التّغيّر الاجتماعيّ وآليات التغيير في القرآن الكريم
السيّد حسين إبراهيم (*)
التدافع والتغيّر سمتان من سمات الاجتماع الإنساني. وهذا يطال ـ فيما يطال ـ العقائدَ والشرائع كمؤسّسات اجتماعية. ولكنّ السؤال هو عن رؤية الإسلام لما يجب تغييره، أو يجوز أو يحظّر، عند خطابه للجماعة المؤمنة وأفرادها.
وهو ـ كما يوجب تغيير العقائد الفاسدة والشرائع الظالمة ـ، ويوجب المحافظة على عقيدته وشريعته (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ)(1)، ((وحلال محمد حلالٌ إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة)).
وهذا لا يدخل فيما يجوز تغييره. ولكنّ بعض العقائد والشرائع التي يحملها مجتمع مسلم ما، أو فرقة ما ليست ـ بالضرورة ـ مطابقة كلها للواقع والتغيير الاجتهادي في حدود الدليل وفهمه وتدبره. على الرغم من فرديَّته الغالبة ـ يؤولُ ـ أحياناً ـ إلى تغيير اجتماعيّ.
ومع التسليم بوجوب حفظ الإسلام ـ عقيدةً وشريعةً ـ ، لابدّ من التمييز بين النّص الدينيّ والاختلاف الاجتهاديّ. والتسامح في الثاني أساسٌ لتوازن المجتمعات الإسلامية واستقرارها، وتوليد التغيّرات الإيجابية فيها. وحرية البحث في ذلك ـ لأهلها ـ أساسٌ آخر كذلك.
والإسلام لا يقبل ـ في الجملة ـ التغيير الذي يطال الأساس الأخلاقيّ ونظام القيم الإسلامي. ولكنّ صور التغبير عن هذه القيم، وطرقَ السلوك تتحكم فيها أمور بيئيّة وعرفية وزمانيّة.... وهي قابلة للتغيّر(2).
أما في الجانبين المعرفي والمادي الحضاري، فإن الإسلام يدعو إلى تحصيل العلوم والأخذ بأسباب الحضارة، وهو طالب بالإعداد والعمل، ومنع التواكل والكسل، وتقليد الغير في الخير خير. ولكن الشرع والأخلاق هذّبا هذا السعي، فورد في الأخبار الحديث عن العلم النافع، المقيّد بخير الإنسان، وليس العلم المفسد. وكذا الكلام في وسائل الحضارة المادّية(3).
وتمييز هذه الموارد أمر مهم لتحقيق الفعل التغييريّ، بعد تحديد ميادينه. والتوسط في النظر أمر ضروري؛ لأننا مازلنا نعيش في مجتمعات مسلمة، بعض أنظمتها يحرم عمل المرأة، ويقفل محطات التلفاز (نظام طالبان)، وبين طوائف علمانية تُفْرِط في تمثّل كثير من التغيرات الغربيّة، وتحاول التكيّف معها، مهما كان في ذلك من مسخٍ ونسخ.
وقد أثبتت تجارب القرن السالف المُرّة، أن محاولات التغيير اليسارية والرأسمالية ـ على السواء ـ لم تجلب الاستقرار والتوازن للمجتمعات الإسلامية(4).
في أشكال التغيّر وكيفياته:
فرّق علماء الاجتماع بين ثلاثة أشكال للتغيّر الاجتماعي وهي التصاعدي والمتموج. والمتأرجح. والأول يمثل نمط التطور المادي أو الفكري، والثاني يمثّل تموّج ظاهرة اجتماعيّة غياباً وعودة، والثالث يمثل التأرجح بين إمكانيتي التصاعد والتنازل(5).
والمجتمعات الإسلامية الحاضرة يكثر فيها النمطال الأخيران من التغير الاجتماعي؛ فمحاولات الإصلاح والتغيير الإيجابي لما تزال تصطدم بمعوقات خارجية وداخلية، تجعلها مجتمعات للنهضات المتكرّرة، التي يتخللها نكوص، وارتداد، وتذبذب.
