منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك دراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةدراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجردراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصوردراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةدراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةدراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلوددراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيردراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة دراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لنادراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة دراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبدراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديردراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبدراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصاردراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 دراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
خالد الأهدل
*
*


القيمة الأصلية

البلد :
اليمن

عدد المساهمات :
7

نقاط :
19

تاريخ التسجيل :
19/11/2010


دراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح Empty
مُساهمةموضوع: دراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح   دراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح I_icon_minitime2011-02-24, 00:26

الصورة الشعرية: أنماطها وآلية تشكيلها
في
ديوان ( كتاب القرية ) لعبد العزيز المقالح
بقلم :-

خالد يحي الأهدل

1- تحاول هذه الدراسة – المتعجلة – تحقيق غايتين أساسيتين: أولاهما اكتشاف أنماط ونوعيات الصور الشعرية التي تقوم عليها نصوص ديوان ( كتاب القرية ) ، وتحديد الآليات الفنية والتقنيات الأسلوبية التي تشكلت من خلالها تلك الصور ، وثانيتهما الوقوف على مرجعيتها ومصادرها المختلفة التي تمتاح منها. ومن ثم سعت هذه الدراسة – لإنجاز هذين الهدفين – إلى استقراء نصوص الديوان ومحاولة رصد ما ورد فيها من صور فنية مختلفة وتصنفيها وبيان طرائق تشكيلها من ناحية ، وتحليل فضاءاتها وتتبع مصادرها للوقوف على مرجعياتها وتحديد من ناحية أخرى.

1-1-
وقد جاء اختيار الدراسة لهذا العنصر الفني ( الصورة الشعرية ) من بين العناصر الأخرى المكونة للنص الشعري ، نظراً لما تتمتع به الصورة من قيمة ومكانة في سياق التجربة الشعرية وتجسيد رؤيا النص ، أضف إلى ذلك ما ( أصبحت ترتديه الصورة الشعرية من أهمية في شعرنا العربي الحديث ، بعد أن تحولت من أداة تعبير جمالية يلجأ إليها الشاعر ، إلى تمثيل جوهري لتجربة الشاعر ورؤياه. كما أنها تحولت من مجرد لقطة خارجية لمشهد يثير انتباه الشاعر إلى مقياس أساسي لمقدرة الشاعر على خلق المناخات الشعرية ، ومن ثم أصبح التركيز على الصورة الشعرية ضرورة أولية لخلق المناخات المتعددة داخل العمل الشعري)( ). ومن هنا فالصورة الشعرية – في شعرنا العربي الحديث والمعاصر – لم تعد عنصر دعم للدلالة الشعرية ، بل أصبحت مصدراً أساسياً للخلق الدلالي المتجدد داخل لغة الإبداع الشعري بما يلائم عمق التطور الحاصل في عالمي الشاعر العربي المعاصر الخارجي والذاتي معاً( ) وتأسيساً على ما سبق كان اختيار الدارس الوقوف عند موضوع الصورة الشعرية في تجربة واحد من رواد الشعر العربي المعاصر هو الأستاذ / الدكتور عبد العزيز المقالح من خلال ديوانه الأخير ( كتاب القرية )( )

