منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك بول فاليري وآراؤه في الشّعر(( ))  تأليف : رينيه فيرناندا  ت: زياد العوده  I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةبول فاليري وآراؤه في الشّعر(( ))  تأليف : رينيه فيرناندا  ت: زياد العوده  I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجربول فاليري وآراؤه في الشّعر(( ))  تأليف : رينيه فيرناندا  ت: زياد العوده  I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصوربول فاليري وآراؤه في الشّعر(( ))  تأليف : رينيه فيرناندا  ت: زياد العوده  I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةبول فاليري وآراؤه في الشّعر(( ))  تأليف : رينيه فيرناندا  ت: زياد العوده  I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةبول فاليري وآراؤه في الشّعر(( ))  تأليف : رينيه فيرناندا  ت: زياد العوده  I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودبول فاليري وآراؤه في الشّعر(( ))  تأليف : رينيه فيرناندا  ت: زياد العوده  I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيربول فاليري وآراؤه في الشّعر(( ))  تأليف : رينيه فيرناندا  ت: زياد العوده  I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة بول فاليري وآراؤه في الشّعر(( ))  تأليف : رينيه فيرناندا  ت: زياد العوده  I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لنابول فاليري وآراؤه في الشّعر(( ))  تأليف : رينيه فيرناندا  ت: زياد العوده  I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة بول فاليري وآراؤه في الشّعر(( ))  تأليف : رينيه فيرناندا  ت: زياد العوده  I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجببول فاليري وآراؤه في الشّعر(( ))  تأليف : رينيه فيرناندا  ت: زياد العوده  I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديربول فاليري وآراؤه في الشّعر(( ))  تأليف : رينيه فيرناندا  ت: زياد العوده  I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حببول فاليري وآراؤه في الشّعر(( ))  تأليف : رينيه فيرناندا  ت: زياد العوده  I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصاربول فاليري وآراؤه في الشّعر(( ))  تأليف : رينيه فيرناندا  ت: زياد العوده  I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 بول فاليري وآراؤه في الشّعر(( )) تأليف : رينيه فيرناندا ت: زياد العوده

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد صغير نبيل
عضو شرف
عضو شرف
محمد صغير نبيل

وسام النشاط :
وسام النشاط

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
204

نقاط :
476

تاريخ التسجيل :
16/05/2010

الموقع :
الجزائر


بول فاليري وآراؤه في الشّعر(( ))  تأليف : رينيه فيرناندا  ت: زياد العوده  Empty
مُساهمةموضوع: بول فاليري وآراؤه في الشّعر(( )) تأليف : رينيه فيرناندا ت: زياد العوده    بول فاليري وآراؤه في الشّعر(( ))  تأليف : رينيه فيرناندا  ت: زياد العوده  I_icon_minitime2011-02-21, 23:54

بول فاليري وآراؤه في الشّعر(( ))