ومن حيث كيف التغيير، أشار علماء الاجتماع إلى مفاهيم: التقدّم، والتأخّر، والاستواء، والانحراف، وهي مفاهيم نسبية تختلف بحسب اختلاف نظرة المجتمع المعنيّ إلى الأخلاق(6). وتظهر النسبيّة ـ أيضا ـ في وصف التغيّرات بالإيجابيّة والسلبيّة.
والتغيّرات الاجتماعية يمكن أن تكون عميقة وجذريّة، أو طفيفة وقشريّة. ويُمثّل للأولي بانهيار مجتمعات وقيام أخرى. وسيأتي تفصيلٌ لهذا التمثيل في نقطة لاحقة.
القرآن والتغير الاجتماعي:
أ ـ بحث آيتي التغيير وعناصرها الثلاثة(7):
هناك آيتان كريمتان توسطتا عقد الآيات التي تفيد في موضوع التغيّر الاجتماعيّ في القرآن الكريم، وهما:
(إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)(8).
(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(9).
وإذا لوحظت الآيتان ـ بهدي النقاش السابق في نقد الحتميّة التاريخيّة، تبيّن دور فاعل للقوم والجماعة في حركة التغيير، عبر تغيير ما بأنفسهم. ولكنّ دورهم ليس دوراً مستقلاً، بل هو سبب لأمر الله ـ تعالى ـ بالتغيير وإذنه به. وهذه ثلاثة عناصر لابدّ من التركيز عليها.
ففي الآية الأولى ـ أسند التغيير إلى الله تعالى ـ وقيّد بغاية هي تغيير القوم ما بأنفسهم. ولا تختلف الآية الثانية في ذلك عن أختها، مع خصوصية أن تغيير الله فيها هو للنعمة، وتغييره لها ذهاب بها. وفي الآيتين إشارة إلى التغيير بنوعيه: الإيجابي التطوريّ والسلبيّ العقابيّ.
واللافت أن خطاب القوم خطابٌ للجماعة (للمجتمع)، ولكن تغييرهم مغيّيً بتغيير ما بأنفسهم كأفراد. وهذا يشير إلى أن القرآن الكريم يركز على أن الأساس في نهضة المجتمع وتغييره ـ سلباً أو إيجاباً ـ هو التغيّر في محتوى الأفراد المعنويّ والروحيّ؛ فالإيمان، والهدى، والتقوى، وتزكية النفس، والاستقامةُ في خط الله ـ تعالى ـ يغيّر بها الفرد ما بنفسه. وإذا انبسط هذا وشاع على مستوى الأفراد الآخرين تشكّلت هيئة اجتماعية تملك بواعث التغيير الاجتماعي الإيجابي، فيغيّر الله ما بها. وإذا تغيّر محتوى الأفراد سلباً إلى الكفر والعصيان والخذلان......... غيّر الله ما بهم من نعَم.
وهكذا، تبرز الرؤية الإسلامية في عملية التغيير التي تنطلق من الفرد، من بُعده المعنوىّ أساساً. وقد كان الأنبياء في أممهم أفراداً قادوا عملية التغيير الاجتماعي الإيجابي عبر إشاعة الإيمان والهدى. فحيث ملكا على الناس قلوبهم، ازدهرت المجتمعات ونَمَتْ. وأكبر تغيير يُمثّل به هنا، هو التغيّر الاجتماعي الهائل الذي أحدثه القرآن الكريم في نفوس المسلمين حتّى غدوا في أقلّ من قرنٍ سادة العلم والحضارة والقوّة، ومدّوا أذرعهم في أربع رياح الأرض. وحيث كفر الناس، وعصَوْا، وكذّبوا بدّل الله بنعمهم نِقَما، وأخذهم أخذَ عزيز مقتدر:
(كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ)(10).
