السلام عليكم ..
تحت شعار الاختلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية أقول :
أولاً : المعذرة على تأخر الرد بسبب ظروف خارجة عن الإرادة .
ثانياً :سررت بمرورك الكريم وسرني درك ومداخلتك فالغرض من المداخلة هو التعلم والإفادة .. واحترم كثيراً رأيك وهو في عين الاعتبار .
ثالثاً: أشكرك وأتمنى أن أكون قد أوضحت وجهة نظري ومقصدي من الدراسة المصغرة التي كان يجب أن تكون أكثر توسعاً كي تتضح معالمها أكثر وأكثر ..
بارك الله فيك ...
)- في دراستنا للغة يجب أن نلتزم الحياد العلمي ونبتعد عن التعصب ... فأول سمات علم اللغة هو الدراسة العلمية القائمة على الدليل العلمي البحث..
( اتفق معك في هذا الأمر بل إنه من المتعارف عليه عند دراستنا لأي لغة ،فإننا ندرسها ذاتها ولذاتها – كما ذكر دي سوسير- دون تعصب أو انحياد كما ذكرت ، بل تتم دراسة اللغة دراسة موضوعية . ومقالتي التي نشرتها ما قصدت التعصب ، وما أظن أن فيها تعصب . فالموضوع مجرد عرض مع مقارنة مصغرة بين الضمائر العربية والإنجليزية والمقارنة ما زالت قاصرة ولم تفِ بالغرض الكامل .
- طبعاً كل لغة لها سماتها ومميزاتها تختلف عن الأخرى ، ولكن هناك تفاضلاً في ذلك وتميز أحدهما عن الأخرى ، ومرجع ذلك هو وجود مقومات حياة اللغة ومرونتها في إنتاج الكلمات والعبارات والتجاوب مع متطلبات العصر ، وما الكلمات الدخيلة إلا دليل على ذلك ، فإلى جانب المصطلح العربي الأصيل يدخل مصطلح غربي يرتدي ثوب عربي نحو: كمبيوتر وترجمته (حاسوب)، رادار وترجمتها ( جهاز لاقط الأجسام المعدنية ) وبإمكانك ترجمتها أفضل مني ، وكلمات أخرى وأخرى... فلم تمانع العربية من دخول هذه الكلمات ، بل رحبت بها وألبستها ثوب العربية وصارت الكلمة الغربية عربية .
- ما يتعلق بالضمير المتكلم اتفق معك وهذا أمر معروف ، فالمتكلم كونه متكلم لا يحتاج إلى حضور من طرف آخر ليحضره ، فهو حاضر بذاته عكس ضمائر الغائب التي تحتاج إلى مساعد يساعدها على الحضور لذا لزمتها الإحالة التي تعمل إلى حضور هذه الضمائر. وكذا ضمائر المتكلم والمخاطب .والمثال التي علقت عليه بقولك: (مثال:
1-I am happy أنا سعيد/أنا سعيدة(مفرد+مذكر/مؤنث)
لاحظي عدم الفرق بين الضمير في اللغة العربية والإنجليزية، فكلاهما (أنا /I) الفرق كان أداة تأنيث في الاسم.
) نعم معروف أنه لا فرق ، ولكن بتاء التأنيث اتضحت ماهية المتكلم إن كان مذكراً ، أو مؤنثاً ، والإنجليزية لا توجد هذه الظاهرة وكذلك الحال مع ضمير المتكلم الدال على الجمع . بعبارة أخرى اتفقا في كون المخاطب أنا لكن لم تتضح هوية الضمير بشكل واضح ولنعد إلى المثال لوجدنا ما قلناه .فالضمير أنا في اللغة الإنجليزية مبهم ،بينما العربية واضح والسبب في ذلك هو الخبر المؤنث، والمذكر، فعرفنا أن السعيد مذكر والسعيدة مؤنث. أتمنى أن تكون الفكرة واضحة .و لا يخفى على البال هو صعوبة إيجاد ماهية الضمير عند الترجمة من الإنجليزية إلى العربية ما لم نعرف ذلك من السياق لنعرف ماهيته وقد أشرنا إلى ذلك أثناء شرحنا للأمثلة .
