هند هارون شاعرة عربية , من مدينة اللاذقية , ولدت من أسرة قاومت الاحتلال الفرنسي فاضطهد أفرادها , وصودرت أملاكهم , وسجنوا وشردوا , وحكم على بعضهم بالإعدام , فاضطر عمها الشيخ منح هارون للهرب من البلاد نجاة ً بحياته ..
ولدت الشاعرة هند هارون في اللاذقية عام 1927تفوقت في دراستها،كتبت الشعر وهي في المرحلة الإعدادية ونشرته في الصحف باسم مستعار ( بنت الساحل ) . حصلت على أهلية التعليم الابتدائي وعملت في التعليم ثم مديرة لثانوية الكرامة في اللاذقية ورئيسة لفرع اتحاد الكتاب العرب فيها .
غلب على شعرها الطابع الوطني والاجتماعي والوجداني.
حصلت على الدكتوراه الفخرية من الاتحاد العالمي للمؤلفين.
ترجمت بعض قصائدها إلى الفرنسية والإنجليزية والبلغارية والألمانية.
لقبت بشاعرة الأمومة , بعد فقد وحيدها ( عمار ) الذي وافته المنية عام 1977 وهو في السابعة عشرة من عمره , فأذهلها المصاب .
أصبحت تجربتها الفريدة أثناء مرض وحيدها ,وبعد فقده , قصائد متفردة في الأدب العربي , نظرا ً لمعاناتها الكبيرة .
بطاقة تعريف :
كتبت أكثر من أربعة آلاف قصيدة , غنت للوطن والأرض والحب والإنسان , وتعبدت في محراب الأمومة , مصعدة ً حزنها إلى واحة ٍ في السماء تستظل بها .
صدر لها خمسة دواوين شعر :
سارقة المعبد 1977 ,دار الأنوار,دمشق .
ديوان عمار 1979 ,اتحاد الكتاب العرب .
شمس الحب 1981 ,دار السؤال , دمشق .
بين المرســى والشـــراع , 1984 , وزارة الثقافــة .
عمار في ضمير الأمومة ,دار طلاس , دمشق .
البدايات الشعرية :
تقول هند هارون عن بداياتها الشعرية (صحيفة الوحدة 1989 ) :
« كتبت الشعر منذ الصغر , على مقاعد الدرس , بدأت غزلاً بريئاً أسميته فيما بعد (قصائد الحب الصغيرة الموءودة ) ,ثم كان شعري القومي ثورة ً حقيقيةً على تمزق الوطن العربي , وانتماء ً للجذور , لجذور عروبتي ,وفرحة ً عارمة ً بالوحدة العربية .
فتحت عيني على بيئة ٍ منغلقةٍ, فرأيت بذورا ً مثمرة ً في المجتمع بحاجة ٍ إلى رعاية , وبدايات اهتمام بالتعليم, ومفترق طرق ٍ بين الانتداب والاستقلال , وشعورا ً قوميا ً شعبيا ً عارما ً , قصدت حينها المدرسة المسماة ( ثانوية البنات ) محرضة ً على الإضراب , مفصولة ً أحيانا ً من المدرسة , يشاركني في هذا الشعور معظم الطالبات و وعددهن قليل بالنسبة للطلاب , وسرنا في مظاهرات , وأذكر من بين من كانوا معي : هند رويحة , لمياء هارون , جهينة سليمان ..»
عن الرائدات في الشعر من اللاذقية تقول :
«من رائدات الحركة الشعرية في اللاذقية : فتاة غسان , طلعت الرفاعي, عزيزة هارون , فاطمة حداد .. ولا أنسى شاعرة الصورة والألم نبيهة حداد .»
