التفكير الإبداعي ...
مفهومه، أنواعه، خصائصه، مكوناته، مراحله والعوامل المؤثرة فيه
د. فضيلة عرفات
التفكير أرقى سمة يتسم بها الإنسان الذي كرمه سبحانه وتعالى وميزه على غيره من سائر الكائنات الحية ولقد حث الله سبحانه وتعالى البشر على التفكير في الكثير من الآيات القرآنية وكرم العقل والعلم والعلماء وأن الأديان السماوية حثت على التفكير والإسلام أحد هذه الأديان الذي عد التفكير فريضة إسلامية وفريضة التفكير في القرآن تشمل العقل الإنساني بكامل ما احتواه من الوظائف بخصائصها جميعا {قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ }الأنعام50
والتفكير والفكر نعمة إلهية وهبها الله لبني البشر دون غيرهم من مخلوقاته وهو يمثل اعقد نوع من أشكال السلوك الإنساني ،جعل الله تعالى الإنسان خليفته في الأرض وميزه بالعقل عن بقية المخلوقات وجعل عقله مدار التوافق وتحمل أعباء المسؤولية. وحثه على النظر في ملكوته بالتفكير وأعمال العقل والتدبير قال تعالى في سورة الرعد: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الرعد3
ويعد التفكير من الظواهر النمائية التي تتطور عبر مراحل العمر المختلفة كما يعد التفكير من أكثر الموضوعات التي تختلف الرؤى وتعدد أبعادها وتشابكها والتي تعكس تعقد العقل البشري وتعقد عملياته ،إن ما يميز الإنسان عن غيره من المخلوقات قدرته على التفكير ، فمن خلال رحلته الطويلة الشّاقة من العصور البدائية إلى عصور الحضارة قد استطاع أن يواجه مشكلات لا حدود لها. هذه المشكلات تزداد صعوبة وتعقيداً بتطور المجتمع وتغيراته السريعة.
إن التقدم الحضاري الذي نلمسه في مختلف جوانب حياتنا المعاصرة إنما يعود إلى تطور ونتاج تفكير أجيال متعاقبة من الجنس البشري (داؤد، 1988).
ويرى الوقفي أن عملية التفكير تمر بمراحل تشبه الدائرة لذا أطلق عليها (الدائرة الفكرية) حيث أن التفكير الإنساني ينجز خمس مهام أو وظائف رئيسة هي: وصف، تفسير، تقرير، تخطيط، تنفيذ. وتظهر هذه الوظائف كما لو أنها متصلة ببعضها البعض، فالفكر يبدأ فعالياته الفكرية بوصف للمعلومة أو المنبه الذي يستقبله الدماغ ويبدأ الإنسان بالتوسع بهذه المعلومة وتفسيرها بأن يضيف لها مما في ذاكرته من خبرات ومعارف لإلقاء المزيد من الأضواء عليها وتبين أسبابها أو التنبؤ بنتائجها، وينتقل الفكر بعد ذلك إلى تقرير ما يجب فعله تجاه هذه المعلومة، فيضع خطة لتنفيذ العمل وتوجيهه، وقد يتخذ قراراً بشأن منبه جديد كما في الشكل، (الوقفي،1998).
ولقد أشار العديد من علماء النفس مثل شيرر Sheerer وجولدشتاين Goldstien إلى أن تفكير الإنسان متنوع وعريض الحدود ويمكن عن طريقة التفكير أن يحدد الفرد نوع التعليم الذي اكتسبه بخبرته من العالم، (فائق، 1966).
