شاءت حكمة رب العالمين وهو احكم الحاكمين وهو ارحم الراحمين ان تكون حياتنا الدنيا هذه هي دار ابتلاء وامتحان واختبار وغربلة للنفوس والقلوب......وماهي الا ساعة من نهار او اقل وتظهر وتنكشف لنا نتيجة وحصيلة هذا الاختبار المهم؛تنكشف عند سكرات الموت ومجيء ملك الموت وتظهر وتنكشف في قبورنا ويوم القيامة وعند الصراط فاما نجاح ففوز بجنة عرضها السماوات والارض واما سقوط فالى نار وسقر.
ومن بين الدروس المهمة المدرجة في هذا الامتحان المصيري هو درس بر الوالدين وتجنب عقوقهما.
ان الساقط سقوط روحي هو الذي يشتم ويسب ويهدد ويتعدى على ابواه المسكينان الضعيفان وقد انساه الشيطان ذكر الرحمن وقد شجعته زوجته على عقوقهما وقد اسقطته وتمادت نفسه الامارة بالسوء في خطأ جسيم وكبيرة من الكبائر.
ان من اكبر الجرائم ان يطغى الابن والولد على احد والديه اوكلاهما ويقع في شراك وشباك عقوق الوالدين؛ باي ماء وجه وباي قلب وباي حال وباي عذرا وباي حجج وباي كذب سيواجه هذا المجرم رب العالمين.... وستفضح الملائكة الشداد تصرفاته المرعوصة الرعنة بالصوت والصورة؛ اذا كانت كلمة اف لهما هي من العقوق فكيف بالشتم والضرب واللعن ياربي سترك واسترنا فوق الارض وتحت الارض ويوم العرض.
كيف ينسى او يتناسى الواحد منا الايام الشداد والايام الصعاب التي واجهها الوالدين في سبيلنا من حمل في بطن امهاتنا ولمدة تسعة اشهر ومن رضاعة حليب لنا ولمدة سنتين ومن تربية ورعاية وبذل للمال والنفس ولسنين طوال فلقد وهبوا لنا كل حنانهم ودعوا لنا بالخير والامان وبدون منا ولااذى وبدون مقابل ولايريدون منا الا البر اليسير والاحترام والتقدير والمداراة الجميلة البسيطة.
هل جزاء الاحسان الا الاحسان انقابل هذا العرفان بهذا الجحود وبهذا الذنب العظيم ماذا لوكنا لقطاء من آباء مجهولي الهوية من سيرحمنا ومن سيشفق علينا!!
ماذا لوكنا ابناء زناة هل سيضحى من اجلنا؟؟!! ماذا لو كنا من عوائل غير مسلمة وعوائل مجرمة هل سنغذى بالحب والحنان؟؟؟!!!
طبعا لا والف لا ؛ لن نحصل على اي من الحب والحنان ولا التضحية ولا الرحمة ولاالشفقة لانها نعم جليلة وبركات متجلية من لدن حكيم خبير رحيم (جل جلاله) التي لايهبها رب العالمين الا الى الوالدين وهي فيوضات وانهار من اسم الله الرحيم جل في علاه
ايها الجاحد لهذه النعمة الجليلة والبركة العظيمة... ساعات ثمينة بذلت من اجلنا نحن الاولاد بل قل سنين عديدة لتنشئتنا على الاخلاق السوية والتصرفات المتزنة ....كانت مرحلة امتحان واختبار وابتلاء للوالدين تجاه اولادهم؛ مرت ايام وسنين وها قد وصلوا الوالدين الى مرحلة العجز والكبر بل رجعوا الى مرحلة الطفولة ويحتاجون الى من يرعاهم؛ الى من يتحدث معهم؛ الى من يضحي لاجلهم؛ الى من يتذكر الوفاء لهم فقد تغيرت وانقلبت صيغة الامتحان والاختبار فتوجب على الاولاد والابناء ان يبروا والديهم ويحترموهم بالسمع والطاعة وبالخدمة الطيبة المباركة؛ ها قد انحنت ظهورهم واعتلى راسهم الشيب والشعر الابيض وسقطت اغلب اسنانهم وهاهم قد تهيئوا للقبور فليتغمدهم ربنا برحمته الواسعة.
فلنذكر انفسنا واخواننا الاعزاء بمنزلة الوالدين وان وجودهم معنا لهو بركة للبيت وللاطفال فالله جل جلاله قدرهم واعطاهم منح عظيمة وجليلة منها الدعاء المستجاب ومنها البركة في البيت ومايعم من خير ورزق لساكني هذا البيت ومنها الحفظ من الشرور ومن البلاءات باذن الله وغيرها كثير
فختاما نسال ربنا ومولانا العظيم الخالق ان يدخلهم الجنة ونساله جل جلاله ان يقال لهم يوم القيامة : طبتم وطاب سعيكم فادخلوها سالمين غانمين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على من ارسل رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم