ابن أحمد بن علي مشرف منتدى
البلد : الجزائر عدد المساهمات : 8 نقاط : 22 تاريخ التسجيل : 15/05/2010 المهنة : أستاذ محاضر بجامعة بشار-الجزائر-
| موضوع: أسلوب الاشتغال في ضوء القراءات القرآنية 2012-02-10, 20:32 | |
| أسلوب الاشتغال في ضوء القراءات القرآنية
الدكتور ابن أحمد بن علي
جامعة بشار الجزائر مقدمـة :
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه و عظيم سلطانه ، و له الشكر على نعمائه و فضله و إحسانه ، و صلِّ اللَّهم و بارِك على سيِّدنا محمّد ، و على آله و صحبه ، و سلِّم تسليمًا كثيرًا ، ثُمَّ أمّا بعد :
فالقراءات القرآنية هي المصدر الأوّل و الأساس عندنا في الاحتجاج النحوي أو توجيه الاحتمالات في المسائل اللُّغويّة بِعامّة ، و تبيان الأرجح من الآراء النحويّة بِخاصّة .
أسلوب الاشتغال من الأساليب النحوية المشهورة عند النحويين القدامى والمتأخرين ، و هو إحدى هذه المسائل التي كثُرَ حولها الجدلُ من جرَّاءِ الخلاف في الآراء النحوية عند علمائنا ، و ذا الخلافُ في اعتقادنا قضيّةٌ صِحِيّةٌ تقتضيها طبيعة العلم و يَقبلُها ذَكاءُ الفكر ، وإن كان بعضُ علمائنا المُحْدَثين[1] يَرَونهُ تَرفًا فِكرِيًّا لا علاقةَ لـه بجوهرِ الدرسِ اللُّغويِّ الجادِّ لِلُّغةِ العَربيّة ؛ الذي يَمُتُّ إلى المنهج العلميِّ بِصلة.
و نحن نُريد مِن خلالِ هذه الدراسة المتواضعة أن نُسَلِّط الضوءَ على أهمِّيَّةِ أسلوب الاشتغال و خطورته في إدراك معنى الكلام ، و لِذا قُمنا بتوجيه الآراء و الاحتمالات النحويّة الواردة فيه و ترشيدها على ضوء ما أَوْردناهُ من القراءات صحيحِها و شاذِّها ؛ و ذلك حتَّى نَصِلَ إلى الفَهمِ الأَمْثَلِ للبُعدِ الدِّلاليِّ للنَّص .
تعريف أسلوب الاشتغال :
الاشتغالُ كما عرَّفه علماؤنا هو : أن يتقدم اسم ، ويتأخّر عنه فِعلٌ ، قَد عَمِلَ في ضمير ذلك الاسم أو في سَببِـيِّه، نحو: زيدًا ضربتُه، وزيدًا مررتُ به ، وزيدًا ضربتُ غلامَه. وأركانُه ثلاثةٌ هي : المشغولُ عنه وهو الاسمُ المُتقدِّم ، ومشغولٌ هو الفاعل المتأخِّر، ومشغول به وهو الضمير الذي تعدى إليه الفعل بنفسه أو بالواسطة[2]. ولكل واحد من هذه الأركان الثلاثة شروط معروفة ذكرها النحاة .
وقدِ اختلفَ النحويُّون في ناصبِ الاسمِ المُتقدِّم ، فذَهبَ جمهورُهم إلى أنَّ ناصبَهُ فِعلٌ مُضْمَرٌ وجوبا، أما الآخرون –وهو مذهبُ الكوفيِّين- فذهبُوا إلى أنَّه منصوبٌ بالفعلِ المذكورِ بَعدَهُ ، وقالُوا في هذه الحالة بأنَّ الضميرَ مُلغى ، و رُدَّ هذا الرأيُ بأنَّ الأسماءَ لا تُلغى بعدَ اتِّصالِها بالعوامل[3].
واستنبط النحاة أحكاما للاسم المتقدم على الفعل المشغول ؛ لا ترقى إلى أن تكون نظريّاتٍ قائمةً بِرأسِها ، فَضْلاً عن أن تكون قَواعدَ مُطَّرِدةً ، ولِذا كثُرت عندهم التفريعاتُ في هذا الموضوع ، واشتدَّ تَمَحُّـلُهم لبعض الأوجهِ التي وَرَدت في القراءات الشاذَّة ، وحاولوا تأويلَها في إطارِ الاستنباطات المُسبقة من كلام العرب التي يبدو أنها كانت نتيجةَ استقراءٍ ناقصٍ للظواهر التي جاءت في أسلوب الاشتغال . كما ينتصرون أحياناً لِأوجُهٍ شاذَّةٍ في القراءات ؛ لأنها تناسب أحكامَهم النحوية ، رُغمَ أنها خالفت قراءةَ الجمهـور.
التوجيه النحوي لأسلوب الاشتغال :
قرأ عيسى بن عمر الثقفي و إبراهيم بن أبي عبلة [4] بالنصب قول الله عزّوجلّ:﴿والسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾[5] وقوله تعالى : ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾[6]؛ فالاسم المشغول عنه في الآيتين قرآه بالنصب ، وخالفا بذاك القراءة المتواترة الصحيحة التي وردت عن القراء العشرة ، وقدم النحاة قراءة النصب على قراءة الرفع ، ونعتوها بالقوة والجودة ؛ لأنها توافقت مع الحكم النحوي المستنبط لديهم ؛ فسيبويه ذهب إلى أن نصب الاسم المشغول عنه أجود من رفعه إذا كان بعده أمر ، وذلك في قراءة عيسى الثقفي في الآيتين السابقتين ، ثم قال معقبا: « وهو على ما ذكرته لك من القوة ولكن أبت العامة إلا القراءة بالرفع »[7].
وخالفه الفراء في هذا وذهب إلى أن الرفع في قراءة الجمهور هو الوجه ؛ لأنه ليس يُقصَد به سارقٌ بِعينه ، والمعنى كل من سرق فاقطعوا يده[8]، وقال النحاس عن هذا التأويل النحوي بأنه قول حسن غير مدفوع[9]، وهذا القول اختاره الزجاج[10]. وخالف المبرد سيبويه في استحسانه لوجه النصب ، واستبدل بقول الله عز وجل: ﴿وَاللَّذَانِ يَأْتِياَنِهاَ مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا﴾[11] وقد أجمع القراء كلهم على وجه الرفع في (اللذان) ، والحجة أنه ليس يُقصد به اثنان بأعيانهما زنيا فينصب ، ولما كان مبهما وجب الرفع فيه[12].
وقرأ عيسى بن عمر وابن محيصن وابن أبي عبلة وأبو حيوة وطلحة بن مصرف قوله تعالى: ﴿سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهاَ وَفَرَضْناَهاَ﴾[13] بنصب الاسم المشغول عنه[14] ، وأجاز النحاس النصب على تقدير فعل محذوف: أنزلنا سورةً ، أو اُتل سورةً أنزلناها ، وتابعه في هذا ابن جني وقال بأنها منصوبة بفعل مضمر ، واستشهد بقول الشاعر:
والذئبَ أخشـاه إن مررت به وحدي وأخشى الرياح والمطرا[15]
رأي الفرّاء في نصب المشغول عنه :
وأجاز الفراء نصب الاسم المشغول عنه ؛ إذا كان هو وما بعده معطوفا على جملة فعلية سابقة[16]، وذلك في قراءة عيسى الثقفي وابن أبي عبلة[17]: ﴿ إِلَيْه يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُه﴾[18] بنصب ( العملَ الصالحَ ) ، أمّا قراءةُ الجمهور بالرفع : ﴿وَالعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُه﴾ ؛ ويكون وجه الرفع على الاستئناف ؛ أي يكون وقف على (الطيب) ويبتدأ بـ (والعمل)، أما قراءة النصب فيجب الوصل بينهما لأنه لا يجوز الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه . وهناك تفسير آخر نراه للوجهين وهو أن من نصب يريد تأكيد صلاح العمل وتخصيصه به كي يرفع ، أما وجه الرفع فكأنه يفسر بقولنا: وكل عمل صالح نرفعه ؛ فالأمرُ مرتبطٌ إمَّا بغرضِ التخصيص وإمّا بغرض التعميم.