1-2-
وإذا كان من المهم جداً – في البداية – تحديد السياقات العامة والخاصة لنصوص الديوان وصورة الشعرية، فلا بد – إذن – من الإشارة إلى أن ديوان ( كتاب القرية ) يشكل مع سابقة ديوان ( كتاب صنعاء ) السيرة الذاتية للشاعر. وتكمن أهمية ديوان ( كتاب القرية ) في كونه يحكي النصف الأول من حيث الينابيع الأولى والروافد الأولى التي تشكل منها النهر الكبير الدكتور/ عبد العزيز المقالح : شاعراً ومثقفاً ومعلماً وإنساناً، فالديوان يعود بناء إلى قضاء القرية حيث الطبيعة البكر والطفولة العذبة والفطرة السليمة ومن هذه الخيوط تشكلت الملامح الأولى لشخصية الشاعر.
ويسوح بنا الديوان في أجواء هذه القرية ، فيصور لنا في سبع وسبعين لوحة شعرية أفراحها وأحزانها ، أعراسها ومأتمها ، أعيادها ونضالاتها الدائمة والدامية مع الجدري والجفاف والجراد وعساكر الإمام.
وقد تكون كل لوحة من اللوحات السبع والسبعين التي أنطوى عليها الديوان من نصين: جاء الأول في شكل قصيدة تفعيلية ، بينما اتخذ الثاني هيئة قصيدة نثرية جاءت إما لتعمق الرؤيا أو لتمارس وظيفة إيضاحية تفسيرية للنص الأول.
ورغم أن الديوان – كما أسلفنا – يشكل جزءاً مهماً من السيرة الذاتية للشاعر ، إلا أن امتلاك الشاعر لأدواته باقتدار وخبرته الفنية الطويلة إضافة إلى عمق الرؤيا التي تنظم النصوص ، كل ذلك كان كفيلاً بالحيلولة دون وقوع الديوان في مهاوي التقريرية والسرد الممل والاقتصار على الدوران في فلك الذات وغير ذلك من العيوب التي غالباً ما تلازم السير الذاتية الشعرية منها والنثرية. وقد استعان الشاعر على ذلك بأكثر من تقنية بنائية وأسلوبية لعل أبرزها: التغيير في بناء المنظور ( زاوية النظر ) الذي ترتب عليه تغيير طبيعة الراوي بحيث تعاقب على تقديم النصوص نوعان من الرواة: راوٍ خارجي وراوٍ مشارك فتارة يتم تقديم النصوص بضمير الغائب وتارة أخرى بضمير المتكلم ، إضافة إلى اللجوء إلى تقنية اللوحات الشعرية وهي تقنية تشبه المرايا المتجاورة التي تتضافر فيما بينها لتقدم لنا المنظر الكلي الشامل.
أما أهم التقنيات الفنية التي حمت الديوان من الوقوع في مهاوي التقريرية فهي – في رأيي – التكثيف الشعري والتوزيع في أنماط الصور وتعدد مصادرها وتنوع فضاءاتها مما جعلها تجسد باقتدار خصوبة التجربة التي يحملها الديوان.
2-
ولما كانت الصورة الشعرية ( كياناً نفسياً وبناءً لغوياً قابلان للوصف والاكتناه)( ) وباستقراء لوحات الديوان – والنصوص التفعيلية منها بوجه خاص – وتحديد ماهية الصور الشعرية الواردة فيها – يتبين أن هناك أنماطاً عديدة وأنواعاً مختلفة من الصور يصعب على هذه الدراسة استقصاء كل أشكالها ورصد كل تجلياتها ، ولذلك فهي تكتفي بالوقوف عند أهم هذه الصور وأبرزها حضوراً وأكثرها فاعلية على الصعيدين النفسي والبنائي ، وهي:-
2-1-
الصورة المشهدية:- وهي صورة بصرية تقوم على التشكيل ، لكنها لا تقف عند حدود رصد العلاقات الخارجية الشكلية للأشياء فقط كما تفعل الصورة الكلاسيكية ، لأنها ليست نتاج رؤية ، بل جاءت محصلة لرؤيا الشاعر ومجسدة لها في الوقت نفسه ، لذلك فهي لم تعد خارجية بعد أن خضع الخارج للداخل النفسي فجاءت هذه الصورة مضمخة بنفسية الشاعر ومزركشة بألوان خيالية ، يقول الشاعر وهو يقدم قريته للقارئ في اللوحة الأولى:-

مثل صفصافة لا تغادر أوراقها
تستقيم على جبل باذخٍ
وتمد يديها لتمسح عن جبلٍ آخر غيمة( )

