اختي وجدت هذه المقالة الخاصة باللسانيات الوظيفية ارجو ان تساعدك اليك هذه المقالة .............
نعتمد في هذه الوقفة القصيرة أربعة نماذج للتطبيق التداولي في العربية، هي: الوظائف التداولية في اللغة العربية/1985، الجملة المركبة في اللغة العربية/1987، الوظيفة والبنية مقاربات وظيفية لبعض قضايا التركيب في اللغة العربية/1988، وقضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية بتطبيقاته الثلاثة: البنية التحتية أو التمثيل التداولي/1995، بنية المكونات أو التمثيل الصرفي التركيبي/1996، بنية الخطاب من الجملة إلى النصّ/2001.
أ- من الناحية العلمية: إن استخدام المتوكل لعدد من المصطلحات المجلوبة من البيئة الفلسفية والمنطقية، يُعدّ عودة بالنحو وباللغة عموما إلى الحضيرة الفلسفية التي هي أَوْلى باحتضانها؛ تماما كما عادت إليها اللسانيات الغربية الحديثة –بعدما فصَلها عنها دي سوسير في مطلع القرن الماضي- في الأربعينيات، من خلال بحوث عدد من الدارسين الألمان، ثم في الخمسينيات بعد ذلك في كتابات الانجليز والأمريكان، مما أسهم في بعث التيار التداولي المنبثق من (فلسفة الفعل في اللغة العادية)(66). ويُقدَّم ذلك لدى المتوكل –فيما أرى- من خلال كتابه "الجملة المركبة في اللغة العربية"؛ حيث اعتمد فيه مدوّنة اصطلاحية فلسفية خالصة.
ومن جديده في كتاب "الوظائف التداولية في اللغة العربية"، أنه صنّف الجمل العربية ثلاثة أصناف: الجمل الفعلية، الجمل الاسمية والجمل الرابطية، ووضع شروحا وظيفية وافية لها، امتدادا لما قدّمه علماء العربية الأوائل في هذا الموضوع، وربما كان في تصنيف المتوكل حلّ لاختلافهم فيه لا سيما في تصنيف عدد من الجمل، نحو الشرطية والظرفية، وغيرهما.
أما كتاب "الوظيفة والبنية"، فهو تابع لهذا العنوان السابق؛ حيث راجع فيه تصنيف البؤر، فاقترح " خمسة أنواع من البؤر بدا (له) أنها كفيلة بتمكينـ(ـه) من رصد الفروق القائمة بين ضروب التراكيب المبأّرة الواردة في اللغة العربية (وفي عدد غير قليل من اللغات الطبيعية)"(67).
ولعل أهم نموذج تطبيقي في كتاباته الأخيرة، سلسلة قضايا التركيب في اللغة العربية المذكورة سابقا بعناوينها الثلاثة، وفيما يلي عرض موجز لأهمّ قضاياها:
أ-1- قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية؛ البنية التحتية أو التمثيل التداولي/1995: يشرح في هذا الكتاب قضايا جديدة بالنظر إلى ما تناوله في أعماله السابقة؛ فهي إما إشكالات لم يتطرّق إليها البتّة، أو عالجها دون أن يُوفيَها حقّها من المعالجة، أو تناولها من منظور نموذج النحو الوظيفي الأول، وبقي عليه أن يعيد النظر فيها لتبيّن كيفية تناولِها في إطار النموذج الحالي(68).
هذا، إلى جانب بحثه في مدى الاستفادة التي يمكن أن تحصّلها لسانيات العربية من دراسة هذه القضايا من ناحية ومدى أثر هذه النظرية على أثر النحو الوظيفي من ناحية أخرى.
- يوضّح أن من أهمّ ما يميّز النّحو الوظيفي في ضوابط الوصف اللغوي، تحقيقَه الكفايةَ التداولية؛ يقول–نقلا عن سيمون ديك-: " نريد من النحو الوظيفي أن يكشف لنا عن خصائص العبارات اللغوية التي لها علاقة بالكيفية التي تستعمل بها هذه العبارات، وأن يفعل ذلك بطريقة تُمكّن من ربط هذه الخصائص بالقواعد والمبادئ التي تحكم التفاعل اللغوي."(69).كما استطاع أن يجد لعدد من الظواهر غير المميّزة في السلسلة الكلامية تفسيرا تداوليا، نحو النبر والتنغيم من خلال مصطلحات لمفاهيم جديدة، مثل (مبدإ الإبراز التداولي)، (الاستقرار التداولي)...(70).