ويمثل التفكير نوعاً معقداً من أنواع السلوك البشري، والذي يأتي ترتيبه في أعلى مستويات النشاط العقلي، وأنه عملية معرفية تتميز باستخدام الرموز لتنوب عن الأشياء والأشخاص والحوادث ( عدس وتوفيق، 1998)
ويعد التفكير من حاجات الإنسان الأساسية وله علاقة بالمجتمع حيث يتعين علي الإنسان أن يفكر ويتخذ قرارات سليمة تمكنه من التكيف مع المجتمع الذي يعيش فيه ومن هنا يعتقد أن قرار تعليم التفكير يعد قراراً سياسياً فالمجتمعات المتقدمة تغرس في أبنائها صفة الثقة بالنفس والاعتماد عليها ، وتؤهلهم لاتخاذ قرارات سليمة وتمنحهم الفرصة الكافية للنظر فيها لذلك فإن حسن إدارة شؤون المجتمع تتطلب إعداد جيل من المفكرين الذين يحسنون تصريف أمور الأفراد علي أسس قوية من الوعي والفهم
ويتطور التفكير عند الأفراد بتأثير عوامل البيئة والوراثة ، وقد استخدم الباحثون أوصافا عديدة للتمييز بين نوع وآخر من أنواع التفكير وربما كان تعدد أوصاف التفكير وتسمياته احد احد الشواهد على مدى اهتمام الباحثين بدراسة التفكير وفك رموزه منذ بدأت المحاولات الجادة لقياس الذكاء بعد منتصف القرن التاسع عشر .
ومما لاشك فيه فان للبيئة أثرا كبيرا على أفراد المجتمع فهي تملي عليهم أنماطا سلوكية معينة ولذا يرى ستيرتبيرغ (Sternberg 1`997) ان بعض الثقافات تؤدي إلى أساليب تفكير معينة دون غيرها وهذا ما أكدته نتائج الدراسات التي قارنت بين أساليب التفكير في أقطار مختلفة إذا أكدت دراسة هونج وسيسكو( Haung and Sisco 1994) تفوق الطلبة الصينيين في أسلوب التفكير العملي على طلبة الأمريكيين كما أكدت دراسة حبيب عام 1995 إلى وجود فروق في أساليب التفكير ترجع لاختلاف البيئة إذا ارتفع مستوى التفكير التحليلي والواقعي لدى الطلاب المصريين بينما ارتفع مستوى التفكير العملي لدى الطلبة الليبيين
...
مفهومه، أنواعه، خصائصه، مكوناته، مراحله والعوامل المؤثرة فيه
د. فضيلة عرفات
التفكير أرقى سمة يتسم بها الإنسان الذي كرمه سبحانه وتعالى وميزه على غيره من سائر الكائنات الحية ولقد حث الله سبحانه وتعالى البشر على التفكير في الكثير من الآيات القرآنية وكرم العقل والعلم والعلماء وأن الأديان السماوية حثت على التفكير والإسلام أحد هذه الأديان الذي عد التفكير فريضة إسلامية وفريضة التفكير في القرآن تشمل العقل الإنساني بكامل ما احتواه من الوظائف بخصائصها جميعا {قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ }الأنعام50
والتفكير والفكر نعمة إلهية وهبها الله لبني البشر دون غيرهم من مخلوقاته وهو يمثل اعقد نوع من أشكال السلوك الإنساني ،جعل الله تعالى الإنسان خليفته في الأرض وميزه بالعقل عن بقية المخلوقات وجعل عقله مدار التوافق وتحمل أعباء المسؤولية. وحثه على النظر في ملكوته بالتفكير وأعمال العقل والتدبير قال تعالى في سورة الرعد: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الرعد3
ويعد التفكير من الظواهر النمائية التي تتطور عبر مراحل العمر المختلفة كما يعد التفكير من أكثر الموضوعات التي تختلف الرؤى وتعدد أبعادها وتشابكها والتي تعكس تعقد العقل البشري وتعقد عملياته ،إن ما يميز الإنسان عن غيره من المخلوقات قدرته على التفكير ، فمن خلال رحلته الطويلة الشّاقة من العصور البدائية إلى عصور الحضارة قد استطاع أن يواجه مشكلات لا حدود لها. هذه المشكلات تزداد صعوبة وتعقيداً بتطور المجتمع وتغيراته السريعة.
إن التقدم الحضاري الذي نلمسه في مختلف جوانب حياتنا المعاصرة إنما يعود إلى تطور ونتاج تفكير أجيال متعاقبة من الجنس البشري (داؤد، 1988).
ويرى الوقفي أن عملية التفكير تمر بمراحل تشبه الدائرة لذا أطلق عليها (الدائرة الفكرية) حيث أن التفكير الإنساني ينجز خمس مهام أو وظائف رئيسة هي: وصف، تفسير، تقرير، تخطيط، تنفيذ. وتظهر هذه الوظائف كما لو أنها متصلة ببعضها البعض، فالفكر يبدأ فعالياته الفكرية بوصف للمعلومة أو المنبه الذي يستقبله الدماغ ويبدأ الإنسان بالتوسع بهذه المعلومة وتفسيرها بأن يضيف لها مما في ذاكرته من خبرات ومعارف لإلقاء المزيد من الأضواء عليها وتبين أسبابها أو التنبؤ بنتائجها، وينتقل الفكر بعد ذلك إلى تقرير ما يجب فعله تجاه هذه المعلومة، فيضع خطة لتنفيذ العمل وتوجيهه، وقد يتخذ قراراً بشأن منبه جديد كما في الشكل، (الوقفي،1998).
ولقد أشار العديد من علماء النفس مثل شيرر Sheerer وجولدشتاين Goldstien إلى أن تفكير الإنسان متنوع وعريض الحدود ويمكن عن طريقة التفكير أن يحدد الفرد نوع التعليم الذي اكتسبه بخبرته من العالم، (فائق، 1966).
ويمثل التفكير نوعاً معقداً من أنواع السلوك البشري، والذي يأتي ترتيبه في أعلى مستويات النشاط العقلي، وأنه عملية معرفية تتميز باستخدام الرموز لتنوب عن الأشياء والأشخاص والحوادث ( عدس وتوفيق، 1998)
ويعد التفكير من حاجات الإنسان الأساسية وله علاقة بالمجتمع حيث يتعين علي الإنسان أن يفكر ويتخذ قرارات سليمة تمكنه من التكيف مع المجتمع الذي يعيش فيه ومن هنا يعتقد أن قرار تعليم التفكير يعد قراراً سياسياً فالمجتمعات المتقدمة تغرس في أبنائها صفة الثقة بالنفس والاعتماد عليها ، وتؤهلهم لاتخاذ قرارات سليمة وتمنحهم الفرصة الكافية للنظر فيها لذلك فإن حسن إدارة شؤون المجتمع تتطلب إعداد جيل من المفكرين الذين يحسنون تصريف أمور الأفراد علي أسس قوية من الوعي والفهم
ويتطور التفكير عند الأفراد بتأثير عوامل البيئة والوراثة ، وقد استخدم الباحثون أوصافا عديدة للتمييز بين نوع وآخر من أنواع التفكير وربما كان تعدد أوصاف التفكير وتسمياته احد احد الشواهد على مدى اهتمام الباحثين بدراسة التفكير وفك رموزه منذ بدأت المحاولات الجادة لقياس الذكاء بعد منتصف القرن التاسع عشر .
ومما لاشك فيه فان للبيئة أثرا كبيرا على أفراد المجتمع فهي تملي عليهم أنماطا سلوكية معينة ولذا يرى ستيرتبيرغ (Sternberg 1`997) ان بعض الثقافات تؤدي إلى أساليب تفكير معينة دون غيرها وهذا ما أكدته نتائج الدراسات التي قارنت بين أساليب التفكير في أقطار مختلفة إذا أكدت دراسة هونج وسيسكو( Haung and Sisco 1994) تفوق الطلبة الصينيين في أسلوب التفكير العملي على طلبة الأمريكيين كما أكدت دراسة حبيب عام 1995 إلى وجود فروق في أساليب التفكير ترجع لاختلاف البيئة إذا ارتفع مستوى التفكير التحليلي والواقعي لدى الطلاب المصريين بينما ارتفع مستوى التفكير العملي لدى الطلبة الليبيين
كما أوضحت احد الدراسات منها دراسة هاربسون وبرامسون إلى وجود الفروق بين السيطرة النصفية للدماغ وبين أساليب التفكير كما أشارت إلى سيطرة النصف الأيسر من الدماغ إلى استخدام التفكير التحليلي والواقعي اما سيطر النصف الأيمن من الدماغ فقد تؤدي الى استخدام أساليب التفكير التركيبي والمثالي ( حبيب ،1996 )