تعريفه:
هـو المنهج الذي يستمد آلياته النـقدية مــن نظــرية التحليل النفـــسي التي أسسها الطبيب النـمساوي سيغموند فرويد فسر على ضوئها السلوك البشــري برده إلى منطقة اللاوعي ( اللاشعور)1
إن منطقة اللاشعـور هي خزان لمجموعة مــن الرغبات المكـبوتة التي أن تشبع بكيفيات مختلفة فقد نحلم بهذه الرغبات في أحلام يقظة أو نوم ، ونقد نجسدها من مجموعة من الأعمال الإبداعية ( شعر ، رسم موسيقى ، ...)
مبادئ المنهج النفسي
يقوم المنهج النفسي على مجموعة من المبادئ أهمها :
- النص الأدبي مرتبط بلاشعور صاحبه
-وجود بنية نفسية متجذرة في لاوعي المبدع تتجلى بشكل رمزي على سطح النص ، وأثناء تحليل لابد من استحضار هذه البنية.
-يعتبر رواد المنهج النفسي الشخصيات الموجودة في الأعمال الأدبية شخصيات حقيقية لأنها تعبر عن رغبات ووقائع حقيقية مكبوتة في لاشعور المبدع.
-الأديب شخص عصابي يحاول أن يعرض رغباته في شكل رمزي مقبول اجتماعيا 2
1 يوسف وغليسي ، مناهج النقد الأدبي ، جسور للنشر والتوزيع ، الجزائر ، ط1 ،2007 ص22 .
2 المرجع نفسه ، ص 22- 23
صفحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة 2
مجالات النقد النفسي
يركز المنهج النفسي في دراسته للأعمال الإبداعية على الجوانب مختلفة نذكر منها :
1-عملية الإبداع الفني
إن العنصر النفسي أصل مــن أصول العـمل الأدبي، أي أنه تجــربة شعورية تستجيب لمؤثرات نفسية ، والسؤال المطروح كيف تتم عملية الإبداع الفني والأدبي ؟
يرى فرويد أن العمل الأدبي يمكن النظر إليه من خلال علاقته بأنشطة بشرية ثلاثة : اللعب ، التخيل والحلم . فالإنسان يلعب طفلا ويتخيل مراهقا ويحلم أحلام يقظة أو نوم وهو في كل هذه الحالات يشكل عالما خاصا به ، وما أشبه المبدع بالطفل الذي يلعب عندما يصنع عالما من خيال يصلح فيه من شأن الواقع .
والإبداع شبيه بالتخيل ، لأن التخيل عند المراهق يعادل اللعب عند الطفل .
والإبداع شبيه بالحلم من حيث أنه انفلات من الرقابة ، ومن حيث أن الصور فيه رمزية لها ظاهر وباطن .
وقد ركز فرويد على هذا الجانب تحديدا – ارتباط الأدب بالحلم- لأن كلا منهما يمثل انفلاتا من الرقابة وهروبا من الواقع2 ولذلك قسم فرويد النفس البشرية إلى مناطق ثلاثة :
أ-الأنا : وهو الجانب الظاهــر مــن الشخصية وهـذا الجانب يتأثر بعالم الواقــع مــن ناحية وبعالــم اللاشعور من ناحية أخرى ، وهو يميل أن تكون تصرفاته في حدود المبادئ الخــلقية التي يقــــــرها الواقع3.
1 وليد قصاب مناهج النقد الأدبي دار الفكر دمشق ، ط1ن 2007 ، ص 54.
2محمد صايل حميدان قضايا النقد الأدبي الحديث، دار الأمل للنشر والتوزيع ، الأردن، ط1، ،1991 ص 96.
3 وليد قصاب، مناهج النقد الأدبي، ص 55.
صفحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة 3
ب- الأنا العليا : وتتكون منذ الطفولة فالطفل يزن الأمور حسب نظرة والده، فالطفل يعجب بوالده الذي يجمع بين القوة والعطف وقد لخص الدكتور عبد العزيزالقوصي صفات هذه المنطقة بقوله : ً إنها النقد الأعلى الذي يشعر الأنا بالخطيئةً وهذا يعني أن هذه المنطقة تراقب الأنا ولا دخل لها بعملية الإبداع الفني .
