وأمرهم شورى بينهم
لاحظ تعبير القرآن الكريم عن الشورى قال سبحانه: "وأمرهم شورى بينهم " فبدأ بكلمة (أمرهم) للإشارة أن المشورة أوجب ما تكون واجبة في قضايا الأمة التي يكون فيها الأمر أمرا عاما يشمل كل المواطنين، وما دام الأمر أمرنا فلا يجوز لواحد منا أن يستبد برأيه فيه، له أن يستبد برأيه فيما هو أمره ويخصه أم أمرنا فإن الاستبداد فيه بالرأي اغتصاب لأمرنا ، ثم إن الجملة الكريمة أضافت كلمة "بينهم "والشورى تغني عنها لأن الشورى مناقشة بينهم وحوار مفتوح بينهم ، وإنما أضافت الجملة هذه الكلمة لتأكيد معنى إنضاج الرأي في هذه البَيْنِيّة (وما تشاور قوم إلا هدوا لأرشد أمرهم" كما قال سيدنا الحسن سيد العترة رضوان الله عليهم ، وكانت الشورى مذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما لم ينزل به وحي وكانت مذهب أصحابه من بعده . ثم إن موقعها بعد الصلاة وطهرها ونقائها يشير إلى أن مناقشة أمور الناس لابد أن تكون قائمة على الطهارة والنزاهة وليس وراء الرأي فيها أهواء ولا مصالح خاصة كما نرى الآن ويشير أيضاً إلى أن الصلاة جامعة والشورى جامعة ومجيء النفقة بعدها يشير إلى أن المشورة عطاء وليست تربحاً وأنها بذل وليست أخذاً ، وكل هذا ينتهي إلى غاية التجرد ، والطهارة ،والصفاء في معالجة أمر الناس ، وهذا هو فقه القيادة وهذا هو التحضر والرقي وليس السلب والنهب والقمع والخطف والسمسرة والسرقة ، وكما لا يجوز للشعوب الحرة أن تسكت عمن يغتصب أرضها كذلك لا يجوز لها أن تسكت عمن يغتصب أمرها والسكوت على اغتصاب الأمر مقدمة ضرورية لاغتصاب الأرض ؛ لأن القهر والجهل والقمع والفقر يهييء الوطن لمغامرة عدوه اللعين والعجيب أنك تجد تقاربا شديداً بين نظام القمع والجهل والفقر والعدو التاريخي للبلاد والصمت على كل هذا خيانة. من كلمات شيخنا محمد محمد أبو موسى أستاذ ورئيس قسم البلاغة كلية اللغة العربية جامعة الأزهر
2011-11-12, 23:03
[center][b]
