منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك تحليل النصوص المفهوم والضوابط I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةتحليل النصوص المفهوم والضوابط I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرتحليل النصوص المفهوم والضوابط I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورتحليل النصوص المفهوم والضوابط I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةتحليل النصوص المفهوم والضوابط I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةتحليل النصوص المفهوم والضوابط I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودتحليل النصوص المفهوم والضوابط I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرتحليل النصوص المفهوم والضوابط I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة تحليل النصوص المفهوم والضوابط I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لناتحليل النصوص المفهوم والضوابط I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة تحليل النصوص المفهوم والضوابط I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبتحليل النصوص المفهوم والضوابط I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرتحليل النصوص المفهوم والضوابط I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبتحليل النصوص المفهوم والضوابط I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارتحليل النصوص المفهوم والضوابط I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 تحليل النصوص المفهوم والضوابط

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحلام لسانية 1
عضو فضي.


القيمة الأصلية

البلد :
السعودية

عدد المساهمات :
65

نقاط :
93

تاريخ التسجيل :
17/01/2012

المهنة :
أستاذة


تحليل النصوص المفهوم والضوابط Empty
مُساهمةموضوع: تحليل النصوص المفهوم والضوابط   تحليل النصوص المفهوم والضوابط I_icon_minitime2012-01-23, 06:18

تحليل النصوص المفهوم والضوابط حسين كنوان* (منقول)

يتناول هذا المقال ثلاثة محاور أساسية هي:

الأول: الإطار العام

الثاني: المصطلح

الثالث: الضوابط

أولا: الإطــار العــام

"إن أدوات التعامل مع النص العربي لم تعد توظف بالكيف الصحيح، والقدر المطلوب منذ زمان، فقد استعيض عنها بالمستحدثات التي لا تمت في كثير من الأحيان إلى مكونات اللغة العربية بصلة، مادة ومنهجا؛ ولذا تقترح هذه الدراسة أن يكون الإطار العام الذي يعتبر منهجا لتحليل النصوص هو "الإعراب"نظرا لارتباط هذا المصطلح، بجميع مكونات المسألة، مادة، وإجراء واستفادة(1)، "فالإعراب هو عنوان الدرس اللغوي العربي منذ نشأته الأولى، ولعل ذلك ناتج عن كونه مصطلحا يرمز لوجود أمة بكاملها، أو لأنه يحمله دلالة القصد من عملية التكلم "البيان"أو لأن وسيلة التحليل اللغوي التي يقصد من ورائها الفهم والإفهام تسمى إعرابا، والأدوات اللغوية المستعملة للوصول إلى هذا الهدف تسمّى علامات إعراب...".

وهذا ما يستوجب إعادة النظر في مفهوم الإعراب، ليشمل كل الأدوات التي تساعد على الإعراب بمعنى البيان. "وهذا يعني إلغاء بعض الاعتبارات التي تفصل بين مستويات الدرس اللغوي العربي (كالأصوات، والصرف، والنحو), كما هي معروفة حتى الآن عند توظيفها في تحليل النصوص، إذ إنها مجتمعةً تكون أداة التحليل اللغوية الكبرى، ذلك أن هذه المستويات ترى منفصلةً من حيث الصناعة، لأغراض منهجية فقط في حين أنها تكون في مجملها الوسيلة الناجحة الكبرى لتحليل النصوص وضبط الوسائل..."

وإذا سلمنا بضرورة حضور هذه المستويات الثلاثة في عملية تحليل النصوص، مضافة إلى وظيفة المتن اللغوي. ثم "المقتضيات الخاصة لكل نص-فإن الأمر يدعو إلى اعتبار كل مستويات الدرس اللغوي العربي داخلة في مفهوم "الإعراب" في أثناء تحليل النصوص"(2).

إن تماسك مكونات النص العربي(المعتبر) واحتياجه إلى كل المقومات التي ينبني عليها يفرضان استحضار كل هذه المستويات بوصفها مكونات متضافرة في بناء النص، ولذا لا يمكن تحليل أي نص تحليلا سليما إلا بمعرفتها(3) "لأن اللغة نظام قائم بذاته، وبنيان خالص يضم تحولات داخلية تتصرف بشؤونه، ويتوزع مجاله الحيوي، فالجملة-وهي بهذا الخصوص، صورة مصغرة عن التنظيم الكبير-تتألف من عناصر يؤثر كل منها في الآخر، وتتعاون تعاونا وثيقا، ضمن مجموعة عصبية ميكانيكية لتؤدي المعنى المقصود...."

وهذه نظرتنا للإعراب الذي اعتبرناه إطارا منهجيا شاملا لتحليل النصوص العربية، حيث تنسجم للمحلل روح الانتماء الحضاري (عربي)(4), ومنهج التحليل (الإعراب بهذا المفهوم الشامل) والقصد من العملية الإعرابية (البيان والتواصل).
بهذا التصور الذي يقصد من ورائه جمع كل ما يمكن من أدوات التحليل اللغوية الممكنة، وضبط وظائفها الدلالية، مضافا كل ذلك إلى غيره من معطيات التحليل المنهجية الخاصة بكل نوع من النصوص لضبط ما يمكن أن نسميه علم النص العربي(5). ما دامت حضارة الأمة مبنية أساسا على النص عقيدة وشريعة ومنهج حياة.