فهذه صورة بصرية تقوم على التشكيل لكنها لا تكتفي بالنقل الحرفي الوقائعي للأشياء فهي ليست خارجية والصورة المشهدية في الديوان صورة مركبة تصل أحياناً في مشهديتها إلى حد تشكيل لوحة بانورامية كما في اللوحة الثانية مثلاً ، لذلك أحياناً نجدها تلجأ – لتحقيق هذه الشمولية – إلى الاستطراد في معرض الصورة ، فأقدام قريته تستحم بنهر صغير ، ثم يستطرد في وصف هذا النهر:
( يثور إذا ما أتى الصيف واحتدمت في الجبال السيول )( )، ومن ضوء قريته تصعد الشمس ثم يستطرد في وصف الشمس ( مغسولة بالندى...إلخ )( ) .
وهي أيضاً صورة سينمائية تعج بالحركة – المادية والنفسية والإنفعالية – التي يصنعها هذا الحشد الهائل من الأفعال المختلفة التي تنطوي عليها كقوله مثلاً عن الطبيعة في قريته:-
يولد العشب ثم يموت
ويولد ثانية
ويمد ذراعية للشمس
يسألها قبلة...( )
وهي أيضاً – الصورة المشهدية – ليست واقعية في مجملها وإن كانت تشكل من عناصر ومفردات الواقع ، لكن خيال الشاعر أعاد صياغة هذه العناصر ليشكل منها واقعياً فنياً مغايراً وموازياً للواقع الأول ، ذلك أن الخيال المبدع – كما يقول كولردج – ( يستقطب تحطيم العالم المدرك وإعادة بنائه بضرب من الجدة الباعثة على الدهشة )( ) فمثلاً ( السقف ، القرية ، التدلي ، النهار ) كلها مفردات وعناصر قائمة في الواقع ، لكن النهار لا يتدلى من سقف القرية إلا في واقع النص( ) وتتجلى قيمة هذا النمط من الصور في فاعليتها النفسية والمعنوية ، فهي ذات بعد نفسي يعكس مدى حميمية العلاقة بين الشاعر والمكان ، وهي أيضاً ذات قيمة معنوية تتمثل في قدرتها على إبراز ملامح المكان والإلمام بتفاصيله ، ولهذا نجد هذا النمط من الصور يتركز بصورة أساسية في اللوحات الأولى من الديوان لتنهض هذه الصور بمهمة تقديم الإطار المكاني والمنظر العام قبل الخوض في تفاصيل السيرة والتنويع في الموضوعات الجزئيات الأخرى.
ويلاحظ – أخيراً – أن بعض هذه الصور لأنها تنسرب من الداخل النفسي فهي تحمل قدراً من التوتر الإنفعالي الذي نلمحه من خلال هذا الإلحاح في التشبيه في اللوحة الأولى :-
مثل صفصافة...
مثل موال...
مثل أغنية...
مثل سيدة...
كما نلمحه من خلال الجمل الإنشائية ( الاستفهام والطلب ) ومن خلال الحركة التي تصنعها الأفعال وغير ذلك من التقنيات الأسلوبية التي تعكس الموقع المتقدم الذي يحتله المكان في ذاكرة ونفسية الشاعر واستمرار الانفعال به.

2-2-
الصورة القائمة على الانزياح:-
وهذا النمط من الصور يستقيم من خلال اتساع المسافة بين الدال ومدلوله ، وخلخلة العلاقة المنطقية بين أجزاء الصورة ، ففي قوله مثلاً وهو يصف شاعر القرية الأنيق والعاطل:-
تصطاده في الربيع الفراشات
في الصيف يصطاد لون الغيوم يداعبها( )
وفي قوله واصفاً حاله في الغربة:-
لكنني في البلاد البعيدة
تغمرني وحشة لا قرار لها
ويطاردني في الليالي عويل الضباب( )