وقولك (هذا طبعا راجع إلى عدم حاجة المتكلم للتمييز فالمتكلم يتضح بالحضور لأنه صاحب القول، وما يتضح بالحضور لا يحتاج لتوضيح بدليل عدم وجود عائد نصي لضمير المتكلم/ المخاطب في جميع لغات العالم، بخلاف ضمائر الغيبة. )هذا الكلام ينطبق في حالة التكلم يعني أثناء الكلام والحديث (اللغة المنطوقة ) لكن الكلام هنا عن اللغة المكتوبة ، فكيف لي أن أعرف ماهية الضمير في النص المكتوب!؟ ما لم أعرف ذلك من خلال السياق وبناء النص ككل. أما المتكلم فهو معروف وليس المتكلم فقط بل المخاطب .
-وقولك
أما الضمير المستتر فهو اختراع صنعته عقول النحاة ولا وجود له في الحقيقة، وذلك لاطراد القاعدة النحوية التي تقول لابد من وجود فاعل لكل فعل، ولم يكفهم أن المتكلم هو الفاعل، وقد نص على ذلك ابن جني.
) الضمير المستتر سمي بذلك لاستتاره ، وما تسميته بهذا الاسم إلا لاستتار الفاعل ، وهذا أمر معروف عند النحاة وعند اللغويين نجدهم يبحثون عن ماهية الضمير المستتر من خلال الإحالة. فقولنا : محمد يذاكر بجد. وفاعل يذاكر ضمير مستتر يعود إلى محمد ، فهنا يأتي دور الإحالة . أن الإحالة تبرز ماهية الفاعل المتمثل في الضمير المستتر .وبالتالي فهو ليس باختراع صنعته عقول النحاة ، فالدراسات اللسانية بما في ذلك النصية وغيرها قامت مستندة على الدراسات النحوية ...
-( أنت بنيت النتيجة على علامة التأنيث في الاسم وليس في الضمير، هل يمكن أن توضحي هوية الفاعل في هذا المثال: أنا أكتب مقالاً ؟ كما ترين ضمائر المتكلم تتشابه في اللغتين العربية والإنجليزية فكلاهما لا جنس له ولا مثنى له (أنا /نحن) (I/We)
العربية تستخدم (هؤلاء) للعاقل وغير العاقل أيضاً
) هوية الفاعل تتضح من خلال النص ككل لتآلف الجمل جنباً إلى جنب وليس على مستوى جملة مستقلة منفردة منعزلة عن السياق ، عن النص كامل ، دون سابق أو لاحق .. فالمثال هذا جوابه معروف لا أعرف هوية الفاعل ؛لذا أشرت في كلامي لا تتضح هوية الفاعل إلا بموجب السياق (السابق واللاحق لهذه الجملة وغيرها) . أي لا نقيس هذا على مستوى الجمل وهي منفردة وإنما هي مترابطة مع بعضها لتكون النص، وبالتالي نجد الدراسات النقدية المتمثلة في (الأناة) في معرفة هوية الأناة عند الشعراء في شعرهم ، وكذا الرواة في روياتهم... أتمنى أن أكون قد أوضحت الفكرة. السياق هو الأساس لمعرفة ماهية الضمير.فقد تتضح ماهيته على مستوى الغائب لكن تغيب على مستوى التخاطب والتكلم ، لهذا احتجنا إلى معرف يدلنا على ماهيته ...