رأي سيبويه في جواز النصب و الرفع :
ذهب سيبويهِ إلى جواز الوجهين النصبِ والرفع ؛ فقد أجاز نصب الاسم المشغول عنه في قراءة عبد الله بن أبي إسحاق وعيسى الثقفي والمفضل والمطوعي والحسن البصري[19] : ﴿وَأَماَّ ثَمُودُ فَهَدَيْناَهُمْ﴾[20]، وقد قال في هذا بأن الرفعَ أجودُ وأفصحُ لأن الاسم المشغول عنه سُبق بأماَّ ؛ لأن (أما) تطلب الأسماء وتمتنع عن الأفعال ، وذكر بأن النصب عربي كثير والرفع أجود[21] ، وتابعه في مذهبه هذا الفراء[22]. وهذا الرأي تَعضُدُه قراءة الجمهور الذين اختار كلهم وجه الرفع ؛ ولأن (ثمود) لم تصبح علما لتلك القبيلة المعروفة التي أرسل إليها النبي صالح عليه السلام ؛ بل صارت رمزا لكل من تصدر الطغيان وأراد في الأرض فسادا، وهكذا إن أردنا التخصيص فالنصب هو الوجه ، وإن كان التعميم والشمول فيجب الرفع.
رأي ابن جني في قراءة الرفع والنصب :
وقرأ السديّ قوله تعالى :﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهاَ﴾ بنصب (الأرضَ يَمرُّون عليها)[23]، وقرأها بالرفع عكرمة وعمرو بن فائد وابن عباس [24] (والأرضُ) ، وعبد الله بن مسعود قرأ : ﴿ والأرْضَ يَمْشُون عليها﴾[25]. أما قراءة الجمهور فهي : ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَمرُّونَ عليها﴾[26] بجرِّ (الأَرْضِ) عطفاً.
ابن جني ربط قراءة الرفع والنصب بالوقف على (السموات) ، ثم نبتدئ فنقول: (والأرضُ، والأرضَ)؛ فأما الرفع على الابتداء ، والجملة بعدها خبر عنها ، ووجه النصب فبفعل مضمر تقديره : يطئون الأرض[27] .
وهنا يستوي الوجهان الرفع والنصب ، ولا يمكن أن نرجح أحدهما على الآخر، ويكون الشأن في القراءتين منوطا بالوقف والابتداء ؛ فنقف على (السموات) ، ونستأنف القراءة بـ (الأرضُ أو الأرضَ) . وقراءة الجر (والأرضِ) لا وقف فيها اختياري ؛ بل يجب الوصل، ويستبعد فيها أسلوب الاشتغال.
ويرى الفراء أن قراءة أبي السمال[28]، ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ أَحْصَيناَهُ فِي إِمَامٍ مُّبِين﴾[29] بالرفع في (كلُّ شيء)، هي أجود من نصبه في قراءة الجمهور (كلَّ شيء)، وفي رأينا: التأويل السليم في هذه المسألة ؛ هو أن وجه النصب هو الأقوى والأرجح على وجه الرفع ؛ لأن الاسم المشغول عنه لما يكون منصوبا يأتي لدلالة وقوع الفعل عليه ؛ والتأكيد نوع من التخصيص ، وقلنا سابقا بأن التخصيص يكون بنصب المشغول عنه ، أما إذا أردنا التعميم فالرفع هو الوجه.
والرأي نفسه في قراءة أبي السمـال[30] قوله تعـالى: ﴿كُلُّ إِنسانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ﴾[31] برفع (كلُّ) ، وقراءة الجمهور بالنصب (كلَّ إنسان) ، وقد قدم الفراء قراءة الرفع وهي شاذة على قراءة النصب، وقال بأن (كل) بمنزلة النكرة إذا صحبها الجحد ، وفي (كل) مثل هذا التأويل[32].