ولنا في علماء أصول الفقه أسوة حسنة(6)، فيما يخص استنباط مجموعة من القواعد اللغوية، وضبطها دلالة وتوظيفا، ترى هذه الدراسة أن كل محللي النصوص في أمس الحاجة إلى مثل هذه القواعد، مع شيء من التفاوت في هذا الاحتياج.فأي محلل لا يحتمل أن يستعمل ألفاظ الجموع أو أدوات التعريف، أو أدوات الشرط، أو ألفاظ التوكيد مثل: كل وجميع.....، وكلها ألفاظ عموم، وهي من استعمالات الأصوليين.

ثانيا: المصطلح: المفهوم والوظيفة بين التحليل والتفسير.

التحليل:
هو توظيف كل ما يمكن من الأدوات والقرائن لرفع موانع الإدراك والفهم عن مضامين النص ومعانيه، وفق ما يقتضيه نوعه ومجاله، يقول الفيومي(7): حل الشيء (يحِل) بالكسر(حِلاًّ) خلاف حرُم فهو (حلال) و(حِلّ) أيضا، وصف بالمصدر، ويتعدى بالهمزة والتضعيف فيقال: (أحللته) و(حلَّلته) ومنه: "وأحل الله البيع "أي أباحه... و(حلت) المرأة للأزواج: زال المانع الذي كانت متصفة به كانقضاء العدة فهي حلال..."

يفهم من هذا النص أن صيغة (التحليل) التي أصبحت مصطلحا يعبر به عن عملية توضيح مضامين النصوص، والكشف عن المراد منها: مصدر (حَلَّل) المزيد بالتضعيف، فهو في أصل دلالته اللغوية يعني رفع المانع عن الشيء الممنوع(شرعا)، وبناء عليه (اجتماعيا) لتصبح الاستفادة منه-وفق المعيارين السابقين-ممكنة ومتيسرة، وكأن النص المنغلق على القارئ (مقارنة بذلك) ممنوع عليه الاستفادة منه حتى يأتي المحلل ليبسطه، ويرفع عنه الغموض، حيث يجعله في متناول فهم أي قارئ في مستوى قراءته، كما يرفع المنع عن الممنوع(شرعا) أو (اجتماعيا) ليصبح في متناول أي مستفيد منه مؤهل لتلك الاستفادة.

و"التحليل" بهذا المفهوم مشارك للتفسير بمعنى، ذلك أن التفسير يعني"البيان"، والبيان: هو رفع الالتباس عن اللفظ لِيُعْلَمَ مدلوله، يقول ابن منظور(8) "فسر: الفسر: البيان. فسّر الشيء يفسِرُه بالكسر، ويفسُر بالضم فسرا، وفسَّره: أبانه، والتفسير: مثله، قال ابن الأعرابي: التفسير، والتأويل والمعنى واحد، وقوله -عز وجل- "وأحسن تفسيرا"، والفسر: كشف المغطى، والتفسير كشف المراد عن اللفظ المشكل. والتأويل: رد أحد المحتملين إلى ما يطابق الظاهر... وكل شيء يعرف به تفسير الشيء ومعناه فهو تفسيره".

يبدو من خلال النصين السابقين أن مصطلحي(التفسير والتحليل) يشتركان في أمور، ويختلفان في أمور أخرى بنسبة ما، ومما يشتركان فيه:

أ- الموضوع: وهو النص، فكل منهما يستعمل في إطار معالجة نص معين.

ب- الهدف: وهو توضيح ذلك(النص) ورفع الغموض عنه لغرض معين.

ج- جانب الوسيلة المستعملة لأجل الوصول إلى الهدف وهي اللغة.

أما ما يختلفان فيه فهو:

أ- المجال: فالمجال الذي يستعمله فيه مصطلح (التفسير) هو النصوص الشرعية، وما يلحق بها من حيث التقديس اجتماعيا كالنصوص الفقهية؛ لأنها مستمدة من الشرعية، أو القانونية لسد الفراغ عند انعدام غيرها.

ب- الهدف: وهو ما سميناه سابقا (بالغرض المعين) فهدف المفسر لنص شرعي بالأصالة(قرآن كريم) أو (حديث نبوي شريف) أو بالتبعية كنص فقهي، أو قانوني، غير هدف الناقد، (الأدبي) أو المؤرخ، وإن كانا معا يخدمان المجتمع.
ج-الوظيفة: إن اختلاف استعمال المصطلحين في(المجال) و(الهدف) ينتج عنه بالضرورة اختلاف وظيفة المفسر عن وظيفة المحلل، وذلك ما يستوجب أن يتوفر كل منهما على أدوات خاصة في التحليل تميزه عن الآخر.وإن كان يتضح منذ البداية أن مجال التفسير عام، ومجال التحليل خاص.والعام يشمل الخاص ولا عكس، وعليه يمكن استعمال المصطلحين بالترادف مع أخذ هذه التفرقة بعين الاعتبار.