ب ـ التغيّر الاجتماعيّ في دعوة الأنبياء وحركتهم:
تقدّم في نقطة سابقة، بحث التغيير الاجتماعيّ بين الثابت والمتحوّل، من وجهة نظر إسلاميّة.
وهناك قلنا: إنَّ ما يفيد الدعوة إلى عبادة الله الواحد من الثابت بنظر الدين.
وهذا نجده في دعوة الأنبياء وحركتهم. فلو أخذ نموذج سورة الأعراف في مقاطعها القصصيّة، لوُجد أن عبارة: (يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ) (11) تتكرّر على ألسنةِ الأنبياء والمرسلين.
لكنّ كلاماً آخرَ، ورَدَ في دعوتهم في مواضعَ أخرى، كان يختلف في التركيز على تغيير بعض النُّظُم والظواهر الاجتماعية السلبيّة السائدة، كمحاولة رفع ظلم النظام السياسي الطاغي لفرعون(12)، ومحاولة منع الفاحشة أيام لوط(13)، ومنع بخس المكيال والميزان أيام شعيب(14).
وقد خاطب الأنبياء فطرةَ الناس، وحاولوا إيقاظها، وإيقاظ أصحابها ـ بذلك ـ من عمى التقليد وعبادة السائد، كفعل إبراهيم عندما حطّم الأصنام، وجادل قومه وأباه(15).
ج ـ دور الفئات الاجتماعية في عملية التغيّر:
من الطبيعي في كل اجتماع إنساني، أن تسعى الفئات المستفيدة المتنفذة الى المحافظة على تميزها ومكاسبها، وأن تكون عصيّةً على التغيير، إلا من رحم ربك منها، وقليل ما هم. وأن تكون الفئات أو الدرجات الاجتماعيّة المستضعفة أسرعَ إلى محاولة التغيير إن واتتها إلى ذلك سانحة، وكانت أَمارات التغيير باديةً لائحة.
والقرب من السلطان، وتسيّدُ الناس، والسرَفُ، والاستكبارُ حجابٌ يحجب متابعة الحقّ خوفَ فواتِ المنافع، وخفوتِ صوت المطامع.
والمترفون ظالمون مجرمون: (وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ)(16)، يصدون عن الأنبياء(17)! والمترفون لا يذعنون بالويل إلاّ عند العذاب(18)، والترفُ في الدنيا من أوصاف أصحاب الشمال(19). وهم كانوا المعلنين بالكفر في مجتمعات الأنبياء: (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ)(20)، أو كانوا سادة التقليد (سادةً عَبَدةً):.. إلا قال مترفوها: (كَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ)(21).
والكلام في استجلاء أوصافهم وتتبّعها في القرآن طويل.
أما المستضعفون فيحملون مسؤوليّة التغيير، وهم ـ بحسب المنطق الاجتماعيِّ ـ أسرع استجابةً لنداء التغيير ـ ونداءُ الإيمان منه.، وهم موعودون بوراثة نِعَم المترفين، وبالتمكين في الأرض(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (*)وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ)(22).
ولكن ليس كل المستضعفين كذلك، فإنَّ بعضهم يهلك باتّباعه المستكبرين وركونه إليهم: (يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ)(23).
والخلاصة القرآنية أن المؤمنين والمستضعفين عوامل معيّنة على التغيير الاجتماعيّ، وأن المترفين والمسرفين، والمستكبرين عوامل معيقة لهذا التغيير.
دعائم التغيّر الاجتماعي: (الأفكار، وحملها ووضوح الهدف والمنهج) (24):
إنَّ نجاح التغيير الاجتماعيّ رهنٌ بهذه الدعائم المستودَعة في هذا العنوان. فلابد من تكامل منظومة متسلسلةٍ لإحداث التغيير المرجوّ.