تأليف : رينيه فيرناندا


غالباً جداً ما أفصح السيّد فاليري عن قواعدِ فنِّهِ بصورةٍ موفّقةٍ دائماً، واهتمامٍ بالدّقةِ يزدادُ رهافةً وأناقةً باستمرار. ولعلّه لم يعرضْ قطّ أفكاره على نحوٍ أفضل من عرضه لها في "أحاديث(ـه) على الشّعر(( ))"، وفي الصفحاتِ التي تدورُ على مالارميه، وتحمل العنوان التالي: "كنتُ أقول لمالارميه أحياناً"(( )).
إننا نحبُّ أن نرى في هذه وتلك إزهاراً لصورٍ كانت تبدو أنها تتفتّحُ في "مفكرّةِ شاعرٍ، فنكتشفُ فيها مقابلةً ستغدو شهيرةً، ويتوافقُ فيها الشّعرُ والنّثر على المسودّة. وكان قد جرى الشروع بإعدادها في مقدّمةِ: "ألوان من السّحر" التي علّق ألان عليها قائلاً: "لا يحظى الشعرُ بشرفِ أن يؤثرَ على النثر إلاّ لأنه قد ضُحِّي به في سبيل الموسيقا. إنه، والحالة هذه، مثل فتاةٍ ناضجةٍ حقاً، ولسوف تُذبحُ من أجل مجدِ والدتها، أو تكون محكومةً بتابعيّةٍ وثيقةٍ ومع ذلك، فالله يعلم كم رفع السيّد فاليري لغةَ الآلهة إلى ما يعلو على ابتكاراتِ بني البشر.
بعد أن يكون المرءُ قد قرأ: "أحاديث على الشّعر"، يغدو من الصّعب عليه كثيراً حتى أن يؤمنَ بوجودِ نثرٍ شعريّ، وبمشروعيّةِ البيت الشّعري الحرّ خصوصاً.
أما المقاطع الشعرية الكلوديليّة(( ))، وابتكارات المحدثين الباهتة، والتي تخصّ فناً بدائياً، فتلغي قواعد اللّعبةِ الشّعرية كلَّها؛ فلا يبدو أنها تجدُ صكَّ براءتها في صفحات السيّد فاليري.
إن كلَّ هذه الضروب من الرّجوعِ المقنَّع إلى همجيةٍ تريدُ أن تقول عن نفسها إنها عالمةٌ تشبه النّسخ المقلّدة التي تدعو إلى الرثاء، والممارسات المهرطِقةِ الصادرة عن صنّاعٍ رديئين يريدون أن يحتالون بفنّهم.
بيد أن المسألة ليست إطلاقاً في أن نستغرب الأمر استغراباً عقيماً؛ فالشيءُ الرائعُ هو أن الشعر، الذي يبدو، حسب رأي السيد فاليري، أنّه قد أهدانا عالماً تتحلّى فيه كلُّ الأشياء بقيمةٍ روحية- أنه لا يدينُ بسحره إلى الفكرة التي يتضمنّها أو – يكشف عنها- بل إلى الموسيقى السّاحرة التي تنظمُ محاولاته.
لأن هذا الشعر هو النار السّاطعة التي تولد منها الفنونُ كافّة، وهو الشعلةُ التي اختطفها بروميثيوس من زوس، إنه العنصر الذي يوقظ الفكرة الخاملةَ والغافيةَ في مغلَّف الكلماتِ، مثل معدنٍ داخل علبة الفلز. إنها تهبها أجنحةً، بعد أن تحوّلها إلى مادّةٍ جديدةٍ ترافق خفّةَ الهواء الذي لا وزن له.
إن الموسيقى تطمئن السيد فاليري أكثر مما تطمئنُه لغةُ البشر، والتلاعباتُ بالأفكار. إنّها تتيحُ تلك الثقة التقويمية التي يمكن أن تتيحها "الأشياءُ الخاضعةُ لقوانين العدد، وصرامة القياس" وحدها.