رأي الأخفش الأوسط في رفع المشغول عنه :
وفضل الأخفش الأوسط رفع الاسم المشغول عنه ، إذا كان ما بعده خبرا لما قبله[33]، وهذا في قراءة أبي السمال[34]: ﴿إِنَّا كُلُّ شيءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾[35]، وقراءة الجمهور النصب (إناَ كُلَّ شيء) ، مع أن الأمر لا يستدعي هذا الترجيح ؛ بل يستوي فيه النصب والرفع ، وكل على حسب مراده من الوجه الذي قرأ به. ومصداق هذا قوله تعالى: ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْناَهُ مَنَاِزلَ﴾[36] قرأ بالنصب (والقَمَرَ) عاصم وحمزة والكسائي وابن عامر ، أما نافع وابن كثير وأبو عمرو وروح والحسن وأبو جعفر وابن محيصن فقرأوا بالرفع (والقمرُ)[37]. فالرفع والنصب في هذه الآية متواتران تواترا قطعيا ، ولا يمكن بهذا بحال من الأحوال الترجيح ، وما ذهب إليه الفراء من أن الرفع أعجب إليه[38]؛ هو مردود وغير مقبول. فقراءة الرفع هي الابتداء المتعلق بالاسم المشغول عنه ، وغرضه التنبيه على شأنه والتشهير به ، وهذا فيه معنى التعميم ، وأما من نصب فهو على معنى التأكيد والتخصيص ؛ وكأن القراءتين تتكاملان في المعنى المراد من الآية ، وهنا يتجلى قوله تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اختلافاً كثيراً﴾[39].
وذهب ابن جني إلى أن قراءة الرفع في قراءة أبي السمال[40]: ﴿وَالسَّمَاءُ رَفَعَهاَ﴾[41] هي أظهر وأقوى ، وعلة الترجيح لديه هنا أنه معطوف على الجملة الكبيرة التي هي قوله تعالى: ﴿وَالنَّجْمُ والشَّجَرُ يَسْجُدَانِ﴾[42]، فكما أن هذه الجملة مركبة من مبتدأ وخبر ، فكذلك قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءُ رَفَعَهَا﴾ جملة من مبتدأ وخبر، معطوفة على الجملة السابقة[43] .
أما جمهور القراء فقد اتفقوا على وجه النصب ، وهو عندنا أقوى وأقوم لبيان الدلالة المترتبة عليه من وجه الرفع ، فالمقام يقتضي التأكيد والتخصيص ، وإن كان لابد من الانطلاق في التأويل من توصيف التركيب ، فالأولى بابن جني أن يعطف الجملة الفعلية من الآية ﴿وَوَضَعَ المِيزَانَ﴾[44] على الجملة الفعلية «والسَّمَاءَ رَفَعَهَا» ، ويكون حينئذ النصب أظهر وأقوى ، ويتناسب مع مقام التأكيد والتعيين ، ويُعَزِّز هذا الوجه المشهور في القراءة القرآنية عبد الله بن مسعود في الشواذ: ( وخَفَضَ المِيزَان )[45]، وقراءة الجمهور بنصب الاسم المشغول عنه في الآية بعدها ﴿وَالأَرْضَ وَضَعَهَا للأَنَامِ﴾[46] فهي معطوفة على ﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا﴾ والأمر هنا بَيِّنُ أَبْلَج ، وقرأ أبو السمال بالرفع (والأَرْضُ وَضَعَهَا)[47].
وقرأ القراء معظمهم قوله تعالى: ﴿وَالظَالِميِنَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَليِمًا﴾[48] بنصب (الظالمين) ، أما قراء الشواذ وهم عبد الله بن الزبير وأبان بن عثمان وابن أبي عبلة فقراءتهم بالرفع: ( وَالظَالِمُونَ أَعَدَّ لَهُمْ )[49]، وقد ذكر ابن جني أن من اختار الرفع فهو على ارتجال جملة استئنافية ، كأنه قال: (الظَّالِمُونَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَليِمًا)[50]. لكنه مع ذلك يقدم قراءة النصب على وجه الرفع ويقول بأنها أسبق ؛ إذ يرتبط التأويل بوصف التركيب فيقول: « ألا ترى أن معناه: يُدخل من يشاء في رحمته ويعذب الظالمين، فَلَمَا أَضْمَرَ هذا الفعل فسره بقوله ﴿أَعَدَّ لَهُمْ عذابًا أليماً﴾ وهذا أكثر من أن يؤتى له بشاهد»[51]. وهناك قراءة شاذة أخرى تعضد وجه النصب عند الجمهور وهي قراءة عبد الله بن مسعود: ( وللظَالِميِن أعَدَ لَهم )[52] بزيادة اللام ، وهذا يدل على أن (الظالمين) متعلق بالفعل وليس بالابتداء ؛ فالرفع هنا ضعيف ، وليس باختيار حسن ؛ لأن (الظالمون) معطوف على (يدخل من يشاء) ، وعطف الجملة الاسمية على الجملة الفعلية غير حسن وغير مقبول.
وقرأ عاصم الجحدري وهارون[53] قوله تعالى: ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلوُنَهَا﴾[54] بنصب الاسم المشغول عنه (جناتِ) ؛ أما قراءة الجمهور فهي الرفع (جَنَاتُ عَدْنٍ) وهي مؤولة من وجهين: الأول: الرفع على أنها مبتدأ ، وجملة (يدخلونها) الخبر ، والثاني: الرفع على أنها خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هي جناتٌ ، وجملة (يدخلونها) صفة ، وقراءة (جناتٍ) بالنصب ففيها وجه واحد وهو النصب على الاشتغال[55].
وذكر أبو جعفر النحاس أن (جنات) مكسورة التاء في هذا الوجه من القراءة الشاذة من وجهين: الأول: كُسِِرَت التاء في موضع جر على البدل من (الخيرات) في الآية السابقة: ﴿وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ بِإذْنِ اللهِ﴾[56]، الثاني: يجوز أن تكون في موضع نصب على لغة من قال: زَيْداً ضَرَبْتُه[57]. وهذا الوجه الثاني في تعليل هذه القراءة يبين أن النحاس يَعُدُّ نصْبَ الاسم المشغول عنه لغةً من لغات العرب ، وهذا الرأي – إن كان صحيحا– يمكن أن نقول بأن رفع الاسم المشغول عنه هي اللغة المقابلة للغة النصب فيه.
ونحن نقول إن كان لا مناصَ من الترجيح ، فالرفعُ هو الوجه الأقوى والأظهر ؛ لأنه يُناسبُ مقامَ التعميم ؛ فكلمة (جنَّات) جاءت جَمعًا ونكِرة ، وهما يدلان على معنى العموم، وأمّا من اختار النصب فكأنه قَصَدَ التأكيدَ والتخصيص.
فهرس المصادر والمراجع
* القرآن الكريم .
1- إحياء النحو: مصطفى إبراهيم.طبع لجنة التأليف و الترجمة و النشر . القاهرة .1937.
2- إعراب القرآن: أبو جعفر النحاس.تحقيق : زهير غازي زاهر . مكتبة النهضة العربية .ط2 .1985.
3- البحر المحيط:أبوحيان الأندلسي.دار إحياء التراث العربي.ط1 بيروت لبنان 2002.
4- البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة : عبد الفتاح القاضي.تحقيق : أحمد عنابة.دار الكتاب العربي.ط1.بيروت.2004.
5- التبيان في إعراب القرآن: أبوالبقاء العكبري.تحقيق: علي محمد البجاوي .دار الجيل.ط2.بيروت.1987.
6- التفسيرالكبير و مفاتيح الغيب : فخرالدين الرازي.دار الفكر .ط1 .بيروت لبنان .1981.
7- الحجة في القراءات السبع: ابن خالويه. تحقيق:عبد العال سالم مكرم.مؤسسة الرسالة.ط6.بيروت.1996.
8- شرح ابن عقيل لألفية ابن مالك: ابن عقيل . دار الفكر للطباعة و النشر . ط16 . بيروت لبنان .
