التسلط مصطلح لبيان قوة تأثير العامل في المعمول واقترانه بمتعلقاته ومقتضياته، ولا يمكن تسلط العامل على المعمول إلا إذا تحقق شرط التوافق الدلالي بينهما لأن التسليط يعتبر فيه صحة المعنى وقد كان لهذا الضابط دور كبير في ظهور تفسيرات دلالية أو نحوية قال بها النحاة لتعليل ارتباط عامل بمعمول ، ليس بينهما توافق دلالي وشكل التقدير والتأويل والحمل على المعنى والتضمين عناصر مهمة من عناصر النظرية النحوية تعتمد في تفسير مثل تلك العلاقات النحوية، التي تتجاوز عن شرط التوافق الدلالي، فمثلاً: الفعل زجج بما يدل عليه من ترقيق؛ ومن ثَم لا يصح أن يقع على العيون، هو الذي دفع النحاة إلى الحكم بعدم جواز عطف العيون على الحواجب في قول الشاعر:
إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيونا
وكذلك عدم جواز عطف الرمح على السيف في قول الشاعر:
يا ليت زوجك قد غدا متقلداً سيفاً ورمحا
لأنه يشترط لصحة العطف صلاحية المعطوف، أو ما هو بمعناه لمباشرة العامل، وتسطله عليه وهذا معنى قولهم المعطوف في حكم المعطوف عليه"
"وحق المعطوف أن يتنزل منزلة المعطوف عليه" ولذلك يقدر النحاة هنا فعلاً محذوفا مناسباً للعيون والرمح، ويجعلون الواو لعطف الجمل لا المفردات فيصبح التقدير وزججن الحواجب وكحلن العيون" "متقلداً سيفاً وحاملا رمحاً" ومثل ذلك قيل: في تعلق (علفتها) بــ(ماءً) في قول الشاعر:
علفتها تبناً وماءً بارداً حتى شتت همالةً عيناها
قال الشيخ خالد الأزهري: (وذهب الجرمي والمازني والمبرد وأبو عبيدة والأصمعي وأبو محمد اليزيدي إلى أنه لا حذف ، وأن ما بعد الواو في البيتين معطوف على ما قبله، وذلك على تأويل العامل المذكور قبلهما بعامل يصح انصبابه عليهما انصبابة واحدة، فيؤول "زججن" بــ "حســّــنّ" ؛ لأن التحسين يصح تسليطه على العيون والحواجب فيقال حسّن العيون والحواجب ويؤول (علفتها) بــ(أنلتها)؛ لأن الإنالة يصح تسليطها على التبن والماء ، فيقال: أنلتها تبناً وماءً فهو من باب التضمين وكذلك تقف دلالة الـمفردات الخاصّة حائلاً دون تسلط العامل على المعمول وجواز العطف في قوله تعالى:
"والذين تبوءو الدار والإيمان " لأن الإيمان لا يتبوأ، فالنصب على تقدير فعل محذوف أي تبوأوا الدار وأخلصوا الإيمان.