4- تطور اللسانيات التداولية
يشمل امتداد مجال اللسانيات التداولية ومشاغلها دراسة المفاهيم الأساسية التالية: حِكم الحديث، والافتراض المسبق presupposition والتفاعل intersction.
4. 1 – حِكَم الحديث لــــ: غرايس
لئن كان أوستين قد شحذ مفهوم " الاصطلاح" convention الذي يحدد ويكفل القوة الإنشائية لفعل الكلام فإن غرايس قد اقترح مفهوماً أعم يمكن أن يشتغل بمعزل عن فعل الكلام ، كما يمكنه أن ينظم التواصل أي نوعا من السلوك العقلاني للفرد، كما يؤسس مبدأ التعاون داخل التبادل التعاوني حول مقاصد المشاركين، وهذه المقاصد ليست في الواقع صريحة بين أطراف التبادل ، والحال إنها عبارة عن عناصر خفية تعتمد في شكل اتفاق ضمني من قبل المتخاطبين الذين يسهرون على مجرى التواصل الحسن بموجب لعبة ذكية من الاستنتاجات (انظر أرمانقو Armengaud 1985، ص 67- 70).
ينبني مبدأ التعاون على أربع حِكم أساسية (25) هي:
- حكمة الكمّ : " اجعل مساهمتك في الحديث إخبارية بالقدر الذي يقتضيه هدف هذا الحديث، لكن لا تجعلها إخبارية أكثر مما هو مطلوب".
- حكمة الكيف: " حاول أن تقدم مساهمة حقيقية للحديث ولا تجهر بشيء لا يمكنك أن تدعمه بدليل كافٍ".
- حكمة العلاقة : " قدّم مساهمة دالة ( أي ذات بال) للحديث".
- حكمة حكم الكلام : maxime de modalité " تكلم بوضوح، متحاش الغموض والخلط والإبهام وقدّم حججك في شكل منظم ".
لكن يا ترى ماذا يحصل لو لم يحترم أحد المشاركين حكمة من هذه الحِكم؟ بإمكاني خرق حكمة على كره مني، ذلك أني إن لم أوفر كمية المعلومات التي يتطلبها مني مقتضى الحال أو الطرف الآخر فإنما يكون ذلك بقصد احترام حكمة أخرى كحكمة الإخلاص مثلاً. يرى غرايس بأنه من المفروض أن يحترم كل متكلم مبادئ الحديث ومن ثم تطبيقها ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً، وهذا الوجه
يتيح فسحة من التسامح، غير أن بعض اللسانيين يرى بأن هذه الحكم غير قادرة على تفسير كل شيء، لاسيما وأن الأطراف لا يتوفرون على نفس الحاجات التبليغية وفضلاً عن هذا فإنهم يستخدمون أشكالاً لغوية مختلفة أو قليلة التجانس.
4. 2 – مفهوم الافتراض المسبق (26).
عند كل عملية من عمليات التبليغ، ينطلق الأطراف (المتخاطبون) من معطيات أساسية معترف بها ومعروفة. وهذه الافتراضات المسبقة لا يصرح بها المتكلمون وهي تشكل خلفية التبليغ الضرورية لنجاح العملية (التبليغية). وهي محتواة في القول، سواء تلفظ بهذا القوا إثباتاً أو نفياً. وهكذا لو قمنا باختبار قول ما – ويدعى هذا الاختبار اختبار النفي- فإن الافتراض المسبق يظل صحيحاً:
- أغلق النافذة
- لا تغلق النافذة .
يتمثل الافتراض المسبق ههنا في كون النافذة مفتوحة .
مثال آخر : لنتصور الحالة الثانية : يقول الطرف 1 إلى الطرف 2:
- كيف حال زوجتك؟ وأولادك؟
إن هذا يفترض بأن العلاقات القائمة بين هذين الشخصين تسمح بطرح مثل هذه الأسئلة يردّ الطرف الثاني قائلاً:
- هي بخير ، شكراً
- الأطفال في عطلة.
وإذا عنّ له رفض الافتراض المسبق وإذا كانت الخلفية الإخبارية غير مشتركة بين المتكلمين، فإن الطرف2 قد يتجاهل السؤال أو يدلي بالخبر الضروري أو رفض الكل:
- أنا لا أعرفكم (1)
- أنا لست متزوجاً (2)
- لقد طلقت زوجتي (3)
إننا في الواقع نميز بين نوعين من الافتراضات المسبقة : الافتراضات المسبقة
الآلية والمنطقية – حسب المصطلح المعتمد (27)- والافتراضات المسبقة- أولية. في المثال الذي ضربناه آنفا، يعتبر رد الفعل (1) افتراضاً مسبقا أولياً قوياً، وكذلك بالنسبة لرد الفعل (3) الذي هو أقل قوة. أما رد الفعل (2) فهو افتراض مسبق منطقي.
فيما يلي مثال آخر اقترضناه من ماري زارنيكوف (1979، 1984) وهو مترجم من الألمانية :
" فريتز لم يلاحظ أن زوجته لا تحبه"
إذا كان الأمر بافتراضات مسبقة تداولية فإن المستمع سيتلفظ بالجمل التالية:
- من هو فريتز؟
- لم أكن أعرف أنه متزوج
وبإزاء افتراضات منطقية، يدلي المستمع بردّ يطابق ذلك كأن يقول:
- لكن، إنها تحبه.
إن هذه الخلفية للمعرفة غير الصريحة في صلب التخاطب قد تمسّ عالم الحياة اليومية أو العالم المتخيل (عالم الجنّ والحور) والعالم " العلمي" بوجه عام، لذا فإن أهمية الافتراضات المسبقة في التبليغ بيّنة وقد اعترفت صناعة تعليم اللغات Didactique بذلك مبكراً.
ألا تكمن وظيفة المعلم في تزويد المتعلم بالمعلومات التي تشكل هذه الخلفية المعرفية الواجب تدعيمها على الدوام بقصد تحقيق التدرج المرسوم؟
إن أسئلة المتعلمين واستيضاحاتهم كثيراً ما تصدر عن الرغبة في الحصول على قاعدة مشتركة من الافتراضات العميقة تكفل نجاح التخاطب.
إن سوء التفاهم غالباً ما يكون مردّه إلى العجز deficit من حيث الافتقار إلى مجموع الافتراضات المسبقة الضرورية للتبليغ، كما يمكنه أن يكون سبباً في إخفاق فعل الكلام.
