رُوي أن الفرزدق لما قال:
قال بعض الحاضرين : أعزُّ وأطولُ مِنْ ماذا ؟ فتفكر الفرزدق فوافق ذلك قول المؤذن في الأذان : " الله أكبر " , فرفع الفرزدق رأسه فقال : يا فلان : أكبر من ماذا ؟ ففهم السائل أن المراد بـ أفعل مجرد ثبوت الوصف .
أي: بنى لنا بيتاً دعائمُه عزيزة وطويلة ....
ولو كان المراد التفضيل ( وهو : الدلالة على أن شيئين اشتركا في صفة وزاد أحدهما عن الآخر في هذه الصفة , نحو : زيد أكرم من خالد ، فقد اشترك زيد وخالد في صفة الكرم – أي أنهما كريمان – ولكنّ زيدا زاد على خالد فيها ) ، لكان اعترافا من الفرزدق بأن بيت جرير دعائمه عزيزة وطويلة , وهو لا يريد أن يثبت لجرير أي نوع من العز والطول .
وإنما المراد من اسم التفضيل في البيت هو : مجرد ثبوت الوصف للموصوف دون النظر إلى تفضيل , نحو قول الشَّنْفَرَى :
أي : لم أكن عاجلا , ولو أراد التفضيل لكان ذمَّاً له , فهو ينفي أصل العجلة لا زيادتها فقط , وقرينة ذلك انه يمدح نفسه .
ونحو قوله تعالى : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ)الإسراء/54 ، أي : عالم بكم , فالمراد إثبات صفة العلم لله بدون تفضيل .
ونحو قوله : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ)الروم/27 ، أي: وهو هين عليه ...
ونحو قولهم : " نُصَيْبٌ أشعر الحبشة " ، أي : شاعرهم , إذ لم يكن فيهم شاعر غيره .
مما سبق يتضح أن اسم التفضيل له باعتبار المعنى حالتان :
1- الدلالة على أن شيئين اشتركا في صفة وزاد أحدهما عن الآخر في هذه الصفة ، وهذا الاستعمال هو الغالب .
2- الدلالة على مجرد ثبوت الوصف للموصوف دون النظر إلى تفضيل .
وهناك حالة ثالثة قليلة الاستعمال ، وهي : الدلالة على أن شيئا زاد في صفته الخاصة به على شيء آخر في صفته الخاصة به , وعند ذلك لا يكون بينهما وصف مشترك , نحو : الصيف أحرُّ من الشتاء ، المراد أن الصيف أشد في حره من الشتاء في برده , أي أن الصيف شديد الحرارة والشتاء شديد البرودة ولكن الصيف زاد في صفته على الشتاء في صفته . ونحو : العسل أحلى من الخل ، أي أن العسل زاد في حلاوته على الخل في حموضته .

الأستاذة الفاضلة/ ولاء سعيد أبو شاويش
شكرا لمرورك على موضوعي ولا حرمنا الله من مساهماتك الرائعة وتعليقاتك المشجعة، وبارك الله فيك.

أهلا وسهلا
بأستاذنا الفاضل د/ عصام عبدالرحيم عارف
أجدت اختيارا للموضوع وتوضيحا للمقصود
فأحسن الله إليكم وجزاكم خير الجزاء
بانتظار لفتاتكم اللغوية