في معرض التأريخ التأصيلي لمفهوم القوة الإنجازية، أشرنا (المتوكل/ 1983) إلى أن البلاغيين العرب القدامى (السكاكي، المفتاح) أقاموا تصنيفاً للأغراض التي تعبر عنها العبارات اللغوية قوبل فيه بين "الأعراض الأصول" و"الأعراض المولّدة" مقامياً عن هذه الأغراض الأصول. من أمثلة ما يسوقه السكاكي في هذا الباب المثال التالي:
(5) فإذا قلت لمن تراه يؤدي الأب:
" أتفعل هذا؟"
امتنع توجه الاستفهام إلى فهل الأذى لعلمك باله وتوجه إلى ما لا تعلم مما يلابسه من نحو:
"أتستحسن؟"
وولّد الإنكار والزجر... أو كما إذا قلت لمن بعثت إلى مهمّ وأنت تراه عندك:
" أما ذهبت بعد؟"
امتنع الذهاب عن توجه الاستفهام إليه لكونه معلوم الحال واستدعى شيئاً مجهول الحال مما يلابس الذهاب مثل:
" أما تيسر لك الذهاب؟"
وتولد منه الاستبطاء والتحضيض"
نستشف من هذه الأمثلة أن التحليل الذي يقترحه السكاكي لخروج الأغراض الأصلية إلى أغراض فرعية يقوم على مفاهيم أربعة هي: " الأصل" و"المقام" و"إجراء الأصل" (أو امتناعه) و"الملابسة".
يقسّم السكاكي الكلام كما هو معلوم، إلى "خبر" و"طلب" ويعد! أصولاً للطلب الاستفهام والنداء والأمر والنهي والتمني.
لكل غرض من هذه الأغراض الطلبية الخمسة شروط إجراء.
فإجراء الاستفهام على الأصل يقتضي طلب العلم مما ليس معلوماً ممكن العلم بعه مثلاً؛
يتحكّم المقام (أو "قرائن الحال") في إجراء الغرض على الأصل أو امتناع إجرائه بتوافر شروط الإجراء أو عدم توافرها (أو "خرقها")؛
حين يكون المقام مانعاً لإجراء الغرض على الأصل، ينتقل إلى ما يلابسه أي إلى ما يقترب شرط إجرائه من الشرط المخروق مقامياً.
أهم ما يستخلص هنا هو أن الانتقال من غرض إلى غرض آخر محكوم أساساً بالمقام، أي بتعبير آخر أن الاستلزام في منظور السكاكي استلزام مقامي.
من كتاب ( الخطاب وخصائص اللغة العربية) أحمد المتوكل .. ص ص 49-50