4. 3 – مبدأ التفاعل
لئن ركز دعاة نظرية أفعال الكلام أبحاثهم حول شروط إنجاز هذه الأفعال
وتحليلها وتصنيفها، فلقد تبين بعد ذلك أنه من الضروري توسيع مجالها بحيث تشمل التفاعل والحوار، وهذان المفهومان الأساسيان في نظرية التبليغ يستلزمان أولاً إضاءة سريعة.
لقد خصص جزء هام من التفكير الفلسفي للنظر في هوية "الأنا" (انظر الظاهراتية Phénoménologie والوجودية Existenialisme).
وتستمد هذه الهوية أصلها – حسب كانط – من التفكير الذاتي لـــــ "الأنا" المتحرر من عرض الواقع contingence في حين يرى هيجل بأن " الأنا" يستمد هويته من علاقته الجدلية بـــ" الآخر" وتستلزم هذه العلاقة الجدلية سيرورة تفاعلية بين الأفراد وهي السيرورة التي يتكون فيها الوعي بالذات ويتقوى بالخبرة المتبادلة. ويضطلع فكر الفرد بوظيفة الوسيط medium (28) بحيث الأنا والأنا الآخر يتخاطبان، وهكذا يدخل الأفراد في سيرورة التفاعل.
يميز هيجل داخل مذهبه الفلسفي بين ثلاث مقولات أساسية عند الإنسان: اللغة، العمل، الأسرة، في صلب المقولة الأخيرة، التي تمثل الزمرة الأولية يتمّ التفاعل، إن الفرد، وهو حيال تعقد العالم، يستخدم رموزاً لتمثيل الأشياء بكيفية مجردة، كما أن وجود الوعي إنما ينصب من خلال اللغة (29).
إن العمل يسمح بإيقاف السيرورة المتجهة كلية صوب تحقيق الرغبة الآنية (العابرة)، وبفضل الأداة التي يرمز إليها تصبح ذات وجود دائم.
ولئن كان النشاط الأداتي instrumental خاضعاً لقواعد تقنية فإن النشاط التبليغي يخضع لمعايير العلاقات الاجتماعية المبنية على الاعتراف المتبادل (30)
أما هابرماس (1978) فإنه هو الآخر يميز بين النشاط الأداتي والنشاط التبليغي أو التفاعل تمييزا بينهما. إن هناك شخصين – على الأقل- معنيان ومكرهان على احترام المعايير التي تمّ إدراكها والاعتراف بها. وكل انحراف أو إخلال بها يستدعي جزاءً، في حين أن السلوك الهزيل في النشاط الأداتي يؤول إلى الإخفاق إزاء الواقع (31).
هذا ويقترح هابرماس خطاطة هي من قبيل المقابلة بين النشاط الأداتي
التبليغي (ص54).
إطار التأسيس:
التفاعل المعبر عنه بواسطة الرمز
القواعد الموجهة صوب العمل المعايير الاجتماعية
مستوى التحديد اللغة العادية المشتركة بين الأفراد
كيفية التحديد التوقعات attentes السلوكية المتبادلة
وظيفة نوع العمل (أو النشاط) السهر على المؤسسات (الامتثال للمعايير على أساس الدعم المتبادل)
نوع الجزاء في حالة الإخلال بالقواعد عقوبة مبنية على الجزاء المتعارف عليه (أو المصطلح عليه).
العقلنة تحرّر ، فردنة individuation تمديد التبليغ الخالي من الهيمنة.
وراء هذه الصيغة الفلسفية للتفاعل، يجب في إطار اللسانيات التداولية الاحتفال بالعوامل اللسانية قبل كل شيء. فعندما يتفاعل شخصان فإنهما يقيمان بينهما علاقات ذاتية intersubjectives ويتبادلان المعلومات. يجري التبليغ (أو التواصل) في ذات الوقت على مستويين أو لنقل أنه يكتسي وجهين اثنين (انظر فاتزلافيك Watzlawick 1968/ 1972):
" الوجه العلائقي الذي يبرز من خلال النبرة والحركة والإيماءة، ووجه المحتوى الذي يتعلق بالمعلومات الفكرية والمعرفة المجردة. ويتعلق الأمر، في الحالة الأولى ، بالتبليغ القياسي analogique في حين يتعلق الأمر ، في الحالة الثانية، بالتبليغ المدعو "digitale" (32)
إن هذه الاعتبارات العامة حول مبدأ التفاعل يجعل من مظهره العيني – الذي هو الحوار- مكوّن التبليغ الأساسي.
4. 4 – البنية الحوارية
لقد أخذت إشكالية الحوار تستثير اهتمام الدارسين منذ ثلاثين سنة وهناك عدة مدارس ذوات توجهات متعددة تعني بهذه القضية.
إن النزعة الاتنوميتودولوجية Ethnomethodologie (ساش Sachs وشقلوف Schegloff) مثلاً تلحّ على تحليل الحديث وكذا الاستراتيجيات التي يعتمدها المتكلمون. أما الإثنوغرافيون ethnographes (هايمس D. Hymes وقمبرس Gumperz ) فإنهم يهتمون بمفهوم : الملكة التبليغية" Compétence de communication باعتبارها مجموع المعرفة الثقافية التي يمتلكها الفرد. أما النظريات التفاعلية المبنية على علم النفس (وبخاصة فاتزلافيك) فإنها تركز على الوجه العلائقي الذي ينطوي على مظاهر شتى كسوء التفاهم والمفارقات وهي مظاهر تستوجب العلاج. أما النزعة اللسانية الاجتماعية ( ارفين-تريب Ervin-Tripp ولابوف Labov) فإنها تقوم بتحليل الأقوال في مختلف مقامات التبليغ بالاعتماد على الوظائف اللغوية المحصورة من قبل بوهلر وياكبسون.