وقوله : يعود الرعاة قبيل الغروب
وقد ملأوا بالأغاني مزاميرهم
وحقائبهم( )
نلاحظ أن القوة الإيحائية والتعبيرية للصور السابقة تتحقق من خلال خلخلة العلاقة المنطقية بين مكوناتها والإنحراف عما هو مألوف ومشاهد ، فالقارئ مثلاً ينتظر من الشاعر أن يقول:-
في الصيف يصطاد... ( الحيوانات – الطيور – الفراشات...إلخ )
لأن مفاعيل الفعل ( يصطاد ) معروفة ومحدودة جداً ، وكذلك ينتظر القارئ بعد كلمة عويل في قوله ( ويطاردني في الليل عويل...) ينتظر القارئ اسماً مناسباً يصدر عنه العويل كعويل الأرامل – الأطفال – المظلومين... إلخ ، وفي الصورة الثالثة ينتظر القارئ من الشاعر أن يقول ( يعود الرعاة وقد ملأوا حقائبهم... بالثمار – النقود...إلخ.
لكن الشاعر في الصورة السابقة يعمد إلى تحطيم أفق انتظار القارئ من خلال الإنزياح عن العرف الدلالي ليمنح هذه الصور المزيد من الفاعلية النفسية والتعبيرية في سياقاتها الخاصة.
ويتواتر هذا النمط من الصور في الديوان كثيراً مثل قوله مصوراً التغيير الذي أحدثه دخول الفونوغراف إلى القرية:-
صارت الأرض أجنحة
وشواطئ للأغنيات( )
ويلاحظ أن هذه الصور جزئية مفرده بخلاف الصور المشهدية السابقة ، إلا أنها لا تقل عنها فاعلية ، حيث تكمن أهميتها فيما تخلقه في نفسية المتلقي من الدهشة والإثارة واللذة الجمالية بسبب هذه الغرائبية والجدة في تقديم العالم والأشياء.
أما قيمة هذا النمط من الصور على صعيد التجربة الكلية للديوان فتتجسد في قدرته على تجاوز ما هو مباشر وعادي ، وكسر رتابة الواقع المعاش ، وتقديم عالم أخر جديد ومغاير لما هو مألوف ومنح النصوص المزيد من التكثيف الشعري ، وهو الأمر الذي مكن الديوان من السمو على التقريرية والمباشرة والحرفية في تقديم العالم والأشياء وهي كلها عيوب ترافق السير الذاتية كما أسلفناه فقرية الديوان – وبكل تأكيد – ليست هي تلك القرية الواقعية التي ولد ونشأ فيها الشاعر والتي تتمتع بوجود مادي وجغرافي معروفين.

2-3- الصورة الرمزية:-
ويتحقق هذا الضرب من الصور في ديوان ( كتاب القرية ) من خلال آليتين مهمتين هما:- تراسل الحواس، والصورة / القناع.
والمقصود بالآلية الأولى – كما يذهب إلى ذلك الشاعر الرمزي الفرنسي ( بولدير ) – أن توصف مدركات كل حاسة – من حواس الإنسان الخمس – بصفات مدركات الحاسة الأخرى ، وعلى هذا النحو تعطي المسموعات ألواناً ، وتصير المشمومات أنفاساً ، وتصبح المرئيات عطرة فاغمة.( )
وتراسل الحواس من الآليات المهمة في تشكيل الصورة الشعرية، وتتمتع بحضور كبير في الشعر العالمي – ومنه الشعر العربي – الحديث والمعاصر، لذلك لا غرابة أن نجد ديوان ( كتاب القرية ) يحتفي بمثل هذا الضرب من الصور فمثلاً يقول الشاعر عن حب الفتى للكروان:-
لا شيء يشغله حين يأتي المساء سواه
سوى شجن تصبغ الأفق ألحانه( )
فالصبغ لا يكون إلا بالألوان وهي تدرك بحاسة الرؤية، لكن الشاعر في هذه الصورة يجعل الألحان – وهي التي تخضع لحاسة السمع – تحل محل الألوان في صبغ الأفق.
وفي قوله ( ويسافر في غيمة من بكاء المساء )( ) نرى الشاعر يصنع من الصوت المسموع ( البكاء ) غيمة ترى بالعين المجردة وفي قوله:
لا تكتبوا بمداد من الحبر تاريخها
بل من الأغنيات وضوء القمر( )
نلاحظ أن الشاعر يحيل الأغاني والألحان إلى مداد للكتابة يخضع للرؤية لا لحاسة السمع. وفي اللوحة الثالثة من الديوان، تصعد الشمس ( وهي من مدركات العين ) من ضوء قرية الشاعر مغسولة بالندى ( المرئي والملموس ) وبالتعاويذ ( المسموعة ).
وفي قوله ( تعالى ولو مرة لترى بيديك بعينيك ما أبقت الذكريات ) تصبح اليدان – وهي آلة اللمس وأداته – آلة للرؤية، وهكذا، تكون الرؤية- في الصورة – باليدين والعينين معاً.
أما الضرب الثاني من الصور الرمزية ( الصورة القناع ) فنادر الوجود في هذا الديوان، ولا نجده إلا في قوله – في اللوحة الأربعين – متحدثاً عن معاناة القرويين وما يلاقونه من ظلم وضيم من جباة الإمام وعساكره باسم الزكاة: ( يقهرهم جند أبرهة الجائعون )( ) ، فابرهة الأشرم الشخصية التاريخية المعروفة بطغيانها وجبروتها، والتي تتمتع بحضور سلبي وسيء في ذاكرة اليمنيين يرتبط بالغزو والاحتلال والظلم والعسف والاعتداء على المقدسات...إلخ
هذه الشخصية يستعيرها الشاعر هنا ليجعل منها قناعاَ لوجه الأمام يستدعي معه كل ما أختزلته الذاكرة من سيئات تلك الشخصية التاريخية.