من كل ما سبق يمكن القول بأن تحليل النصوص(أو تفسيرها) في هذه الدراسة يعني مطلق النصوص بالألف واللام؛ لأن اللغة قاسم مشترك في التحليل بين نصوص جميع العلوم الإنسانية المكتوبة باللسان العربي المبين، بيد أن لكل نص خصوصيته من حيث موضوعه، ومستواه الخِطابي -بكسر الخاء باعتبار مصدره-(9) ومجاله(10), أو الهدف الذي يرمي إليه. ومن ثم، فقد يكون سهل العبارة، قريب الهدف، لا يكلف كثيرا في الكشف عن مضامينه. وقد يكون متين البناء، عيد الهدف، منغلقا فهمه(11) إلى حد الإعجاز. قد يكون بين هذا وذلك.ولذا تختلف مناهج التحليل باختلاف مجالات النصوص ومستوياتها، وقد يكون النص شرعيا، بمعنى أن الهدف من تحليله استخراج الأحكام أو تطبيقها. وقد يكون قانونيا أي الغاية منه تفسير القواعد لأجل تطبيقها. وقد يكون أدبيا يرمي إلى الفهم والتذوق، أو تاريخيا يروم الكشف عن حوادث واقعة أو فترة زمنية ما، ولكل نوع من هذه الأنواع طبقاته، أو أجناسه، أو أنواعه، ولذا يصعب اختيار نص نموذج عام جامع، مانع يتمثل فيه المنهج النموذج المراد في التحليل. ويبقى القاسم المشترك بين هذه الأنواع جميعا في التحليل، هو توظيف اللغة إلى أقصى حد ممكن، إذ هي أُسُّ أَيِّ منهج تحليلي ومفتاحه، إذا أريد لذلك المنهج أن يرفع بحق موانع الإدراك والفهم عن النص المحلل، ويتم التواصل به ومعه في مجاله بين أفراد أية مجموعة بشرية تتخذ اللسان العربي أداة للتواصل بين أفرادها، وأسلوبا للتعبير عن أغراضها، ولذا تقترح هذه الدراسة مجموعة من المفاهيم العامة والخاصة التي ترى أنها تفيد في تحليل هذا النص أو ذلك، قصد ملامسة أكبر قدر ممكن من المجالات، وتوفير أقصى ما يمكن من الأمثلة اللغوية للمناهج، مدام الكل يشترك في اعتماد النص منطلقا، واللغة أداة لفهمه، وإن كان كل منهج ينفرد بخصوصياته التي يفرضها مجال النصوص المحللة ومستواها(12)."وفهم دلالات النصوص يتطلب وعيا كاملا بحقائق اللغة التي نزل بها النص، وطريقتها في التعبير والإدراك، وخواصها التركيبية لمعرفة ما يمكن أن يتضمنه النص من معان"

ثالثـا: الضـوابط

"ونظرا لكون هذه الدراسة في بداية تصورها الذي تروم تحقيقه، فإنها تسعى إلى تشخيص الضوابط العامة التي يمكن أن تفيد في تحليل النصوص بصفة عامة: أية نصوص باعتبار اللغة قاسما مشتركا بين جميع العلوم الإنسانية المكتوبة باللسان العربي المبين(13).

ولذا ترى هذه الدراسة أن الضوابط التي ينبغي أن يعتمدها محللو النصوص نوعان:

أولا: مفاهيم عامة، هي بمثابة مسلمات لفهم وظيفة الدرس اللغوي العربي بصفة عامة.

ثانيا: إجراءات تحليلية مباشرة خاصة، تفرضها طبيعة مكونات النص المحلل: (المادية) أو(المعنوية)، من حيث موضوعه، ومستواه الخطابي باعتبار مصدره ومجاله.

ومن المفاهيم العامة ما يلي:

1-سلامة النص

وذلك بأن يكون خطابا مفهوما، حاملا بالتمام لفكرة ما، خاليا من أي عائق يجعله مشوش الدلالة، وذلك كأن تكون بعض مكوناته مبتورة، أو محرفة، أو موغلة في الإبهام لعلة ما، ولهذا تعني هذه السلامة من جملة ما تعنيه ما يلي:

أ-مقابلة النص مع الأصل: إن كان منقولا أو محققا، وهذا من جملة ما يعنيه الشاهد البوشيخي-حفظه الله- وهو يتحدث عما أسماه"معضلة النص" إذ يقول: (14) "نصوص موثقة المتن: أي موثقة العبارة التي صدرت عن أصحابها، أي محققة، وذلك لضبط الأحكام عليها، والاستفادة منها، انطلاقا من حدود عبارتها لئلا يقول قائلاً ما لم يَقُلْ، فيقول بتقويله عصر، أو مصر، أو اتجاه، أو غير ذلك، ولئلا يبني بانٍ بناءه على ما لم يصح بسبب تصحيف أو تحريف، أو بتر، أو غير ذلك. فيفسد التاريخ والواقع معا".

ب-سلامة بناء النص من حيث الفهم القاصر(15)، والقصد المغرض(16) واللحن البنائي(17) بجميع أشكاله. وكل هذا يقتضي معرفة دقائق وظائف مكونات النص: جذورا معجمية، ومشتقات صرفية، وتراكيب نحوية، بالإضافة إلى صحة الترجمة إن كان معربا، وإلا وقع تنافر بين مكونات النص معنى، وتعذر التواصل بها على الوجه الأكمل، وإن كانت في الظاهر مكتوبة بأحرف عربية، فإنها تبقى على أصالة عجمتها، الأمر الذي يستعصي معه فهم دلالتها في سياق النص العربي المنسجم البناء.يقول أبو حيان(18) -وهو بصدد شرح قوله -تعالى-: ﴿ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا﴾(19) "ولما كان هذا الاستفهام معناه النفي كان خبرا، ولما كان خبرا توهم بعض الناس أنه إذا أخذت هذه الآيات على ظواهرها، سبق إلى ذهنه التناقض فيها...وهذا كله بعد عن مدلول الكلام، ووضعه العربي، وعجمة في اللسان يتبعها استعجام المعنى".

ويقول الزجاجي(20): وهو بصدد تعريفه الاسم-: "والاسم في كلام العرب...وإنما قلنا في كلام العرب لأنا له نقصد، وعليه نتكلم، ولأن المنطقيين، وبعض النحويين حدوه حدا خارجا عن أوضاع النحو..."(21) "هذا وبواعث التصحيف والتحريف (عبر التاريخ) كثيرة: منها الخلافات السياسية، أوالزندقة (ولكل عصر زندقته) والعصبية للجنس والقبلية واللغة، أو الخلافات الفقهية والكلامية، أو الجهل بالدين مع الرغبة في الخير، أو التقرب من سلطان...".

وعليه فإذا لم يكن النص سالم البناء، شريف المحتوى، معلوما مصدره، واضح المحتوى لا يعتد به.

ح-صحة مصطلحات النص، واستقرار دلالتها: وفي هذا المعنى يقول الدكتور الشاهد البوشيخي-حفظه الله-وهو يعدد أوجه معضلة النص(22): "وجه فهم ألفاظه اللغوية والاصطلاحية إذ هو تراث قرون وقرون، والمعاجم اللغوية -على كثرتها-اهتمت، أو كادت لا تهتم، إلا بلغة بعض القرون، وهو تراث أعلام ومدارس واتجاهات، وعلوم وفنون وصناعات، ولكل صناعة ألفاظ، ولكل قوم ألفاظ كما قال أبو عثمان الجاحظ، والمعاجم الاصطلاحية-على قلتها-لم تعن أو تكاد لا تُعْنَى إلا برأي الجمهور في اصطلاحات العلوم والفنون".

2-انتفاء عوارض الفهم(23) بين المحلل والنص:

ذلك أن النص في مثل هذه الحال خطاب، والمحلل مخاطب، ولذا فلابد من خلو الطرفين مما يمنع عملية التحليل والتأثر، فخلو النص من المشوشات السابقة يجعل المحلل المتوفر على كل مستلزمات التحليل في ميدانه يفهم دلالات البِنَى المكونة للنص، وهذه الصفة توازي القدرة على فهم دليل التكليف في الخطاب الشرعي؛ لأن مثل هذه القدرة لا يمكن أن تحصل للمحلل إلا إذا انتفت عنه موانع الفهم، على غرار انتفاء عوارض الأهلية في الخطاب الشرعي.فشروط الفهم السليم للنصوص بمثابة شروط التكليف بالنسبة لمن يوجه إليه الخطاب الشرعي، فشروط الفهم السليم للنصوص بمثابة شروط التكليف بالنسبة لمن يوجه إليه الخطاب الشرعي.وقد يتعلق الأمر بدقة التخصص حيث تكون لبعض مكونات النص حمولة دلالية خاصة، وفي مثل هذه الحال لاتستشار اللغة وحدها، وإنما ينبغي أن يُسْأَلَ أهلُ الذكر.

3-القدرة على كشف العلاقة بين أي دالّ ومدلوله عند الاقتضاء:

هذه العلاقة التناسبية غير الاعتباطية، إما عن طريق محاكاة الأصوات (الدوال) لمدلولاتها (الأشياء)، أو عن طريق المواضعة الاجتماعية الثابتة بالاستقراء بين مستعملي اللغة، ذلك أن الكلمات كل الكلمات رموز تحليل على معان خاصة دون سواها، وإن كان الأمر يدق أحيانا إلى درجة نتوهم فيها مطابقة أكثر من دال لمدلول واحد، والأمر ليس كذلك عندما ندقق النظر.

4- فهم الضوابط العامة لحقول دلالات الكلمات (مجالا)، و(دلالات مباشرة)

ذلك أن كل صنف من أصناف رمز خاص يحيل على جنسه أولا، فَحَقْلُهُ الدلالي ثنايا، ثم نوعه ثالثا، ثم دلالته المباشرة بين أفراد جنسه أخيرا، فالكلمات رموز للمعاني والأفكار، ومحضن للمفاهيم والقيم، التي منها الثوابت، ومنها المتغيرات. وعليه فإن أي نقص يشوب فهم المحلل للنص، لهذا الصنف من الكلمات أو ذلك، أو زحزحة لأية كلمة عن معناها المخصص لها ينعكس على المعاني المستخلصة من النص بدرجة ما.

5-توخي الدقة في إصدار الأحكام:

ذلك أن الحكم السليم على مضامين النص إن تعددت، أو مضمونه الوحيد إن كان ذا فكرة رئيسية -ينبني على الفهم الصحيح لبنياته ومكوناته: متضافرة ومتكاملة، وهذا يستوجب بالضرورة استحضار محلل النص لكل مستويات الدرس اللغوي عندما يقبل على عملية التحليل، ذلك أنه قد يحتاج إلى توظيفها واحدا تلو الآخر، وهو يستخرج مضامين النص. وقد يوظف بعضٌ منها دون سواه مما يتناسى مع ما قد يعرض من إشكالات النص.

6-اعتبار الأبنية الثلاثية أهم مكونات النص نظرا لورودها في النص بنسب متفاوتة أكثر من غيرها. ولذا ينبغي أن تعطى أسبقية اهتمام المحلل لوظائفها الدلالية، نظرا لكثرة ورودها في النص من جهة، ولكونها أس المزيدات من جهة ثانية. مع اعتبار البنيات المزيدة بأحرف الزيادة المعهودة، مستوى لغويا خاصا ومتميزا بدلالته واستعمالاته.

إن ضبط الوظائف الدلالية لكل بنيات النص يبعد احتمالات فهم النص المتباينة بين محلل وآخر، ويقرب وجهات النظر المختلفة، وفي ذلك ما فيه من نفع عميم لأفراد أية مجموعة بشرية ارتضت اللغة العربية أداة التواصل؛ لأن هذا العمل يحول دون تعدد احتمالات تأويل النص في غير محلها. ويجعل عملية الفهم والإفهام ممكنة بين المتخاطبين إلى أقصى الحدود.

أما الإجراءات التحليلية المباشرة فهي كما يلي:

1-التنبيهات ومنها:

-التصنيف الأولي لمكونات النص وضبط دلالات كل ماله علاقة بالمعنى المراد ومن ذلك:

-ضبط الدلالات المعجمية للأفعال المكونة للنص بقطع النظر عن البنية الصرفية أحيانا.

-ضبط دلالات البِنى الصرفية المجردة، ماضيا ومضارعا.

-ضبط دلالات البِنى المزيدة -بحرف أو أكثر- مع التفريق بين ما هو مزيد لمعنى، وما تعتبر الزيادة فيه من أصول البنية بحيث يستعاض به عن المجرد.

-ضبط وظائف العلاقات النحوية في الجملة الفعلية ودلالتي التعدية واللزوم بتفريعاتها.

-ضبط الفروق الدلالية للمشتقات المتفرعة من جذر واحد مثل. (وُجْد) و(ِوجْدانا) و(مَوْجدة).

-معرفة جنس المصدر. للتفريق بين المشتق والجامد، وبين ما جاء على أصل فعله، وما هو مخالف له، وما استعمل منه للدلالة الصريحة أو المؤولة.

-الحذر من مزالق السياق بخصوص البنيات الصرفية المحتملة لأكثر من وجه دلالي معجميا.أو تركيبيا عندما تحتمل عين جذرها الثلاثي أكثر من وجه.

2-التطبيقات أمثلة ونماذج

أ-النص قوله -تعالى-(24) ﴿نزَّل عليك الكتاب بالحق﴾.

ب-المستوى: الموظف: المستوى الصرفي، بالتحديد صيغتي "فَعَّلَ"و"أفْعَلَ".يقول القرطبي في تفسير هذه الآية(25) ﴿نَزَّل عليك الكتاب..﴾ يعني القرآن. "بالحق" أي بالصدق، قيل: بالحجة البالغة. والقرآن نزل نجوما: شيئا بعد شيء، فلذلك قال: "نَزَّل" والتنزيل مرة بعد مرة، والتوراة والإنجيل نزلا دفعة واحدة فلذلك قال "أنزل".

وقد أوضح أبو حيان السمة الغالبة في الأفعال الدالة على التكثير عندما تصاغ على وزن "فَعَّل" حين تفسيره لقوله -تعالى-(26): ﴿وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا...﴾ إذ يقول: (ونزَّلنا) التضعيف فيه هنا للنقل، وهو المرادف لهمزة النقل، ويدل على مرادفتهما في هذه الآية قراءة يزيد بن قطيب: (مما أنزلنا) بالهمزة، وليس التضعيف فيه هنا دالاً على نزوله منجما في أوقات مختلفة، خلافا للزمخشري(27)، قال: فإن قلت لم قيل: (مما نزلنا) على لفظ التنزيل دون الإنزال؟ قلت: لأن المراد النزول على التدريج والتنجيم، وهو من مجازه لمكان التحدي.

وهذا الذي ذهب إليه الزمخشري في تضعيف عين الكلمة هنا، هو الذي يعبر عنه بالتكثير، أي يفعل ذلك مرة بعد مرة، فيدل على هذا المعنى بالتضعيف، ويعبر عنه بالكثرة.

وذهل الزمخشري عن أن ذلك إنما يكون(غالبا) في الأفعال التي تكون قبل التضعيف متعدية نحو جَرَحْتُ زيدا، وفَتَحْتُ الباب، وقَطَعْتُ، وذَبَحْتُ، ولايقال: جلَّس زيد، ولا قعَّد عمرو، ولا صوَّم جعفر. (ونزّلنا) لم يكن متعديا قبل التضعيف إنما كان لازما، وتعديه إنما يفيده التضعيفُ أو الهمزةُ، فإن جاء في لازم فهو قليل، قالوا: مات المال، وموَّت المال إذا كثر ذلك فيه، وأيضا فالتضعيف الذي يراد به التكثير إنما يدل على كثرة وقوع الفعل. أما أن يجعل اللازم متعديا فلا، ونزّلنا قبل التضعيف كان لازما، ولم يكن متعديا، فيكون التعدي المستفاد من التضعيف دليلا على أنه للنقل لا للتكثير، إذ لو كان للتكثير، وقد دخل على اللازم، لَبَقِيَ لازما نحو مات المال، وموَّت المال، وأيضا لو كان التضعيف في "نَزَّلَ" مفيدا للتنجيم لاحتاج قوله تعالى(28): "لولا نُزّل عليه القرآن جملة واحدة" إلى تأويل؛ لأن التضعيف دال على التنجيم والتكثير، وقوله "جملة واحدة" ينافي ذلك. وأيضا فالقراءات بالوجهين في كثير مما جاء يدل على أنها بمعنى واحد، وأيضا مجيء "نَزَّلَ" حيث لا يمكن فيه التكثير والتنجيم إلا على تأويل بعيد جدا يدل على ذلك".

في هذا النص ثلاثة آراء بخصوص دلالة صيغة "فَعَّل" في بنية الفعل (ن ز ل) يدل على التكثير والتنجيم، أو دلالته على النقل مثل "أفعل" أول هذه الآراء للقرطبي، وثانيهما للزمخشري، وهما يقولان برأي واحد، وهو أن "فَعَّلَ" في بنية الفعل "نَزّل" تفيد التكثير والتنجيم، ومن ثم فإن القرآن الكريم نزل منجما بالتدريج في نظر هذين العالمين وبالمقابل فإن "أفعل" تفيد نزول القرآن دفعة واحدة.

