السيد سالم عضو شرف
البلد : مصر عدد المساهمات : 361 نقاط : 849 تاريخ التسجيل : 22/10/2011
| موضوع: أجمل مريضة سرطان 2011-11-07, 15:59 | |
| أجمل مريضة سرطان راحة اليد قليلٌ من الحب، قليل من العنف. راقبتْ قميصهَ وهما يوقفان سيارةَ الأجرة، ففاجأه دفءُ راحة اليد حينما ضربا كفّا بكف. التلميذ لو أن الجوّالة مشوا في دهاليزه لشاهدوا التلميذَ مقرفصا يتلقي أولَ الحصص. ولو أن المرأةَ عزلتْ حلمها عن مداره المذل، كنا منعنا انتهاكَ الصدر واتقّينا تعفنَ المعرفة، فينكشف الغموضُ بفعل لعق البن من قعر فنجانها. الرهان في آخر الفصل كانت بنتٌ تقشّر جرحها عن جفافه، وتعرف أن الرهانَ الذي كسبتْه هو أنها كوَّنت بجهدها عينين أوسعَ من المصنفات التي تُكتب الآن فيهما. تجلس البناتُ خلف حائط المدرسة، يعاقبن أنفسهن بجريرة الارتفاع عن مستوي الشبهات. ويهتفن بروحهن التي لوثّها البرابرة: لم يبقَ ما نخسره. التلميح أحسنَ التفريقَ بين مراحله منذ علّمتْه أن الآباءَ خطاءون إذا ظنوا أن ركبتيها تستحقان الإساءةَ. وعندما سألتْه: هل أكلتَ فطيرةً في النجع؟ استعاد تحذيرَ الروائيين من خطورة التلميح، حيث لا يستطيع أحدٌ أن يمزحَ مع الاستعارات. كل هذا السواد بسيماهم يعرف المجرمون. والمرأة التي خلفها تراثٌ من الذي بني مصر شدّها الأطباءُ برشاقة أصابعهم علي البطين، مع أنها لم تتوقع هذه الصفوفَ من المشارط موزعةً علي أبواب البيوت. كان غاضبا من الزيف ومشغولا بالطريقة التي سيرجو بها امرأةً أن تكرم عينيها من أن تنظرا بكل هذا السواد، طالما الاحتراق كامنٌ في فكرة الشمع. حمص الشام وضعَ حقيبته علي كتفيها ليبرهن للممرضات علي أنها ميتنةُ البنيان، فانفجرتْ قهقهاتها التي اختفت بعد حقنة الهواء. لابد أن نشك في الصدفة كلما هبط الملاكُ في بابل. وما يعرفه أن حمص الشام كان في انتظارهم بعد الكشف. الطيران ضاقت الحلولُ إلي دائرةٍ تعلَّمنا بداخلها أن الجسدَ ليس زخرفةَ الصنائع. الاقتراحُ الآن هو الطيران إلي الجهة الأخري من الملعب. هناك ستهنئ امرأةٌ عاملةَ السنترال علي جمال قرطها أثناء حكيهما عن التأقلم، وهو ما يشي بأن الجراثيم ترجع القهقري، كلما ضلّت خط السير. موسيقي الحجرة تنيرها أحلامُها المتحركةُ، بعدما رأت بها أفرادا شعبيّين أضحكوها كما لم تضحك منذ أوغل شقيقها في الحبوب. شعبيون حتى الرُّكب. خصوصا تلك التي صرحت بأن الصداع يجعلها تترنح كشاربة الحشيش. الاختناقُ في هذه الحجرة أيقظ عندها حاسة المزاح ، فقالت: نبدو كمن نسوا مريضهم بالمنزل. يلزمه أن يكون طبيعيا إذ سلتت امرأةٌ يديها من تجاربها لتجعل اللذةَ هي المحذوفَ من خطاب العرش، وقتما ينادي علي التاكسي وهما يبتعدان عن باب الطوارئ. استدارة دعاها إلي عبور النقاط السود باستدارةٍ خفيفٍة تجعل الأذي في الخلف. لفحتْها حادثةُ الرجل الذي «أشواقه تعطله عن أشواقه»، فتحسّستْ قطاعا من وجهها، وحسدتْ محظوظينَ رحلوا في أول العمر. ألف ليلة وليلة لماذا تكثر الأسماكُ كلما أنَّ رجل؟ فليخرج المصطافون عساها تنظف صوتها من التباس الحرف بالحرف. ويحسن ألا نخبر الأعوانَ بأن في قدميها فتي يختار لكل جرم سياقه. الأعوام ساهرون علي الخراب. فإذا بلغهم استردادنا أحبالَ حنجرتنا أطلقوا رصاصة الرحمة. سوف يدخل غريب يلقنها أن الله في حِجرها، ثم يأتي بأفعالٍ مؤداها أن مياها كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة، حتى لو كان المرضي جاهزين للعمل. عناصر الحرب خطّتهما من اليوم: أن يمسرحا الماضي حتى يموت. وحينما يتم التمسرحُ فإن الانكسارَ المتوقعَ سيكون علاجه بعض الأغنيات القصيرة عن الصُّدف. لم يعد في الوسع أن ينطا الحواجز، بغيةَ أن يضعوا ذنوبهما تحت أرجلهما فيسيطران علي الرموز التي يمرّرانها تحت الكلام. دورهما - والحال هكذا - أن يؤصّلا الخوف. خالهُ الصياد طبعا هتافُ الصامتين مدخلٌ لاكتشافها معادنَ المرتزقة، ثم أن طيرانها يفصح عن رقعةٍ لم يقسها طبيبُ الامتياز، ولهذا أساءوا فهم هيامها بشفاه زميله المختبر. طبعا خالُه الصيادُ سيخطفها منه ليدربها علي لغة يكثر فيها الماءُ بين أنثي وأنثي. وسوف يرفض انكسارهما حتى لا يحدثَ التناقضُ بين العيون والعدم. وفي الفجوة التي ستنشأ سينتحي بها إلي قاربه حيث السمكُ الذي لم يفلح ابنُ الأخت في اصطياده بسبب المهندمين الذين يستأجرون عضلات الآخرين. تحريك الشفاه حدّقَ الرجلُ في طريقة تحريك الشفاه فكاد يفهم أن كثافة الحواجب هي ما تسبّب ندرةَ الخضروات التي تقاوم الأنيميا، فعاودتها الغيبوبة عندما زاد البياضُ عن قدرة الآدميين علي احتماله. كان المناخُ كله يطردها لأنها لا ترتدي القفازَ أثناء استخراجها الكبدَ المصاب بالتليف. وهي معذورةٌ لأنها تجهل أنه بذل جهدا في الاتزان عندما كانت تدوّن شيئاً عن اللواتي هززن عرش مصر. تناص المستشفيات مفتوحةٌ 24 ساعة فيما إذا الشَّعرُ الذي هندمه الكوافير فقدَ الغجرياتِ اللواتي يقفزن من أطرافه إلي الأكتاف، فيصاب الصبيةُ برعبٍ ينطوي علي لمسةِ اصطناع يستطيع المحنكُ فضحها. حسن. من فوائد التناص أنه لا يعبر عن مشاعرنا تماما بل عن مشاعر الشخص تجاه الحالة التي تجسد مشاعرَ الوضع المشابه لموقف المرء الذي حمل مشاعرنا نحو ناسٍ يصدرون عن مشاعرَ موازيةٍ لآخرين ليسوا هم نحن تماما. كان المحذوفُ بينهما أثقلَ من كفاءةِ حاذفيه. وحينما وصلا إلي «مدنٌ تهوي في الروح ومدنٌ ترقي» كانا قد كرها التناص كليةً لأنه غشيمٌ لا عمل له سوي تقشير الندوب عن صديدها. كرة بنج لا مانع أن يصارحا الطبيب