9- الفريد في إعراب القرآن المجيد:المنتجب الهمذاني. تحقيق:محمد حسن النمر.دار الثقافة.ط1.الدوحة قطر.1991.
10- القراءات الشاذة: ابن خالويه.مكتبة الأسد .دمشق.
11- الكتاب:سيبويه.تحقيق:عبد السلام محمد هارون .دار الجيل.ط1.بيروت .
12- الكشاف: الزمخشري.دار الفكر .بيروت لبنان .
13- المحتسب في تبيين وجوه القراءات الشاذة و الإيضاح عنها : ابن جني.إصدار المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية .القاهرة.1386هـ
14- معاني القرآن: الأخفش الأوسط.تحقيق:عبد الأميرمحمد أمين الورد.عالم الكتب ط1.بيروت لبنان.2003.
15- معاني القرآن: الفراء.تحقيق: أحمد يوسف نجاتي محمد علي النجار .دار السرور.بيروت.1955.
16- النشر في القراءات العشر: ابن الجزري .تحقيق:علي محمد الضباع.دار الفكر للطباعة و النشر.بيروت.
[1] - ينظر: إحياء النحو: مصطفى إبراهيم.طبع لجنة التأليف و الترجمة و النشر . القاهرة .1937. ص 45 وما بعدها.
[2] - شرح ابن عقيل لألفية ابن مالك: ابن عقيل . دار الفكر للطباعة و النشر . ط16 . بيروت لبنان . 2/128-129.
[3] - شرح ابن عقيل: 2/130-131.
[4] - البحر المحيط:أبوحيان الأندلسي.دار إحياء التراث العربي.ط1 بيروت لبنان 2002. 3/476. إعراب القرآن: أبو جعفر النحاس.تحقيق : زهير غازي زاهر . مكتبة النهضة العربية .ط2 .1985. 2/19. الكشاف: الزمخشري.دار الفكر .بيروت لبنان.1/377. التفسيرالكبير و مفاتيح الغيب : فخرالدين الرازي.دار الفكر .ط1 .بيروت لبنان .1981. 11/228-229.
[5] - سورة المائدة: 38.
[6] - سورة النور: 2. قرأ بوجه النصب: عيسى الثقفي ويحي بن يعمر وعمرو بن فائد وأبو السمال وأبو جعفر. ينظر البحر المحيط: 6/427. إعراب النحاس: 3/127. الكشاف: 3/47. المحتسب في تبيين وجوه القراءات الشاذة و الإيضاح عنها : ابن جني.إصدار المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية .القاهرة.1386هـ 2/100. تفسير الرازي: 23/131. القراءات الشاذة: ابن خالويه.مكتبة الأسد .دمشق . ص 100. التبيان في إعراب القرآن: أبوالبقاء العكبري.تحقيق: علي محمد البجاوي .دار الجيل.ط2.بيروت.1987. 2/964.
[7] - الكتاب:سيبويه.تحقيق:عبد السلام محمد هارون .دار الجيل.ط1.بيروت . 1/ 250 .
[8] - ينظر: معاني القرآن: الفراء.تحقيق: أحمد يوسف نجاتي محمد علي النجار .دار السرور.بيروت.1955. 1/241، 306-2/244.
[9] - إعراب القرآن:النحاس. 2/19.
[10] - تفسير الرازي: 11/229.
[11] - سورة النساء: 16.
[12] - ينظر: إعراب القرآن: 3/127-128.
[13] - سورة النور: 1.
[14] - البحر: 6/427. إعراب النحاس: 2/127. التبيان في إعراب القرآن: 2/963. الكشاف: 3/46. المحتسب: 2/92. معاني القرآن للفراء: 2/244. تفسير الرازي: 23/130. القراءات الشادة: ابن خالويه. ص 100. الفريد في إعراب القرآن المجيد:المنتجب الهمذاني. تحقيق:محمد حسن النمر.دار الثقافة.ط1.الدوحة قطر.1991. 3/585.
[15] - المحتسب: 2/99. ينظر: الكتاب: 1/90.