- مراعاة شروط سلامة التواصل في الأداء الوظيفي للعربية؛ حيث رفض عددا من العبارات التي تحتمل أكثر من معنى في موضوع الالتباس: "هو من الظواهر اللغوية التي تعدّ شاذّة والتي يجب بالتالي العمل على تلافيها درءا لأية عملية تشويش يمكن أن تـحُول دون التواصل السليم التام."(71).
- خلاصة هذا الكتاب أنه يبحث في كيفية التمثيل الدلالي والتداولي لخصائص الجملة في اللغة العربية من خلال قضايا تنظيم المداخل المعجمية والالتباس والتوجيه القضوي والترجمة.
أ-2- قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية؛ بنية المكونات أو التمثيل الصرفي التركيبي/1996: يبدو من خلال هذا الكتاب أن منهجه في دراسة خصائص اللغة العربية وظيفيا وتداوليا، ليس بعيدا عن الميزات الكبرى للبحث اللساني الحديث، والتي اتضحت منذ ف.دي سوسير؛ حيث لا تدرس خصائص لغة ما مستقلةً عن المنظومة اللغوية الإنسانية.
أ-3- قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية؛ بنية الخطاب من الجملة إلى النصّ/ 2001: بعد أن عرض في الإصدارات السابقة دراسة مجموعة من الظواهر التي يجمع بينها –على اختلاف طبيعتها؛ دلالية، تداولية، صرفية، تركيبية- أنها تنحصر في مجال الجملة لا تتعدّاه. أما عن دافع وضع هذا الكتاب، فيقول: "وقد اتضح لنا، ونحن نعالج هذه الظواهر، أن كمّاً غيرَ يسير من القضايا الجُمْلية المركزية لا يمكن تناولها التناولَ الملائمَ والكافي إلا إذا تمّت مقاربتها في إطار خطاب متكامل. من هذه القضايا على سبيل المثال لا الحصر، الاستلزام الحواري والالتباس بجميع أنماطه وإسناد الوظائف التداولية كالمحور والبؤرة ورتبة المكونات وتخصيص السمات الجهِية والزمنية وغير ذلك مما نُبّه إلى (خطابيّته) في أدبيات النحو الوظيفي والأنحاء المؤسَّسة تداوليا بوجه عام."(72). وهذا رغبة في تأسيس علم يتعدّى مستوى مجال الجملة إلى مجال أوسع، معتمدا في ذلك آخر أطروحة لـ(ديك) في تلك الفترة (1997)، والتي تقوم على فكرة أن بنية النص تُشاكل إلى حدّ بعيد مضمون خطابه.
- من نتائج تحليله الوظيفي للجملة، أنه قدم تحليلات مرتبطة بالجملة المركبة وقضايا الرابط والجهة والزمن:؛ ففي تحليله للجملة قدّم بنية عامة في تحليلات وظيفية لظواهر اللغة العربية معجميّها وتركيبيّها وتداوليّها(73). وفي قضايا الرابط مثلا قسّم أخوات كان إلى زمر: زمرة كان، زمرة أصبح، زمرة ظن، زمرة مازال.. وتحديد خصائص كل زمرة. وبذلك فقد قدم قواعد العربية في بعض مسائلها بطريقة تداولية جديدة، خلافا للعرض التكاملي الذي عُرفت به في الدرس القديم، مُسهما بذلك في تسهيل تدريس النحو العربي، وإعطائه طرقا جديدة في تعليميّته.
- وعموما، يمكن تقسيم تحليلات المتوكل في العربية، فيما يرتبط بالنحو الوظيفي، ثلاثة أقسام:
أ- التحليلات المعجمية: تتضح في (قضايا معجمية) و(من البنية الحملية إلى البنية المكونية)؛ حيث حدّد المفردات الأصول في العربية، وهي ما كان على وزن (فعَل، فعِل، فعُل)، وهي أصول مفردات العربية. وقد بينت الدراسة الوظيفية لخصائص النمط الاشتقاقي للعربية، عدّةَ سمات لهذه الأصول.
ب- التحليلات التركيبية: من خلال دراسته للفاعل والمفعول في العربية؛ حيث حدّد الوظيفة التركيبية لكل منهما، كما بيّن أن فرضية المفعول الواحد هي أكثر مناسبةً للعربية، وميّز في ذلك بين المفعول المباشر، والمفعول غير المباشر، والمفعول المزدوج(74).
جـ- التحليلات التداولية: حدّدَ من خلالها الوظائف التداولية في اللغة العربية التي مرّ بيانها سابقا.
5- وختــامــا..
- استطاع المتوكل من خلال هذا الاتجاه، أن يقدّم مجال نظريا وتطبيقيا جديدا لدراسة العربية.
- تتسم دراساته بالتكامل، وإيفاء الشروط النظرية والمنهجية للدرس الوظيفي العربي الجديد.
- لم يقدّم الاتجاه الوظيفي والتداولي تقديما صوريا شكليا كما نسجل على كثير من كتابات المحدثين، بل اِنه يقدّمه ضمن نظرية عربية وُسعى للسانيات العربية الحديثة التي لا تقوم على القطيعة مع المقولات التراثية.
- قدّم أعمال سيمون ديك الوظيفية تقديما مبسطا وممنهجا، وبأمثلة عربية من البيئة العربية الفصيحة والعامية في كثير من الشواهد، مما لم يبقها قيد الغموض والغرابة، نحو ما نقرأ في كثير من الأعمال المنقولة والمترجمة.
- وضع مدونة اصطلاحية للنحو الوظيفي تحديدا، بمصطلحاتها ورموزها وطرق تحليلها، وأسسها ومبادئها، وأمثلتها المتعدّدة. ووصف كثيرا من قضايا اللغة العربية، وفسّرها من منظور النحو الوظيفي، وإجراءاته المختلفة.
نستطيع القول بعد هذه الوقفة أن أعمال أحمد المتوكل تؤكد أن الفكر اللساني والنقدي الحديث يمكنهما اجتياز مرحلة التبسيط وتقديم مقولة الآخر للقارئ العربي، إلى مرحلة أخرى أكثر من ضرورية، وهي مرحلة التطبيق والتأسيس لفكر عربي بخصائصه التي تميّزه وتُفرّده؛ يقول غلفان: "لقد سمَتْ كتابات الفاسي الفهري وداود عبده وخليل عمايرة وأحمد المتوكل وغيرهم بالبحث اللساني العربي إلى مستوى عال من الضبط والدقة."(75). ويضيف: "إن المطلوب اليوم من الكتابة اللسانية العربية، المساهمةُ في إغناء التنظير اللساني العام؛ أي الانتقال من مرحلة الاستهلاك إلى مرحلة الإنتاج الذي يساهم في إغناء البحث اللساني العالمي وليس العربي فحسب."(76).
إننا نودّ أن نقدّم لغتنا وفكرنا العربي اللسانيّ إلى الآخر أيضا، تحقيقا لمبدإ التداول المعرفي العامّ بين بني الإنسان في هذا الواحد والعشرين، وبوسائله الجديدة التي قرّبت كل بعيد...
ثمّ إن ثبات الفكر العربي الحديث، رهينُ هذا التقديم أولا، وبالمشاركة في صياغة الفكر الإنساني العامّ؛ وهو السبيل الوحيد لأن تتبوّأ الثقافة العربية مكانتها الحضارية.
إن هذا النموذج الناجح، الذي يمثله أحمد المتوكل وآخرون، يتّجه لكل أولئك الباحثين المتحمّسين، والذين يحلو لهم أن يوصَفوا "حداثيين" ولوكان الوصف على حساب حسن اتصالهم بالدرس العربي، بل إنهم يتباهون بإخفاقاتهم في ذلك، حتى سمُج أداؤهم المعرفي، وأغرق في خطاب اغترابيّ رهيب.
ويتّجه هذا النموذج الناجح أيضا، إلى كل الذين يطلبون من القارئ العربي في كل مرّة أن يرقى إلى مستوى الفكر الحداثيّ الجديد في اللغة والأساليب والنماذج، معتقدين براعته ودهشة أداءاته.
ويتساءل هذا البحث في خاتمته، عن عدم تقديم كتابات المتوكل للدارسين وطلبتنا من خلال المقررات الجامعية. وماذا لو أتيح تدريس علوم العربية وفق المنظور التداولي الذي يعرضه المتوكل من خلال الاتجاه الوظيفي في تدريس النحو العربي؟ وماذا لو أتيحت فرص استغلال هذه المقولات التداولية والوظيفية في تعليم العربية للناطقين بها ولغير الناطقين، وفي مجالات العلوم الإنسانية الأخرى، نحو علم النفس اللغوي، وعلم الاجتماع اللغوي، وغيرهما..؟ أراهنُ أن النتائج ستكون مبهرة وفعالة..
و انصحك بزيارة موقع منتدى اللسانيات موقع رائع سوف تستفيدين منه كثيراااااااا .