هذا مساء مميز: قيس وليلى في حضرة شارعنا. عادا الينا. ليس في أياديهما لا هاتف ولا ساعة يدوية. كانا يتجولان مزدانين بلباسهما العربي الأصيل الجميل. وأمام متجر الألبسة العصرية لطمت ليلى صدرها لطمات متكررة فاشتد غضب قيس ظنا منه أن أحد المارة قد تجرأ عليها فاستل سيفه من غمده وأشهره أمام الناس. منهم من خاف وابتعد عنه، ومنهم من توقف متابعا المشهد اعتقادا منه أنه مشهد سينمائي. التف قيس حول نفسه وبيده الأخرى أمسك بكف ليلى وقال بصوت جهوري رجولي: - ثكلتك أمك يا من سولت لك نفسك مجرد اختلاس نظرة الى ليلى.
جذبته برفق وهمست في أذنه ثم أشارت الى اللباس المعلق خلف زجاج المتجر، وما ان حدق فيه حتى غطى وجهها بجزء من لباسها طالبا منها غض طرفها عنه. أحكم قبضته على معصمها واقتادها فبدت ذراعاهما الممدودتان مثل حبل الغسيل ومضى بها. دخلا ميدانا فاحت جنباته روحا وريحانا من جثت الشهداء. امرأة أصر طفلاها على التقاط صورة رفقة قيس وليلى، فتقدما اليهما وأمسكا بتلابيبهما، كل في جانب ثم سألت الطفلة قيسا قائلة له:- أأنتما بطلان من أبطال السينما؟
ابتسم قيس وانحنى نحو وجه الطفلة وقال لها: - ألا تعرفاننا؟ فأنا قيس مجنون ليلى ، وهذه ليلى.
فجلس وجلست بالقرب منه ليلى وأخذ يحكي للطفلين قصتهما باطناب. كان كلامه مسموعا، وكل من سمعه توقف منصتا قد جذبه شيء من كلام قيس. تتبع المتحلقون كلامه وتفاعلوا معه، بل ومن النساء من ذرفت عبرات تأسف أمام المسخ السائد. أصر المستمعون حولهما على أن يحضرا كل مساء الى الساحةليستمعوا اليهما ويستمتعوا بأروع قصص الحب والنبل والشهامة والكرامة. نال منهما التعب وهما بالانصراف فبحثا عن جواديهما، غير أنهما أخبرا بأن الجوادين قد وضعا رهن الاعتقال في مخفر السلطة.
ابراهيم بابا.

أحـب مـن الأسماء ما وافق اسمها
أو أشبهه، أو كـان منـه مدانيـا
و إني لا ستغشي و ما بي نعـــسة
لعل خيالاً منهـا يلقـى خياليــا