[16] - معاني القرآن: 1/367.
[17] - البحر المحيط: 7/304. الكشاف: 3/302. القراءات الشاذة: ص 123.
[18] - سورة فاطر: 10.
[19] - البحر المحيط: 7/491. الكشاف: 3/449. تفسير الرازي: 27/114. القراءات الشاذة: ص 133.
[20] - سورة فصلت: 17.
[21] - الكتاب: 1/81، 82.
[22] - معاني القرآن: 3/14.
[23] - البحر المحيط: 5/351. الكشاف: 2/346. المحتسب: 1/349. القراءات الشاذة: ص 65. التبيان في إعراب القرآن: 2/746. الفريد في إعراب القرآن المجيد: 3/103.
[24] - البحر المحيط: 5/351. الكشاف: 2/346. المحتسب: 1/349. التبيان للعكبري: 2/746: القراءات الشادة: ص 65.
[25] - البحر المحيط: 5/351. الكشاف: 2/346. المحتسب: 1/350. الفريد في إعراب القرآن المجيد: 3/103.
[26] - سورة يوسف: 105. ينظر: النشر في القراءات العشر: ابن الجزري .تحقيق:علي محمد الضباع.دار الفكر للطباعة و النشر.بيروت. 2/296. البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة : عبد الفتاح القاضي.تحقيق : أحمد عنابة.دار الكتاب العربي.ط1.بيروت.2004. ص 171.
[27] - المحتسب: 1/349.
[28] - البحر المحيط: 7/325. الكشاف: 3/317. الفريد في إعراب القرآن المجيد: 4/101.
[29] - سورة يس: 12.
[30] - القراءات الشاذة: ابن حالويه. ص 75.
[31] - سورة الإسراء: 13.
[32] - معاني القرآن: الفراء. 2/95، 255، 373.
[33] - معاني القرآن: الأخفش الأوسط.تحقيق:عبد الأميرمحمد أمين الورد.عالم الكتب ط1.بيروت لبنان.2003.ص 78.
[34] - البحر: 8/183. الكشاف: 4/41. المحتسب: 2/300. تفسير الرازي: 29/73. القراءات الشاذة: ص 148.
[35] - سور القمر: 49.
[36] - سورة يس: 39.
[37] - النشر: 2/353. البحر المحيط: 7/336. الحجة في القراءات السبع: ابن خالويه. تحقيق:عبد العال سالم مكرم.مؤسسة الرسالة.ط6.بيروت.1996.ص 298.الكشاف: 3/322. إعراب النحاس: 3/394. البدور الزاهرة: ص 271.
[38] - معاني الفراء: 2/378.
[39] - سورة النساء: 82.
[40] - المحتسب: 2/302. القراءات الشاذة: ص 148. البحر المحيط: 8/189. الكشاف: 4/44. تفسير الرازي: 29/90.
[41] - سورة الرحمن: 7.
[42] - سورة الرحمن: 6.
[43] - المحتسب: 2/302.
[44] - سورة الرحمن: 7.
[45] - الكشاف: 4/44.
[46] - سورة الرحمن: 10.
[47] - البحر المحيط: 8/190. القراءات الشاذة: ابن خالويه. ص 148.
[48] - سورة الإنسان: 31.
[49] - البحر المحيط: 8/402. إعراب النحاس: 5/110. الكشاف: 4/201. المحتسب: 2/344. تفسير الرازي: 30/263. القراءات الشاذة: ص 166.
[50] - المحتسب: 2/244.
[51] - المحتسب: 2/244.
[52] - البحر المحيط: 8/402. الكشاف: 4/201. إعراب القرآن للنحاس: 5/110. القراءات الشاذة: ص 166.
[53] - البحرالمحيط: 7/314. إعراب القرآن: النحاس: 3/373. الكشاف: 3/309. القراءات الشاذة: ص 123.
[54] - سورة فاطر: 32.
[55] - البحر المحيط: 7/314. الفريد في إعراب القرآن المجيد: 4/91.
[56] - سورة فاطر: 32.
57- ينظر: إعراب القرآن. 3/373. |
|