أما الرأي الثالث فهو لأبي حيان الأندلسي الذي لا يُسَلّم بدلالة " فَعَّل"على التكثير دلالة مطلقة، وإنما يضع لها قيدين هما:

أولا: أن يكون الفعل الذي يدل على التكثير في صيغة "فَعَّل" متعديا في (الغالب).

ثانيا: أن يكون التغيير الذي يفيده التضعيف تغييرا دلاليا فقط دون التغيير الشكلي التركيبي، وذلك ما تفيده عبارته في النص السابق: "أما أن يجعل اللازم متعديا فلا..."

ويبدو أن التسليم بدلالة "فَعَّل" على التكثير، أو النقل دون مناقشة فَهْمٌ لا يستقيم. ذلك أن ما ذهب إليه أبو حيان-رحمه الله تعالى- من كون التضعيف هنا لا يدل على التكثير يجانبه الصواب من وجوه منها:

1- أن أبا حيان لم يستعمل عبارة الجزم فيما ذهب إليه، ولذا نلاحظه يستعمل كلمتي(غالبا) و(قليلا)، وعليه فلم لا يعتبر التضعيف في "نَزَّّل"هنا دالا على التكثير من باب عكس(الغالب) الذي هو(القليل)؟

2-أسند أبو حيان للتضعيف هنا وظيفة (النقل) فقط، وعضد ذلك بقراءة "يزيد بن قطيب" حيث اعتبر(أنْزَلَ ونَزَّلَ) بمعنى واحد. والسؤال هل تتجرد كل صيغة من هاتين الصيغتين من وظيفتها الدلالية الخاصة مع العلم بأن سيبويه قد أثبت لكل صيغة دلالتها الخاصة وفي هذا يقول(29): "تقول: كَسَرْتُها، قَطَعْتُها، فإذا أردت كثرة العمل قلت: كسَّرته وقطَّعته، ومَزَّقتُه..."؟ وهل تتجرد صيغة (فََعَّل) من أية وظيفة دلالية إذا أفادت النقل الذي يعني التعدية، مع العلم أن مفهومي التعدية واللزوم قيمتان خلافيتان؟؟.

3- لعل أبا حيان ذهل فجمع بين أمثلة بابين-كما ورد عند سيبويه-هما(30): "باب افتراق فَعَلْتُ وأفعلت" وفيه يشترك فعلت وأفعلت، ولأمثلته وظائف دلالية غير التكثير، وباب(31) "دخول فَعَّلْتُ على فَعَلْتُ لا يشركه في ذلك أفعلت". وقد نص سيبويه صراحة على أن التضعيف في أمثلة هذا الباب يدل على التكثير(32)، ولا مجال فيه لقياس (فَعَّلَ) على (أفْعْلَ) لأن صياغة عنوان الباب تخرج أفعل من بين هذه الأمثلة، وعليه يمكن القول: بأن أبا حيان جاء بمثال من باب ليلبسه معنى باب آخر غير بابه. والله أعلم.

4- إن قول أبي حيان-وهو ينتقد الزمخشري- بأن دلالة التضعيف متعدية "غير مطرد، ولذا لا يعتبر حجة على الزمخشري، ذلك أن الأمثلة التي أوردها سيبويه لما دل على الكثرة يجتمع فيها المتعدي قبل التضعيف واللازم دون أدنى إشارة لما قد يحصل بين النوعين من فرق دلالي.

5- قد تشفع لأبي حيان عبارتان فيما ذهب إليه هما:

أ- قوله: "أيضا لو كان التضعيف في (نزل) مفيدا للتنجيم لاحتاج قوله -تعالى-: ﴿ولولا نُزِّلَ عليه القرآن جملة واحدة﴾... إلى تأويله".

ب- وقوله: "أيضا مجيء (نَزَّلَ) حيث لا يمكن فيه التكثير والتنجيم إلا على تأويل بعيد جدا يدل على ذلك".
هاتان العبارتان تضعان إشكالا يستوجب المناقشة؛ لأنهما الحجة الوحيدة التي يمكن أن تسند رأي أبي حيان في اعتبار "نَزّلَ" دالة على النقل (فقط) من جهة، وتخطئة الزمخشري فيما ذهب إليه من دلالة "نَزّلَ" على الكثرة من جهة ثانية.

والملاحظ أن دلالة "نَزّلَ" بالتضعيف في كتاب الله -عز وجل- ليست واردة للتكثير الذي يفسر بالتنجيم على الإطلاق. وهذا ما يؤيده قول أبي حيان في النص السابق: "جملة واحدة" ولكنها في الوقت نفسه لا ترد بمعنى النقل (فقط) رغم أن أبا حيان فسرها بذلك، ويشهد لما نزعمه ما يلي:

1-ورود "نَزّلَ"و"أنزل" في القرآن الكريم وهما تعنيان شيئا واحدا في آيات كثيرة منها قوله -تعالى-(33): "نَزّلَ"عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه، وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان".
والسؤال هل نزلت هذه الكتب كلها منجمة، أم نزل بعضها منجما، وبعضها الآخر نَزَلَ دفعة واحدة؟

وكيف يمكن المطابقة بين دلالة "نَزّلَ" التي يمكن حملها على التكثير تارة، وعلى النقل أخرى مع واقع هذه الكتب السماوية التي يقال: إن بعضها نزل منجما، والآخر دفعة واحدة؟

2-دلالة كل من: "نَزّلَ" و"أنْزَلَ" على المفرد الذي لا يقبل التأويل بالجمع على كل حال، ومن ذلك:

أ- "نَزّلَ" في قوله -تعالى-(34): ﴿إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن يُنَزِّلَ علينا مائدة من السماء﴾ وقوله -تعالى-(35): ﴿وقالوا: لولا نزل عليه آية من ربه، قل إن الله قادر على أن ينزِّل آية﴾.

