أسلوب الاختصاص :
ــــــــــــــــــــــــــــ
تعريفه : ــ
هو في اللغة : مصدر اختصَّ أي قصر الحكم على بعض أفراد المذكور أولا , فإذا قيل لا عالم إلا محمد فقد قصرنا الحكم و هو ثبوت العلم على محمد و هو بعض أفراد المذكور أولا و هو عالم .
و في الاصطلاح : تخصيص حكم علق بضمير بما تأخر عنه من اسم ظاهر معمول لـ ( أخص ) واجب الحذف . أو هو قصر حكم مسند لضمير على اسم ظاهر يُذكر بعده معمول لـ ( أخص ) المحذوف وجوبا .
و توضيح ذلك أننا حين نقول نحن ــ المسلمين ـــ نحافظ على ديننا . فقد خصصنا حكم المحافظة على الدين المتعلق بالضمير نحن الصالح لكل مجموعة متكلمة مجموعةً خاصة هم المسلمون فكأننا خصصنا عموم الضمير نحن بذكر المقصود به في تعلق الحكم و هو الاسم الظاهر و المسلمين مفعول به لفعل محذوف و جوبا تقديره أخص أو أعني أو أقصد . وجملة الاختصاص معترضة بين المبتدأ و الخبر
الباعث على الاختصاص و الغرض منه : ــ
الذي يدفع المتكلم إلى استعمال أسلوب الاختصاص أحد ثلاثة أشياء
1/ الفخر مثل عليَّ ــ أيها الجواد ــ يعتمد الفقير .
2 / التواضع مثل إنٍّي ــ أيها العبد ــ فقير إلى عفو ربي.
3 / بيان المقصود بالضمير مثل نحن ــ العربَ ــ أقرى الناس للضيف .
العلاقة بينه و بين النداء : ــ
يشبه الاختصاص النداء في أشياء و يفارقه في أشياء .
أوجه الشبه :
1 / انه جاء على صورة النداء لفظا فأي و أية يُستعملان في الاختصاص كاستعمالهما في النداء فيُبنيان على الضم لفظا و يُنصبان محلا و تتصل بهما (ها) التنبيه وجوبا و يوصفان لزوما باسم لازم الرفع مراعاة للفظهما محلى بأل الجنسية مثل أنا أفعل كذا أيها الرجل فأنا مبتدأ و جملة أفعل في محل رفع خبره و أيها مفعول به لفعل محذوف وجوبا تقديره أخص و الرجل نعت مرفوع على لفظ أيها .
2 / أن كلا منهما من فصيلة المفعول به المحذوف عاملة و جوبا .
3 / أن المفعول فيهما تارة يكون منصوب المحل مبني اللفظ و تارة يكون منصوب اللفظ و المحل .
4 / أن كلا منهما يفيد الاختصاص بنوع من المعنى فالنداء مختص بالمخاطب و الاختصاص بالمتكلم ؟
أوجه المفارقة و الاختلاف : ــ
من الناحية المعنوية :
1 / أن الكلام في الاختصاص خبر و في النداء إنشاء.
2 / أن الغرض من الاختصاص تخصيص مدلوله بما نسب إليه دون أمثاله و النداء بخلاف ذلك .
3 / الاختصاص يفيد الفخر أو التواضع أو بيان المقصود بالضمير بخلاف النداء فالغرض منه طلب الإقبال أو التنبيه لأمر ما .
ما يختلفان فيه من الأحكام اللفظية :
1 / الاختصاص لا يُستعمل معه أدوات النداء بخلاف النداء فلا يكون إلا بها ظاهرة أو مقدرة.
2 / أن المختص لا يقع في أول الكلام بل في أثنائه أو بعده مثل أنا ــ طالب العلم ــ ينبغي أن أجتهد بخلاف المنادى فإنه يقع في أول جملته دائما .
3 / أنه يُشترط أن يكون المقدم عليه اسما بمعناه و هو الضمير إذ المراد منه و من المختص واحد .
4 / أنه يقل كونه علما بخلاف المنادى فالأكثر كونه علما؟
5 / أنه ينصب مع كونه علما بخلاف المنادى المفرد فأكثر ما يكون مبنيا على علامة رفعه و القليل يكون منصوبا و هو النكرة غير المقصودة .
6 / أنه يكون بـ ( أل ) قياسا بخلاف المنادى فالأصل فيه أن لا يقترن بـ ( أل ) .
7 / أن المختص لا يكون نكرة و لا اسم إشارة بخلاف المنادى فيجوز فيه كل منهما .
8 / أن العامل المحذوف في باب الاختصاص أخص أو ما في معناه بخلاف النداء فهو أدعو.
9 / أن العامل في باب الاختصاص لم يعوض عنه شيء بخلافه في النداء فقد عُوض عنه حرف النداء .
المختص و صوره : ــ
المختص عبارة عن الاسم الظاهر المذكور بعد ضمير المتكلم غالبا و مخاطب قليلا و لا يكون غائبا توضيحا للمقصود بهذا الضمير بمطابقته إياه في المعنى كما نقول أنا أيها الأزهري أحب ديني . أو بكونه بعض مدلوله مثل نحن المصريين نعتز بإسلامنا .
ويأتي المختص على أربعة أنواع :
الأول : أن يكون (أي أو أية ) موصولتين بـ ها التنبيه موصوفين باسم محلى بأل لازم الرفع مثل أنا أخشى الله أيها الفقير و أنا أفعل كذا أيتها المرأة . ووجه بنائهما على الضم مع خروجهما من باب النداء أنهما استصحبا حالهما في النداء فنقلا ببنائهما عن النداء و استعملا في الاختصاص . و جملة الاختصاص هنا في محل نصب حال .
الثاني : أن يكون معرفا بـ أل مثل نحن العرب أقرى الناس للضيف و نحن العرب أسخى من بذل و العرب هنا منصوب بفعل محذوف و جوبا تقديره أخص و الجملة معترضة لا محل لها من الإعراب .
الثالث : أن يكون معرفا بالإضافة كقوله صلى الله عليه و سلم نحن معاشرَ الأنبياء لا نورث نحن ضمير مبني في محل رفع مبتدأ و جملة لا نورث في محل رفع خبره و معاشر الأنبياء مختص منصوب بفعل محذوف و جوبا تقديره أخص و الجملة معترضة بين المبتدأ و الخبر لا محل لها من الإعراب قال سيبويه و أكثر الأسماء دخولا في هذا الباب بنو فلان و معشر مضافة و أهل البيت و آل فلان .
الرابع : أن يكون علما و هو قليل كقول الشاعر بنا تميما يكشف الضباب . حيث وقع تميما مختصا و هو علم على قبيلة و هو قليل مقارنة بأنواع المختص الأخرى .
و الله أعلى و أعلم