- تجديد المنهج في تقويم التراث- تأليف: طه عبد الرحمن
طه عبد الرحمن فيلسوف مغربي مجدد أصبح مرجعا في علوم المنطق والفلسفة واللسانيات (التداولية بالخصوص) والإسلاميات. وأهم ما يميز مشروع طه عبد الرحمن هو الخروج عن الطريق الذي اتبعه مفكرو الغرب والعرب علي السواء في تقويم التراث الإسلامي العربي، والذي لا ينبني علي التوسل في هذا التقويم بأدوات منهجية مستمدة من خارج هذا التراث، وذلك بأن فتح هذا الفيلسوف المبدع طريقا جديدا في التقويم بأدوات منهجية مستمدة من خارج التراث نفسه، وهذا لا يعني أبدا أنه يستبدل مكان الوسائل الحديثة النافعة وسائل قديمة غير نافعة كما يتوهم المخالفون له، وما أكثرهم، لأنه تحري في وضع منهجيته لاستخراج هذه الوسائل الملازمة للتراث في أقسامه وأطواره أحدث المقتضيات المنطقية والمعرفية للمنهجية العلمية، ولما كانت وسائله في تقويم التراث مستنبطة من داخله بواسطة منهجية بالغة الحداثة، فإنها لا تضاهي الوسائل الحديثة المنزلة علي التراث من خارجه في قيمتها الإجرائية فحسب، بل إنها تفوقها في هذه القيمة، ذلك أن شرط المجانسة بين الموضوع والوسيلة المطلوب في كل منهجية صحيحة يتحقق في وسائله علي وجه التمام، ولا يتحقق إطلاقا في تلك الوسائل الخارجية المنزلة علي التراث، إذ الثابت أنها من جنس تراث غير إسلامي وغير عربي، فأقحمت إقحاما في تراثنا، علي تميزه عنها في أوصافه وأهدافه. ولهذا السبب، وغيره بالطبع، لا نتردد دوما في وصفه بالفيلسوف المجدد.
فكتبه: "أصول الحوار وتجديد علم الكلام" و"العمل الديني وتجديد العقل" و"فقه الفلسفة: الفلسفة والترجمة" و"فقه الفلسفة: المفهوم والتأثيل"" و"اللسان والميزان أو التكوثر العقلي" و"سؤال الأخلاق"... كتابات جعلت من الأستاذ طه عبد الرحمن رمزا من رموز الفكر العربي المعاصر ومنظرا للنهضة الإسلامية في جانبي التصور والأخلاق، ودعامة قوية في زمن التبجح بالعقلانية والحداثة واللائكية.
ويروم طه عبد الرحمن من كتابه "تجديد المنهج في تقويم التراث"، الكشف عن خفي الأوهام وعن دقيق التلبيسات التي انبنى عليها المسار المعكوس في تقويم التراث الذي نهجه أبرز المفكرين العرب، ولا يخفي أنه يقصد بالأساس محمد عابد الجابري في مشروعه "نقد العقل العربي". وفي هذا الكتاب نحا المؤلف منحى غير مسبوق ولا مألوف، فهو غير مسبوق، لأنه يقول بالنظرة التكاملية حيث يقول غيره بالنظرة التفاضلية، وهو غير مألوف، لأنه توسل فيه بأدوات "مأصولة" حيث توسل غيره بأدوات منقولة.
ولما كان قد خالف المتداول في أعمال تقويم التراث فيما سار فيه من منحى متفرد، فإننا نهيب بالقارئ إلى الصبر على التجدر من شائع الأحكام وسابق الآراء في التراث والى الاصطبار لقراءة هذا الكتاب، حتى يأتي على تمامه. أما عن محتوى هذا الكتاب، فقد قسمه المؤلف إلى ثلاثة أبواب، لكل باب فصول معلومة. خصص الباب الأول للنظر في التقويم التجزيئي للتراث، نتعرض الفصل الأول إلى الصلة القائمة بين الاختيار التجزيئي في التقويم وبين الوقوف عن مضامين التراث، وتولى الفصل الثاني بيان التناقضات التي وقع فيها نموذج الجابري التجزيئي في تقويم التراث، كما تولى الفصل الثالث بيان حدود استعمال هذا النموذج للآليات المنهجية المنقولة، وعقد الباب الثاني للنظر في جانب من جوانب التكامل التي اختص بها التراث وهو جانب تداخل المعارف، فعالج الفصل الأول الصلة القائمة بين الاختيار التكاملي، والوقوف على الآليات التي توسلت بها مضامين التراث، وبحث الفصل الثاني في خصائص تداخل المعارف الأصلية فيما بينها، في حين بحث الفصل الثالث في خصائص التداخل بين المعارف الأصلية والمعارف المنقولة وأفرد الباب الثالث للنظر في الجانب الثاني من جوانب التكامل في التراث، وهو جانب تقريب المعارف، فاختص الفصل الأول بتوضيح مفهوم "المجال التداولي" كما اختص الفصل الثاني، بتوضيح مفهوم "التقريب التداولي". أما الفصل الثالث، فاشتغل بتحليل الآليات التي استخدمها تقريب المنقول المنطقي اليوناني، بينما اشتغل الفصل الرابع بتحليل الآليات التي استخدمها تقريب المنقول الأخلاقي اليوناني. يمكن التحميل من خلال الرابط الوجود في
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=46973