أهم المراحل الشعرية عند هند هارون :
«من أهم المراحل الشعرية عندي كما ألمحت سابقا ً, مرحلة المراهقة , وقد طبعت بالشعر الوجداني والحماس القومي. مرحلة الشباب , وفيها شعرت أني أحمل الهم العربي , والحفاظ على تراب الأرض , والفرح الوحدوي حيث غنيت الوحدة العربية بين سورية ومصر , قصائد جميلةً. وفيها مرحلة الأمومة الباسمة أولا ً بـ عمار , مرحلة قصيرة . مرحلة الحزن الكبير : بعد أن مرض عمار , حيث هددني خوفٌ قاتل بفقد فلذة كبدي , وكنت عاجزة ً إزاء القدر, يريد أن يطفيء شمعة ً تضيء قلبي , تموت و تحيا كل يوم , أنا أرى الزهرة المتفتحة تذبل ثم تنضر من جديد , ويقف الطب عاجزا ً,وهكذا أعيش مرحلة عذاب، ويرحل عمار،تبقى لمحات وأرفض الموت.لأني أريد حياة أكبر من خلال تصوير أدق مشاعر الأمومة.
ماذا عن مرحلة الحزن المطمئن والانطلاق الجديد؟
« انطلقت هنا من الأنا إلى الآخرين... إلى أبناء العالم.. وأصبح ابني ذرات حب وغيرة في شعري. ثم انتقلت بهذا الحب.. إلى محاولة فلسفة الحياة والموت، واستمرارية الوجود.. حيث كتبت أكثر من مجموعة في هذا المنحى، منها: حكاية الأرض والإنسان... فراديس الروح، الأمومة والحب.. مشاهد من عبقر .. ديوان الهجرة .. وغيرها.
وتقول هند: سأنشر هذا الشعر يوماَ .. أو ينشره الناس، بعد رحيلي.. عندما يرن الصفاء وينقي المادة التي طغت على النفوس..
وقفت هند هارون عند أحداث مختلفة عايشتها في تجربتها الشعرية خلال أكثر من ربع قرن.. أهمها الوحدة العربية، التمزق العربي ، القضية الفلسطينية وصمود بلدها في وجه الأعاصير .. أما الأمومة فشأنها غريب ..»
هند هارون تقول عن نفسها : أنا شاعرة كتبت الشعر قبل أن أعرف الكتابة.. لا أضع نفسي في موقع معين من الشعر النسائي .. ولماذا تخصصون بين الرجل والمرأة وتفرقون .. المجتمع يحكم على الأدب .ولا أستطيع أن أقدر موقعي .. ولكني أعترف أن شعر الأمومة تنفرد به المرأة عن الرجل وربما كنت متميزة في الشعر العربي والإنساني في تصوير خلجات الأم.. توفيت هند هارون في 2-12-1995
هند هارون.. شـاعرة الأمومة وخنسـاء العصر
شاعرة عظيمة لفتت أنظار الكثير من نقاد العصر والدارسين للشعر والأدب العربي، ذات نفس ملحمي،طرقت معظم أبواب الشعر وتناولت شتى موضوعاته فأبدعت، إن كان ذلك في الجانب القومي أو في الجانب العاطفي أو الوجداني أو الاجتماعي، ولكنها كانت مجلية متفردة في شعر الأمومة حتى أنه ما من شاعرة جارتها في هذا الباب أو بلغت شأوها لأن (ثكلها خالد).
لقد عاشت سبعة عشر عاماً على هاجس الفقد، فوحيدها عمار أصيب بسرطان الدم منذ الطفولة، عاشت تصارع الخوف على فقده سبعة عشر عاماً إلى أن وصل إلى امتحانات الشهادة الثانوية وخامرها الأمل بأنه قد يجتاز مرحلة الخطر قريباً، ثم حدث ما كانت متوجسة من حدوثه وكان الثكل الخالد والخسارة التي لا يمكن أن تعوض، وحل الفراق الذي لا لقاء بعده، وراحت بعد ذلك الشاعرة تبث شجونها وتبكي نفسها وولدها بأناشيد خالدة تغنى بها الشعر بأرق وأعذب وأشجى الألحان.