وأخيراً فإن علم الاجتماع يشارك هو الآخر بنصيب لا يستهان به وذلك من خلال أعمال قوفمان Goffman حول التفاعل الذي يحصل وجها لوجه face-à-face وذلك في الحالات التي يكون همّ المتفاعلين (المتخاطبين) فيها هو الحفاظ على هيمنتهم وكذا الحفاظ على "سمعة" imageالمخاطب (بفتح الطاء) (33) غير أنه لا توجد حدود فاصلة بين هذه النزعات كما أن الانتقال من حدّ إلى آخر ليس بمستبعد من الوجهة القبلية à-priori
وإنه لمن الأهمية بمكان في كل بحث تداولي الاحتفال بالحوار بوصفه بنية كبرى macro-struc. والفعل اللغوي بوصفه بنية صغرى micro-structurs لأن الأمر كما صوّره فرانسيس جاك F.Jacques حين قال:
" إن شكل الخطاب الذي يفوق الجملة transphrastique إنما يتحدد كل قول فيه في بنية دلالية حقيقية بتسوية المعنى والقيمة المرجعية في تسلسلها بواسطة القواعد التداولية التي تكفل خاصية التوارد convergence" (34).
ووراء صورة الحوار العلائقية interindividuels نلاحظ أن المسألة هذه تندرج
نقاطا لغوية صرف كأفعال الخطاب والاستراتيجيات المسخرة بهدف إنجاح التبليغ والحديث énonciation الأسماء المبهمة déictiques).
لقد لاحظ رولي Roulet (35) وهو ينظر في أمثلة مستقاة من اللغة الفرنسية بأن الحوار ينبني على ثلاثة مستويات ذات تراتبية قوية هي:
- التبادل échange .
- التدخل intervention.
- الفعل اللغوي .
هذا وبإمكان الحوار أن يتوفر على تبادل واحد أو عدة تبادلات تنهض بإنجاز وظائف ثلاث أساسية :
- المبادرة initiative .
- رد الفعل reactive .
- المبادرة / رد الفعل.
قد يكون التبادل تأكيداً ( التحية ، التهنئة) أو إصلاحاً répara-teur (الاعتذار) كما يمكنه أن يبنى في شكل تدخلات موجِّهة ( بكسر الجيم) directrices وتدخلات ثانوية.
الخطاطة: بنية التبادل حسب رولي:
تأكيدي (ت.ت)
التبادل. إصلاحي (ت.أ)
تدخل.
غير موجه (غ.م) موجه (م)
.فعل تابع (ف.ت)
.فعل موجه (ف.م)
.فعل تابع (ف.ت)
تتجلى بنية التبادر في مقام " الشكر" على النحو التالي:
ت.م.ف.م: اعطني نشعل الله يعفو عليك ( في العامية الجزائرية)
ف.ت : تفضل ، هاك.
ف.م : عفوا حاشاك.
ف.ت : عزك الله.
غير أن بناء الخطاطة لا يجب أن ينسينا تعقد التبادل الذي يعتريه في الواقع عدة عوامل وإمكانات مختلفة لإنجاز الأفعال اللغوية: العناصر اللسانية المحضة، الإيماءة، الحركة، إلخ ...
4. 4. 2- مفهوم المقام
لابد أن نسجل أولاً أن العديد من الكتّاب يستخدمون مصطلحي المقام situation والسياق context دون تمييز (36). ثانياً يجدر بنا أن نقدم للقارئ بعض الآراء حول هذا المفهوم . ولا يوجد تحديد وحيد، غير أن التحديدات المقترحة ههنا تحتوي بوجه عام نفس العناصر.
يحدد ف.فال Vahle (37) المقام بقوله إنه مجموعة من العوامل التي يتعين على الفرد الاحتفال بها حتى يتوفق في إنجاز فعله اللغوي. ويميز فال بين أربع مقولات فرعية: " النشاطات الفعلية" و"المقام الاجتماعي" الذي يشمل المنزلة الاجتماعية والدور (الذي يؤديه الفرد) في الزمر الأولية كالأسرة وأخيراً الانتماء إلى زمرة اجتماعية معينة. وفضلا عن هابرماس الذي وضع كذلك قائمة للعناصر المكوّنة للمقام والتي هي من مشمولات الملكة التبليغية فإننا مدينون لفندرليش Wunderlich الذي قام بحصر صارم للعناصر المكونة للمقام والتي لخصناها كالتالي:
- المشاركون في التبليغ: المتكلمون والمستمعون.
- مكان التفاعل:
- القول (الصفات اللغوية، شبه اللغوية وغير اللغوية)
- مقاصد المتكلمين intentions.
- ترقبات attentes المتكلم والمستمع.
- مساهمة المشاركين في الموضوع.
- معارفهم اللغوية.
- المعايير الاجتماعية.
- شخصياتهم وأدوارهم.
إن هذه التصورات المختلفة يمكن تلخيصها بواسطة التحديد المقترح من قبل قاليسون وكوست Galisson et Coste:
" المقام هو مجموع شروط إنتاج القول، وهي الشروط الخارجة عن القول ذاته. والقول هو وليد قصد معين، يستمد وجوده من شخصية المتكلم ومستمعه أو مستمعيه، ويحصل ذلك في الوسط (المكان) واللحظة (الزمان) اللذين يحصل فيهما... وهذه العوامل كلها والمؤثرة على إنجاز القول هي التي تشكل المقام" (1976، ص504). وهذه العوامل المكونة للمقام إن نحن طبقناها على تبادل حول "فعل الشكر" أعطتنا الخطاطة التالية:
خطاطة لمقام " الشكر"
يشكل المقام إذن مقولة أساسية في كل دراسة لعملية التبليغ، غير أنه ليس سهلاً دائماً حصر جميع العناصر التي يمكن أن تشتمل عليها، ذلك أن هناك بعض العناصر- وبخاصة النفسية- صعبة الحصر، ويجب أثناء البحث التجريبي التقابلي الاعتداد بمختلف تقديرات appreciation الأفراد ومدى إدراكهم للمقام في الخلاصة نقول إن المقام هو الإطار الذي يحصل في صلب التفاعل وفيه كذلك تنتج الأقوال وتنجز المقاصد بواسطة أفعال الكلام. وهذه الأقوال تتوقف على العوامل الخاصة بالمتكلمين (العوامل الداخلية) والعوامل التي هي خارجة عنهم، وهذه العوامل جميعها تشكل متغيرات variables.
وإزاء المقام (م) الذي هو متغير مستقل (م.م) يكون القول عبارة عن متغير تابع (م.ت). أما إذا تغير عنصر من عناصر المقام فإنه بإمكاننا ترقب ورود قول آخر، وهذا القول يكون حينئذ متوقفاً على المقام (انظر Dalache 1983، ص71- 78).