ولطالما اعتمد الإسلام على مبادئه وقوّتها، واعتدال، ووسطيّتها، وحقّانيتها، عندما ضرب بجرانه في أقطار الأرض. وبهذه المبادئ وصل ـ على هَوْنٍ ـ إلى أندونيسيا ونحوها.
ولكن أموراً أخرى لابدّ منها لإنتاج عمليةِ تغيير منسَّقة، منها: وضوح هذه الأفكار لدى الناس، وإخلاصهم لها، وعملهم في سبيلها.
ولابدّ لهذا العمل من مناهجّ وأساليب تقرّب لنا التغيير، ولا تبعّد علينا قريبَه. وسيُشار إلى بعض هذه الأساليب عند الكلام على آليات التغيير وسُبُل الإعداد لها.
هـ ـ سُنَنُ التغيّر الاجتماعيّ في القرآن الكريم (الاستدراج، والإمهال، والتراكم، وغير ذلك):
هناك قوانين وسُنَن في التغيّر الاجتماعي الجذري تحكم قيام المجتمعات، ونموها وفسادها وذهابها واستبدالها.
وقد رأي الشيخ محمد مهدي الآصفيّ في ذلك حركةً دائرية للتاريخ(25)، عبر مراحل الولادة والمعاناة، والابتلاء، والاستقامة، والنعمة، والاستدراج، والمحق، والهلاك. ولا يُعطل التاريخ بهلاك أمةٍ بل تكون في عرضها أمم، وتولد بعدها أمم كذلك في متابعة لهذه الحركة.
والولادة الجديدة بعد بوار المجتمع السابق (وقد يكون بواراً لنظمه وقيمه لا لأشخاصه)، عُبّر عنها بسُنَّة الاستبدال: (وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ)(26) والاستخلاف: (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ)(27) والميراث كذلك: (كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ)(28).
والميراث الذي يُورث من المستكبرين هو أرضهم وأموالهم: (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا)(29).
والميراث الذي يرثه الصالحون من الصالحين هو العقيدة، والقيم والثقافة، ومن هذين الميراثين، تتألف الحضارة الربّانية على وجه الأرض(30).
وهناك سنّة أخرى هي قانون الاستدراج والإمهال(31). وذلك أن المال إن لم يُحسن استخدامه ولم يوضع مواضعه، طغى به الإنسان وفسد (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى)(32).
والله ـ تعالى ـ يعاقب المجتمع المفسِد بالإملاء والإمهال، فيتمادى في الفساد والجمود، فيأخذه الله ـ تعالى ـ ويدمّره تدميراً. ومن الآيات التي تدل على هذه السُّنّة: (اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ)(33).
(وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ)(34).
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ)(35).
(وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا)(36).
وذكر بعضهم سُنّة تلابس سُنّة الاستدراج والإمهال، وهي سُنّة دُعيت سنّة التراكم(37)، وقد استُفيدت من قوله ـ تعالى ـ: (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)(38).
فهذا التراكم يحسبه الجاهل نمّواً، ولكنه تراكم للخبائث يؤدّي إلى السقوط. ولكن النّاظر إلى سياق الآية يحتمل هذا احتمالاً؛ لإمكان كون تراكم الخبائث ـ هنا ـ، تراكم العمل السيء الذي يؤدي بصاحبه إلى جهنم، وهذا بعد فرديّ ينُظَر فيه إلى الجزاء الأخرويّ على تراكم العمل السيء الدنيوي، ولا يدخل في باب التغيير الاجتماعي، ولكن إشارة (ثُمَّ يُغْلَبُونَ) في الآية السابقة(39)، وإشارة (وَقَاتِلُوهُمْ) اللاحقة(40)، تُبقي الاستفادة مشروعة.
وقد فصّل الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي هذه السُنّن وفرّع ما أُجمل هنا اختصاراً، فاصلاً بين السّننِ المختصّة بأهل الحقّ والسُّننِ المختصّة بأهل الباطل(41).