إن الأرضية الأقلّ تحرُّكاً والتي يمكن لشاعرِ "ألوان من السّحر" أن يغامر فيها مجبولةٌ من التُراب الصّوتي، ومن الرّملِ الملتمع، رمل الأرقام: إنه لا يطلبُ من ذلك الغضار أن يكون خصباً، ويريد أن يتمكّن من وزنه رياضياً، وأن يثمنّ قيمته الصحيحة، وفضلاً عن ذلك، فهو يتكفّل بإغنائه شخصيّاً.
لا شكّ بأن السيّد فاليري يقرّ بأنه ليس لكل الأفكار قيمة متساوية، وأن أكثر من منهج، وأكثر من مفهوم تستعصي على التفسير الفنّي. ولكنه يمتدحُ قوّةَ التَّواتر وقيمةً نغميةً معينة –من بعد بو ومالارميه- بحيث يرى أنهما قادرتان على تجديد شباب "الفكرة"، وعلى أن ينقلا إليها نشوةَ الرّاقص؛ فحين تكون الفكرةُ خاضعةً لنيرانِ الفن، إنما تتطهّرُ، وتغدو أكثر نقاءً. حينذاك، نشهدُ التماع "الشعرِ الصّرف"، ويسلِمنا هذا الشعر روحه بكاملها، حين يرفعه الحماسُ إلى ما فوق الثرى.
إن غرابة الكلمات، وردود فعلها، والخفايا التي تُخبّئها في ظلماتها الجزئية، والحال التي يجد المرءُ فيه نفسه غير قادرٍ على أن ينسب قيمةً رياضية لمفردةٍ مأخوذةٍ من مرآةِ الخطاب. كلُّ هذه الأمور تعيقُ، على حدٍّ سواء، هيمنة النثر، حسب رأي شاعرنا.
وهناك من يقول إن الشعرَ لا يكونُ واضحاً قط، وأن عدمَ امتلاكه للوضوح التّام يجعله مضطراً لإظهار إمكاناته الأخرى.
ومع ذلك، فنحن نظنّ أنه غالباً ما يعبّر عن أفكارٍ عاليةِ الدّقة، وخصوصاً في المسائل التي تعتبرُ الرّياضيات والفيزياء سيّدةً فيها، غير أن الفنَّ، في هذه الحالة، يعتبرُ خارج الموضوع.
حين نفكّرُ بالنّفور الذي يبديه مؤلِّف "إيبالينوس"(( )) من امتداح النّثر، يمكننا الظّن بأن الكلمات تبدو ذات طبيعةٍ شديدة التركيب، وقبيحةً تقريباً.
إنها علاماتٌ كالأرقام، غير أنها تحمل فكرةً معينة شديدة التحرك بحدّ ذاتها. إنها في آن واحد جسدٌ وروح، وتُسهم في السرّ الذي يلفّ كلَّ مخلوقٍ بشري.
فكيف يجعلُ السيد فاليري عطفه كلّه وقفاً على نثرٍ يُسمّى شعرياً، وهو يخجل، بكلّ بساطة، (شأن نثره) من كونه نثراً جميلاً، ويدّعي الانتصار على الشعر، من خلال تزوير قواعد اللّعبة.
فمن خلال الصّفة التي تتصّفُ بها صفحةٌ لبوسوييه، باعتبارها نثراً صرفاً. إنما يمكن لها أن تبدو شاعرية، ومن خلال الرّجوع المخجل إلى لغةٍ أرضية ليس لها صفةٌ فنيّة، إنما تُعتبر قصيدةً ما نثرية، لأن كلَّ لغة أدبية خاضعةٌ لقواعدِ العدد والانسجام.
ينبغي مراعاةُ قواعد الجنس الأدبي، وعدم الغشّ في ذلك؛ فالنّثرَ المفرطُ في نغميته يبدو مُضعفاً، والشعر الذي لا أجنحةَ له يفتقرُ إلى الجدارة.
أما الآن، فقد حان الوقتُ لنصل إلى أكثر الأسئلة خطورة وهو: "ما الذي يفرّقُ الشعر عن النثر؟ وأيّ وزنٍ ينبغي أن نقيمه اليوم للقافية؟".

***
إن الأهمية التي يوليها بول فاليري لما يسميّه شخصيّاً بـ "الأعراف، تُفضي لنا بوجهةِ نظره على نحوٍ واضحٍ إلى حدّ كاف؛ فنحن لا نظنّ أنه قد امتدح موسيقا البيتِ الشعريّ، والسّحر الذي تخضِعُنا له، لكي يفترض بعد ذلك أن سحره مرتبطٌ بقانون الجهد الأقل، ويمكن أن يتعلّق بمصادفةٍ، أو بالتقاء عرضيٍّ لمقاطعَ معينةٍ ويتعرَّضُ حتى النثر لهذا الالتقاء.
إننا في غاية الامتنان للسيّد إيف جيرار-لودانتيك. لأنه قد تكلّم بشجاعة، وعلى نحوٍ وجيه، على النغميّة في مقالةٍ له في "المراسل"(( ))، يتناول فيها السيد كلوديل، والسيّد كاسّو، وبعض السّورياليين الذين أصبحت آراؤُهم الثورية معروفةً إلى حدٍّ كاف.
من الغرابة بمكان أن يؤثر النثرُ على الشعر باعتباره بحدّ ذاته أكثر شاعريةً منه.
وقد كشف فينيلون، في كتابه "تيليماك" عما يمكن أن تكون عليه ملحمةٌ معينة تتوقُ إلى الاستغناء عن الأبيات الشعرية، لكي تُدخِلَ على نحوٍ أيسر نصائح سياسيةً جدّ غريبة على الشعر. إن لغتها الرخوة والاتفاقية بعض الشيء، والتي لا تفلح في أن تكون حازمة، وتحتوي في هذا المكان أو ذاك، ألواناً من التراخي الذي يشبهُ فتورَ الموج الذي لا يهدأ، لا تجعلنا إطلاقاً نأسف على أن مغامرات "تيليماك" لم تُكتب شعراً.
غير أن فينيلون الذي يؤثر نثر موليير على أشعاره ربما كان يخشى أن يكتب قصائد لا تكادُ تتخطّى الأعمال الشعريّة لمنافسة بوسوييه(( )). لقد صبَّ انتقاده على القافية، كما يصبُّه على "عرفٍ" كريه؛ فعبقريتهُ في البوح الحرّ، والتي كانت تتفتّح في جوِّ الحبِّ الصّرف، لم تكن تروق لها التقييداتُ… فقد كانت تميلُ إلى الحذاقة التي تقلبُ القواعد أكثر مما تميل إلى التّدقيقات التي تحدّدها.
لندع فينيلون الذي كان يمتلكُ بعض صفات الشاعر، كما يمتلك قلباً ودوداً، ولكن ليس عبقريةً منظّمة… فثمة مؤلِّفة قد أوضحت عن أفكارها، بالتطلّق نفسه الذي عبّر به السيّد كلوديل، وبالرغبة نفسها التي يخفيها بصورةٍ صبيانيةٍ تحت مظاهر التجرّد: إنها مدام دوستال: فهي تخصُّ الشعراء الأجانب بتعاطفاتها، شأن السيّد كلوديل. إنها تحبُّ أعمال كلوبستوك، وتمقتُ راسين، وتمتدحُ الميسياد(( )) السُّداسية، والقصائد الهجائية غير المقّفاة، في الشعر الإنكليزي… بيد أنها تكتب في كتابها: "عن ألمانيا": "لعلّ أعظم شعرائنا الغنائيين في فرنسا هم أعظم ناثرينا، من أمثال: بوسويّيه، وباسكال، وفينيلون، وبوفّون، وجاك- جاك، الخ…".
ولسوف نلاحظ أن السيّد كلوديل قد حذف استخدام "ربّما" عند مدام دوستال.
غير أنه عندما كتبت "كاهنةُ الثورة"، حسب تعبير ريفارول، هذه السّطور، فقد كانت تتكلّمُ باسم الحريّةِ المناهضة للعوائق الشعرية، وكانت تبتغي امتداح الحماسة التي تحلّق فوق "الأعراف". وعذرها أنها قد وُلدت في مجال الأدب قبل أن يخلّص لامارتين والرومانسيون حرية الرأي، وذلك بأن يرتضوا طغيانَ الشّعر.
لقد كانت مدام دوستال، قبل كلوديل، مترفعةً عن الشعر الفرنسي حصراً، فحسُّها الأوروبيّ كان يبعدُها عن راسين، مثلما يفصل العالم بأسره السيّد كلوديل عن القافية الفرنسية… لقد كانت تعلمُ خصوصاً أن ميدانها هو النثر، ولسوف تقول الشيء عينه بخصوص مؤلِّفِ مسرحي لا يُطاق هو السيّد ميرسييه الذي يُقرأ، ويجعلنا نثمن المكر في ملاحظاته، في كتابه "صورة باريس". لقد تناول بالسّوء آداباً معينةٍ بصورةٍ فيها محاباة، وتجرأ على أن يكتب في "بحث (ـه) في الفنّ المسرحي، قبل مدام دوستال بكثير: "النّثر لنا… والنّاثرون هم شعراؤنا الحقيقيون…".
فللسيّد كلوديل بالتأكيد أسلاف، وحتى عرّابون.
أما هو فقد كتب: "إن الشّعراء الكبار الفرنسيين، والمبدعين الكبار، فليست أسماؤهم ماليرب، أو ديبرييو، أو فولتير، وحتى راسين، وأندريه شينييه، وبودلير، ومالارميه. إنهم يُدعون رابليه، وباسكال، وبوسوييه، وسان-سيمون، وشاتوبريان، وأونوريه دوبلزاك، وميشليه…(( ))"
أولئك هم "السحّرة" الحقيقيون! غير أن السيّد كلوديل يريدُ أن يتلاعب بالكلمات فإذا كان كلُّ إنسانٍ شاعراً، وقادراً على أن ينتزع روحَ قرينه من العالم الأرضي، لكي ينقلها إلى عالمٍ أعلى، ويبدّل صورة حياته وأفكاره، وإذا كان الشعرُ يجعلُ كائناً معيناً ينسى الواقع لكي يطرح عليه مجالاً تصوّريّاً، والماضي بدلاً من الحاضر، والفرح أو الألم الجماعي، بدلاً من شعورٍ شخصي، فينجمُ عن ذلك أن كلّ البناة العظام، وكافّة الذين ينشئون عملاً بشرياً هم شعراء… حين نعتمدُ المعنى الاشتقاقي للكلمة.
أما إذا كنا نحبُّ الالتباسَ إلى حدٍّ نعتبرُ فيه شعراء أناساً لا يمتلكون حسَّاً فنياً من أمثال رابليه، وسان-سيمون، ولا حسّاً للنّظم؛ فليس هناك أيُّ مسوّغٍ يمنعنا من تسميتهم موسيقيين أو معماريين، وكيف لا نعتبر المؤرِّخين مصوّرين؟ إن بلزاك أقرب إلى التصوير منه إلى الموسيقى الكلامية، وميشليه، مؤرّخ عصر النهضة، هو شاعر روائي، حين يؤثر إبداعَ فكره على الواقع(( )).
إن كلَّ كاتبٍ كبير، في حاصل الأمر، شاعرٌ في نظر السيّد كلوديل، ونحن نسلّم معه إكراماً للشعر بأن كاتباً مثل شاتوبريان، البطل الروّمنسي، يثيرُ الإعجاب بوجود بعضٍ من صفات الشاعر العظيم في نثره. ولقد مكث، بروحه الحسّاسة، في منطقة غامضةٍ يلتمسُ فيها الناثرُ الذي يستمدّ من المشاعر موضوعاته، يلتمسُ من الموسيقا الكلماتِ، ومن جاذبية المقاطع التي يؤثرها الناسُ أكثر من سواها، عزاءً، ومداعبةً كلامية. لقد كان يفضّلُ تطوّر شعور رقيق على اقتدار فكرةٍ صرفة. أما التأكيد على أن راسين، وشينييه، وبودلير ليسوا شعراء كباراً، فهذا يعني بالضّبط السخرية من الناس. ولماذا يكون للامارتين وهيغو الحقّ في أن يراعيَا في هذه الحالة؟ وكورني ذاته؟ هل خشي السيّد كلوديل من إثارة صراخ النّقاد؟ كان منطقهُ يود لو يدين كلُ الناس… إن السيّد كلوديل كاتبٌ كبير يمتلك فكراً متناقضاً.
إن كلَّ أديبٍ سيقرُّ له بالعبقرية، كما يقرّ لرامبو الأثير لديه. غير أن حسّه النقدي سوف يخذله أحياناً، لأن في ذوقه نوعاً من الأخطاء التي قد يكون من تبعاتها ظهورُه بمظهر المضلِّل. وإليكم جملة رائعة يمتدحها في بحث (ـه): في بيت الشعر الفرنسي(( ))، وهي مستمدّة من "قانون الجزاء"، وهو ذلك القانون الذي كان ستندال يقرؤه ليصيرَ ناثراً عظيماً: "كلُّ محكومٍ بالإعدام، سوف تُقطعُ رأسهُ"، ويتّصف هذا السّطر-كما يبدو، بالغنى الذي يتّصف به بيتٌ شعريٌّ رائع. وهو يبدأ، في واقع الأمر، مثل بيتٍ إسكندري(( ))، من غير أن يكون بمقدوره أن ينتهي مثله.
لا أودّ إطلاقاً أن أسخر من المحكومين بالإعدام، غير أنه من المحتمل ألاّ يحصل المحكوم بالإعدام على وسام جوقة الشرف؛ فالشطر الثاني من البيت لا يُحدثُ أيَّ أثرٍ بالمفاجأة، مع أنه يعلمُ عن نوعِ العقاب الذي ينزلُ بالمذنب.
ولكن ماذا يقول السيّد غيغن، ناقدُ مجلة "الأخبار الأدبية"، وطاغيةُ المقاطع الشعرية أمام هذه المقاطع السنيّة: tê- te-tram-cheé (( ))، سوف يجد أن هذا البيت الكاذب ليس موزوناً، وسوف يجازي السيد السفير(( )) وكيف يمكن لموسيقا "مسرحية فيدرا" أن تصمد أمام جمالِ بيتٍ شعري كهذا؟
إننا لا نقبل، فضلاً عن هذا، ذلك التعريف، أو "الطّرح" الذي يؤكّد فيه كلوديل أن "الفرنسية مؤلَفةٌ من سلسلةٍ من الأوتاد المجموعة، والعنصرُ الطويل فيها هو المقطع الأخير للافظٍ معيّن، والعنصرُ القصيرُ هو عددٌ غير محدود يمكن أن يصل إلى خمسة أو ستة مقاطع غير مختلفة تسبقه"، وعدمُ التحديد هذا الذي يدورُ على العديد من المقاطع هو نقيضُ كلِّ واقعٍ موسيقيّ.
كذلك الأمر فإن النظريّ الجديد يريدُ أن يهيئ وصولَ "حركةٍ طويلة عنيفة" مثل منقذٍ جديد، من خلال عددٍ كافٍ من الحركات القصيرة والطويلة".
إنه يبتغي، قبل كلّ شيء، أن يتجنب القافية، والرقم اثني عشر، حين يتعلّق الأمر بجملةٍ شعرية.
ولكن المرء يظنّ حقاً أن فيكتور هيغو كان يمكن أن يحتاج إلى بيتٍ شعري من أربع عشرة تفعيلة، حين أدخل الصفة: هائل(( ))…
وعلى العكس من ذلك، فإن بعض المقاطع القوية، والمتّصفة بكثافةٍ شديدة الدّلالة يمكنها أن تتأثّر بقدرةٍ كامنةٍ عالية، فتوجزُ الأبيات… فيكون ذلك منطقياً أكثر.
فضلاً عن ذلك، فإن بيتاً شعرياً للافونتين لا يحتوي إلاّ على أزمنةٍ قويةٍ تقريباً، هو بيتٌ جميل من غير "التحضيرات" الكلوديلية، وحين يتكلّم على السّادة الكبار، يقول: "إن الكون ممتنٌّ لهم على الشرّ الذي لم يفعلوه(( )).
إن هذه المتتالية من الكلماتِ الوحيدة المقاطع جميلةٌ جداً، مع أنه تؤدي إلى بيتٍ اسكندريّ، لأن الفكر والشعور الذي تعبّر عنه هما من أعلى طراز.
إذا تكلّمنا على الشعر، فليس بإمكاننا أن نزدري الفكرة وتدرّجَ المشاعر، والموسيقى الكلامية اللّصيقة بالبيت الشعري. والغناء الذي يجري في القصيدة لكي يحرك المقطعَ، أو الجملة الشعرية، ويهبها طابعه وحرارته، وصداه العميق… إن هذا الغناء الشّديد الاقتدار عند راسين هو جوهر القصيدة ذاته: إنّه يحوّلُ الألم والفرح، ويُضفي عليهما قيمةً تفوقُ البشر من خلال الاحتفاء بهما على الأسلوب الملائكي.
إلاّ أن الشعر ليس موسيقا المقاطعِ الشعريّة وحسب: "إن طُرقَ الموسيقا والشعر تتقاطعُ…"، كما يقول بول فاليري في "اتجاهات البوصلة"، ولكنها تفترق أيضاً…
ولو لم تكن الموسيقا مرتبطةٌ إلاّ بالكلمات، وبردودِ فعلها لكي تظلّ غريبةً على الفكر، وعلى الشعور، لما كانت أكثر من موسيقا داخلية، لا قدرةَ لها على الإيحاء. فكلُّ موسيقا تفترضُ أولاً إشعاع فكرةٍ معينة، والتماع عاطفةٍ معينة، لكي تكون ذات دلالة، مثل مشهد لا ينشدُ طرباً إلاّ إذا غمره الضّوء بأشعّته الذهبية. ولنأخذ المقطع الغنائيّ "آلهة الشرق"، من "تجربة القديس أنطوان الأولى"، أو مطلع أكيد يسّيريل" لفيلييه، فهما يحققان سيادة النثر الصّرف الأثير لدى كلوديل، ولدى السيّد كاسّو، ولكنهما ينشران علينا ستارَ السرّ الخفيّ المعطر.
ولكن لماذا يقيمُ فلوبير وفيلييه، وكلُّ الرجال الذين يسميّهم كلوديل شعراء، لماذا يقيمون أكبر وزنٍ للقافية الداخلية، وللمجانسات الصّوتية، وضروب السّجع؟
وإذا كانت القافية الداخلية ابتكاراً جديراً بالثّناء، فهل ينبغي إلغاء قافيةٍ تساعد الإيقاع، وتهبُ التعبير عن الشّعور انتظاماً يمتلك جاذبيةً ناجحة هي جاذبية اليقين؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

بول فاليري وآراؤه في الشّعر(( )) تأليف : رينيه فيرناندا ت: زياد العوده

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» ابن خلدون وآراؤه الاعتقادية، عرض ونقد
» الكلمة والحوار والرواية تأليف: جوليا كرستيفا ت: حسن المودن
» رينيه ديكارت صاحب مقولة أنا أفكر إذن انا موجود
» تأويل الاستعارة تأليف: امبرتو إيكو
» القاموس الموسوعي للتداولية - تأليف : جاك موشلر وان ريبول

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  اللغة والنحو والبلاغة والأدب :: البلاغة والنقد-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


بول فاليري وآراؤه في الشّعر(( ))  تأليف : رينيه فيرناندا  ت: زياد العوده  561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
البخاري قواعد النحو الخيام ظاهرة الحذف بلال اسماعيل اللسانيات مدخل اللغة التداولية مبادئ العربية النقد على كتاب مجلة الخطاب المعاصر الأشياء العربي النص محمد ننجز موقاي


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | Ahlamontada.com | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية | آخر المواضيع