5- موضوع اللسانيات التداولية
يحجم جلّ المؤلفين عن إعطاء هذا التخصص تحديداً ما وذلك لأسباب ثلاثة: أولها أن التحديد لا يستمد تبريره من خلال استخداماته، وفضلا عن هذا فإن من مساوئ التحديد زجّ الباحث في إطار ضيق. ولما كانت هناك عدة توجهات للسانيات التداولية فإنه لم تهتد بعد إلى صيغة موحِّدة (بكسر الحاء).
وقد اقترحت عدة تحديدات تماشت وموضوع البحث. إن اللسانيات التداولية هي في الوقت عينه: علم استخدام الأدلة، ولسانيات الحوار ونظرية الأفعال اللغوية. أما موريس (1972، ص52) فإنه يرى بأن اللسانيات التداولية هي العلم الذي يعالج العلاقة بين الأدلة ومؤوليها ( 39). في حين يرى ريكاناتي ودبلر بأنها تخصص درس " استخدام اللغة داخل الخطاب والسمات المميزة التي تؤسس وجهته الخطابية في صلب اللغة" (40). وأخيراً فإن ف.جاك يعتبرها تخصصا" يتناول اللغة بوصفها ظاهرة خطابية وتبليغية واجتماعية في نفس الوقت" (41).
وهناك من اللسانيين من يفضل رسم حدود لموضوع البحث بدل إعطاء تحديد قد لا يرضي الجميع، ويقترح فندرليش في كتابه : Funk Kolleg (1973، ص 102) سلسلة من الأسئلة التي يجب أن تشغل بال اللساني:
- كيف نربط علاقة مع الأشخاص الآخرين بواسطة القول؟
- كيف نسهر على بقاء علاقات موجودة سلفاً؟
- كيف يمكننا التأثير على نشاط وآراء الأشخاص الآخرين؟
- إلى أي مدى يمكن اعتبار التلفظات كيفيات خاصة للعمل؟
- ما هي الشروط الخليقة بجعل عمل ما يخفق أو ينجح؟
- كيف تتمّ الإحالة داخل التلفظات على سياق النشاط والمقام وكذا على واقع العالم (الطبيعة) والمجتمع وسيرورة العمل الذي يتمّ نقله بواسطة التقاليد والتربية والخبرة؟
إن هذه التحديدات المختصرة في الصفحة السابقة وكذا حدود موضوع البحث التي قام فندرليش برسم خطاطة لها تسمح لنا بحصر الكل وردّه إلى ممبادئ مهيمنة dominantes والحال أن الأمر يتعلق بلسانيات التأدية performance (انظر لفندوسكي 1978). ونظراً لعلاقاتها بالتخصصات الأخرى فإنها تحتوي على أوجه لسانية واجتماعية ونفسية. ولما كانت لا تستبعد لسانيات النظام linguistique du systéme فإنها تدرج علم التراكيب والدلالة. وإذا نحن نظرنا إليها من هذه الزاوية فإننا نلفيها تستدعي إعادة تحديد للغة:
" ليس القول ذا محتوى فحسب بل إنه ذو قصد، وفضلاً عن هذا فهو إرادة اتصال بين أطراف التبليغ. كما أن القول فعل داخل مجرى النشاط، وكل فعل يغير حالة العلاقات القائمة بين أطراف الحديث والموجودة من قبل ويأتي بشروط نشاطات مقبلة" . (42)
6- علاقاتها بالتخصصات الأخرى
إنه لمن الحصافة بمكان الإحجام عن اتخاذ موقف اعتباطي (43) ذلك أن توسيع مجال اللسانيات التداولية لا يسمح لنا باعتبارها هي واللسانيات الاجتماعية Sociolinguistique شيئا واحدا.
هذا ولقد أكد كيربرات أوركيوني Kerbrat Orrechionni (1980، 218) سعة إمكاناتها ومواردها. ويقول في هذا الباب:
" تشهد اللسانيات التداولية، التي هي آخر تخصص تمخضت عنه اللسانيات توسعاً على جميع الأصعدة: فهي مسخرة لوصف ظواهر التناسق النصي coherence textuelle (...) كما يتمّ تسخير أحد مكوناتها لإدماجه في التحليل النصي، وذلك على نحو من السرعة (...) ولاشك أن اللسانيات التداولية ستغزو المجالات السيميائية الأخرى: وإنه لبإمكاننا أن نستشف في كل هذا أمارة دالة على كون سيميائيات السينما – وذلك اقتفاءً لخطا كـ.ميتز C. Metz – تعني الآن بالتحليل الداخلي للمحتويات الفيلمية... وهذه الطفرة العجيبة (...) من شأنها أن تجعل اللسانيات التداولية تنفتح على إشكالات التخصصات الأخرى المجاورة كعلم الاجتماع وعلم النفس ..." .
هذا وتشهد الأبحاث اللسانية في زماننا هذا انتقال مركز الاهتمام من الجملة إلى الحوار، وتقع هذه التوجهات على عدة مستويات:
- نظام وبنى الحوارات.
- نمذجة typologie الحوارات ( المحاجّة، الخبر، الطاولات المستديرة، الدروس، إلقاء الكلمات إلخ...).
- حكم modalité التفاعل ( اليومي، القانوني، الديني، العلمي ).
ومن جهة أخرى فإن اللسانيات الاجتماعية التي نشأت كرد فعل على اللسانيات التي تجاهلت المكوّن الاجتماعي للغة، قد عنيت أولاً بمشكل اللغة بوصفها وضعاً يناسب طبقات اجتماعية (انظر برنشتاين واوفرمان) واقترحت توسيع حظها :
- دراسة أفعال الكلام حسب الطبقات الاجتماعية (الأفعال المباشرة ، والأفعال غير المباشرة).
- دراسة أفعال الكلام والتأديات المختلفة في اللغات ( تحليل تفاضلي تقابلي للغات)وفي الطبقات الاجتماعية (تحليل داخل اللغة الواحدة) .
إن اللسانيات التفاضلية (أو التقابلية) التي كانت تعنى أساساً بالقضايا الصوتية والفونولوجية والتركيبية والمعجمية قد اكتسب مجالها بعداً أكبر، أما المسلمة التي تسير على هديها أبحاثها فإنها تكمن في أن أهمية الفارق بين معنى القول ووظيفته التبليغية هو الذي يوفر الدلالة الحقيقية (الدقيقة).
