أَعَـزُّ مَكـانٍ فـي الـدُنَى سَـرجُ سابِحٍ وخَــيرُ جَـليسٍ فـي الزَمـانِ كتـابُ
أعز مكان وأغلى مكان وأعظم مكان هو سرج السابح أي الفرس أو الجواد أو الحصان ورباط الخيل.

قال تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (الأنفال 60).

فظهر الجواد هو مكان الأقوياء الشجعان، وهو الوسيلة لطلب العزة والعلى والسيادة، وهو الوسيلة لمحاربة العدو والفرار من الضيم، ومن اعتلى صهوة جواده، وظل يقظا منتبها لأعدائه بقي عزيزا كريما لا يذل.

أما الكتاب فهو أفضل جليس، لأن مجالسة بعض الجلساء تعود على الإنسان أحيانا بالأذى والخسارة والضرر، لأن شرهم وأذاهم وضررهم لا يؤتمن، أما الكتاب فيحدث ويؤنس، وينفع ولا يضر.



The dearest place on earth is a flying saddle

And the nearest friend to heart is a book

الله على زمن المتنبي، فهو ينطق بالدرر

المتنبي شاعر حكيم ومن روائعه:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم *** وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير الصغائر *** وتصغر في عين العظيم العظائم
عِشْ عَزِيزا أَوْ مُتْ و أَنْتَ كَريمٌ بَيْنَ طَعْنِ القَنَا وخَفْقِ البُنُودِ
وَلِلنَّفْسِ أَخْلاَقٌ تَدُلُّ عَلَى الفَتَى أَكَانَ سَخِيًا مَا أَتَى أَمْ تَسَاخِيَا
إِذا أَتَتْكَ مَذَمَّتِي مِنْ نَاقِصٍ فَهِيَ الشَّّهَادَةُ لِي بِأنِّي كَامِلُ
كُلُّ حِلْمٍ أَتَى بِغَيْرِ اقْتِدَارٍ حُجَّةُ لاَجِيءٍ إِلَيْها اللِّئَامُ
فَمَوْتِي فِي الوَغَى عَيْشِي لأَنِّي رَأَيْتُ العَيْشَ فِي أَرَبِ النُّفُوسِ
إِذَا رَأَيْتَ نِيُوبَ اللَّيْثِ بَارِزَةً فَلاَ تَظُنَّنَ أَنَّ اللَّيْثَ يَبْتَسِمُ
إِذَا الجُودُ لَمْ يُرْزَقْ خَلاصًا مِنَ الأَذَى فَلاَ الحَمْدُ مَكْسُوبًا وَلا المَالُ بَاقِيَا
ويعني «إذا لم يتخلص الجود من المن به لم يبق المال ولم يحصل الحمد لان المال يذهبه الجود والأذى يبطل الحمد فالمانُّ بما يعطى غير محمود ولا مأجور
لَيْسَ التَّعَلُّلُ بِالآمَالِ مِنْ أَرَبِي وَلاَ القَنَاعَةُ بِالإِقْلاَلِ مِنْ شِيَمِي
وَمَا الخَوْفُ إِلاَّ مَا تَخَوَّفَهُ الفَتَى وَمَا الأَمْنُ إِلاَّ مَا رَآهُ الفَتَى آمِنَا
أَرَى الْمُتَشَاعِرِينَ غَرُّوا بِذَمِّي ومَنْ ذَا يَحْمَدُ الدَّاءَ الْعُضَالاَ
وَمَنْ يَكُ ذَا فَمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ يَجِدْ مُرًّا بِهِ الْـمَاءَ الزُّلالا
فَلاَ مَجْدَ فِي الدُّنْيَا لِمَنْ قَلَّ مَالُهُ وَلاَ مَالَ فِي الدُّنْيَا لِمَنْ قَلَّ مَجْدُهُ
وإِذَا أَتَتْكَ مَذَمَّتِي مِنْ نَاقِصٍ فَهِيَ الشَّـهَادَةُ لِي بِأَنِّيِ كَامِلُ
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه*** وصدق ما يدعيه من توهم
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته *** وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
وَوَضْعُ النََّدَى في مَوْضِعِِ السَّيْفِ بِالعُلَى مُضِرٌّ كَوَضْعِ السَّيْفِ في مَوْضِعِ النّدَى.
فَالمَوْتُ آتٍ وَالنُّفُوسُ نَفَائِسٌ والمُسْتََعِزُّ بَمَا لَدَيْهِ الأَحْمَقُ.
وَلَوْْ أَنَّ الحَيَاةَ تَبْقَى لِحَيِّ لَعَدَدْنَا أَضَلَّنَا الشُّجْعَانَا
وَمَا التَأْنِيث لاسْمِ الشَّمْسِ عَيْبٌ وَلاَ التَّذْكِيرُ فَخْرٌ لِلهِلاَلِ
فَإِنَّ قَلِيلَ الحُبِّ بِالعَقْلِ صَالِحُ وَإِنَّ كَثِيرَ الحُبِّ بِالجَهْلِ فَاسِدُ
فَرُبَّ كَئِيبٍ لَيْسَ تَنَدَّى جُفُونُهُ وَرُبَّ نَدِيِّ الجَفْنِ غَيْرَ كَئِيبِ.
مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّاهُ المَرْءُ يُدْرِكُهُ تَجْرِي الرِّيَاحُ بِمَا لاَ تَشْتَهِي السُّفُنُ
لِكُلِّ امْرِىءٍ في دَهْرِهِ مَا تَعَوَّدّا وعّادّةُ سّيْفِ الدَّوْلَةِ الطَّعنُ في العِدَا
إِنِّي أُصَاحِبُ حِلْمِي وَهُوَ بِي كَرَمٌ وَلاَ أُصَاحِبُ حِلْمِي وَهُوَ بِي جُبْنُ
لاَ تَلْقَ دَهْرَكَ إِلاَّ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ مَا دَامَ يَصْحَبُ فِي رُوحِكُ البَدَنُ
فَمَا يُدِيمُ سُرُورَ مَا سُرِِرْتَ بِهِ وَلاَ يُرَدُّ عَلَيْكَ الفَائِتِ الحَزَنِ
وَمَا الحُسْنُ فِي وَجْهِ الفَتَى شَرَفًا لَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي فِعْلِهِ وِالخَلاَئِقِ

قال المتنبي في بيت من أبياته :.إِذَا كَانَ مَدْحٌ فٌالنَّسِيبُ مُقَدّّمٌ***أكل فصيح قال شعرا متيم؟
ولكنه هاهو ذا يقول في الغزل :
أرق على أرق ومثلي يأرق *** وجوى يزيد وعبرة تترقرق
جهد الصبابة أن أكون كما ترى*** عين مسهدة وقلب يخفق
مَا لاَح بَـرْقٌ أَوْ تَرَنَّمَ طَائِرٌ *** إِلا انَْثنَيْتُ وَلِي فُـؤَادٌ شَيِّقُ
جَرَّبْتُ مِنْ نَارِ الهَوَى مَا تَنْطَفِي *** نَارُ الغَضَى وَتَكِلُّ عَمََّا تَحْرِقُ

وعذلت أهل العشق حتى ذقته *** فعجبت كيف يموت من لا يعشق
وعذرتهم وعرفت ذنبي أنني *** عيرتهم فلقيت منه ما لقوا[
وَمَا كُنْتُ مِمَن يَدْخُلُ العِشْقَ قَلْبَهُ *** وَلَكِنْ مَنْ يُبْصِرْ جُفُونَكِ يَعْشَقِ
بِجِسْمِي مَنْ بَرَتْهُ فَلَوْ أَصَارَتْ *** وِشَاحِي ثُقْبَ لُؤْلُؤَةِ لَجَالاَ

سَفَرَتْ وَبُرْقًعُهَا الفُرَاقُ بِصُفْرَةٍ *** سَتَرَتْ مَحَاجِرَهَا وَلَمْ تَكُ بُرْقُعَا
فَكَأَنَّهَا وَالدَّمْعُ يَقْطُرُ فَوْقََــهَا *** ذَهَبٌ بِسِمْطِي لُؤْلُؤٌ قَدْ رُصِّعَا
نَشَرَتْ ثَلاَثَ ذَوَائِبٍ مَنْ شَعْرِهَا *** فِي لَيْلَةٍ فَأَرَتْ لَيَالِي أَرْبَعَا
وَاسْتَقْبَلَتْ قَمَرَ السَّمَاءَ بِوَجْهِهَا *** فَأَرَتْنِي القَمَرََيْنِ فِي وَقْتٍ مَعَا

وَيَبْسَمْنَ عَنْ بَرَدٍ خَشَيْتُ أَذِيبُهُ *** مِنْ حَرِّ أَنْفَاسِي فَكُنْتُ الذَّائِبا
كَأَنََّ نِقَابَهَا غَيْمٌ رَقِيقُ *** يُضِيءُ بِمَنْعِهِ البَدْرَ الطُّلُوعَا