الإعداد للتغيير الاجتماعي وآلياته التنفيذية:
1 ـ مرحلة الإعداد: وهذه لها بُعدان:
أ ـ البُعد الفرديّ
1) البُعد الفرديّ العام:
يُراد من البُعد الفرديّ العام ـ هنا ـ، البُعد الفرديّ لأفراد الهيئة الاجتماعيّة، بغضّ النظر عن كونِ بعضهم من مواقع قيادية خاصة، يشغلون من خلالها دوراَ أكبر في عملية التأثير والتغيير.
والتركيز على البعد الفردي، يتضّح مما تقدم من أهمية الفرد، وما ضمّ عليه جوانحه من بُعد معنوي في عملية التغيير.
والفرد نبتةٌ إن لم تتعهد بالرعاية لم تنقلب شجراً مثمراً، ورعايتها بالعقيدة والشريعة، وماء الإيمان، والتقوى، والهدى، ومحاسن الأخلاق، والتعمّق في فهم الدين وحمله، والإخلاص له. فكل الناس خاسرون (إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)(42).
ولا نجاة للإنسان إلا بالصبر والنصر في حرب الهوى: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا)(43)، وجهاد الأنا: (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى)(44)، (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)(45)، (تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)(46)، والتقوى علاج الهوى (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ)(47).
والذكر علاج الأنا، ومفتاح يفتح قفل الذات ويدير محورها على رحابة الحبيب، ((ولذكر لذّة المحبّين))! كما ورد في كلام أمير المؤمنين.
ولوَصْلِ الفرد بالمجتمع نفى الإسلام الرهبانية، وجعل ممارسة الذكر والتقوى داخل الحياة الاجتماعية(48).
وهذا البُعد الفردي له حيثيةٌ اجتماعيّة؛ لأن زرع هذه العقائد والخلائق في نفس الحدث تحتاج إلى مؤسسة أسرية مربيّة، ومؤسسات ناشطة في التربية والتهذيب والتعليم. وهذه جدلية التأثير بين الفرد والمجتمع.
2) البُعد الفرديّ الخاص:
ولهذا البحث شقُّة الفرديّ وشِقُّة الاجتماعي ـ أيضاً.، ويبحث ـ هنا ـ عن صفات القائد والمسؤول الفرد، ابتداءً بالقائد الأول، ونزولاً إلى من دونه، وتشتد الحاجة إلى هذه الصفات كلّما عَلَتْ رتبة القيادة.
ويَجْمُلُ ـ هنا ـ تعداد شيء من صفات القائد الكثيرة، ومنها معرفة المبدأ ووعيه والاخلاص له (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)(50)، وطلب الحق لنفسه(قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا)(51)، وضوح الأهداف والوسائل والتمرّس بها، والتزام جادّة الشرع والتقوى، وحسن التخطيط والإدارة، والانضباط، والصبر، والتواضع، والشجاعة، والصمود، والحزم، وغيرها كثير(52).
ب ـ البعد الاجتماعيّ:
1) مؤسسات التربية والتعليم:
ويقع عليها تنفيذ ما مرّ في البُعد الفرديّ من التربية على وعي المبدأ وتمَثُّله والعمل به، ووعي الوسائل والأهداف، والتربية على الذكر والتقوى ونبذ محوريّة الذات والكبر والهوى.
وهذه المؤسسات تبدأ بالأسرة، ومؤسسات التعليم المختلفة، وصولاً إلى المسجد والنوادي والجمعيات ذات الطابع التربويّ والاجتماعي والعلميّ.
وعلى مؤسسات التعليم يقع بشكل أساس دور صياغة هُويّة واحدة للمجتمع والأمة. وقد عدّها الشيخ اليزديّ أهمّ الركائز الاجتماعية(53).
