وداعاً أيتها الشيخوخة

تأملت الصورة المنعكسة في المرآة ، ابتسمت لي شعرة بيضاء ، اتخذت موقعها في الناصية تماماً وكأنها تمعن في الكيد ....نظرت إليها بعيون الفزع ، فنفثت تلك في مكر عدوى بياضها في كل شعري ،...أصدرت أمرها فزحفت جحافل التجاعيد تحفر خنادقها على وجهي ، ترهل جلدي وتكرمش ، استوطنت البقع الداكنة معظم خلايا جلدي ، انحنى ظهري ، وتقوس رجلاي ، ونبت لي رجل ثالث من خشب ،...حاصر القطن الطبي حوضي ، ونهشتني حرارته الرهيبة.
النظارة الطبية لم تعد تجدي لالتماس لذة القراءة، والسماعة باتت تزعجني بالطنين ، ودبيب النمل .
الشجار ينتهي ليبدأ بين أولادي وأزواجهم بسبب وجودي ، وأحفادي أستهوتهم النوادي والإعلام ، والألعاب الإلكترونية فلم يعودوا يجدون المتعة في صحبة ذاكرتي التي نخرها الزهايمر .
ينفر جلسائي من كثر شكواي ، فأقضي معظم وقتي على السجادة ، أحاول أن ألج العالم الذي بات قاب قوسين أو أدنى شبه نظيفة، يقاطعني السعال ، ويمنعني الروماتيزم ، ويعترض غايتي السكري والضغط.
أنظر إلى اليوم أو بعض اليوم الذي خلفته ورائي ...شهادة جامعية هزيلة ، زوج ، وأولاد ، بيت وسيارة ، سيارات ، ملابس مجوهرات ، أثاث ، سفر حفلات ....
تركت المرآة اللئيمة معلقة على الجدار ، وقررت هجرها حتى ولو ظلت مشنوقة هناك إلى الأبد...تناولت ورقة وقلم ، قطع أولادي حبل مذاكرتهم وتجمعوا حولي:
- ماذا تفعلين يا أماه ؟
اعترضني سؤالهم الحائر ، فقلت وأنا أنظر إلى المرآة المعلقة على الجدار :
- سأنشئ مدرسة مجانية للاعتناء بالمواهب .
أشرق على وجوههم أمل احتضنته ابتسامة هادئة ، عانقوا كتبهم ، وراحوا يتأملون صنيعي في صمت .

السيدة غالية ..
لك الشكر الجزيل على تلبية الدعوة بإيراد هذه القصة الجميلة التي قد اطلعت عليها قبلا ، فأحببت أن لا يفوت الاعضاء قراءتها ...
الفكرة جميلة .. وهي في نفوسنا ولكن لم تطرح كما طرحتها انت ...

أبدعت ونأمل منك الابداع المستمر .. تهنئتي فأنت أكثر من قاصة .

هذا كثير عليّ أستاذي ....شكراً لكلماتك المشجعة

ليت هذا يصبح الواقع فلا يكون للمجرم المحسوس (الفراغ ) وجود فى دنيانا

حميل أستاذة غالية أن تحددى مصير ذاتك مستقبلا ان قدر الله لنا ولك البقاء
حقيقة فكرة ما أجملها زينت بكلمات ما أروعها
لك جزيل الشكر على طرح الفكرة
تحياتى

تشدّ النصَّ جميعا حالةٌ ، لا تتحقّق في الواقع بل تُنتجها الذّات إنطلاقا من إمكان وقوع - هو ظهور الشّعرة البيضاء الأولى - يجعل الشّيخوخة خطرا يُنبئ بقدومه فيهزّ وهم الطّمأنينة و إبتسامة تفاؤل الشّباب و القدرة على الفعل ...
حالة تُعلن خوفنا من الضّعف ، من العجز و إمكان الإلغاء ... أن نتحوّل فجأة إلى حِمل ثقيل و همّ لا يرتاح منه الآخرون إلاّ متى حقّ لهم أن يُلحقوا ذكرنا ب " يرحمه اللّه " . الثّابت في هذا النصّ هو ذاته الثّابت في النّفس البشريّة : الخوف من الشّيخوخة و لذلك نما السّرد بنموّ الحالة فأوهمنا بالتحقّق و بأنّ هذه المرأة تنقل ما تحيا و من ثمّة كان السّرد مجرّد حكي ينقل واقعا لننتهي إلى أنّ ما ينمو هو ما يتحقّق في الذّهن و بقدر رغبتها في ألاّ تحياه في الواقع نسجت تفاصيله ... تفاصيل علاقتها بجسدها و بعائلتها و بكلّ ما يحيط بها ، ممكن " قبيح " ، و لعلّه كان مكتمل " القبح " ليكشف حالة فزع انتهت بفكرة تمنح الحياة مرّتين . فرعاية المواهب تحيي صاحبها كما تمنح الآخر فرصة قد تبدو له مستحيلة فيحيا راعيها بعدد الموهوبين و بذلك تنتصر- هي - على الشيخوخة و الإلغاء و حتميّة الموت ...
تبقى الشيخوخة غولا ، نكرهه كلّما اقتربنا منه أكثر أو حتّى فكّرنا فيه أو لمحت عيوننا بعض مظاهره و إن بنظرة عابرة و الحال أنّنا لا نعلم إن كنّا سنبلغ هذه المرحلة أم لا ؟؟؟ نصّ جميل لأنّه يعرّي بعض داخلنا و لأنّه استبطننا و إن تكلّم بضمير المفرد ...

الأخت الفاضلة الأديبة غالية
أسعد الله أوقاتك بكل الخير
الفكرة إنسانيّة ، قديمة متجددة ما تقلب الجديدان . السردُ سهلٌ سلس واللغة واضحة ، وأضفت بعض الصور الموحية غير المتكلفة جمالاً على الأسلوب . والومضة الأخيرة جاءت أفقية بعض الشيء لكنها كانت مُقنعة . وُفّقتِ في استخدام ضمير المتكلم للسرد فهو أقوى في نقل الوجدان . هناك بعض الهنات اللغويّة ، وأنا لستُ أدري إن تسمحين بالإشارة إليها .
تحياتي وتقديري

الأستاذة الفاضلة نجاة
شكراَ لكلماتك الراقية
تحياتي

أستاذ جلال
لك جزيل الشكر على مرورك الكريم
تحياتي

أستاذة نجاة إدهان
شكراً لقراءتك العميقة للنص
شكراً لثناءك عليه
شكراً لمرورك العطر

أستاذ مصطفى
أسعد الله أوقاتك بكل الخير
أسعدني مرورك
وأرحب جداً بأي نقد ، فما طرحت موضوعي هنا إلا لأطوره إلى الأفضل ، والأفضل لا يأتي بغير النقد
مرحياً بك ولا تبخل بملاحظاتك
تحياتي

الصديق الرائع عبد السلام
كل الشكر لمرورك الرائع ، ولهذا الدفق البديع الذي نثرته على نصي المتواضع