وتعتبر الترجمة داخل اللغة الواحدة ضرباً من ضروب الترجمة التفسيرية، التي تقوم على إعادة الصياغة، فعلى سبيل المثال فعند القيام بإعادة صياغة الشعر الجاهلي الذي كان أصحابه يستخدمون لغة ما عادت مستخدمة في عصرنا الحديث
فحين نعرض إلى ترجمة أبيات مثل هذه الأبيات
إن تَــــرى رَأسِــــيَ فــيــهِ قَـــــزَعٌ *******وَشَـــواتـــي خَـــلَّـــةً فــيــهــا دُوارُ
أَصبَـحَـت مِــن بَـعــدِ لَـــونٍ واحـــدٍ *******وَهــيَ لَـونـانِ وَفـــي ذاكَ اِعـتِـبـارُ
فَـصُــروفُ الـدَهــرِ فـــي أَطـبـاقِــهِ *******خِـلـعَـةٌ فـيـهـا اِرتِـفــاعٌ وَاِنــحِــدارُ
بَيـنَـمـا الــنــاسُ عــلــى عَلـيـائِـهـا *******إِذ هَـوَوا فـي هُــوَّةٍ مِنـهـا فَـغـاروا
إِنَّـــمـــا نِــعــمَــةُ قَــــــومٍ مُــتــعَــةٌ *******وَحَـيــاةُ الـمَــرءِ ثَـــوبٌ مُـسـتَـعـارُ
وهي أبيات لأبي ربيعة الأفوه .. أقدم شعراء العرب..
هنا نجد أنه لابد للمترجم أن يفسرها بالعربية بينه وبين ذاته قبل يترجمها إلى لغة غير عربية، وتكون عملية التفسير هذه بمثابة ترجمة من العربية إلى العربية
ومثال آخر بيت الشعر هذا
فما يسمى كفنا خسر مسم... ولا يكنى كفنا خسر كاني !
وهو أعقد بيت شعر قالته العرب ينسب إلى المتنبي وقد قاله في مدح ملك فارس (فنا خسرو)
فحينما نعمد إلى شرح أو تفسير هذا البيت باللغة العربية فنحن أمام ترجمة داخل لغة واحدة هي اللغة العربية سواء كانت الترجمة على هيئة نص نثري شارح أو بيت شعر منظوم ومقفى
والأمر لا يقتصر على الشعر وحده بل هناك نصوصاً نثرية
فهذا جزء من خطبة الحجاج بن يوسف الثقفي يقول فيه:
"وأطيعوا، وشايعوا وبايعوا، واعلموا أنه ليس مني الإكثار والإبذار والأهذار، ولا مع ذلك النفار والفرار، إنما هو انتضاء هذا السيف، ثم لا يغمد في الشتاء والصيف، حتى يذل الله لأمير المؤمنين صعبكم، ويقيم له أودكم، وصغركم، ثم إني وجدت الصدق من البر، ووجدت البر في الجنة، ووجدت الكذب من الفجور، ووجدت الفجور في النار، وإن أمير المؤمنين أمرني بإعطائكم أعطياتكم وإشخاصكم لمجاهدة عدوكم وعدو أمير المؤمنين، وقد أمرت لكم بذلك، وأجلتكم ثلاثة أيام، وأعطيت الله عهداً يؤاخذني به، ويستوفيه مني، لئن تخلف منكم بعد قبض عطائه أحد لأضربن عنقه. ولينهبن ماله."
ولاشك أن هذا النص يحتاج –لدى البعض- إلى تبسيط صياغته بكلمات عربية شارحة مفسرة قبل أن تتم ترجمته إلى اللغة الأجنبية... وحتى في العصر الحديث هناك نصوص يأتي نصها إما مفرط في التعقيد أو مسقط في الركاكة وحين يعرض المترجم إلى التعامل معها عليه أن يعيد صياغتها
ويضعنا مفهوم شبه الترجمة أمام إشكالية كبيرة تعصف بما تعارفنا عليه من فوارق تعريفية واضحة بين النص المترجم والنص الأصلي، وقد يتضح ذلك إذا ما راجعنا المحتوى الأدبي في العصور الوسطى فنجد أننا أمام نصوص لا يمكننا أن نحدد هل هي نصوص أصلية أم تمت ترجمتها من صياغات العصور الوسطى إلى صياغات العصر الحديث
ففي الشعر الإنجليزي على سبيل المثال ولنأخذ على سبيل المثال شعر (ويليام شيكسبير ) ففي قصيدته
Sonnet 20: A Woman's Face With Nature's Own Hand Painted
A woman's face with nature's own hand painted,
Hast thou, the master mistress of my passion;
A woman's gentle heart, but not acquainted
With shifting change, as is false women's fashion:
An eye more bright than theirs, less false in rolling,
Gilding the object whereupon it gazeth;
A man in hue all hues in his controlling,
Which steals men's eyes and women's souls amazeth.
And for a woman wert thou first created;
Till Nature, as she wrought thee, fell a-doting,
And by addition me of thee defeated,
By adding one thing to my purpose nothing.
But since she prick'd thee out for women's pleasure,
Mine be thy love and thy love's use their treasure
ولننظر إلى ترجمة القصيدة باللغة المعاصرة
Translation to modern English
Your face is more beautiful than a woman's because it's been painted by nature and not artificially. You are both master and mistress of my passion. You have the gentle heart of a woman but without the fickleness characteristic of women. Your eyes, that light up the very object that they look on, are brighter than theirs but without their shallow flirtatiousness. You have all the best qualities a man could have. All other men look to you as a model: you catch the eye of men and you amaze women. Nature first intended you as a woman, but as she was making you, she fell madly in love with you and, by adding something, deprived me of you; by adding one thing she made you unattainable to me. But since she equipped you for the pleasure of women, let me have your love and them your body.
ولنأخذ مثالاً آخر بعيداً عن الشعر مثل عبارة
“Until recently, criminologists could not afford to analyze DNA evidence for all homicide cases.”
والتي يمكن صياغتها كالتالي
“Crime labs now can use DNA for all murder cases.”
أو هذا المثال:
The Republican Convention of 1860, which adopted planks calling for a tariff, internal improvements, a Pacific railroad and a homestead law, is sometimes seen as a symbol of Whig triumph within the party. A closer look, however, indicates that the Whig’s triumph within the party was of a very tentative nature.”
وهذه العبارة يمكن صياغتها كالتالي:
Contrary to many historians, Eric Foner argues that the Republican platform of 1860 should not be understood as an indication of Whig dominance of the party