بالفقرة المعطوبة العليا في سلسلة الظهر، بدلا من أن يموّها عليه بإفهامه أن إطفاء السجائر في اللحم كان تمثيلية تربوية. هي معذورةٌ في الخوف من فقدانها، نظرآً لدورها الجوهري إذا كان الفستان بسبعةٍ من الخلف. وإن صار لابد من بترها اقترحا علي الجرّاح أن يثبّت مكانها كرة بنج بيضاء تقوم بنفس الدور. فلو أنه السرطانُ لكان أمرآً بديعاً، إذ سيمنح الدبلوماسيين تكييفا للشائعة التي تقول إن عندها جرثومة تحت شَعر السر، كما أن حديثهما عن الإخفاق سوف يحظي بمصداقية لم تحققها حينما أكدت مراراً أنها تكره العيش مع شركاء. ناعسة أتوا بجرّاحين كتومين للسر من أجل التعامل مع الغشاء الذي استعصي علـي تصنيع العواطف . انتفاخ بطنها كان يؤثر علي كمية الهواء المتاح بالغرف. فتذّكرَ المصريةَ التي سبّب عرجاً في ساقها اليسري بعد انفلات الكوابح. شاهدها مع زميله المختبر وبينهما أربعة أثداء، اثنان منهما كانا يصّران علي صنع الخير، بينما الهواء المضغوط يوحي له بأن يقصّ شَعرها علي الزيرو، لتغدو هذه الرأس مثيرةً لذكرياته عن أمثولة الصبر، عندما باعت امرأة جدائلها وهي تحمل في قفةٍ دودَ زوجها، في حين يسألها الشامتون علي دفوفٍ جنائزيةٍ في مسلسل الخامسة والربع: فين شَعرك يا ناعسة؟ سيد المنزل تنهش الحوائطَ بأظافرها لأنها لم تستطع تحذيره من عدوان الشوارع. تبادلا تعارف الأمعاء بالأمعاء، ثم تركْته وحيدَ أحشائه التي يهركها الكلابُ، وهي العليمةُ بالساعةِ التي يصير فيها الفيروسُ سيد المنزل. ليس من وقتٍ لإثبات أسبقية الروح. وهي تشم عَرقه بينما الآخرون يمسحونه بفوطةٍ. تضع خافض الحرارة في الشرج، وتظل واقفةً كديدبان إلي أن ينتظم الوجيبُ ويرحل سيد المنزل، فتستطيع أن تري خيوطا من الدم في القنوات التي خلفتها الأظافر. الإبرة كيف نفرّق بين البراعة والشّغف، إذا كان الطبيبُ قد أفسدَ الأمرَ كله؟ حك أنفه وقال: صداعٌ عادي. سامحه الرب، فقد كان الكثيرون في حاجة إلي هذا السرطان مثلما كان مواطنو كافافيس في حاجة إلي البرابرة. فلماذا يخونها الرجال بالمرض، بعد أن أقسمَ كبيرهم أنه علي عانتها يموت فيلقي جنةً علي هيئة مكتبةٍ، بينما الخونة يعرّون مؤخراتهم لاستقبال إبرةِ سيد المنزل. الملابس لم تشرحْ التفاصيلَ لأن الشواكيشَ فاجأتها، فهل لابد من ورمٍ خبيثٍ لكي تعرفَ المرأةُ كم يحبها الآخرون؟ هما يدركان أن العكارة مصروفة بالتساوي بين خلق اللهّ، وقبل أن تشاهد جسدَها منتجا للأساطير لن يمكّنا الذنوبَ من أن تفسدَ الملابسَ. الخِضْر يطوف به عبد الرحمن، بالتواء فمه عند جرعة الماء. كان مندوبا عن الخضْر حين تنبأ له أنه سيلقي الشخصَ نفسهَ مرتين: مرةً أيام واثقِ الخطوةِ يمشي ملكا، ومرةً أيام فوكو والثوبِ الذي إذا ارتدته الغلاميةُ شكشكَ الآباءُ عروسةَ الورق. يتذكّر أن خيري السمرة طلب نصفَ المبلغ ثم تنازل عن النصف الثاني بعد الجراحة التي نجحتْ بصرف النظر عن عبد الرحمن نفسه. ابن عمه الذي لم يلحقْ دفنتَه، مع أنه يدين له بكل نجيب محفوظ ونصفِ مصطفي لطفي المنفلوطي وخُمس جبران. العُقدة في منطقةٍ بعينها، وحين يطفح الماضي ستدفع سيدةٌ ثمنَ مهنةِ العلو، قبل أن تتحسسَ الحاجبَ الذي لم تنتفه، لأنها خصيمةٌ للورم ومعاديةٌ لعقيدة الخفّة. فلسفة التخفف توصّلا إلي كوارثَ سابقةِ التجهيز، ستدفعهما إلي أن يناشدا المارّةَ أن يستلهموا حضارةَ البدائيين في جعل الكفّين نفيا للخَرَس. لن تكتبَ المرأةُ تجربةَ المرض. الرجل هو الذي سيكتبها، إذ من الضروري للسلام أن يصحو. أخته تستوعب أن قراءةَ الطالع قناعٌ، فلا تداريا عليها أن المكانَ موحشٌ إذا خلا من الرجل الذي يتحتم التخففُ منه. الأخطاء كل ما يدريه أن العتاةَ كانوا محقّين لأنها حبستْ جسدَها الأصلي في صندوقٍ مطعّم بالصدَّف، بغيةَ ادخاره للحظةٍ قد لا تجئ إلا بصدفةٍ لا يجيد حسابها فنّيو الأعطال، الذين لم يلاحظوا قائد الأوركسترا وهو يعلّق عازفيه في السقف. هما غير محتاجْين للكوريكتور لإزالة الأخطاء. يكفيهما أن يبتسما للخاطر اللئيم حول اتساع سرواله، قبل أن يشجعها أمام الطبيب المناوب علي عرض تاريخ حالتها. روبابكيا كان يكره شَعرها محلولا، ويمنع عنها طلاءَ الأظافر حتى لا تستوعبَ اقتراحَ فورتها. سيدُ النعمة الذي تمنت أن يموتَ كي تعطي أثاثَ غرفته لبائع الروبابكيا، تتمةً لبغضها ضمةَ الصدر كلما عاد من أسفاره يجرّ عضلات الصاعقة بساعدْين احترفا لذةَ الهصر. غرفُته الآن خاويةٌ، بعد أن غادرها الطاغيةُ كثيفُ شَعرِ الصدر. وهي ترتب احتفالَها الذي لم يفهمه الأسوياءُ: ستراقصه طيلةَ الظلام، بجسمه العسكري المحشوّ بالجُلّة. لن تتفادي النظرَ إلي شاربه المموّه، ولن تكثرت بنظرات أمها من الثقب إن أنهكتها رطوبةُ الجو، رغم أنه كان يحرّم عليها الكعبَ الذي يوضّح صحوة الثدي، حرصا علي أن تظل الوصايا معلّقةً في النجف. وحين تأخذ الرقصة مجراها، وسطَ مومياواتٍ ترفع ذقونها الآليةَ فوق دواليب العُرس، ستحاذر أن تصطدمَ بذَكره. وإذا بلغ الكرنفالُ التباسَه المطلوبَ ستنجلي حالةُ القهر: لأن الطاغيةَ مات قبل أن تنال منه. الأشباه شواغلنا قليلةٌ هذا الصباح، ونحن مكشوفان تماما بعد أن اختفي الظلُّ في الظل. هبط الملاكُ وبائعو الجلود والأشباه علي شواغلنا القليلة، ولم ينجح المحارُ الذي جمعناه في طرد أحد. ومع ذلك كانت جاهزةً لغفرانٍ ليس من طبائعها عندما أعلنتْ في الجمع أن الخطّائين للخطّائين. وهمستْ: أنا ممنونةٌ للضغائن التي تبرق في الليل، فتنير مستقبلَ الضعفاء. (أبريل 1996 - إبريل 1997) |
|