3-
يعمد الشاعر الدكتور/ عبد العزيز المقالح إلى التنويع في صورة الشعرية لخلق مناخات متعددة داخل لوحاته ، فرغم واحدية التجربة إلا أن تنوع وتعدد فضاءات الصور الشعرية في الديوان يعكسان مدى اختلاف البيئات وتنوع المصادر التي يستمد منها الشاعر عناصر تشكيل صوره وبناء فضاءاته البصرية والنفسية.
ولأن الصورة الشعرية – كما سبق وأشرنا من قبل – أضحت تمثيلاً جوهرياً لتجربة الشاعر ورؤياه فلاشك أيضاً أن هذا التنوع في فضاءات الصورة وتعدد مصادرها يأتي تجسيداً لمدى عمق الرؤيا التي تنتظم نصوص الديوان من ناحية، ولثراء التجربة واتساعها من ناحية أخرى.
وباستقراء نصوص الديوان وتحليل الفضاءات التي تخلقها الصور الشعرية المختلفة، نجد أن مرجعيات هذه الصور تشير إلى بيئات كثيرة ومتنوعة ( الطبيعة، الخيال، التاريخ، الواقع، الأساطير، الموروث الشعبي...إلخ ) تتفاوت في أهميتها ونسبة حضورها، لكن يبقى مصدران أساسيان من تلك المصادر يحتلان المكانة الأولى ويسهمان بالنصيب الأوفر في تشكيل الصور هما:-
3-1- الطبيعة:-
فلأن القرية هي محور التجربة الشعرية والبؤرة الأساسية التي تنطلق منها وتدور حولها نصوص الديوان، فلا غرابة – إذن – أن تكون الطبيعة الحية هي المصدر الأساسي والمرجعية الأولى التي يمتاح الشاعر من مفرداتها عناصر تشكيل صوره الفنية، فما القرية – خاصة في ريفنا اليمني – إلا الطبيعة البكر التي لم تلوثها بعد يد العصر الآثمة.
لذلك نجد معظم فضاءات الصور تجسد تلك الطبيعة وترسم ملامحها إلى حد استقصاء كل تفاصيل تلك الطبيعة: الوديان والجبال، السفوح والقمم، الأنهار والأشجار، النهار والليل، الفصول المختلفة، الغيوم، السماء والأرض، السيول، الندى، الفراشات... إلى أخر مفردات الطبيعة الحية في قرية الشاعر الحالمة التي تضج بالجمال والسحر وحيث:
الله يقضي السويعات من وقته
يتأمل ما صنعت للبرايا يداه( )




3-2- الواقع:-
ولأن القرية ليست الطبيعة الساحرة فقط، بل والإنسان أيضاً بهمومه ومشاكله وأفراحه وأحزانه وآلامه وآماله، لذلك كان واقع وتاريخ إنسان هذه القرية من المصادر الأساسية في تشكيل صور ولوحات الديوان.
فرغم أن قرية الشاعر ظلت محصنة من أي غزو خارجي:-
ظلت على طهرها وبراءتها
تتنفس عطر الحقول...
لم تتلوث شوارعها
لا ولا الطرقات بأحذية القادمين الغزاة( )
إلا أنها كانت عرضة لغزو من نوع أخر، كانت فريسة سهلة لوحش فتاك يزورها كا عام فيطارد عمر الصغار وينشب أظفاره في الجسوم الرقيقة، إنه مرض الجدري الذي كان:
ما بين عام وآخر
يأتي ليزرع حزناً ويأخذ أحلى الوجوه إلى الموت( )
ولا تملك القرية أمام ذلك إلا الاستسلام والنواح حيث ( لا طبيب، الطبيب هو الله)( ) و ( تحت سقف المواجع تحيا البلاد )( ) ، وإضافة إلى المرض والفقر والقحط كان إنسان هذه القرية، عرضة للظلم والعسف فها هو يصرخ:-