2) مؤسسة القيادة بمراتبها المختلفة:
ودون سلسلة مسؤوليات وقيادة لا يتمُّ نظمُ الأمر، ولا ينضبط حال المجتمع. ونظم العلاقة صعوداً من الأمة إلى رأس المجتمع والدولة، ومن الأخير إلى أفراد الأمّة أمر عظيم الأثر في استقرار المجتمع وتوازنه، والشورى في القيادة، والعمل المؤسّسيّ، وعدم التفرّد أدنى إلى الرشد والعدل والحق.
3) نظام المراقبة والمحاسبة:
إن تفعيل نظام المراقبة والمحاسبة أساسه داخليّ بتنمية الأخلاق. وإن لم يعتمد هذا النظام على مراقبة الفرد لنفسه واستشعاره رقابة الله ـ تعالى ـ له، فلن تعجزه ـ بعد هذا ـ فرصة الخيانة.
ولابدّ ـ مع هذا ـ من إنشاء نظام مراقبة ومحاسبة تقيمه الدولة، ويعينها عليه أهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأسلوب حديث يناسب العصر، ويلبّي حاجات المؤسسات ومختلف أنواع النشاط الاجتماعي (اقتصادياً كان، أم سياسياً، أم غير ذلك).
2 ـ آليات التغيير:
ويمكن إجمالها بآليّات السلم وآليّات الدفع.
أ ـ الآليات السلمية:
بعد مرحلة الإعداد السالفة ينشأ مجتمع موحَّد ذو هويّة جامعة مشتركة، يتمثلّها أفرادها ويسعون للمحافظة عليها.
والتربية الدينية السالفة لا تعني تطوراً في ميدان العلم الوضعي، ولا في مبادئ الحضارة الماديّة المختلفة. وهذه أمورٌ لا جنسيّة لها، وهُويّتها ـ في الجملة ـ هُويّة إنسانيّة عامّة، فليُقْبَلْ عليها، وليُقبل منها، كل نافع، ولتكيّف إذا نبا منها شيء عن محلّ قبول، فـ(( إن الحكمة ضالّة المؤمن)) كما ورد في الحديث الشريف، وعلينا النظر إلى ما يُقال لا إلى من يقول، فإن كان حقّاً أخذناه، ولو من أفواه أعدائنا، فنحن بالحق أحقّ، وهو أحقُّ أن يُتبع.
ولا نهضة معاصرة لمجتمعاتنا، إن لم نجمع العُدّة التي تمكننا من إعادة الانتاج المعرفيّ والتقني، مع وعي بدورنا وبديننا وقضايانا.
فلا خوف من الآخر، وإنما يخافُ الضعيف، وحين كانت الأمة الإسلامية قويّة لم تخفْ علماً ولا فنّاً، ازدهرت بها العلوم والفنون.
فالعلم والعمل في كل مجال من مجالات الحياة الاجتماعية والإبداع فيهما، لبنة من لبنات التغيير الايجابيّ الصّاعد المرجوّ، نحو مجتمعات تخفًّ فيها أنظمة الاستبداد والفساد، وتكفّ عنها أيدي الوحوش الكبار، وتحفظ كرامة أبنائها كبشر.
على المسلمين أن يعوا هوّيتهم، وأن يحملوا دينهم كما حملهم، وما زال. عليهم ألاّ يكونوا كما يقول عنهم أرنولد توينبي: يواجهون العصر بإحدى نزعتين تناقضيتين: إحداهما النزعة الهيرودية، نسبة إلى ملك اليهود الذي قابل حضارة الرومان بتقليدهم في المأكل والملبس والمعيشة، والأخرى نزعة الغلاة، وينسبها إلى نساك بني إسرائيل. الذين يصرّون على القديم، وينكرون كل مخالفة للعادات والموروثات(54).
وعلى الرغم من تحفّظ فهمي هويدي(55)، وتحفّظنا، على إسقاط هذا التفسير التوراتيّ على المسلمين، فإن علينا أن نَخْرجَ من أحاديّة التحزّب إلى فضاء الأخذ بالدليل والبيان، ونحن على بيّنة من الدين.
