ذهـبَ الـزمانُ .. ودينُنا لنْ يذهبا
ولـئـنْ نـبا سيفٌ، فسيفُ العلمِ ما
ولـئـن مـضـى جيلٌ ففي أعقابِهِ
والـصـحـوةُ الكبرى يشيدُ كيانَها
بـعـزائـمِ الـعلماءِ.. في وجدانِهم
بـالـعـلـمِ يُخشى الله جلّ جلالُه
والـعـلـمُ كالغيثِ المُغيثِ إذا همى
والـعـلـمُ بابُ الأمنِ في الدنيا إذا
والـعـلـمُ يجبرُ صرحَ وحدتِنا إذا
والـعـلـمُ ساريةُ الجهادِ إذا عثَتْ
وإذا فضاءُ الأرضِ ضاق من الضنى
والـعـلـم يسمو بالقلوب إلى العُلا
وإذا تـقـارعـت الـعـقولُ رأيتهُ
وإذا تـضـاربـت المعارفُ رُمْتهُ
والـعـلـمُ جندٌ.. كم جيوشٍ دُمّرتْ
والـعـلـمُ مـلكٌ لا حراسةَ حولَه
هو روضةُ الأروح في حُللِ الرِّضا
هـو نـزهـةُ الوجدان في غدواتِهِ
هـو كـسـوةُ النفسِ الزكيّةِ بالتقى
والـعـلـمُ نـورٌ واجتلاءُ بصيرةٍ
* * *
أرأيـتَ إبـراهـيـمَ يبني للورى
أو أنـبـيـاءَ الله كـيـف تـألقوا
أرأيـتَ يـوسـفَ إذ يديرُ خزائنا
مـا عـلـمُ داوودَ؟ ومـا فَهْمُ ابنهِ؟
مـا سـورُ يـأجوجَ؟ وما قطرانُهُ؟
أرأيـتَ مـيـراثَ الـنـبي محمدٍ
واذكـر أبـا بـكـرٍ ووثـبةَ رأيهِ
وانـظر لحبرِ العلمِ في عين الردّى
وفـتـى بـني شيبان حين تجهّمت
واذكـر صـلاحَ الدينِ في صولاتِهِ
فـتـفـجّـر البركانُ في وجه العِدا
واذكـر فـتى حرّان في عزماتِهِ(4)
واذكـر فـتـاوى الـباز قيدَ أدّلة ٍ
وانـهـل من الجبرين أعذبَ موردٍ
وارفـع إلـى الـعلماءِ ألف تحيّة ٍ
هـذا هـو النسبُ المُعلّى في الورى
واللهِ لـولا الـعـلـم لم تسمعْ لهم
هـمْ كـالـجـبـالِ الشُّم أوتادِ الدّنا
فـجـزاهـم اللهُ الـكـريمُ بفضلِهِ
* * *
يـا طـالـب الـعلمِ ارتقيتَ منازلا
تـدعـو لـك الـحيتانُ في أعماقها
وعـلـى طـريـقِكَ للملائكِ مشهدٌ
لا تُـبـدِ فـي درب الـعلوم قناعةً
مـهـرُ الـمـعالي عزمةٌ ومرارة ٌ
واسـتصحب الإخلاصَ خبرَ مطيّةٍ
فـي صـدركَ الـنبأُ العظيمُ مسطّرٌ
واصـدعْ بـأمر اللهِ واخرس حاقدا
وتـجـلَّ إن جـنّ الظلامُ بأرِضنا
أنـت الـطبيبُ بشرعِ من برأ الملا
واسـمـوا بوحدتكم على خُلْفِ الأنا
لأبـي رُغـال غـوايـةٌ ووشـايةٌ
هـي أمّـةٌ تشكو الجوى في ذلّةٍ ..
والأرضُ مـن دون الـشريعةِ غابةٌ
* * *
أشـبـاب أمـتـنا تحيّة مشفقٍ ..