ب-"أنزل" مثل قولـه -تعالى-(36): ﴿ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا...﴾ وقولـه -تعالى-(37): ﴿ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المومنين وأنزل جنودا لم تروها﴾.

الواضح أن مفعولات "نَزّلَ" و"أنْزَلَ" الصريحة أو المؤولة مفردة لا تقبل التجزيء حتى يقال: إنها نزلت منجمة وهي: "مائدة"و"آية"و"أمنة"و"سكينة".بل أكثر من ذلك أن "أنزل" قد ورد في سياق يعنى القرآن الكريم الذي يعتبر منجما في نزوله على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

3- لقد جمع سيبويه بين "نَزّلَ و"أنْزَلَ" وهو يمثل لما تشترك فيه "فَعَّلْتُ"و"أفْعَلْتُ" وذلك بقوله(38): "ومثل أفْرَحْتُ وفَرَّحْتُهُ: أنْزَلْتُ ونَزٌلت".

لكل هذه الاعتبارات وغيرها لا يمكن حمل دلالة "فعل" في هذا السياق على أنها للتكثير الخاص المحض، وإنما هما لغتان قد يكون لأحدهما فضل على أخرى فيستغنى بها عنها مع عدم إلغاء الأخرى تماما.يقول سيبويه(39): "وقد يجيء الشيء على فَعٌَلت فيشرك أفعلت كما أنهما قد يشتركان في غير هذا, وذلك قولك: فِرح وفرٌَََحته، وإن شئت قلت أفرحته، وغِرم وغرَّمته و أغرمته، إن شئت كما تقول: فزَّعته وأفزَعته...وقالوا: ظرُف وظرَّفته، ونبُل ونَبَّلته، ولا يستنكر أفْعَلْتُ فيهما ولكن هذا أكثر واستغنى به"

والسؤال الوارد هنا بحدةٍ هو: ما هي سمات الأفعال الخاصة بباب "افتراق فَعَلْتُ (بالتخفيف) و أفعلت التي من ضمنها ما يشترك فيه "فَعَّلْتُ" بالتضعيف و أفعلت؟ وما هي سمات أفعال باب: دخول فَعَّلت (بالتضعيف) على أفعلت لا يشاركه في ذلك فعلت التي من بين أمثلتها "فَعَّلْتُ" الدالة على الكثرة متعدية أو لازمة؟

ونظرا لما بين (فَعَّْلْتُ) و(أفْعَلْتُ) من اشتراك في معنى المادة الواحدة، وانفراد كل منهما بنصيب، قد يدق أحيانا إلى درجة الخفاء-كما هو الشأن بين(نَزَّلََ) و(أنزل)- فإننا سنورد بعض الأمثلة التي توضح هذه الفروق الدلالية بين الصيغتين وذلك كما يلي:

ترد أفْعَلَ وفَعَّلَ مشتركتين في مادة واحدة مترادفتي المعنى مع ملاحظة فرق دلالي يوجبه اختلاف الصيغتين، أو متباينتي المعنى تماما رغم اشتراكهما في المادة نفسها، ونورد بعض الأمثلة لذلك فيما يلي:

أولا: مترادفتا المعنى(40): وتردان للدلالة على ما يلي:

للدلالة على التأكيد والإلحاح أو عدمه، يقول سيبويه(41): "وقد يجيء فَعَّلْتُ و أفْعَلْتُ في معنى واحد مشتركين كما جاء فيما صيرته فاعلا ونحوه، وذلك وعَّزْتُ إليه، و أوزعت إليه، وخَبَرْتُ وخبَّرت، وسمّيت وأسميت..."

ثانيا: متباينتا المعنى بحيث تكون لكل صيغة منهما دلالتها الخاصة، تفهم من البنية المعجمية لنفس الجذر المزيد حسب نوع الزيادة ومن ذلك:

أ- للدلالة على تنبيه المفعول لأمر، أو لإصلاح من شأنه، يقول سيبويه(42): "...وقد يجيئان مفترقتين، مثل علمته وأعلمته، فعلمت: أدبت، وأعلمت: آذنت، وآذنت: أعلمت، وأذُنته: النداء والتصويت بالإعلان...".

ب- للدلالة على التصيير والإصلاح، أي: تصيير المفعول من حالة إلى حالة، أو الإصلاح من شأنه والقيام عليه، يقول سيبويه(43): "وتقول أمرضته: أي جعلته مريضا ومَرَّضْتُه، أي قمت عليه ومثله: أقذيت عينه، أي جعلتها قذية، وقَذَّيْتُها نظفتها".

ج- للدلالة على الإضافة (اللغوية) أو التصيير، أي إضافة شيء إلى شيء، أو تصييره من حالة إلى أخرى أعم وأشمل، يقول سيبويه(44): "وتقول أكثر الله فينا مثلك، أي أدخل فينا كثيرا مثلك، وتقول للرجل: أكثرت: أي جئت بالكثير، وأما "كَثَّرْت" فأن تجعل قليلا كثيرا..."

د- للدلالة على الصيرورة في ظرف معين أو الإتيان فيه يقول سيبويه(45): "وتقول: أصبحنا وأمسينا وأسحرنا، وأفجرنا، وذلك إذا صرت في حين صبح ومساء وسحر وفجر. وأما صبَّحنا ومسَّينا وسحَّرنا فنقول: أتيناه صباحا ومساء، وسحر ومثله بيتناه: أتيناه بياتا".