ولا شكّ أن تعزيز حريّة الرأي ـ مع حرص الأمّة على فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووجود السلام بين مكوّنات الأمة، وبين الأمّة والسّلطة ـ يساعد على نموّ المجتمع وتغيّره الإيجابيّ.
ولآليّة الحوار دورٌ في تنفيس الاحتقان وتعزيز التفاهم داخل الأمّة، وبينها وبين غيرها من الأمم، وكذا بين مجتمع من المجتمعات وبين المجتمعات الأخرى، سواء انتمت إلى أمّةٍ واحدة أو لا: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ)(56). وللفعل الاجتماعيّ، والاقتصاديّ، والسياسيّ، والثقافيّ في ميدان الحياة ومساحتها أكبرُ الأثر في التغيير، وعليه الرّهان.
ب ـ آليّات الدفع:
وإذا كان السلام، والحوار، والحكمة، والموعظة، ومحاولة تعميم الخير مقدِّمة في القرآن، فإن القرآن أجازَ القتال، بل أوجبه في حالات الدفاع: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)(57)، فالظلم في الآية مسوغٌ للإذن بقتال من يقاتل المسلمين، وهو يستند إلى مبدأ فطريّ، قانونيّ يحفظ كيان المجتمع المسلم.
والقتال له شروطه وآدابه في القرآن، فهو مشروط بعدم الاعتداء: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)(58).
وجوّز الله ـ تعالى ـ إجارة المشرك حتى يسمع كلام الله ـ تعالى ـ، ثم يُبلغ مأمنه. وعُلّل هذا بأنهم (قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ): (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ)(59). بل ورد في الحديث ما يفيد جواز إجارة الفرد المسلم للمشرك؛ لأن المسلمين ((يسعى بذّمتهم أدناهم))(60).
الهوامش
ـــــ
(*) أستاذ الدراسات القرآنية في معهد الرسول الأكرم والجامعة اللبنانية.
(1) آل عمران: 19.
(2) راجع: البستاني، محمود، الإسلام وعلم الاجتماع، موسوعة الفكر الإسلامي، مجمع البحوث الإسلامية، بيروت: 167.
(3) راجع: المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
(4) راجع: عبد الجبار، محمد، المجتمع ـ بحوث في المذاهب الاجتماعية في القرآن: 133.
(5) راجع: البستاني، مرجع سابق: 165 ـ 166.
(6) راجع: المرجع نفسه: 166.
(7) قارن بما نذكره هنا بـ: الآصفي، في رحاب القرآن5: 31 ـ 32؛ وعبد الجبار، مرجع سابق: 105 ـ 106.
وراجع كذلك: الطباطبائي، محمد حسين، الميزان9: 101، حيث استشعر كون آية الرعد أجمع من آية الأنفال، وإن كان ظاهرها على تبديل النعمة إلى نقمة. وقارئه بـ: المصدر نفسه12: 109 ـ 110.
(8) الرعد: 11.
(9) الأنفال: 53.
(10) الأنفال: 54.
(11) الأعرف: 59/65/73/85.
(12) طه: 43 وما بعدها.
(13) النمل: 54 ـ 55.
(14) الأعراف: 85؛ وراجع هذه النقطة عند: عبد الجبّار، مرجع سابق:117.
(15) راجع: الأنعام: 74 وما بعدها، والأنبياء: 51 ـ 73.
(16) هود: 116؛ وراجع في صفات المترفين في القرآن الكريم: عبد الجبّار، مرجع سابق، ص107 ـ 110؛ وحسن، غالب، الصراع الاجتماعي في القرآن، سلسلة قضايا إسلامية معاصرة، بيروت: 48 ـ 50.
(17) المؤمنون: 33 ـ 34.