-( ذكرت أن لا ضمائر متصلة في اللغة الإنجليزية .. ومع إني لست متخصصة في اللغة الإنجليزية لكني أعتقد أن الاتصال بين كلماتها يختلف عن الاتصال في اللغة العربية ، ففي الإنجليزية اتصال آخر هو عبارة عن اختصارات يستخدمها المتكلم ويلحقها بكلمات أخرى، من نحو:
She's a girl/ I met salma's mother/ I'll meet you tomorrow
ألا يعد ( myself/ yourself/…..) اتصال لضمائر بكلمة نفس؟ و(ours) بمعنى (لنا) اتصال الضمير بحرف الملكية..؟
) أولاً الاختصار لا يؤدي وظيفة الضمير المتصل، فهو مجرد اختصار كتابي لا أكثر ولا يؤدي أي وظيفة . أما الضمائر الملكية فلا نفصلها فهي ككل ضمائر ملكية غرضها التأكيد فنقول : نظفت المنزل بنفسي I clean the house by my self أي نظفته بنفسي أنا دون غيري لأنفي قيام شخص آخر بذلك . ولا نفصل اللاحقة self عن my وغيرها من الضمائر لأنها كلها تؤدي كتلة واحدة وظيفة محددة هي: الملكية ولا علاقة لها بضمائر الاتصال . فضمير المتصل واضح هو دخوله على الاسم أو الفعل أو الحرف ليقوم مقام الاسم أصلاً ، كونه يحيل إلى اسم ظاهر سواء اتصل بالاسم أم بالفعل أم بالحرف ...
ثانياً :نعم لا توجد في اللغة الإنجليزية ضمائر متصلة ، لأن الضمير يقوم مقام الاسم والدليل على ذلك إحالته إلى اسم ظاهر، والأمثلة الواردة واضحة وهناك الكثير... ما استمت به اللغة الإنجليزية أنها لغة لصقية تعتمد على اللواصق في اشتقاقها للأسماء والأفعال فقط مع وجود لواصق لا تؤدي وظيفة الاشتقاق وإنما تسمى بلواصق وظيفية ، تؤدي وظيفة فقط دون اشتقاق(Do not change the part of speech ) . إذا غيرت هذه اللواصق من أجزاء الجملة بأن حولت الاسم إلى فعل ، أو صفة ، أو حال.. فتلك اللاصقة اشتقاقية ، وإذا لم تغير، فهي لاصقة وظيفية لا اشتقاقية .
-( أعني أن الأمر ليس ميزة بل تميزا لكل لغة على حدة ، وفي النهاية نصل إلى أن كل لغة تلبي احتياجات القوم الذين يستخدمونها، فلا تفاضل بين اللغات، بل تميز كل لغة عن الأخرى بميزات تعطيها سمتها الشخصية الانفرادية. ) هذا أمر متفق عليه أن كل لغة تلبي احتياجات القوم الذين يستخدمونها ، وهذا ما قاله ابن جني(اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغرضهم) فالغرض من اللغة هو التواصل والتفاهم بغض النظر عن الطريقة . ولكن هذه الدراسة وضحت كيف تعبر اللغة عن غرضها للتواصل مع الآخر ، والتفاضل من سنة الحياة وهذا أمر معروف أن التميز يؤدي إلى التفاضل ولكن ليس بالمفهوم الحرفي يقدح من ميزة لغة عن أخرى ولا يمكن إنكار ذلك ، فالتفاضل هو ناتج من تمخض الدراسات المقارنية لغرض الوصول إلى أوجه تشابه بين اللغات و أوجه الاختلاف لغرض معرفة أصلها ما إذا كانت تنتمي إلى أسرة لغوية واحدة أم لا.. وهكذا . أي الدراسة المقارنية القائمة إلى التفاضل وعرض المميزات غرضها التأصيل لا التعصب والانحياز إلى لغة ما .