وهذا الفرق مرده إلى العوامل الثقافية قبل كل شيء. واللسانيات التفاضلية لا يمكنها إن هي قصرت موضوعها على دراسة أخطاء الشكل- تفسيرا أو توقع الأخطاء كما لا يمكنها الاهتداء إلى العلاج الشافي. ويجب عليها إدماج المعطيات التداولية كما ألح على ذلك ف. كولماس Coulmas (1979، ص 53):
" يجب عليها ( أي اللسانيات التفاضلية ) أن تدرس مختلف العلاقات القائمة بين اللغات من حيث الشكل (أو الصورة) والوظيفة. والوظيفة تعني في هذه الحالة تأديات أفعال الكلام. أما "الصورة" فتعني المحددات البنوية لمميزات النشاط".
لكن الظاهر أن اللسانيات التداولية قد أحدثت الأثر الأكبر في صناعة التعليم didactique سواء تعلق الأمر بتعليم اللغة الأم أو اللغات الأجنبية.
إن صناعة التعليم للجيل الثالث بعد قطيعتها مع المناهج التي لم تؤت ثمارها قد أخذت حسب أ. آبو A. Abbou تعني بالمتعلم ومقام التبليغ: أي تزويد المتعلم أو المتعلمين بالأدوات التي تمكنهم من التحرك بواسطة الكلام تحركاً يلائم المقام والمقاصد المراد تحقيقها، إن الأمر لم يعد يتعامل بتلقين بنية نحوية معينة بل إنه يتعلق بتوفير الوسائل اللسانية التي تسمح للمتعلم بإجراء اختبار بين مختلف الأقوال وذلك حسب المقام. فأن يعرب المرء عن اعترافه بالجميل لطرف ما معناه إجراء فرز داخل سلسلة من التأديات والانتباه إلى ردود فعل الطرف المقابل...
بالإضافة إلى هذا، لابدّ من وضع هذه الأقوال في إطار تقابلي حتى يتمكن المتكلم من متابعة جريان التبادل في مختلف أطوراه:
- رجاء ( طالب خدمة/ عرض مساعدة)
- قبول (تقديم الخدمة/ وقبول تلقيها)
- احتمال الرفض.
- تحقيق الخدمة من قبل " المحسن"
- إسداء الشكر
- ردّ الفعل إزاء الشكر (التقليل من شأن الخدمة المقدمة)
ويمكننا أن نقترح على المتعلمين – ذوي التحصيل المتقدم تمريناً أصعب يتمثل في حملهم على إيجاد – وذلك انطلاقاً من فعل كلامي معين – الأفعال الأخرى التي يمكن أن ترتبط به، فعلى سبيل المثال، يمكن تدريبهم- بإزاء فعل الاتهام- على البحث عن الأفعال التي يمكن إنجازها في مقام معين:
- تجاهل الاتهام
- قبول الاتهام
- التبرء من التهمة بإلصاقها لشخص آخر
- الاعتذار
- المطالبة بالأدلة
- تبرير الفعل
ولقد شمل هذا التحديد العميق اللغة الأم نفسها. فبالنسبة للغة الألمانية اقترح نفر من المؤلفين (1974) خطاطة لوحدة تربوية لفعل " الأمر" اهتم هؤلاء المؤلفون بخمسة أوجه هامة لأفعال التبليغ، وهي على التوالي:
علاقة المعنى بالتركيب، الأسلوب، شروط الإنجاز، العوامل النفسية، العوامل الاجتماعية، وثمة تمارين عدة ومتنوعة تشمل أهم الأبعاد التبليغية.
قيما يلي بعض الأمثلة:
Bitte,putz die tafel = من فضلك امسح السبورة
Poutz die tafel ,damit wir weiterrechnen = امسح السبورة حتى نتمكن من مواصلة الحساب
Ware es nicht gut jetz die tafel zu putzen= أليس من الأحسن مسح السبورة الآن؟
Wir bitten das ranchen im wartezimer zuunterlassen= نرجو منكم الامتناع عن التدخين في قاعة الانتظار
Ich behaefle ihnen das local sofort zu verlassen=آمركم بمغادرة المؤسسة فوراً
Wishen sie endlich die tafel abl= امسح السبورة
Tun sie bitte wening fett an die brakartoffeln=ضع قليلا من الشحم في البطاطا من فضلك.
Plakate ankleben verboten != الإلصاق ممنوع
ويمكننا بعد هذا اقتراح سلسلة من التمارين:
- ابحث عن الشروط السياقية والصفات المميزة للمشاركين.
- صف المقامات في حال الأقوال الإنشائية.
- ابحث عن أسباب نجاح أو إخفاق بعض الأقوال.
- اشرح استخدام اللغة المناسبة واللغة غير المناسبة وصف العلاقات الاجتماعية القائمة بين المشاركين.
- اشرح مفارقة المثال (8) (في حال إلصاق الملصق afficheur للافتة ما ) (45).
وهكذا نرى بأن توجه صناعة التعليم الحالية يقوم على إيلاء المتعلم الأولويات من جهة أخرى، ذلك لأن مفهوم التبليغ هو الذي يجب أن يكون الأسبق والمحرك وليس اللغة، إن الاهتمام بالمتعلم يعني الاعتراف الكلي بأن هدفه هو التبليغ لا إحكام اللغة وحذقها، وأن هذا الوجه الأخير سوى وسيلة وليس غاية في حد ذاته، ووسيلة واحدة ضمن وسائل أخرى".
ولا يجب ههنا أن نبالغ في شأن إمكانات هذا التخصص وأن نجعل دور صناعة التعليم يقتصر على التنفيذ الساذج- إن باب الجدال لم يغلق بعد. لكن ثمة أصوات ترتفع بين الفينة والأخرى لتوضيح المواقع واقتراح تمازج للاختصاصات interdisciplinary مفيد بالنسبة إلى التخصصين وبالنسبة إلى أول امرئ معني ألا وهو المتعلم:
" يجب على اللسانيات التطبيقية، التي انصبت كعلم للتعليم أن تتجاوز النقائص المتعلقة بالطابع العصي inaccessible الذي يسم التخصص وصناعة التعليم التي تكتفي بالتلقي والدفاع كما يجب عليها أن تسد – بكيفية مستقلة – نقائص وثغرات البحث التي وقفنا عليها في العروض النقدية السابقة".
(راش، 1981، ص48).
وبفضل هذا الذي قدمناه ستكف هذه التخصصات عن تنويم hypnotizer بعضها للبعض الآخر، على غرار الثعبان والأرنب.