شكرا لتفاعلك عزيزتي هناء
تقبلي تحياتي

يقصد بالقوة الإنجازية الأصلية القوة الإنجازية التي تطابق النمط الجملي كالإخبار والسؤال والأمر مثلاً. أما المراد بالقوة الإنجازية المستلزمة فالقوة الإنجازية غير المطابقة للنمط الجملي والناتجة عن نوعين مختلفين من الاستلزام ؛ استلزام مقالي ، واستلزام مقامي .
تعد قوة إنجازية مستلزمة مقالياً القوة الإنجازية التي تنعكس بشكل من الأشكال في خصائص الجملة المعجمية أو الصرفية- التركيبية أو التنغيمية في حين تعد قوة إنجازية مستلزمة مقامياً القوة الإنجازية المتولدة عن المقام، دون أن تؤشر إليها قرينة صورية داخل الجملة.
دعنا نمثل لهذا التصنيف الإنجازي بالجمل التالية:
(6) أ. أتزوجت هنداً؟
ب. أوتزوجت هنداً؟!
(7) أ. هل زارك من أحد؟
ب. هل زارك من أحد؟!
(8) أ. ألم أعطك كل ما تبتغيه؟!
ب. قد أعطيتك كل ما تبتغيه.
(9) أ. الحر شديد خانق في هذه الحجرة.
ب. افتح النافذة من فضلك!
تحمل الجملتان (6أ) و(7أ) قوة إنجازية أصلاً واحدة هي القوة الإنجازية السؤال في حين تحمل الجملتان (6ب) و(7ب) قوة إنجازية مستلزمة استلزاماً مقالياً تؤشر إليها الصرفتان "أو" و"من" باعتبار أنها إنكار في الجملة الأولى وإبطال في الجملة الثانية. وتواكب الجملة (9أ) باعتبارها مرادفة للجملة (9ب)، القوة الإنجازية الالتماس وهي قوة إنجازية مستلزمة يتكفل بتوليدها المقام وحده. ليس الاستلزام المقامي مقصوراً على الجمل التي من قبيل (9أ) إذ يمكن أن يرد في جمل مثل الجملة (10أ) الملتبسة إنجازياً بين السؤال المحض والدعوة:
(10) أ. هل تأتي معي إلى المقهى؟
ب. تعالي معي إلى المقهى.
أما الجمل التيمن قبيل (8أ) فإنها تحمل قوة إنجازية واحدة هي القوة الإنجازية المستلزمة الخبر التي تحجّرت وأصبحت قوة أصلاً. ظاهرة التحجّر الإنجازي هذه من خصائص التراكيب الاستفهامية المنفية بوجه عام كما بيّنا في مكان آخر (المتوكل 1993ب) .
من كتاب المتوكل ( الخطاب وخصائص اللغة العربي) ص 50-51

أبغي من هذا الطرح .. (التقل من كتاب المتوكل) .. إلى فتح باب حوار للمهتمين بالتداولية ومفاهيمها.. ومنها
ما يُعرف ب( Implicature)
هذا المصطلح تُرجم بعدة ألفاظ رأي واضعوها أنها تعبر عن المفهوم أو ماهية اللفظ وما يعطيه من انطباعات في ذهن المتلقي .. ولن الدكتور محمد يونس له رأي فيه منطقية، وهو لِمَ نخترع مصطلحات موجودة أصلاً لدينا .. إذا كان المتوكل نفسه في توضيحه لهذا المفهوم يعود إلى السكاكي، فماذا أطلق عليه السكاكي؟ ولا شك أن غيره من البلاغيين أو ما أحب أن أسميهم (النحويين الوظيفيين في التراث العربي) قد ناقشوا هذا المفهوم في مؤلفاتهم ، فعلام تواضعوا على تسميته ليكون كلامهم مفهوماً؟؟؟
لقد أسموه : دلالة المفهوم ، في مقابل دلالة المنطوق !!!
فما حاجتنا لاختراع اسم لشيء له اسم أصلاً؟؟؟؟
نحن ( الباحثين الجدد) نصاب بتوتر واضطراب إذ نجد هذا الإسهاب الشديد في وضع مصطلحات من علمائنا سواء المترجمين أو الناقلين أو المخترعين ، مما يربك البحث العلمي ، فقد وجدت من المؤلفين من اشتط به البحث والتأليف في مبادئ غرايس للمحادثة ما أخرجه عن المجال التداولي إلي مجالات لا علاقة لها بالخطاب وتحليله إلى تحليل السلوكيات ، وسبب هذا المصطلحات غير المفهومة ...
ما رأيكم أنتم زملائي وأستاذتي؟؟؟
تحياتي لكم جميعاً .... أ. آمال بن غزي

أختى امال ...
هذه إشكالية كبيره واعتقد أن بعض الباحثين قد وضعوا عنها دراسات...
وربما قد تندرج وفق مسمى إشكاليات المصطلح الأدبى أو اللغوى أو النقدى الحديث
وهو موضوع ذو شجون أشكرك لطرحه متمنياً من الأخوه الأعضاء
المشاركة بأرائهم...
ولك أطيب الأمنيات .

شكرا لفاعلك أخي خالد
تقبل تحياتي