السلام عليكم
لقد أنزل الله تعالى كتابه على نبيه وجعله معجزته الخالدة، ويسر لهذه الأمة في قراءته فأنزل على سبعة أحرف، ونشأ بعد فترة من الزمن قراءات صح منها ما صح وشذ منها ما شذ.
واضطربت المفاهيم بين ما أنزل الله من قرآن وبين الأحرف التي يسر الله بها لأمته وأذن أن تقرأ بها وبين القراءات.
لقد تعددت تعاريف القرآن بين أهل العلم.
يقول الغزالي رحمه الله تعالى: ما نقل إلينا بين دفتي المصحف على الأحرف السبعة المشهورة نقلا متواترا.
ويعرفه ابن السبكي: اللفظ المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للإعجاز بسورة منه المتعبد بتلاوته.
ويقول الزركشي: هو الكلام المنزل للإعجاز بآية منه المتعد بتلاوته.
ويقول الإمام الشوكاني: حد الكتاب اصطلاحا فهو: الكلام المنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم المكتوب في المصاحف المنقول إلينا متواترا.
ولما سبق من تعريفات مثالب ومآخذ قد ذكرها الشيخ عبد الحليم قابة في كتابه: القراءات القرانية تاريخها ثبوتها حجيتها وأحكامها.
وخرج بأن للقران تعريفان مجمل ومفصل، فأما المجمل فهو جامع مانع وهو أن القران كلام الله تعالى المعجز المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وأما المفصل فهو: كلام الله تعالى العربي المعجز المنزل بواسطة أمين الوحي جبريل عليه السلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بأحرفه السبعة لفظا ومعنى المحفوظ في الصدور والمكتوب في المصاحف العثمانية برسم يحتمل ما بقي من أحرفه السبعة وقراءاته المتعددة والمنقول إلينا بالتواتر والمتعبد بتلاوته والمفتتح بسورة الحمد والمختتم بسورة الناس. اهـ
وعرفه الشيخ أيمن بقلة على أنه السور والآيات والكلمات المرسومة في المصحف المؤداة باللفظ العربي المطابقة تماما لما أبلغه الرسول الصحابة وما أذن به من كيفيات أداء، ومنه الحركة الإعرابية والحركة البنائية المؤثرة في المعنى. اهـ
إن تعريفات القران على ما فيها من اختلاف إلا أنها تدور في فلك الكلام الإلهي الذي أنزله جبريل الأمين على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما القراءات فقد أخذت حظا من تعريفات الأولين والآخرين. ذكرها الشيخ عبد الحليم قابة أيضا في الكتاب المذكور آنفا.
وقد ارتأيت أن نأخذ تعريفين لها.
عرفها الشيخ عبد الحليم قابة: مذاهب الناقلين لكتاب الله عز وجل في كيفية أداء الكلمات القرانية.
وعرفها صاحب كتاب إتحاف فضلاء البشر: أما القراءة القرآنية فتعني: الاختيارات المنسوبة لشيخ ما في الأمور المتعلقة بالترتيل مع اعتماد خيارات خاصة في الكلمات عند اختلاف الحروف المؤثر في المعنى التي ثبت فيها قراءتان للرسول صلى الله عليه وسلم مما فيه اختلاف في المعنى مع قراءة وإقراء هذا الشيخ وإقرائه ﺑﻬذه الاختيارات وإن اختلاف المعنى يكون في المعنى التفصيلي دومًا وليس الإجمالي....... وبالتالي القراءات جلها يدور حول أسلوب الأداء من لهجات
ولغات جزء منها يتعلق باختلاف المعنى التفصيلي الناتج عن اختلاف الحركة الإعرابية أواختلاف حرف أو اختلاف المصاحف الذي تعمده الصحابة وهو قليل، اهـ
إذا فقد تبين أن القراءات عموما هي الطريقة الأدائية للقرآن، يقول في ذلك صاحب إتحاف فضلاء البشر: والقرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان فالقرآن هو الوحي المنزل للإعجاز والبيان والقراءات اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في الحروف أو كيفيتها من تخفيف وتشديد وغيرهما. اهـ
وبين القراءة والقران تداخل وأن النسبة بينهما هي العموم والخصوص المطلق فكل ما هو قران فهو –ولا بد- من القراءات وليس كل ما هو من القراءات فهو من القران..... ذكره الشيخ عبد الحليم قابة.
وخلاصة الفرق بينهما تكمن فيما قاله الشيخ عبد الحليم قابة وهذا نصه:
وإذا قصد بالقرآن الأحرف – كما كان الأمر في الصدر الأول- فلا شك في أن القراءات هي الأحرف وهي بعينها القرآن المنزل من عند الله.
أما إذا قصدنا بالقراءات كيفية أداء الكلمات القرآنية المعزوة للقراء فلا بد من التفريق بين أقسام القراءات فما كان منها متواترا أو مستفيضا مشهورا متلقى بالقبول – على رأي ابن الجزري ومن معه كما سيمر- فهي القرىن ذاته ويطلق على كل واحدة منها اسم قرآن وتأخذ أحكامه.
وما لم يكن منها كذلك واختل فيها ركن من الأركان أو أكثر فكانت شاذة فهذه يقال لها قراءة ولا يصح تسميتها قرآنا.
وبهذا البيان يتضح أن بينهما تداخلا وأن النسبة بينهما هي: العموم والخصوص المطلق، فكل ما هو قرآن فهو – ولا بد- من القراءات وليس كل ما هو من القراءات بقرآن.- والله أعلم- انتهى كلامه.
ثم أفاض في ذكر الخلاف بين الحرف والقراءات.
لذا فأنصح إخواني ومن أراد الاستزادة في هذا الموضوع الاطلاع على كتاب الشيخ عبد الحليم قابة وعلى كتاب تسهيل علم القراءات للشيخ أيمن بقلة والذي حوى أسئلة قيمة وردودا ثمينة.