التّرجمة واللّغات: يوم دراسي بالمعهد العالي
للدّراسات التطبيقيّة في الإنسانيّات بقفصة - تونس-
أنور الجمعاوي
نَظَّم المعهد العالي للدّراسات التطبيقيّة في الإنسانيّات بقفصة يوما دراسيّا بعنوان "اللّغات والتّرجمة" وذلك يوم 28 أفريل 2011، وحضره أساتذة وباحثون مختصّون في مجال التّرجمة واللّغات واللّسانيّات، وافتتح فعاليّات الملتقى الأستاذ الدّكتور البشير العربي مدير المعهد، ورحّب في مداخلته بالحاضرين، مبرزا أهمّية العمل التّرجمي وضرورته في عصرنا الرّاهن باعتباره السّبيل إلى مواكبة الحداثة وإلى الأخذ بناصية العلوم.
وتضمّن اليوم الدّراسي حول اللّغات والتّرجمة ثلاث جلسات علميّة تخلّلتها عدّة مداخلات اهتمّت بمبحثين أساسيّين، الأوّل مبحث التّرجمة باعتبارها فعلا معرفيّا وإنجازا نظريّا وجسرا للتّواصل الحضاري بين الشّعوب، والمبحث الثاني في تعلمّية التّرجمة باعتبارها فنّا يقتضي الوعي بعدد من إستراتيجيّات نقل نصّ ما من لغة منطلق إلى لغة هدف.
وفي المبحث الأوّل نبّه عدد من الدّارسين، وفي مقدّمتهم الأستاذ حسن زريبة، إلى أهمّية التّرجمة في تجسير الفجوة بين الأنا والآخر، مبرزا دورها في تأمين التّفاعل لثقافي بين الجالية العربيّة الإسلاميّة ومجتمعات الدّول الأوربيّة، مركّزا على مثال التواصل اللّغوي بين المسلمين وغيرهم في المجتمع البريطاني. وفي السّياق نفسه عرض الأستاذ "نزار غريب" إلى مشكلة ترجمة الأمثال، مبيّنا القيمة الحضاريّة والجماليّة للمثل من ناحية، منبّها إلى الصّعوبات التي تواجه المترجم في نقل منطوق المثل من لغة الانطلاق إلى لغة الوصول، فهو معنيّ بمراعاة الجانب الجمالي والإيحائي والإيقاعي في المثل موضوع التّرجمة.
وقدّم الأستاذ أنور الجمعاوي محاضرة بعنوان "تعريب المصطلح التّقني: سؤال الضّرورة الحضاريّة والتحدّيات اللغويّة"، وبيّن فيها ماهية المصطلح التّقني ومفهوم التّرجمة المختصّة، مبرزا أنّ التّرجمة في مجال التّقانة ضرورة حضاريّة وحاجة وجوديّة، مقدّما قراءة وصفيّة نقديّة للمنجَز الترجميّ في عدد من المعاجم العربيّة المختصّة، منبّها إلى ضرورة تقييس العمل المصطلحي وتوحيده وتطويره ومأسسته في العالم العربي حتّى نواكب حركة التوليد المصطلحي في الدّول المتقدّمة.
وعرض الأستاذ "سمير جابلّي" مداخلة في ترجمة مصطلحات علم الاجتماع في السّياق اللّغوي العربي، مبيّنا ضرورة تطوير العمل التّرجمي في مجال العلوم الإنسانيّة وتوظيفه لمواكبة حركة الحداثة.
أمّا فيما تعلّق بالمبحث الثاني، وموضوعه "تعلميّة التّرجمة والجوانب الفنّية فيها"، فقد قدّم الدّكتور علي اللمّوشي مداخلة بعنوان "نحو مقاربة إستراتيجيّة في تعلميّة التّرجمة"، وذهب فيها إلى اعتبار التّرجمة وضعيّة مشكليّة تقتضي من الطّالب تفعيل زاده المعرفي واللّغوي، وتوظيف إستراتيجيّات ذهنيّة معرفيّة وميتا-معرفيّة تمكّنه من ترجمة الرّسالة اللغويّة، مؤكّدا ضرورة تجاوز النّهج العمودي في التّدريس واعتماد مقاربة تعلمّية تفاعليّة ذهنيّة.
كما عرض الأستاذ "صالح بلحسن" محاضرة بعنوان "النّقلة إلى ثقافة الرّقمنة عربيّا: فجوة في اللّغة أم فجوة في العقل؟"، وأثار فيها مشكلات ترجمة النصّ المُوَقَّع في العربيّة وخاصّة ما تعلّق بالخطاب الشّعري، داعيا إلى ضرورة تطوير بنية اللّغة العربيّة نحوا وصرفا حتّى تصبح عمليّة الترجمة منها وإليها ميسورة، مبرزا أنّنا نعاني من فجوة رقميّة ومن فجوة لغويّة في نفس الوقت.
ونظرت الأستاذة "صفاء زوايدي" في مشكلات التعدّد اللّساني عند المتعلّمين وأثر ذلك في نقل خطاب ما من لغة إلى أخرى، وذلك من خلال دراسة عينيّة لنماذج مختارة من الأعمال التعبيريّة لعدد من التّلاميذ، مبرزة التداخل الحاصل بين اللّغة الأمّ واللّغة الفرنسيّة في أذهانهم وفي أنماط تعبيرهم، وهو ما يورث الوقوع في الخطإ في بعض الأحيان.
وفي السّياق نفسه عرضت "الأستاذة سميرة بن صالح" إلى خصائص الفعل في كلّ من اللّغة العربيّة واللّغة الفرنسيّة، مبرزة المشكلات التي تواجه المترجم عند نقله الفعل من النصّ المنطلق إلى النصّ الهدف وهي صعوبات متعلّقة خاصّة بزمن الفعل في اللّغة الفرنسيّة وكيفيّات تنزيله في السّياق اللّغوي العربي.
[right][justify]