مناقشة التخلف ومظاهره في العقلية العربية هو الحل الجذري لمشاكلنا، لذا حاول الباحث في وضوح وعمق شديدين وضع يدنا على المرض، فكان تحديده لمظاهر التخلف في بنية العقل العربي –والغريب أنها تتماثل وتتعاظم مع صفات المستبدين- في خمسة عناصر رئيسة هي:
1- - تمحور التفكير حول الذات (أو تضخم الأنا )، ويتفرع عنها الانتهازية
والاستغلال، والاستبداد.
٢- عاطفية التفكير، ويتفرع عنها الآنية والارتجال، واتباع الهوى وغياب العدل،
والتفكير الشاعري.
٣- الجزمية الفكرية، ويتفرع عنها نغمة الحسم في تقويم الأمور، وعدم تقبل النقد.
٤- التواكل الفكري، ويتفرع عنه : الاستسلام للتفكير التآمري، وإيقاع اللوم على
الآخرين، والاستسلام للواقع وعدم التضحية، وعدم المبالاة بأهمية الأمور،
والترعة التقليدية وغياب التفكير الإبداعي (الألمعية)، والتفكير الهامشي.
٥- سطحية التفكير، ويتفرع عنها قصر النظر، وغياب العمق، وصفرية الانطلاقة،
وإهمال الكيف والاهتمام بالكم، والتفكير التشخيصي، والتفكير الحشوي.
محمد يونس لقراءة ملخص للموضوع http://www.alwasatparty.com/article-13244.html
Saleh A. Zahrani انا شخصيا اعتقد ان العبارات التي تصور العقل العربي وكأنه كهف قاصي تعمره الهوام غير علمية ولا مفيدة ولا عملية وتندرج في احسن صورها ضمن عمليات التنفيس العفوي عن الضغوط النفسية التي يعانيها الكاتب. لان العقل العربي "عقل" ايا ما كان رفضنا للطريقة التي يعمل بها. ولا ادل على ذك من نجاح الثورتين النونسية والمصرية في خلق حالة من التوافق الذهني لدى ملايين الافراد. وبالتالي تكون المشكلة هي اننا لا نميز احيانا بين عمليات العقل كمكون بيلوجي ونفسي داخل الفرد، وبين عمليات المجتمع كمجتمع، فنحكم على الاول من واقع الثاني وهما مختلفين فالاول علم نفس والثاني علم اجتماع. وعمليات نحسين اوضاع الثاني تختلف عن عمليات تحسين الاول وان كانتا متداخلتان في بعض جوانبهما.
محمد يونس إن العقل العربي بالمفهوم السيكولوجي لا يختلف عن أي عقل آخر، ومن يقول بغير هذا فجدير بأن يتهم بالعنصرية. ما نقصده هنا هو العقل العربي بالمفهوم الاجتماعي بوصفه بنية من المدركات الثقافية والفكرية السائدة في المجتمع، ولا أظن أن العمل على تشخيص السمات المكونة لهذه البنية العقلية لا يفيد في تجاوز أزمة التخلف في عالمنا العربي
Saleh A. Zahrani اذا نتفق في المقصود تماما ونختلف في المصطلح، لاني اعتقد انه من الافضل استخدام مصطلحات اكثر تعبيرا عن مقصودنا مستقاة تماما من علم الاجتماع البحت وعلم النفس الاجتماعي في توجهات ما بعد الازمة الذهنية.
Saleh A. Zahrani اعني تجنب التناول الفرويدي التخيلي لمصطلحات من قبيل العقل الجمعي لدى العرب الذي لاوجود له على الاطلاق.