ج- الهو أو الهي : يرى فرويد أن هذا الجانب من أهم الجوانب في حياة الإنسان، ومن صفاته :
-إنه لا يتجه وفق المبادئ الخلقية
-إنه جانب لاشعوري
-يسير على مبدأ تحقيق اللذة والألم
-لا يتقيد بقيود منطقية
-من مركباته النزعات الفطرية والوراثية ، وأهمها االنزعة الجنسية1
ولذلك اعتمد فرويد مجموعة من العقد أهمها الغريزة الجنسية ومن أبرز هذه العقد :
-عقدة أوديب : ميل الذكر إلى أمه جنسيا
-عقدة الكترا : وهي عكس العقدة السابقة ، أي ميل البنت إلى والدها جنسيا
-العقدة النرجسية : حب المرء نفسه جنسيا
-عقدة الخصاء : وهي خوف المرء خوفا لاشعوريا من فقدانه أعضاءه التناسلية عقابا له على إتيانه أفعالا محرمة .
فالإنسان حسب فرويد إنسان غير سوي تسره الغريزة الجنسية، وما يظهر من مظاهر الحماسة إشارة إلى هـذه الغـريزة ورمز لها.
1 صايل حميدان 97.
2 وليد قصاب 57-58.
صفحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة 4
2- النص وسيرة المؤلف
وفي هذا التطبيق يفسر النص من خلال حية مؤلفه ، في المقابل استنباط حياة المؤلف من خلال نصوصه .أي اتخاذ النص وثيقة تعين على سبر أغوار الكاتب النفسية.
ويحاول الناقد التقاط ما أمكنه من جزئيات السرية الذاتية للمؤلف : طفولته ، نشأته ، وظروف حياته ، ومسودات كتبه واعترافاته ، وكل ما من شأنه أن يساعد على تحليل نفسية الكاتب.
3- النص والمتلقي
وهنا يعنى الناقد بعلاقة العمل الأدبي بالآخرين ، وتأثرهم به مجيبا بذلك على سؤال تردد طرحه كثيرا ,هو: لماذا يستثيرنا الأدب ؟
فأجاب البعض قائلا: إنه يستثيرنا لأنه يقدم في شكل رمزي ، فنحن نعيش تجاربنا السابقة مع هذا النص.
وهنا يكون التركيز على المتلقي ومدى استجابته نفسيا لهذا العمل الأدبي .
ملامح النقد النفسي
لقد هذا المنهج أقرب إلى التحليل النفسي منه إلى النقد الأدبي ، فقد احتكم رواده إلى مجموعة من الآراء التي قررها بعض العلماء النفسانيين ، ولاسيما الأطباء والمحللون ، وعلى رأسهم فرويد وآدلر ويونغ وغيرهم ، ولذلك علق عليه البعض ساخرا: ً إن هذا المنهج خرج من عيادات الأطباء ، ولم يخرج من بحوث الأدباءً1 .
رواد المنهج النفسي في النقد العربي
من أبرز الذين تأثروا بهذا المنهج وطبقوه في دراساتهم عباس محمود العقــاد الذي لم يكتف بتطبيقه على بعض النصوص الأدبية بل حاول أن ينظر له في مقال له بعنوان ًالنقد السيكولوجي الذي نشره عام 1961 مفضلا فيه المنهج النفسي على غيره من المناهج الأخرى.
1وليد قصاب ، مناهج النقد الأدبي ، 59-61.
صفحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة5
أما جورج طرابيشي فقد مارس النقد النفسي في الكثير من كتابته ( أنثى ضد الأنوثة ، عقد أوديب في الرواية العربية ...) فهو بذلك من أكثر النقاد تطرفا في الدفاع عن هذا المنهج الذي يراه قادرا على دخول قلب العمل الأدبي .
وهناك من عارض تطبيق هذا المنهج على النصوص الأدبية ، يأتي فقي طليعتهم محمد مندور الذي يرى أن النص الأدبي لايمكن تحليله إلا بعناصره الداخلية والأدبية البحتة1 .
عيوب التطبيقات النفسانية
1- ما يطرحه علم النفس من آراء وأفكار حول النفس البشرية منه ما هو افتراضات لا ترقى إلى مستوى الحقائق .
2- هذا المنهج عبارة عن تحليل نفسي يختنق فيه النص الأدبي ، بحيث تضيع معه القيم الفنية والجمالية.
التركيز على المؤلف وإهمال النص الأدبي 3-
4- يسوي هذا المنهج بين النصوص الجيدة والرديئة
5- الإفراط في التفسير الجنسي للرموز الفنية .
6- الحط من قيمة الإنسان ، وجعله محكوما بالغرائز لاسيما الغريزة الجنسية .
7-الربط بين الإبداع والشذوذ
8- أهمل هذا المنهـج تأثر الأدب بالواقع الاجتماعي ، عندا جعل العوامل النفسيــة هي مصـدر الإبداع.
1 يوسف وغليسي ، مناهج النقد الأدبي،ص 25، 27.
2 وليد قصاب ، مناهج النقد الأدبي، 67-71. وأنظر يوسف وغليسي 32 -33.