-( "(عكس اللغة الإنجليزية التي تموت مفرداتها بشكل دوري وعدم قدرتها على استيعاب الثقافات الأخرى، وكثرة انتشار المعاجم اللغوية للغة الإنجليزية خير برهان) " هذا القول غير صحيح فاللغة التي تتغير باستمرار دليل على استيعابها للثقافات المختلفة ولكن موت ألفاظها ناتج عن عدم قدسية اللغة كما في العربية التي اكتسبت القداسة من القرآن ، ومع ذلك فإن هناك ألفاظ في العربية تموت وألفاظ أخرى تستحدث، ولكن ببطء زمني شديد لا نلحظه.) ألفاظ العربية التي ماتت هي موجودة في المعاجم ، فبعضها نهض من سباته ونستعمله كما في كلمة سيارة. وربما كان الأحرى بي القول تجمد ألفاظ الإنجليزية ،لا موت مفرداتها ، كون المفردات في المعاجم .
صحيح تتغير اللغات وتتبدل ولكن يظهر عجز اللغة الإنجليزية في هضم المفردات الدخيلة عليها فهي غير قادرة على تطويع أو إلباس الكلمة العربية الثوب الغربي كما هو معروف في اللغة العربية التي قدرت على إلباس الثوب العربي للكلمة الغربية الأعجمية كالسندس، الديباج ، والأرائك ، وغيرها.. فعلى الرغم من أعجميتها إلا أنها صارت عربية . وكلمات أخرى مثل: عصرنة (العصر)، انتره(الانترنت)؛ والسبب في ذلك هو ما اتسمت اللغة العربية من صفة ملازمة لها هو الميزان الصرفي ، فبه يمكننا إنتاج الكلمات الغربية الدخيلة إلى كلمات عدة مثال: عصرن، يعصرن ، عصرة ، معصرن، عصرنة... وهكذا حسب الأبنية الصرفية.وهذه السمة لا توجد في اللغة الإنجليزية فإذا دخلت عليها كلمة أعجمية وجدت صعوبة في تطويع هذه الكلمة بسبب فقدانها لسمة الميزان الصرفي كونها لغة لصقية لا اشتقاقية .
-( وعمومية استخدام الكلمات(كالضمائر مثلاً) كونها لغة القرآن الكريم المحفوظة من ربّ السموات والأرضين بقوله جلّ وعلا :"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"(14)،
القرآن الكريم حفظ لنا اللغة الأصلية ولم يعمل على تقسيم الضمائر أو وجودها ، فالله سبحانه استخدم لغة العرب ليوصل إليهم رسالته ، ولم يعطهم لغة ربانية ذات ميزات أسطورية، كما شُرف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بأنه اختاره الله ليكون رسوله من بين البشر ولم يكن خلقا خاصا، فلا تقعي في خطأ النصارى الذين قالوا أن عيسى ابن الله لأنه اختاره.. اللغة العربية لغة بشرية ناقصة ولكن الله شرفها وحفظها بأن أنزل كلامه بها) نعم اللغة محفوظة من الله سبحانه وتعالى كون القرآن الكريم معجزة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأن القرآن لم ينزل مفصلاً للضمائر وغيرها ولكن قلت لغة القرآن هي اللغة العربية ولم تكن لغة النصارى ولا غيرهم ،والدراسات قامت لمعرفة ما غمض في النص القرآني لذا جاءت الأحاديث مع التفاسير لتكملة وصول الرسالة إلى الناس ومعرفة مقصده تعالى . ولم أقصد أن الله اختار العربية لتكون رمزاً للمعجزة أو أنها لغة ربانية ..
-( أنا عربية وأفتخر بأني مسلمة عربية ولكن ربنا دعانا للتأمل والتعلم والوثوق بالدلائل والبراهين المنطقية والعلمية لأنه هو صانع هذه النظريات العلمية، فلا نجعل التعصب يحيد بنا عن الحق..
) اتفق معك فكلنا عرب وإخوة ونفتخر ونعتز بلغتنا ، لا تعصب ولا انحياز في دراسة اللغة وغيرها ، ولكن هذا لا يمنع من وجود ميزات للغة العربية فاقت اللغة الإنجليزية ..