عويل حاملات القرابين
تفتح الستارة، فيظهر الممثلون من غير أعناق، ويظهر الملقن من غير لسان، ويظهر مهندس الديكور من غير بطن. الإضاءة سوداء، والبطلة مدهوسة تحت أقدام النظارة، بجلدهم المسلوخ وصراخهم الذي ينزل إلي أمعائهم، فتنداح أمعاؤهم في الكواليس، بينما المقاعد القطيفية تملأ الحلوق، ثم تبص قوائمها من المؤخرات لاطمة وجوه عاملات التذاكر والعابرين في الطريق. دقت الدقات فدخلت حاملات القرابين :
حاملة أولي :
عاشقة الچنرال المعطوب،
مجاهدة من أجل عوانس قلب القاهرة،
محجبةٌ سافرةٌ ،
باقيةٌ، ومسافرةٌ،
يطفر من عينيها حسد رباني وشخوصٌ
دونيون ولمحة قهر غائرة،
يضنيها دور الكومبارس، فتجلس عند الأبواب المغلقـة تذب الخطاب وطلاب القرب بطرف منشتها.
حاملة ثانية:
فنطاس، وعلي الصدر البرميلان،
ينزان الزيت فتنزلق الأقدام العابرة،
المتلمظة على صيد صغار السن،
وريثة سيزا نبراوي،
رايتها: مالم يتحصل بالعلم نحصله بالفخذين،
وأخت الغندور المتلعثم،
ونش الفيمينزم،
وذات الثقلين،
ترى بجنوب الوادي وهي مرسخة في الشرق لفرط تشعب شدقيها المقتدرين.
حاملة ثالثة:
نيئة،
متبوئة ما لا يتبوأ ،
مسئولة قسم التثقيف،
الزربة في التفريق الباهر بين المطبخ والقصص،
النيئة،
رهان رئيس التحرير المتصابي،
والمتوترة إذا غاب عن العمل الحلاقون،
وصاحبة القول الفاصل في علم النسونة،
النيئة،
ستنضج إن تركت في التبن ثلاثة أيام.
حاملة رابعة:
الأرملة الطربة،
سيدة بيوت الخلق ،
الماكرة، مدبرة المنزل، والشاغلة مكان الأم ،
صديقة أشيائي لا خادمتي،
متعددة الأوجه،
يشريها الشراء بفلسين،
المستضعفة إذا غابت والمستقوية إذا اغتابت،
طابخة الهمزة واللمزة،
والمحاكة،
عينةُ الطبقات الرثة مما نفني من أجل كرامتها العمر،
وصانعة الشيشة للرجل الجاثم في الركن بوضع اليد،
المتدربة السابقة علي الغمز،
المضطرة أن تمدح محتقريها حتى يجد الأطفال عشاء ،
تمشي في البيت وفي القلب كمالكة،
فلماذا خانتني الأرملة الشاغلة مكان الأم؟
حاملة خامسة:
قائدة تريللات المنطقة،
مؤسسة البرجين: طبيب ومهندسة،
حاضنة يتامى قصر البارون،
الأم شجاعة،
ومحركة السواقين بخبرة ملك الأورنس،
ست البرين،
القبضة إذ تتحكم في الحاكي لابنته قصص الخلفاء وفي الطفلة حين تشب الحلمة،
قامعة بالوهن علي وهن،
خاضعة بالوهن علي وهن،
آلتها المسكنة وغايتها الهيمنة،
وطاهية الرحمة في القدر،
وتاركة الابنة في جرستها تقليلاً للتكلفة،
حليفة قيح الأنظمة وقيح المغتصب مدبر أغلي صفقات السوق:
الشعر مقابل هتك العرض،
المنتجة الضدين:
استبداد بالدمعة واستبداد بالحرمان من الإرث.
سلام للوالد فوق المئذنة يؤذن لصلاة الفجر.
معجزات
يصنعان معجزات بسيطة: يطبخان الثريد علي شمعة، يهملان مكتبة الإسكندرية، يصلحان شيش النوافذ باللمس، يعرفان أن الغريزة مشكاة في زجاجة. يصنعان معجزات بسيطة، مع أنهما لم يكلما الله علي الجبل، ولم يشفيا الأعمى والأبرص، ولم يتلقيا «مرج البحرين يلتقيان» جوهر الحال أنهما يستخدمان الأسنان في صناعة العلامات، هازئين بالسيمولوجيا، ثم يمشيان في الأرض مرحا، حاملين مشكاةً، وحينما يقلقهما جواسيس التكنولوجيا، يتلوان «موقف بحر»، عند ذاك تنضاف للمعجزات البسيطة معجزة قهوة الصبح.
حلمي سالم