الـعـلمُ يُؤتى في شريعةِ من مضى
هـا قـد أتـانـا العلمُ بين ظهورنا
وسَـنـا الـرسالةِ لا ادْلّهمَّ ولا خَبَا
فـقَـدَ المضاءَ ولا استكانَ ولا نَبـَا
جـيـلٌ يُـمـسّكُ بالكتابِ المُجْتَبى
عـلـمٌ يـصونُ.. ويستجيلُ الغيهَبا
نـورٌ.. وفـي أخـلاقِهم سننُ الإبا
فـرضـاهُ خيرُ منىً وأشرفُ مطلبا
أحـيـا الرياضَ الظامئاتِ وأعشبا
عـصفَ الجهولُ بنا.. فجارَ وأرهبا
صـدعَ الـخـلافُ جدارها فتشعّبا
أيـدي الأعـادي في المدائنِ والرُّبا
فـالـعـلـمُ يـبسطُها فضاءً أرحبا
فـالـنـفـسُ تُـشرقُ همّةً وتوثّبا
أجـلـى بـيانا في النفوسِ وأعذبا
أعـلـى دليلا في الخطابِ وأصوبا
بـالـرأي.. كـنت تخالها لن تُغلبا
يـعـلـو الـعـقولَ ديانةً وتمذْهُبا
كالشهدِ.. كالزّهرِ المُعطِّرِ.. كالصَّبا
بـيـن الـعـصورِ مُشرِّقا ومُغرِّبا
إنْ غـرَّ شـخـصـا عطفُهُ فتجلبَبا
إن أعـجـمتْ ظُلُمُ المصائبِ أعربا
* * *
صـرحَـ الـعقيدةِ فاشمخرَّ وأطنبا!
وتـخـيّروا الأخرى فنالوا المطلبا!
حـيـن اجـتباه الله حينا واجتبى!
سـبـحـان من قَسَمَ العلومَ وأوجبا!
مـا قـصّةُ الصرحِ المُمرّدِ في سبا؟
لـمـعـارج الـجـنّاتِ قاد الموكبا
فـي رِدّةِ الأعـرابِ حـيـن تغلّبا
يـسـنقذُ الآلافِ ممن قد صَبا! (1)
فـي فـتنة القرآن كان الأصلبا (2)
كـم حرّضَ الصّيدَ الأُباةَ وألَّبا (3)
وفـلـولُـهم في البيد تبغي المهربا
وفـتـى تـميم.. معلّما ومؤدِّبا (5)
وابـن الـعـثـيمين الجليلَ الأشيبا
واسرج إلى عَلَم الحديثِ المركبا (6)
أهـلا بـمن ركب الصعاب ومرحبا
أعـلـمـتَ كـالإسلامِ أمّا أو أبا؟!
مـجـدا.. وما بلغوا المقامَ الأصعبا
عـن أن تـمـيدَ الأرضُ أو تتذبذبا
فـي جـنّةِ الفردوسِ عيشا أرحبا..
* * *
وكـفـى بـعـلـمِكَ طاعةً وتقرُّبا
حُـبّـا.. وإن كـنّ الخراس الغُيّبا
يُـزجـي لـمـركبكَ الثناءَ الأطيبا
واحـذرْ مـن المُنبّت كيف تنكّبا!!
لا مـجـد إلا أن تـجـدَّ وتـتعبا
لايُـفـسـدُ الـشيطانُ داخلةَ الخِبا!
فـأجـب سؤال الحائرينَ عن النبا
فـتـلـكـؤُ الآسـادِ يُغري الثعلبا!
نـجـمـا يـؤم الـسائرينَ وكوكبا
تـهـدي الحيارى.. أو تكفُّ المُذنبا
ردّوا ظـنـونّ أولي الضلالةِ خُيّبا
فـارعوا – بربّكم – الإخاء الأقربا
عـارٌ عـلـيـنـا أن تـذلَّ وتُنكبا
والـجـيلُ من دون المباديء للهبا!!
* * *
قـومـا إلـى الـعـليا سراعا وثّبا
والـيـوم شـأنُ الـعـلم أن يتغربا
فـلأنـتـمُ الـعـلماءُ إلا من أبى..
قصيدة رائعة : م. صالح بن علي العمري