محمد يونس نعم أتفق معك أستاذ صالح في ضرورة تجنب التناول الفرويدي للعقل الجمعي، ولكني لا أنكر وجود العقل الجمعي من حيث كونه كيانا اجتماعيا وليس سيكولوجيا كما سبقت الإشارة
Saleh A. Zahrani العقل الجمعي لا يمكن اخضاعه لاي عملية قياس ولا يمكن تناول اي من جوانبه بطريقة اجرائية، اذا هو "عمليا" و"علميا" غير موجود .. تسلم
محمد يونس فكرة أن ما لا يمكن قياسه غير موجود هذه فكرة لا تستقيم مع المنطق، ولذا فإن المدرسة السلوكيّة في علم النفس التي عرفت بإبعادها لفكرة اللاشعور وغيرها مما لا ينتمي إلى السلوك الخارجي لم تنف وجودها وإن كانت تقر بصعوبة دراستها دراسة علمية، وهذا ينطبق أيضا على المدرسة السلوكية في اللسانيات التي اضطرت إلى إبعاد "المعنى" عن الدراسة بحجة تعقد مكوناته وصعوبة قياسه، ولكنها لم تنف وجوده، ويرى تشومسكي اعتراضا على السلوكيين أن إبعاد ما لا يمكن قياسه بحجة الموضوعية منهج غير سليم؛ لأنه سيحرمنا من كثير من التبصرات التي يمكن بلوغها بطرق أخرى
Saleh A. Zahrani يا دكتور محمد لايمكن ان يوجد معرفة علمية بدون بيانات، ولا يمكن الحصول على البيانات سوى من خلال عملية واحدة وحيدة تسمى القياس ويجب ان تكون صادقة وثابته. وهي هنا عملية لا يصح ان تعلّم\تسم "بسلوكية" او "بتحليلية" او "بذهنية". بهذا التوجه اصبح ممكنا قياس ما هو ظاهر (السلوك ونوايا السلوك)، وما هو غير ظاهر (العمليات الذهنية والحالة الوجدانية ومحتوياتهما) السابق والمصاحب واللاحقة لقرارات الفرد واحكامه. ولذا أصبح من السهل الفصل الكافي بين المفاهيم وميلاد الكثير الكثير منها، واصبح ممكنا معه مثلا دراسة مستويات النص والمعاني داخل ذهن المؤلف والقارئ. وكذلك اصبح من الضروري اخراج بعض المصطلحات من التداول مثل مصطلح العقل الجمعي الا بصفته (ادبا) اي موضوعا للعلم مثله مثل "الزهرة" او قوس فزح .... سلمت
محمد يونس لماذا إذن نستبعد فكرة العقل الجمعي عن القياس إذا كان بالإمكان دراسة ما هو غير ظاهر؟ أتوقع د صالح أن اعتراضاتك قائمة على الاعتقاد بأن الجزئي الحسي فقط هو الموجود، أما الكلي (المجرد) فلاوجود له. والواقع أن الجزئي موجود في الواقع (أي العالم الخارجي) والكلي موجود في الذهن فقط (لأنه نتاج عملية تجريد عقلي)، وبناء على هذا التفريق فإن العقل الجمعي هو ليس موجودا في العالم الخارجي (الواقع)، ولكنه موجود في ذهن الباحث بوصفه نتاجا لعملية تجريد عقلي لما هو موجود عند الأفراد، أي أنه متوسّط ما يكتسبه عقل الفرد من مدخلات تربوية وعقدية وسياسية إلخ، وبذلك يكون العقل الجمعي هو الممثل لما هو سائد أو شائع في عقول أفراد المجتمع الواحد.
محمد يونس فإذا أمكن دراسة مدخلات العقل الفردي، فسيصبح بالإمكان دراسة العقل الجمعي لفئة تشترك في تعرضها لنفس المدخلات الاجتماعية (بالمفهوم العام للمصطلح) وتتقاسم نفس المؤثرات العقلية على سلوكها الفردي
Saleh A. Zahrani ما التعريف الاجرائي للعقل الجمعي؟ على اعتبار ان التعريف المفاهيمي مؤسس سلفا. ما المكونات التي تحاول قياسها ضمن مفهوم القعل الجمعي؟ وما الوحدات التي سيتضمنها المقياس لتمثيل كل مكون من مكونات المفهوم؟ اسئلة يجب ان تكون الاجابات عليها واضحة
محمد يونس عرف مفهوم العقل الجمعي تعريفات مفهومية مختلفة، أما إجرائيا فهو بنية متماسكة تجسّد طرائق التفكير السائدة في المجتمع، وهي إفراز للمكونات الثقافية والتربوية السائدة منظورا إليها من الجانب الإدراكي، ولذا فإن قياسها يرتبط بقياس أنماط السلوك الإدراكي الشائعة عند الأفراد والمؤسسات، وعلى سبيل المثال إذا أردنا أن نقيس ما أسميه بسطحيّة التفكير (النقطة الخامسة) فيمكن النظر مثلا فيما إذا كان الأفرد أو المؤسسات تعتمد على الجهود السابقة وتستفيد من الخبرات التراكمية أم لا ، فإن كانت الإجابة بلا فيحكم على أصحابها بصفرية الانطلاقة، وهكذا في بقية السمات المكونة للعقل الجمعي، علما بأنه يمكن إعداد استبانات تتضمن أسئلة مناسبة لقياس هذه السمة، مع الاعتراف بأن تحويل الكيف إلى كم دائما تكتنفه صعوبات متأصّلة.
Saleh A. Zahrani اخي واستاذي الفاضل التعريف الاجرائي الذي تفضلت به يتضمن مصطلحات تحتاج لتعريفات اجرائية بذاتها (مثل: التجسد، طراق التفكير، المجتمع، افرازات، الثقافة التربوية، مكونات الثقافة التربوية، السائد المدرك، ..الخ )، وعلى فرض قررنا السير في هذا الطريق الشاق والطويل سنجد في النهاية اننا نقيس شيئ مختلف عما بدانا به وهو العقل الجمعي. تسلم واقدر مرونتك الذهنية العالية.
محمد يونس مرحبا بك د صالح في كل وقت، وأشكرك على إسهاماتك المميزة التي منها أفدنا وبها استمتعنا