لكنّ اللافت للنظر هو أن نتائج اللسانيات التداولية قد سمحت بمراجعة جذرية لمناهج التعليم والتدرج والاختبارات ومراقبة المعلومات وبخاصة نمذجة التمارين التي اتسعت قائمتها كثيراً واغتنت منذ عشريتين. (انظر نونر Neuner 1983، ص57- 74).
ولكن كانت هذه المناهج مبنية على حاجات المتعلمين المهنية والاجتماعية، فإنها ترنو إلى تطوير ملكتهم التبليغية. إن جميع المؤلفين يؤكدون ويلحون على ثلاثة أبعاد أساسية لتحديد التعليم (47) :
- البعد المعرفي dimension: توفير معلومات والتشجيع بقصد حمل المرء على التخاطب دون عوائق نفسية وتحرير السلوكات اللغوية في حدود الاحترام المتبادل.
- البعد التداولي dim. Pragmatique: تكوين الاستعدادات اللغوية
وتطويرها بقصد التبليغ الأمثل والأحسن ومن ثم الحصول على فعالية اجتماعية أكبر .
الخلاصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
إن اللسانيات التداولية المنبثقة من التفكير الفلسفي في اللغة سرعان ما تجاوزت دورها الأول كما عملت على صقل أدوات تحليلها. وبنظرتها للإنسان من حيث ... الانثروبولوجي وبوصفه كائناً مزوداً بالإرادة والقدرة ، قد فتحت آفاقاً واسعة على ميادين أخرى عديدة، وذلك بفضل المعرفة المتراكمة وكذا التجربة ضمن التفاعل الدائم بواسطة اللغة. ولا أدل على ذلك من أن أهم توجهاتها أصبحت ... في الاقتصاد من أجل إدماج الفرد في المؤسسة والذي أصبح الضمانة الأساسية للمردود الأكبر.
ها نحن قد وصلنا إلى نهاية عرضنا التمهيدي حول اللسانيات التداولية. وإن الأمر ههنا يتعلق بخطوطها العريضة ليس إلا. وقد ركزنا حديثنا على نظرية الأفعال اللغوية، وأحجمنا عن التوغل في التوجه الماركسي مخافة توسيع الحقل وإثقال المتن، لعله كان حرياً بنا تخصيص صفحات للسانيات التداولية الفهرسية indexicale لكن مرامنا كان يتمثل في مدّ القارئ – أخص بالأولوية هنا طلبة نهاية الليسانس وطلبة ما بعد التدرج- بالمبادئ الأساسية التي تمكنهم من ولوج اللسانيات التداولية.
وأحب أن أنهي هذا بإيراد قول لــــ: سورل، وهو عندي بمثابة تحية للتعاون القائم بين باحثي التخصصات المتعددة، كما هو عندي بمثابة دعوة إلى السير في هذا السبيل:
" في المرحلة الراهنة من التطور، توغل اللسانيون في جل الأقطار التي ظلت حكراً على الفلاسفة. إن كتابات فلاسفة من أمثال أوستين وغرايس وغيرهما قد أضحت الآن في عداد أدوات العمل التي تعتمدها اللسانيات المعاصرة ، ولا يملك فيلسوف اللغة إلا أن يحيي هذا التطور لأن اللساني يزاوج بين معرفة الظواهر الخاصة باللغات الطبيعية وتقنيات التحليل التركيبي التي كانت غائبة في الماضي عن النصوص العلمية الصرفة حول اللغة. إن التعاون بين اللسانيين والفلاسفة لهو مثمر جدا لاسيما فيما يتعلق بدراسة ما هو عندي من قبيل أمهات القضايا من حيث تحليل اللغة، وأعني بها : كيفية تفاعل البنية والوظيفة، وهذا السؤال يستثير – من جملة ما يستثير- قضية معرفة ما هي العلاقة القائمة بين مختلف أنماط الأفعال الإنشائية والصيغ التركيبية التي تحقق فيها هذه الأفعال في مختلف اللغات الطبيعية". (1982، ص217)
الهـــــــــوامــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــش
(1) يتكوّن نادي فينا من فلاسفة ومناطقة ورياضيين ، وقد سعوا إلى ابتكار لغة (لغة واصفة métalangue) مشتركة لكل المجالات العلمية تسمح بإجراء تحليل صارم. وقد قادهم هذا المسعى إلى النظر في اللغة- الموضوع قبل كل شيء ذلك أن فيتجنشتاين كان يرى بأن الاستعمال هو الذي يوفر معنى القول وقبيل الحرب العالمية الثانية غادر أعضاء هذا النادي بلادهم واستقروا في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد وضع هذا النادي التجريبية المنطقية empirisme logique التي تقوم فكرتها الأساسية على قصر المشاكل والقضايا الفلسفية على دراسة صور الجمل المنطقية.
(2) لا يمكننا التحدث ههنا عن توجّه حقيقي للسانيات التداولية بألمانيا الديمقراطية، قام ج. كلوس بإدراج مكوّن " العمل" بعد استلهامه لتصور موريس. وحسب هذا التوجه الماركسي فإن للدليل أربع علاقات (انظر شيلين- لانج، ص 51)
الأدلة الأخرى تمثيل المعنى المقدر/
المعنى المحصل
الدليـــــــــــل
الناس (المجتمع)
كجزء من العالم الموضوع
يدعو كلوس إلى دراسة العوامل الموضوعية (الأولية) للمجتمع وكذا آثاره التي تعكس على الوعي.
(3) كثيراً ما يميل الناس إلى الخلط بين اللسانيات التداولية Pragmatique ومذهب الذرائعية Pragmatisme، تلح الذرائعية على المكوّن العملي والفاعل للإنسان بقصد بلوغ المعرفة، والمعرفة أداة عمل، ولعمل بدوره يصبح غاية المعرفة. وقد انتقد كلوس هذا التصور الذي يؤسس مبادئ الحقيقة والأخلاق
على مصالح الفرد والزمرة الاجتماعية ويرفض تطبيقه في الحياة العملية وتسخيره المفرط من قبل الامبريالية الأمريكية. (انظر كتابهMarxistisch-lenistisches Worterbuck ، ص82)، ويقول وليام جيمس: "الصحيح juste يكمن فيما هو حقيقي بالنسبة إلى سلوكنا".
