عدد المساهمات : 275 نقاط : 390 تاريخ التسجيل : 01/05/2011 المهنة : عضو هيئة تدريس
| موضوع: رد: الفواصل القرآنية 2011-07-07, 11:02 | |
| 5- الإحلال اللفظي : وهو إحلال لفظ محل آخر ، وصوره كثيرة ، منها :
أ- إحلال مفرد محل مثنى ، كما في قوله : (عن اليمين وعن الشمال قعيد /17) فلو قال : " قعيدان " لاختل إيقاع الفواصل ، وقد اختلف العلماء في ورود (قعيد) بدلا من " قعيدان " مع أنها وصف للملكين : فذهب الزجاج إلى أن ما ورد في الآية من قبيل حذف الأول لدلالة الثاني عليه وأن التقدير فيها : " عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد " فحذف الأول ولم يقل : " قعيدان " رعاية للفواصل ، كقول الشاعر : نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف أي : نحن بما عندنا راضون وأنت بما عندك راض ، وذهب المبرد إلى أن التقدير : "عن اليمين قعيد وعن الشمال" فأخر (قعيد) عن موضعه مراعاة للفاصلة ، وذهب الأخفش والفراء إلى أن (قعيد) يستوي فيه الإفراد والتثنية والجمع ، كما في قوله : (يخرجكم طفلا)]غافر/67 [ وقد أريد منه هنا الاثنان ، فلا حذف على هذا الرأي ولا تقديم وتأخير ، واعترض عليه بأن فعيلا يستوي فيه ذلك إذا كان بمعنى "مفعول" وهو هنا بمعنى "فاعل" فلا يصح فيه أن يطلق للواحد والمتعدد إلا بطريق الحمل على "فعيل" بمعنى "مفعول" . ب- إحلال صيغة محل أخرى : فقد حلت صيغة "فيعل" محل صيغة "فاعل" في عدة مواضع ، نحو : (وريد) : وارد ، و(عنيد) : عاند ، و(حديد) : حاد .. كما أنها جاءت محتملة أكثر من صيغة ، نحو : (قعيد) : قاعد أو مقاعد ، (عنيد) : ذي عناد أو معاند ، (حفيظ) : حافظ أو محفوظ ، وذلك لأن صيغة "فعيل" توافق فواصل السورة المنتهية بحرف مردوف بواو أو ياء ولا توافقها الصيغ فاعل أو مفاعل أو فعال ... لأن حرف المد فيها ألف وهو لا يتجانس مع الواو أو الياء ، وإن كانت (حفيظ) تحتمل معنى محفوظ ، ومحفوظ تتفق مع فواصل الآيات إلا أن استخدام (حفيظ) محلها – وكذلك (حصيد) بدلا من محصود ، و(نضيد) بدلا من منضود – أوفق للفاصلة في السورة ، لورود صيغة فعيل بكثرة في الفواصل ، حتى إن النعت المفرد ورد إحدى وعشرين مرة ، وكان في معظم المواضع صفة مشبهة على وزن (فعيل) وواقعا في الفواصل ، ومرة واحدة جاء من خلال المشتقات (منيب) - (ميتا) - (مبارك) - (مناع) - (الأول) ، التي لم يرد منها في الفاصلة سوى (منيب) المتفقة مع الفاصلة المردوفة بواو أو ياء ، وهذا التكرار لصيغة فعيل في الفواصل يثري الإيقاع اللفظي الذي تطرب له النفس .
ج- إحلال مذكر محل مؤنث ، كما في قوله : (وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد/31) والتقدير : "بعيدة " فآثر التعبير القرآني أن يذكر ما أصله أن يؤنث لأن التذكير يتناسب مع فواصل الآيات مما يحقق الإيقاع اللفظي ، وقد صح التذكير لأن فعيلا بمعنى فاعل قد يجري مجرى فعيل بمعنى مفعول فيستوي فيه التذكير والتأنيث ، أو لأن (بعيد) على زنة المصدر كالزئير والصليل والمصادر يستوي في الوصف بها المذكر والمؤنث ، أو لتضمين الجنة معنى البستان .
******************************************************* |
|