على عنقي كل يوم حذاء ثقيل يطاردني
ويطارد ما ترك القحط من خير أهلي ومن دمهم
إنه عسكري الإمام( )
وإزاء كل ذلك لم يملك إنسان هذه القرية سوى الرحيل وبقيت الأرض والنساء والشيوخ أما الرجال:
فشرقوا وغربوا
تركوا ظل أيامهم فوق جدران هذي البيوت...
ومضوا للبلاد البعيدة( )
ومع كل هذه المآسي إلا أن الإنسان في هذه القرية لم ينس أفراحه وأعراسه بل ظل ( كل كوخ هنا يتلألأ، يكتب نشوته، ويباهي بفرحته)( ) ، واستمر يمارس طفولته اليومية في محراب الأرض كل نهار، وحين يأتي المساء:
يسلمون إلى الله أجسادهم
يضحكون قليلاً، ويبكون
ثم تنام مواجعهم، وينام الضحك( )

4- أخيراً لا تدعي هذه العجالة الإحاطة بكل أطراف الصورة الشعرية في ديوان ( كتاب القرية )، وإن كانت قد حاولت تحقيق هذه الغاية على الوجه الأكمل .
لكن حسبها أن تشير إلى ثراء التجربة الشعرية وعمق الرؤية في الديوان، وإلى أهمية موضوع الصورة الشعرية كعنصر جوهري يضطلع بتمثيل تلك التجربة وتلك الرؤيا.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل
زبيد – الأول من أكتوبر2002م


5- المصادر والمراجع:-
1- ديوان ( كتاب القرية ) – الدكتور عبد العزيز المقالح – منشورات دار الريس – ط1 – أكتوبر 2000م.
2- بحوث ألسنية عربية – زكريا – المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر – ط1 – 1992م.
3- الخيال: مفهوماته ووظائفه – عاطف جودة نصر – الهئية المصرية العامة للكتاب -1984م.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نبيلة عشتار
.عضو فعّال


القيمة الأصلية

عدد المساهمات :
33

نقاط :
43

تاريخ التسجيل :
09/02/2010


دراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح Empty
مُساهمةموضوع: رد: دراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح   دراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح I_icon_minitime2011-06-18, 21:18

السلام عليكم
كتاب رائع ممكن رابطه الله يخليكم
تحياتى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نبيلة عشتار
.عضو فعّال


القيمة الأصلية

عدد المساهمات :
33

نقاط :
43

تاريخ التسجيل :
09/02/2010


دراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح Empty
مُساهمةموضوع: رد: دراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح   دراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح I_icon_minitime2011-12-18, 17:29

لكم كل التقدير والمودة
رجاء هل يمكن تزويدنا بهدا الكتاب لنتمتع اكثر بجمالياته
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ولاء سعيد أبو شاويش
مشرف عام
مشرف عام
ولاء سعيد أبو شاويش

وسام النشاط :
وسام النشاط

وسام الإداري المميز

عدد المساهمات :
2113

نقاط :
2822

تاريخ التسجيل :
16/01/2010

الموقع :
فلسطين


دراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح Empty
مُساهمةموضوع: رد: دراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح   دراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح I_icon_minitime2011-12-18, 22:41

دراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح 463596
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

دراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» الصورة الشعرية في شعر كعب بن زهير
» الصورة الشعرية في شعر الفيتوري
» البحور الشعرية
» بنفسج الشمري بين الصورة الشعرية والاشكال الدلالي
» مفهوم الصورة الشعرية من منظور البلاغة والدرس الأدبي.

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  اللغة والنحو والبلاغة والأدب :: البلاغة والنقد-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


دراسة حول الصورة الشعرية عند المقالح 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
الخيام التداولية المعاصر ظاهرة على اللغة النص اسماعيل موقاي مبادئ بلال البخاري النحو العربية الأشياء ننجز اللسانيات محمد النقد الحذف مدخل كتاب مجلة العربي قواعد الخطاب


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | Ahlamontada.com | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية | آخر المواضيع