(4) القياس الأرسطي syllogism طريقة في التفكير مشفوعة باستنتاج وعلم القياس Syllongistique جزء من المنطق الصوري. فبالانطلاق من قضية كبرى وأخرى صغرى نخلص إلى نتيجة :
كل إنسان فانٍ (قضية كبرى)
أنت إنسان (قضية صغرى)
إذن أنت فانٍ ( نتيــــــــــــــــــجة)
(5) انظر مقال ك. كليمان C. Clément المركزة حول الفيلسوف والرياضي لايبنيتز في الموسوعة العالمية. المدونة 10، 1985، ص 1085- 1091).
(6) انظر ف. ريكاناتي: طالع بوجه خاص التمهيد والمقدمة والفصل الذي عنوانه: Le représentationnalisme ضمن كتابه : La transparence et I'énonciation .
(7) ذكر من قبل برونروث ص 33.
(8) تأويل خطاطي. قدم شلين-لانج خطاطة للسيرورة السيميائية حسب بيرس وموريس، ص 45:
2 1 3
دلالة اللفظ البعد التركيبي مسؤول الدليل
ي
(9) ويمكن رد تصور دي سوسير إلى أربعة أوجه أساسية: اللسان، الكلام، الوجهة الآنية، الوجهة الزمانية، اللفظ ، المحتوى، العلاقات التركيبية، العلاقات الاستبدالية. أما فيما يتعلق بالوجه الأخير، فإن العلاقة التركيبية تعني أن الكلمات ليست معزولة، بل إنها ذوات علاقات فيما بينها: الأبنية الصرفية في الوحدات المعجمية والوحدات المعجمية داخل الجمل ... أما فيما يتعلق بالمثل paradigms فإنه يمكن القول بأنها تتوفر على عدة أشكال:
- مجموعة كلمات ذوات قرابة (الوجه الصوري): ربّي، يربّي، إعادة تربية ..
- كلمات ذوات معنى واحد مثابة: تربية تعليم، تكوين.
- اللواحق / السوابق (الوجه الصوري):
- نفس البناء (الوجه الصوري):
(10) انظر كيربرات اوريكيني، التمهيد ، ص 8-9.
(11) يترجم مفهوم speechakt " "، "spprechakt" بلفظ " فعل الكلام" و" acted de parol أو acte de langage بــــــ " الفعل اللغوي"
(12) يذهب برونورث إلى أن بوهلر هو أول من استعمل مفهوم "فعل الكلام" ويبدو أن المنظرين الألمان المعاصرين قد ترجموه إلى الإنجليزية . ويرى برونورث أن جهل تصور بوهلر سببه الثورة السبارتاكية (1918/1919) وحاجة مثقفي البرجوازية إلى خنق كل إرادة أممية بروليتارية.
(13) انظر الهامش 1 حول نادي فينا.
(14) المثال مأخوذ م كتاب " La transparence et …" لـــــ: ريكاناتي. انظر كذلك سورل: "Sens et expression".
(15) " ألعاب اللغة هي بالنسبة لفيتجنشتاين " شكل من أشكال الحياة" ويوجد عدد غير محدود منها، هذا ويتعين على الفلسفة إلقاء الضوء على دلالات الألعاب لأنه مفهوم أساسي:
"63"-إذا قمنا بتمثيل الظواهر بغير ما هي عليه فإن بعض الألعاب تفقد أهميتها في حين تغتني الألعاب الأخرى ، وهكذا يتغير استعمال الرصيد اللغوي شيئا فشيئا.
إذا تغيرت الألعاب اللغوية فإن المفاهيم تتغير هي الأخرى وبتغير المفاهيم تتغير دلالات الكلمات" (1976 ص34).
(16) لن ندخل في الجدال الشائك حول المعنى المحصل sens والمعنى المقدر significa وسنعتبر المعنى المحصل من مشمولات اللغة والمعنى المقدر المعنى المتحقق في صلب الخطاب.
(17) مثال ذلك: "لاعب التنس" : يمكن تنويعه بشكل غير محدود. فليس ثمة كيفية واحدة لمقود السيارة ولا توجد كيفية واحدة لتسجيل الهدف أو لرمي الكرة الحديدية .
(18) انظر المقالة Performatifa-constatifs" ضمن كتابه La philosophie analytique منشورات Minuil باريس 1958 .
(19) إن مفهوم الفعل التأثيري perlocutif أو perlocutionnaire محل مناقشة وجدل. إن الأفعال التأثيرية بالنسبة لسورل هي الآثار والنتائج، من ذلم مثلاً: أزرى يزري discréditte وهدَّد يهدّد. أمّا بالنسبة إلى ج.بيك (1980، ص20-21) فإنه يوجد أفعال ذات معانٍ متعددة: إنجازية – تأثيرية أخرى مثل: حذّر ، وأفعال تأثيرية أخرى مثل: هدّد.
(20) يستند تصنيف سورل إلى المعيار التالي: العلاقة بين الكلمة والعالم، وهناك معياران إضافيان ثانويان: القصد الإنجازي والحالة النفسية (انظر بالمر Bailmer 1979). أما هابرماس فإنه يعتمد على معايير فلسفية .
(21) سبق أن نبهنا إلى أهمية اللا مباشرة. يرى فندرليش أن التحدث بكيفية غير مباشرة يعني السعي بحكمة وحذر . ذلك أن المتكلم لا يصدع بشيء نهائي بل يتحسس السبيل أثناء البحث عن تحديد العلاقة مع الطرف الآخر، مع إعطاء هذا الأخير فرصة الاختيار لنوع العلاقة التي يريد، كما يهيء لنفسه مخرجاً. وفضلاً عن هذا فهو يسند للا مباشرة وظيفة اجتماعية هامة في المناقشات السياسية والديبلوماسية. (انظر كتابه Linguisticiche pragmatic 1972، ص 11-58).
(22) يريد المتكلم أن يقول على وجه التحديد : " كفوا عن دوس رجلي" .
(23) لنذكر عناوين أخرى:
- Cole, P. Mogen,O. , Syntax and Semantics 3 , Speech Acts, 1975, New York.
- Ehrich, V. ,Saile, G. ,Uber nicht direkte sprecakte, in Wunderliche, Linguistiche pragmatic, Frankfurt, 1972.
- Davison, Alice, Indirecte speech acts and what to do with them. In Cole/MorGan, 1985, p. 143-185.