(18) الأنبياء: 13 ـ 14.
(19) الواقعة: 41 ـ 45.
(20) سبأ: 34.
(21) الزخرف: 23.
(22) القصص: 5 ـ 6.
(23) سبأ: 31.
(24) راجع: للتوسع في هذه النقطة: الراضي، عبد اللطيف، المنهج الحركي في القرآن، دار التعارف، ط2،: 43 ـ 82؛ وعبد الجبّار، مرجع سابق: 110ـ 112؛ وحسن، مرجع سابق: 64 ـ 65.
(25) القول بوجود حركة دائرية للتاريخ قول قديم شاع في الفلسفة، وفلسفة التاريخ، قبل مولد علم الاجتماع، والشيخ عندما يقول به هنا، يخالف الغربيين في فهم الحركة الدائرية ويحاول أن يستولدها من القرآن. وهو مع هذا يقول بحركة صاعدة للمجتمعات (راجع للتفضيل والبيان، وشرح هذه الحركة وسائر السّنن: الآصفي، مرجع سابق 5: 22 ـ 38؛ و147 ـ 155.
(26) التوبة: 39.
(27) هود: 57.
(28) الدخان: 28.
(29) الأحزاب: 27.
(30) راجع الآصفي 5: 151/ 154 ـ 155.
(31) راجع في سُنّة الاستدراج: الآصفي 5: 152 ـ 154؛ واليزدي، محمد تقي مصباح، النظرة القرآنية للمجتمع والتاريخ تعريب الخاقاني، ط1، دار الروضة، بيروت: 513 ـ 515 (وهناك فصل بين الاستدراج والإملاء وبين الإمهال)؛ وعبد الجبار، مرجع سابق: 144 ـ 145.
(32) العلق: 6 ـ 7.
(33) البقرة: 15.
(34) الأعراف: 183.
(35) الحج: 48.
(36) الإسراء: 16.
(37) راجع مثلاً: عبد الجبار، مرجع سابق: 145 ـ 146.
(38) الأنفال: 37.
(39) الأنفال: 36.
(40) الأنفال: 38.
(41) راجع اليزدي، مرجع سابق، فصل السنن الإلهية في تدبير المجتمعات:491 ـ 523.
(42) العصر: 3.
(43) الفرقان: 43.
(44) النازعات: 24.
(45) الأعراف: 12.
(46) القصص: 83.
(47) الأعراف: 201
(48) أكثر الاستناد في البعد الفردي العام على الآصفي: مرجع سابق 7: 159 ـ 170.
وقال ذلك بـ: الراضي، مرجع سابق: 43 ـ 82، وبمعيار التقوى التفاضلي عند: البستاني، مرجع سابق: 150 وما بعدها.
(49) البينة: 5.
(50) الفرقان: 57.
(51) راجع في صفات القائد: اليزدي، مرجع سابق، ص 457 ـ 474؛ والراضي، مرجع سابق: 159 ـ 216.
(52) راجع: اليزدي، مرجع سابق: 369.
(53) راجع: هويدي، فهمي، القرآن والسلطان، ط4، دار الشروق، القاهرة، 1420هـ/ 1999م: 84 (نقله عن آرنولد توينبي).
(54) راجع: المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
(55) النحل: 125.
(56) الحج: 39؛ وراجع في موضوع الحرب المادية على المسلمين، الراضي، مرجع سابق: 428 ـ 453؛ وعبد الجبار، مرجع سابق: 120ـ 121.
(57) البقرة: 190.
(58) التوبة: 6؛ وراجع: حسن، مرجع سابق: 112 ـ 114.
(59) راجع: باقر الإيرواني: دروس تمهيدية في تفسير آيات الأحكام. ط1، دار الفقه للطباعة والنشر، إيران، 1423هـ/ 1381هـ.ش 1: 244.
عن: قراءات معاصرة في النّص القرآني، لمجموعة من المؤلفين، مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي.