منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك بحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر  د. عبد السلام حمد I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةبحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر  د. عبد السلام حمد I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجربحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر  د. عبد السلام حمد I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصوربحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر  د. عبد السلام حمد I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةبحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر  د. عبد السلام حمد I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةبحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر  د. عبد السلام حمد I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودبحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر  د. عبد السلام حمد I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيربحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر  د. عبد السلام حمد I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة بحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر  د. عبد السلام حمد I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لنابحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر  د. عبد السلام حمد I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة بحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر  د. عبد السلام حمد I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجببحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر  د. عبد السلام حمد I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديربحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر  د. عبد السلام حمد I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حببحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر  د. عبد السلام حمد I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصاربحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر  د. عبد السلام حمد I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 بحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر د. عبد السلام حمد

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد صغير نبيل
عضو شرف
عضو شرف
محمد صغير نبيل

وسام النشاط :
وسام النشاط

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
204

نقاط :
476

تاريخ التسجيل :
16/05/2010

الموقع :
الجزائر


بحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر  د. عبد السلام حمد Empty
مُساهمةموضوع: بحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر د. عبد السلام حمد   بحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر  د. عبد السلام حمد I_icon_minitime2011-02-22, 01:27

بحَّار على ظهر حصان
حنا مينة وأدب البحر

د. عبد السلام حمد

يجمع النقاد أن حينا مينة هو بلا ريب "روائي البحر الأول في الأدب العربي الحديث" (1). فهو الذي أعاد" حسن المغامرة واكتشاف ومواجهة العالم والطبيعة، وهي كلها معان يعبر عنها "أدب البحر" أو يوحي بها ويدل عليها"(2)، لأنه منذ "ألف ليلة وليلة لم يعرف البحر سبيله إلى أدبنا"(3). وتذهب نجاح العطار أبعد من ذلك حين تؤكد أنه لو "كان حنا في بلد غير بلدنا وترجمت أعماله إلى العربية لتغنينا بها، وتحدثنا عن الشراع والعاصفة كما نتحدث عن العجوز والبحر. فهل تكون المعاصرة حرماناً لبعض المعاصرين ياترى؟ "(4) أما غالي شكري فإنه يرى أن الشراع والعاصفة "إضافة عربية إلى أدب البحر العظيم.. ولكن الحقيقة هي أن البحر في الشراع والعاصفة لايتصل إلا في القليل ببحر هرمان ميلفل في رائعته الأخاذة موبي ديك وإنما يتصل في الكثير ببحر همنجواي في العجوز والبحر حيث يتسع المحيط اتساعاً مذهلاً حتى ليشمل الكون بأكمله وحيث يكبر رجل البحر ويكبر ليصبح البشرية كلها."(5)
أما حنا مينة ذاته فإنه يزعم أنه "أديب البحر" وأنه "سعيد بهذه الصفة"، وأن رواية الشراع والعاصفة فتح في أدب البحر(6). وعندما سئل عن قصته مع البحر وعن سر اهتمامه بالتعبير عن عالمه، أجاب:
أنا نفسي لاأعرف أحياناً لماذا ملك علي البحر كل
مشاعري وحواسي. بحار أنا ومن عائلة بحارة... نوع
من الوجد، نوع من العشق، نوع من انخطاف كلي إلى
عالم البحر غمر كياني كله منذ وعيت الوجود وصافحت
عيناي مياه البحر المتوسط. لعل البحر، في رحابته،
في امتداده اللانهائي، في انبساطه كمدى الظن، هو الذي
يؤمن لي تلك الرحلة الروحية مع عالم متخيلاتي...
والعالم الغريب المليء بالرجولة والتحدي والمعاناة
والمقاومة والنذالة والفظاظة والخشونة
والمشاكسة، وكل المتناقضات العجيبة..
هي التي شدتني وسحرتني وأنبتت في ذاتي تلك
الرغبة الآسرة إلى التعبير عن عالم البحر ورجاله
ومخلوقاته. وعندما فعلت ذلك لم أكن أعرف أن
هذه الأرض البكر بالنسبة للأدب العربي لم يطرقها
إلا القليلون من الأدباء العرب، أو لم يغص فيها
كما غصت أنا. بعد ذلك اكتشفت أن البحر وعالمه
مجهولان بالنسبة للقارئ العربي.(7)
وفي الوقت نفسه يؤكد المعرفة النظرية والتجريبية لوصف الشيء بصدق: "فلكي نصف الشيء"، يقول حنا مينة، "بصدق يجب أن نعرفه بصدق. إن المعرفة النظرية والتجريبية هي المعين الثر للأدب والفن، والشرط في المعرفة أن تكون تجريبية أيضاً"(8).
لقد أثارت هذه الدراسات النقدية، إذا جاز التعبير، دهشتي لأنها لاترتكز على أسس نقدية أكاديمية ودراسة معمقة لهذا الجنس الأدبي المميز. فهي من غير شك تقريظ محض أجج فيه الغرور والمغالاة لدرجة الادعاء أنه "أديب البحر". وأتمنى ألاَّ تكون هذه الدراسة هرطقة وخروجاً على الإجماع. ولا أريد أن أحيد عن الأسس الأخلاقية في معالجة هذه النقطة الحساسة، لأنه أثناء النقد ينبغي تأكيد الأهمية الأخلاقية وتبيان ما إذا كان الكتاب تدجيلاً أو عملاً أدبياً أصيلاً.
فالقارئ العربي يجب ألا تفرض عليه مجانبة المعايير الأخلاقية. إن مايمكن استنتاجه من هذا الإجماع هو أن هؤلاء النقاد يشعرون أنه لافرق لديهم سواء أكان الكتاب صادقاً أم زائفاً، حقيقةً أم خيالاً، مادام الجمهور يرغب بشرائه وقراءته. فهؤلاء النقاد، كما يبدو، لايميزون إن كانت السيرة الذاتية تدجيلاً، أو تجربة صادقة، أو معظمها من نسج الخيال. ويمكنني القول إن هؤلاء النقاد هم من جمهور الشاطئ وإنهم قد قرؤوا هذه الروايات في الضباب.
إن رواية البحر هي سيرة ذاتية أصيلة. فهل للرواية غير البحرية الميزة ذاتها؟ من غير شك أن الرواية تنافح دائماً النقد الصادق الذي يقول: إن كل ماهو خيالي لا أخلاقي لأنه غير صادق. فالرواية ينبغي أن تكون مخلصة للتجربة الإنسانية. وليس ثمة أخلص للتجربة الإنسانية من رواية البحر، لأنها تكاد تكون ترجمة حرفية لتجربة الكاتب. والكاتب البحَّار يعرف هذا جيداً، ويعرف البحَّارة أيضاً هدوء الحياة البحرية. أما رجل الشاطئ فإنه مايزال يعتقد أن البحر هو مكان المغامرة الغريبة والمثيرة بسبب مايصوغه خيال كاتب دعي من صور رومانسية مبالغة، وتضخيم مصطنع، وجو سندبادي، وعنصر تشويق مقصود يجري من بداية الرواية إلى نهايتها في تيار متضخم دائماً. فالحقيقة قد لاتسرُّ القارئ، لكنها تحرره من الوهم. وعطر الأحلام والتصورات الخاطئة يجب أن تنتفي من عالم الرواية. إن أفظع الجرائم هي أن يطلي الكاتب الخدع الأدبية بطلاء من الحقيقة الجزئية ويقدمها للقارئ بوصفها خلاصة تجربته في مضمار ما.

ويخامرني شك عظيم، بل أكاد أجزم، أن حنا مينة يقصد من وراء تصريحاته الأدبية، كالمذكورة أعلاه، أن "يبهر القارئ"(9). فهذه التصريحات كرواياته هي خدع أدبية. ومناقشة هذه المسألة أمر بالغ الأهمية، لأنها تثير قضية نزاهة الكتابة. وهذا، طبعاً ليس جديداً. وبغير مبالغة أعتقد أننا وجهاً لوجه مع قضية اختبار لهذا الضرب الروائي الخاص جداً، وأن روايات(10) حنا مينة تثير قضية هامة عن نزاهة الكتاب ونزاهة النقد لذلك يجب جلاء الصورة الصادقة التي ترسمها الرواية للقارئ. يزاول بعض الكتَّاب الخداع الأدبي لكي يتسنموا منزلة أدبية رفيعة، بغض النظر عن مسألة الأخلاقيات الأدبية. ولكن خداع جمهور القراء تدينه كل التقاليد والأعراف الأدبية المقدسة. فالاحتيال الأدبي هو غش ثقافي يلجأ إليه كاتب مغمور ليستحوذ على انتباه لايستحقه من خلال عمل يثير به فضول القراء بترسيخ ولاءات مزيفة. فالقارئ، من غير شك، يشعر أن روايات حنا مينة هي تحف أدبية عربية وربما عالمية، ولايشك البتة في أصالتها البحرية رغم خلط الكاتب الفاضح بين "نقائض رمزية البحر" الذي يدل على جهله المطبق "بعالم البحر"، وإدارة السفينة والتعابير والمصطلحات البحرية، وظروف الطقس والخرائط والتيارات. وروح جوهر الإبحار، إضافة إلى "إخضاعه القسري والمصطنع لأسلوب التنميط، والأسطرة والتضخيم"(11) المصطنع، وإسقاط ما ينقصه من صفات أو مايتمنى أن يراه في نفسه على شخوصه الذين يسمو بهم إلى درجة العملقة الأسطورية، فضلاً عن مجانيته وتزييفه للواقع.
فبعد قراءتي الثانية لرواياته البحرية المزعومة- موضع الدراسة- شعرت بانطباعات حادة غريبة. ففي القراءة الأولى أثارتني هذه الروايات، لكن هذه الإثارة لم تتعدّ حدود المتعة ثم نسيتها. ولكن بعد القراءة الثانية شعرت بالمتعة أكثر، طبعاً، لا بمتعة القصة، بل بمتعة الاكتشاف الجديد وهي أن هذه الروايات لاتستهدف التعبير عن عالم البحر بقدر ماتبغي التعبير عن الجنس وعن بطله الذي "يتنرجس بجسمه، يتبجح بفحولتنا التي تنز فحيحاً في جسده، " ويتوعد بأنه لن يوفر "امرأة في أي مرفأ"(12). فالبحر عند حنا مينة "صنو المرأة"(13)، ومن لايفترع المرأة لايصلح أن يكون بحاراً(14)، ولن "يغوص في اللجة، ويعانق عرائس البحر ويتقبل زهور القاع البيضاء، تلك التي تضفرها العرائس وتتوج بها رأس البحار الذي يتجرأ على أبواب البحر المقفلة ويقتحمها بقدوم سفينته"(15). فعلى الرغم من وجود البحر كستارة خلفية، تخلو رواياته كلياً من الجو البحري الذي أبدعه كونرد، وميلفل، ولندن، وكلكورد، وغيرهم من أعلام أدبي البحر الأمريكي والإنكليزي.
لن أتعرض أيضاً في هذه الدراسة للمعمار الفني، أو الجمالي، أو المواضيع الاجتماعية والسياسية والتاريخية، أو البطل، أو المرأة.. إلخ. مايهمني هو ما يبدو لي حقيقة ممتعة، هي أنه لايمكن لأي رواية من روايات حنا مينة أن تصنف كرواية بحر، لأنها ليست قصة سفينة وإبحار وبحر. ولم تتضمن، على الأقل، ولو بعض العناصر الرمزية الأساسية التي ينبغي أن تتوافر في رواية البحر. من هذه العناصر، مثلاً، العلاقة الجدلية بين الأرض والبحر، السفينة بوصفها رمزاً أو عالماً مجازياً مصغراً عن مجتمع الشاطئ، نمط الرحلة، بواعث الرحلة، ضرورة الرحلة للبحَّار، الصراع الرمزي بين القمرة والسلوقية، والبحر على أنه رمز ذو معان متناقضة كثيرة. ثم إنه لايوجد أي عمل على متن السفينة، أو في عنبرها. ولايوجد أي ذكر لمتابعة الأشرعة، وخط الأفق، والبحر، والغيوم، وتفتقر رواياته كلياً لهالة الروعة التراجيدية السامية. فلا نرى في رواياته إلا بحَّاراً دعياً ينحب على الشاطئ وهو يتلظى على أثافي الشبق، ويرغب بالهروب إلى الموانئ البعيدة لكي يروي ظمأه الجنسي في مواخيرها. ثم نكتشف فيما بعد أنه لم
يبحر مطلقاً، بل ظل منغمساً في مستنقع الشاطئ يجترُّ ذكرياته ويفاخر بأنه "بحَّار ابن بحَّار. رجل لجة وشراع"(16). بل ليس ثمة في رواياته أي مقطع يشير إلى تعليم بحَّاره فن الإبحار ليكون بحَّاراً بارعاً، كما نرى في روايات كونرد، دانا، ميلفل، كوبر، لندن، كلكورد وغيرهم. فلا حاجة، كما يبدو، لبحَّاره أن يتعلم هذه المهنة عن طريق الخبرة، بل هو يرثها عن أبيه، كما يقول سعيد: "لا مناص.. لحقتني لعنة البحر... هذه اللعنة خلفها لي أبي"(17). أيضاً لانرى الراوي مهتماً بطبيعة ما يجري على متن السفينة. وعلاوة على ذلك، ليس في رواياته أي وصف للسفينة، وللبحارة، والبحر، باستثناء إفراطات عاطفية رومانسية فارغة عن مركب لم يبحر مطلقاً، وهذا ليس غريباً، لأن حنا مينه لم يعمل على متن سفينة، لا في قمرة القيادة، ولا في سلوقية البحارة، وتجربته البحرية لم تتعد دكان الحلاقة وخمارة الحاج وصفي. وهذا ماأكده هو عندما كتب عن تجربته: "... التقيت في خمارة الحاج وصفي بحاراً طويلاً، مطوطحاً، عريض الفكين يدعى... الفخ. وقد وعدني بأن يحدثني عن البحر.. إن.. الفخ. علمني، على نحو راسخ، أن خلاصة البحر هي معاناته، وأن الشعور المتولد عن هذه المعاناة، هو الذي سيتيح لي أن أكتب عن البحر ناقلاً شعوري، عبر الرواية، إلى الآخرين، القراء.."(18).
إذن فخبرته عن البحر والبحَّارة لم تكن "تجريبية"، بل مستقاة من "الفخ" وحكايات والده عن البحَّارة والصيادين(19). ولقد أدرك مراد كاسوحة هذا عندما أكّد أن حنا مينة قد "أبدع في وصف أجواء الموانئ والمقاهي والخمارات المتواجدة قرب البحر، لكنه فيما يتعلق بما يسمى "أدب البحر" بقي على بعد مسافة منه"(20). إن حنا مينة، إذن، لايعرف مهنة البحَّار، وليست لديه المعرفة المكتسبة من خلال الخبرة التجريبية والنظرية أيضاً عن السفينة والبحر والبحَّارة والإبحار. وليس لديه أية معرفة عن سيكولوجيا عالم البحر، وسيكولوجيا إطاعة الأوامر، وليس لديه حب الفضول والاستطلاع لمعرفة موقع السفينة وهي مبحرة، ولايعرف لماذا قام القبطان بمناورة معينة. بل إن سيكولوجيا القيادة وإدارة السفينة وسيكولوجيا الأشياء الصغيرة غريبة عنه. وكما أسلفت، مادام لم يعمل أمام الدقل، ولم يعش في السلوقية، ولم يكن ضابطاً أو قبطاناً في قمرة القيادة. كيف يعرف أسرار البحر ويكتب عنه إذن؟
لقد أقنعني تماماً الدليل الداخلي في رواياته أنه لم يذهب إلى البحر وليست لديه الخبرة لتجعل منه "أديب البحر" كما يدعي، لأن هذه الروايات ليست صوراً حقيقية عن ظروف الملاحة، لكنها يمكن أن تكون أفلاماً سينمائية أو تلفزيونية مثيرة لأنها من غير شك حكايات رومانسية ممتعة جداً. فهي لاتقدم إلا مزيجاً من الرومانس المبالغ فيه والنوتية الشاطئية. فحنا مينة يعرف السفن بطريقة أرضية، ويعرف البحر من خلال الشاطئ. وهو ضليع في معرفة الشاطئ. لذلك فقد قامت هذه الروايات على خلفية بحرية زائفة. وما يؤكد إخفاقه الذريع في تقديم أي صورة واقعية عن البحر، أو السفينة، أو الإبحار هو أنه لم يكن بحَّاراً قط. لأنه لو كان فعلاً كما يدعي لما تخبط في استخدام أبسط المصطلحات البحرية الصحيحة لمجموعة التشغيل وتوجيه السفينة وظروف الطقس في البحر رغم روعة السرد والأسلوب الرومانسي المشوق والتفوق التقني.
وإضافة إلى الشطحات الخيالية والمشاهد التراجيدية والإضافات الغيلانية التي ترجُّ الأعصاب، يظن حنا مينة أن حشد الأشياء المثيرة والمدهشة والمريعة التي يفترض أنها ستقع في البحر، أو على متن السفينة أو الشختورة، وأن تكديس المخاطر والأشياء المرعبة بعضها فوق بعض بأسلوب منمَّط ومؤسطر ومتضخم يجعل رواياته حكايات ممتعة ومثيرة جداً. إن رواياته البحرية المزعومة تخلو كلياً من التكتيك
والمصطلحات البحرية، وتفسر خطأً روح الإبحار وجوهره. فالمبالغة في رسم صورة البحر غير الواقعية تشوه كل الأحداث التي يرويها الراوي، لأن كل مايرويه هو من بنات الخيال الخادع. ففي الشراع والعاصفة، مثلاً، يصف الراوي عاصفة بعد عودة الطروسي من عند خليلته أم حسن، فيقول:
وقال الطروسي وهو يرسل بصره في الأبعاد فلا يرى شيئاً
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

بحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر د. عبد السلام حمد

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» البحر
» أغازل البحر
» رحلة إلى قاع البحر
» علمني البحر
» البحر فى القرآن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  اللغة والنحو والبلاغة والأدب :: منتدى اللغة العربية وأصول الفقه-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


بحَّار على ظهر حصان حنا مينة وأدب البحر  د. عبد السلام حمد 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
الأشياء النص التداولية اللسانيات العربية مبادئ على اللغة ظاهرة مجلة البخاري محمد النقد الحذف ننجز النحو مدخل قواعد موقاي المعاصر الخطاب العربي الخيام كتاب بلال اسماعيل


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | Ahlamontada.com | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية | آخر المواضيع