بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى سائر المرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين , أما بعد: فإن الله عز وجل سمّى نفسه السلام فقال في كتابه العزيز : (الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن ) وسمّى ثوابه وجزاءه وعطاءه دار السلام.. فقال عنها (لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون) ودعا إلى هذه الدار فقال: (والله يدعو إلى دار السلام ) فكأن سائلا يسأل يارب كيف الطريق إلى هذه الدار؟ فكان الجواب في قوله تعالى: (يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ) ثم قال آخر ما العدة؟ وما الزاد الذي نحتاجه لنسلك سبل السلام؟.. فكان الجواب: (سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) وكانت الزيادة في الجواب (فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا) وكان الحتم والتأكيد في الجواب (فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة) وكان بيان المنهج في الخطاب(وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) (فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون) (سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) وكان القدوة في الخطاب (سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا) وكان لب اللباب (سلام قولا من رب رحيم) فالمتدبر أيها الأحباب.. يرى أن العدة والزاد لنسلك سبل السلام ، ونثبت على الإسلام ، أن نتزود بالصبر, والتبين, وحسن الظن بالآخرين, وترك السرائر لله, وألا نؤذي من ألقى السلام تحية لله . ومن العدة والزاد بث التبشير ,والتيسير, ونشر رحمة الله, والعفو, والصفح, ونشر الكلمة الطيبة, والدعوة الحسنة بالتي هي أحسن.. واللجوء إلى الله والاستغاثة به ، وطلب السلام والسلامة منه, وترك حرب حدود الله : كالربا: الذي قال ربنا لمرتكبيه(فأذنوا بحرب من الله ورسوله) وإن تركوه لهم السلامة من الله ورسوله. أيها الأحباب... سبل السلام الموصلة لدار السلام التي دعانا إليها السلام سبحانه ، الجزاء فيها من جنس العمل ، فمن أكثر السلام كما فرضه الله عليه وسنّــــهُ رسوله صلى الله وسلم عليه.. فقال في صلواته "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " وخرج من صلاته فقال:"السلام عليكم ورحمة الله" ثم جلس في دبر صلواته اللهم أنت السلام ومنك السلام " وامتثل لقول الله عز وجل (إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) واستجاب لأدب القرآن (فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة) من فعل كل هذا العمل من جنس السلام أفلا يكون جزاؤه االسلام؟.. جزاؤه السلام في عقله وفي روحه وفي جسمه وفي بيته وفي أهله وفي حّيه وفي بلده وفي كل شيء من حوله.. كيف لا ، وقد سار المسلم الذي سلم الناس من لسانه ويده، والذي بدأهم بالسلام ، وكان خير الاثنين كما أخبر صلى الله عليه وسلم , أعني كيف لا ، وقد سار على نهج هؤلاء الذين قال الله عنهم (وسلام على عباده المرسلين) الذين أمرنا الله بأن نقول (الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى) ونوّه بقدرهم فقال: (سلام على آل ياسين) بل حعل السلام ملاصقا لهم يحلّ حيثما حلوا.. فقال: (يانوح اهبط بسلام منا وبركات عليك) نعم ما أحوجنا إلى سفينة السلام ، وربان السلام ، وإلى دعوة السلام ، وإلى منهج السلام ، وإلى أهل السلام، وإلى دار السلام ..وسبحان الله الذي ضرب لنا مثلا بشهر السلام شهر الصوم شهر التقوى شهر القرآن شهر الصبر شهر منهج السلام الذي ذكرنا ، فجعل لنا فيه ليلة السلام التي أنزل فيها كلمة السلام (اقرأ) وجعل فيه ليلة القدر أي الشرف والتعظيم والتبجيل وجعلها تعدل عمر الإنسان وقال عنها (سلام هي حتى مطلع الفجر) يا له من موكب عظيم وشريف لنزول منهج السلام ، ورسالة الإسلام، وحق لهذه الليلة أن تسمى" ليلة السلام العالمي" انطلاقا من عالمية الإسلام وحبه لبث السلام .. نعم يا أهل السلام.. يا من سعيتم بكل ما اوتيتم لتتحملوا أعباء تكلفة عدالة السلام فلا سلام إلا بعدل وقد دفعتم النفس والنفيس من أجل العدل الذي هو أرض السلام ، وماء السلام وهواء السلام ، وغذاء السلام ، فالجزاء من السلام سبحانه بعدل لأهل السلام , فقال عن ختامكم وحسْنه (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ) ,وقال عن تحيتكم و مقامكم (تحيتهم فيها سلام ) (تحيتهم يوم يلقونه سلام) (سلام عليكم فادخلوها خالدين) (ادخلوها بسلام آمنين)(ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود) (فسلام لك من أصحاب اليمين) .. دليل على اليمن والبركة والخيرات والجنات التي هي ثمار العدل والسلام.. وأما عن تأييدهم في الدنيا والآخرة فأنزل لهم الملائكة في يوم بدر (إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين ءامنوا ) وينزل عليهم الملائكة في كل حين لأنهم أهل الاستقامة (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ) لا خوف ، ولا حزن، بل أمن وطمأنينه وبشارة ، كما كان لأبيهم إبراهيم عندما جاءته رسل الله بالبشرى( قالوا سلاما قال سلام ) وفي الختام سؤال يفرض نفسه.. ما عاقبة أعداء السلام؟!! أقول لك أيها السائل: هل تعرف أهل الأعراف الذين منعهم القتل في سبيل الله من دخول النار ومنعهم عقوق الوالدين من دخول الجنة؟.. أهل الأعراف هؤلاء (نادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون ) هذا حال أهل الأعراف !! فكيف حال أهل الانحراف والانجراف للحرام والخراب والدمار وكيف حال أعداء السلام؟!! فلا سلام إلا بالإسلام.. ولا إسلام إلا بالسلام,, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.كتبه ناصر العرفي