- Gordon, D. ,Lakof ,G. , Conversational postulates, in Papers from the 7th Regional Meeting of the Chicago Linguistic .
(24) انظر:
- Gordon, D. ,Lakof ,G. , Conversational postulates, in Papers from the 7th Regional Meeting of the Chicago Linguistic Society, 1971, pp.63-84.
(25) النص الإنجليزي هو كالتالي:
" Make your contribution as informative as is required..
" Do not make your contribution more informative than is required"
"Try to make your contribution one that is true."
"Be relevant".
" Be perspicuous" ;avoid obscurity of expression"
" Avoid ambiguity".
" Be brief" ; " be ordely";
(26) هناك ثلاثة كتب نلفي فيها بيبلوغرافيا وافية حول الافتراضات المسبقة:
- Ducrot , O; "Présupposeés et sous-entendus" , in Langages, nº 4 , 1969, pp, 30-43.
- Petofi, J, Franck, D, " Presuppositionenen", in Philosophie und Linguistik, 1973, Frankfurt;
- Morgon, J "On the trestment of presupposition in transformational Grammar", in Papersfrom the 5th Regional Meeti Chicago Linguistic Society, 1969, pp. 167-177.
(27) هذه وجهة نظر Stalnaker الذي يميز الافتراض المسبق الدلالي والافتراض المسبق التداولي. الافتراض المسبق التداولي عبارة عن سلوك إسنادي أما الافتراض المسبق الدلالي فيحدد العلاقات الدلالية بين القضايا (الجمل)
الجملة ج : اغلق الباب
تفترض:
الجملة ك : الباب مفتوح
إذا كانت فقط ذات وجود ضروري وذلك لوجود ج أو عدم وجودها (لا تغلق الباب). انظر لوفنوفسكي ص 592.
(28) انظر دراسة هابرماس النقدية لنظرية " العقل" عند هيجل ضمن كتابه: Ideologie , technic und wissenscha 1978، ص 13.
(29) المرجع السابق، ص62- 63.
(30) النشاط التبليغي في نظر هابرماس مساو للتفاعل. إن صلاحية المعايير الاجتماعية مبنية على تبادل المقاصد بين المشاركين، ولا يتحقق الفهم الدائم إلا في جوّ من الثقة المتبادلة واحترام الواجبات المتعارف عليها. ( المرجع السابق، ص 62- 63).
(31) أثناء النشاط التقني، نجد أنفسنا قواعد تقنية لا بإزاء معايير اجتماعية وهنا يطرح مشكل التكوين والتأهيل بقصد بلوغ الأهداف (المرجع المذكور ص64).
(32) يحدد فاتزلافيك وغيره (انظر كتابهم المترجم إلى الفرنسية تحت عنوان: Une ligique de la communication ، 1989، ص 57- 64) التبليغ القياسي analogique كالتالي: " هو التبليغ غير اللغوي" (الذي يتمّ بوسائل غير لغوية). أما بالنسبة لشرح التبليغ الموسوم بـــــ" digitale" " فإنهم يعتمدون صبغة الدليل الاعتباطية . ويحدده لوفندوفسكي (الجزء الأول ص 152) بوصفه تبليغاً إنسانياً مشتركاً وفكرياً يتمّ بفصله نقل المعرفة المجردة والمعقدة.
(33) انظر عمل ف. هولي Holly : imagearbiten 1979.
(34) انظر مقالة أرمانقو: " dialogue" ضمن الموسوعة العالمية المدونة 6، ص 84-85، حيث يذكر ف.جاك.
(35) انظر المقالة التي عنوانها: La portel ou l'irruption de la pragmatique en didactique des langues, CLE InterN. 1980.
(36) يستخدم كذلك مصطلح " الإطار التبليغي " cadre communicatif يميز دوبوا وغيره Dictionnare de didactique des langues ص 120 ) بين السياق الاجتماعي والسياق المقامي . السياق الاجتماعي هو مجموع الشروط الاجتماعية التي بدراسة بدراسة العلاقات بين السلوكات الاجتماعية والسلوك اللغوي. أما السياق المقامي فهو مساو لـــــ: " المعطيات التي يشترك فيها كل من المرسل والمستمع حول المقام الثقافي والنفسي والخبرات والمعارف ."
(37) ف. فال: " Sprache, Sprechtatigk" 1978.
(38) مفهوم الملكة التبليغية مفهوم رائج جدا. ويبدو أن أول من وظفه هو د.هايمس Hymes.
بيد أن هابرماس قد اعتمده هو الآخر في ذات الوقت ... والملكة التبليغية
هي القدرة على استعمال اللغة سواء من حيث المعارف
النحوية أو من حيث إنجاز أفعال الكلام بحيث تكون ملائمة للسياق الاجتماعي والمقامي (لوفندوفسكي ، ج1، ص 334).
(39) كارناب (انظر نادي فينا) يرى بأن اللسانيات التداولية هي :
" the basis for all of linguistics … In this way, descriptive semantics and syntax arestrictiy speaking parts of pragmatics"
(ذكر هذا القول شلين-لانج، 1973، ص31).
(40) " La pragmatique" العدد 42، مايو 1970، دار لاروس.
(41) ف. جاك " La pragmatique" ضمن الموسوعة العالمية المدونة 15، 1985.
(42) Raash, A, " Die Rolle der pragmalinguistick in Fremd sprache nunterricht" in Beitrage zu der Sommerkursen, Goethe- Institut, Munchen, 1973.
-Grunig, B, " Piéges et illusionsde la pragmalinguistique, Modéles de communication, 1, 2.
(43) Abbou, a, Approche méthodologique des échanges langagiers, in Etudes de Linguistique Appliquée, nº37, 1980.
(44) André Abbou, Approche méthodologique des échanges langagiers, in E. L. A, n&37, 1980.
(45) محاولة تطبيق أفعال الكلام في تدريس الألمانية والعربية (الجيلالي دلاش ، دكتوراه الدور الثالث، باريس – السوربون 4، 1983).
(46) Ader, D, et al. , Sprechakte als unterrichts gegenstand ein Vorschlag fur die Sekundarstufe, Linguistiche Berichte 30, Braunschweig, 1974, p.77.
(47) نجد هذه الخطوط البارزة القوية في العديد من الأعمال والمشاريع نذكر على سبيل المثال: كوست Coste وغيره، " Niveau-Seuil" ستراسبورغ 1976.
تحياتى للجميع