لقد صدر ديوان عمار عام 1979م ثم أعقبته بديوان شمس الحب عام 1981م،وأخيراً ديوان بين المرسى والشراع عام 1984م، وكانت قد أصدرت ديوانها الأول سارقة المعبد عام 1977م، فأثرت المكتبة العربية بأربعة دواوين هي من عيون الشعر العربي.
في أحياء اللاذقية نشأت الشاعرة مع بنات جنسها، وعاشت طفولتها وسط عائلة طيبة حريصة على الثقافة والعلم، مدت البلد بفكر متحرر حريص على الازدهار والسمو، وربت طالباتها على التعلق بالوطن والحرص على الفضيلة، حياتها جولات من الألم تارة وصدى أدب هذه المدينة تارة أخرى، كتبت أجمل القصائد للأم والوطن والطفولة، كتبت لفلسفة الحياة، ولكن كان إبداعها مغموساً بالدموع على فقد وليدها عمار الذي ألهمها شعر الفرح في حياته، وشعر المرارة في مماته، ذلك هو عمار الابن الذي فجر برحيله مكان الإبداع في قريحة أمه فألهب مشاعرها ودفق الأشعار الشجية على لسانها.
عمار أنت المهرجان
أوتار شعري والكمان
وتوجت ديوانها الأول بكلمات عذبة وهي تناجي وحيدها
((أيا عمار، لقد تألقت في ذاتي أمومة خالدة، وشعشعت في قلبي حياة متجردة، وفجرت في أعماقي ينابيع العطاء))
وكم عاودت مقولتها الحزينة هذه على أجنحة القوافي ((في شعري المحزون في قلبي أتون من عذاب وأمومتي جرح يسيل مع الزمان على الوصاب)).
تسهيد وغم وأسى وهم انه الاكتواء بنار الفراق، ولكن هيهات أن تفارق الأم ابنها، وهو وليد أحشائها وريحانة روحها، انه باق معها، مقيم بين جنبيها، هو الحاضر الغائب والماثل الراحل،ثم في غمار الأطياف والذكريات، وعلى جناح الأخيلة والتصورات يكون التلاقي الموحش.
وأعود يا عمار يا ولدي
للغرفة الحيرى بلا سند
وأساءل الجدران تسألني
والصمت يسأل عنك يا كبدي
في شعرها التحمت الذات مع الطبيعة، فهذه الذات الشاعرة دأبت على الالتحام بالطبيعة الساحرة /عمار أنت لقلبي النعمى، ودنيا من عبير/،/في ناظريك توقدت شعل النبوغ، سنا ونور/
على أن الشاعرة الحزينة التي ألفت اللوذ بعالم الأسى،والعيش في غمار الكآبة، باتت تستمرئ الآلام، وتستطيب الأحزان.
ورغم توالي السنين وتعاقب الدواوين،فإن درب الأحزان ظل مديداً، وهكذا كان ثمة قاسم مشترك بقي ماثلاً في أشعارها وهو معايشة الألم ومصاحبة الأسى.
وغلبة المرائي على شعرها ينبغي ألا تحجب النظر عن سائر قصائدها الوجدانية، والوطنية، والاجتماعية، فهي لم تتمادَ في رومانسيتها إلى هذا المدى، وقد سرى التفاؤل في معظم دواوينها مثل قصيدة ((روضة الأحزان)).
والشاعرة أم عمار وهو أحب الألقاب قاطبة إلى قلبها، كانت متفوقة في دراستها،ولدت عام 1927م، عملت رئيسة لفرع اتحاد الكتاب العرب في اللاذقية، ومديرةً لثانوية الكرامة، شاركت في العديد من المهرجانات الشعرية في مصر ولبنان والمغرب وفرنسا،حصلت على الدكتوراه الفخرية من الاتحاد العالمي للمؤلفين، ترجمت بعض قصائدها إلى الفرنسية والانكليزية والبلغارية والألمانية.أمضت عمرها مع بناتها في المدرسة حتى توفيت عام1995م.