هـ- للدلالة على تقليل الفعل، أو تكثيره، يقول سيبويه(46): "وقالوا: أغلقت الباب، وغلقت (بتشديد اللام) الأبواب حين كثر العمل...".

ويوضح القرطبي الفروق الدلالية الموجودة بين صيغ هذه المادة بقوله: (47) "علق(بالتضعيف) للكثير، ولا يقال (غلق) الباب(بالتضعيف)، و(أغلق) يقع للتكثير والقليل".

والسؤال: هل تتطابق دلالة (فَعَّلَ) -بتشديد العين- و(أفعل) في مادة نزل (بتشديد الزاي)، وأنزل في الآيات القرآنية التي وردت فيها؟

وإلى أي حد يمكن التسليم بأن دلالة "نزل" تدل على أن القرآن الكريم نزل منجما، وغيره من الكتب السماوية نزل دفعة واحدة بدليل "أنزل" اعتمادا على الدلالة اللغوية، دون تأويل؟

*************

الحواشـي

*) أستاذ وباحث من المغرب.

1- ينظر: الحسين كنوان: وظيفة المطابقة الإعرابية في النحو العربي (صاحب البحث) وهو بحث لنيل شهادة دبلوم الدراسات العليا سنة 1989م بجامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية الآداب، فاس، ص1.

2- المرجع نفسه، ص15.

3- ينظر تمام حسان: اللغة العربية معناها ومبناها، ط2 بتاريخ79، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ص38 وريمون طحان: الألسنية العربية ط1 بتاريخ 1972م، دار الكتاب اللبناني، ص20.

4- لتكون الرؤية ذاتية من الداخل.

5- ينظر كنوان الحسين: مستويات الدرس اللغوي العربي ووظيفته في تحليل النصوص أطروحة لنيل الدكتوراه الدولة في اللغة وآدابها بجامعة مولاي إسماعيل، كلية الآداب، مكناس د1/3.

6- المرجع السابق، 1/3.

7- المصباح المنير، 79.

8- لسان العرب: 5/55.

9- أقصد مصدر النص أي المخاطِب بكسر الخاء؛ لأن قوة النص وقدسيته باعتبار مصدره وموضوعه.

10- وأعني بالمجال، المجال العلمي، كالقرآن الكريم، أو الحديث الشريف، أو التاريخ، أو القانون... إلخ.

11- كالقرآن الكريم.

12- محمد قاسم المنسي: التفسير الفقهي، ص32.

13-كنوان الحسين، مستويات الدرس اللغوي العربي ووظيفته في تحليل النصوص، 3/928.

14- من مداخلة تحت عنوان "البحث العلمي في التراث ومعضلة النص"عرض ألقي في ندوة "تحقيق التراث المغربي الأندلسي: حصيلة وآفاق" المنظمة بكلية الآداب بوجدة، نوفمبر 95، ص4.

15- أعني بالفهم القاصر: تشويه مضمون النص من لدن القارئ نتيجة ضعفه وعدم تمكنه من أدوات التحليل الخاصة أو العامة.

16- وأعني بالقصد المغرض: تحريف مضامين النص قصدا لعلة ما في نفس القارئ.

17- أي عدم تمكن المحلل من بنيات النص لتوظيفها التوظيف الحسن.

18- سورة الأنعام آية21.

19- ينظر: البحر المحيط: 1/572.

20- ينظر: الإيضاح في علل النحو: ص48.

21- ينظر كتاب السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي لمصطفى السباعي، المكتب الإسلامي الطبعة 4- 1405هـ/ 1985م، ص28.

22- مداخلة تحت عنوان: البحث العلمي في التراث ومعضلة النص ص3.

23- مستويات الدرس اللغوي العربي ووظيفته في تحليل النصوص 3/980.

24- سورة آل عمران الآية: 3.

25- الجامع لأحكام القرآن الكريم: 4/51.

26- سورة البقرة: الآية23.

27- البحر المحيط1/167.

28- سورة الفرقان: الآية/32.

29- الكتاب: 4/64.

30- المصدر نفسه: 4/55.

31- المصدر نفسه: 4/64.

32- يمكن الرجوع إليها في الكتاب 4/64.

33- سورة آل عمران: 3-4.

34- سورة المائدة: 112.

35- سورة الأنعام: الآية 37.

36- سورة آل عمران: الآية/154.

37- سورة التوبة الآية: 26.

38- الكتاب 4/55.

39- المصدر نفسه: 4/55.

40- مستويات الدرس اللغوي العربي: 3/903 (مرجع سابق).

41- الكتاب: 4/62.

42- المصدر نفسه: 4/62.

43- المصدر نفسه: 4/62.

44- المصدر نفسه: 4/62.

46- المصدر نفسه: 4/63.

47- الجامع لأحكام القرآن: 9/163.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

تحليل النصوص المفهوم والضوابط

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» تحليل النصوص
» تحليل النصوص الأدبية
» كتاب تحليل النصوص الأدبية قراءات نقدية في السرد والشعر
» مقاربة نحو النص في تحليل النصوص: قراءة في وسائل السبك النصي أ. ياسين سرايعية
»  برنامج تحليل التواقيع بقواعد القوس والوتر .. برنامج تحليل الرسومات والأشكال

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  اللسانيات النظرية :: اللسانيات العامة-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


تحليل النصوص المفهوم والضوابط 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
الخيام مدخل اللسانيات التداولية العربي مبادئ ننجز بلال اسماعيل النقد الحذف محمد البخاري المعاصر ظاهرة النحو العربية اللغة مجلة الأشياء الخطاب النص كتاب موقاي على قواعد


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | انشاء منتدى | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية | آخر المواضيع