ملخص البحث
يعد كتاب ( ارتشاف الضرب ) لأبي حيان من أهم كتبه ؛ لأنه نفض عليه بقية كتبه ، واستدرك ما فات منها ، وتخلى فيه عن التعليل والاستدلال ، ونراه كثيرا ما يقول : ( والصحيح ، هذا مخالف لكلام العرب ، خلافا لفلان ) ، فهذه مصطلحات تدل على اختياراته في هذا الكتاب ، فرأى الباحث أن يدرس هذه الاختيارات ليبين مدى وجاهة هذه الاختيارات ، واعتمادها على السماع .
فقام الباحث بإحصاء اختياراته كلها فتجاوزت ( الخمسمائة ) مسألة ، ثم اختار مجموعة من هذه المسائل التي تستحق الدراسة كالمسائل التي خاض فيها النحاة كثيرا
وتتضمن هذه الدراسة تمهيدا وستة فصول ، أما التمهيد فتناول تعريفا موجزا بأبي حيان وكتابه ( ارتشاف الضرب ) ، والأسس التي قامت عليها اختياراته .
وأما الفصل الأول فهو بعنوان ( اختياراته في المقومات النحوية ) ، ومن موضوعات المقدمات النحوية : الحديث عن القول والكلام والجملة ، والمعرب والمبني ، وأسماء الأفعال ، والضمائر ، والمعرفة و النكرة .
وأما الفصل الثاني فكان عن ( اختياراته في الجملة الاسمية ونواسخها ) ، ويضم هذا الفصل مسائل عن المبتدأ والخبر ، ثم ما يدخل عليها من النواسخ مثل : ( كان ) وأخواتها ، و ( إن ) وأخواتها و ( ظن ) وأخواتها .
وأما الفصل الثالث فكان عن ( اختياراته في الجملة الفعلية وتوابعها ) ، وتضم مسائل عدة عن الفعل الماضي والمضارع ، وما يدخل عليه من أدوات النصب والجزم ، ثم الفاعل ونائبه ، وأما توابع الجملة الفعلية فهي المفاعيل بأنواعها ، والحال والتمييز .وأما الفصل الرابع فقد تحدث عن ( اختياراته في المجرورات ) .
وأما الفصل الخامس فجاء بعنوان ( اختياراته في التوابع ) ، فاختار مجموعة مسائل من أبواب النعت والعطف والتوكيد .
وأما الفصل السادس فيحمل عنوان ( اختياراته في الأساليب النحوية ) ، وقد تحدث الباحث عن مجموعة من الأساليب هي : أسلوب النداء ، وأسلوب الإغراء والتحذير ، وأسلوب المدح والذم ، وأسلوب التعجب ، وأسلوب الشرط ، وأسلوب القسم ، وأسلوب الاستثناء .
وقد خرج الباحث بنتائج ، من أهمها : أنه يكشف عن نضج الفكر النحوي عند أبي حيان تتضح في أمور منها : أنه تخلى عن التعليلات السقيمة ، ورؤية جديدة عن الخلافات التي لا جدوى منها ، ثم منهج جديد في ترتيب الكتاب ، وذلك أنه بدأ بدراسة الحرف العربي من حيث عدد الحروف ، ومخارجها ، وصفاتها حتى استواء الحروف كلمة ، ثم جملة .
واعتمد أبو حيان على القياس غير أنه قيده بالحالات الآتية : يقيس على ما ورد به ولا يقيس على ما كان قليلا أو نادرا أو شاذا ، ولا يقيس على غير المسموع كما زعم بعض الباحثين ، غير أنه قاس على لغة معينة من لغات العرب ، وهذا غريب منه .
وعلى الرغم من اعتماده على السماع الكثير ، إلا أنه ورد أكثر من مسألة تناقض هذا المنهج .
وأخذ أبو حيان بالتأويل ، ولكن ليس على إطلاقه ، بل أخذ به في الحالات الآتية : ألا يكون مخالفا للسماع أو مصادما للنص ، ألا يكون بعيدا عن وصف الأسلوب ، الأخذ بأوضح التأويلات إن تعددت ، ألا يؤول إذا ثبت أن ذلك لغة ، غير أنه خالفه في مسألة واحدة وهي نصب الجزأين بـ ( ليت ) فذهب إلى تأويله .
ووقف أبو حيان من الخلاف النحوي الذي لا يبنى عليه حكم لفظي أو معنى موقفا إيجابيا ؛ لأنه يرى أنه لا فائدة فيه ، ومع هذا فقد خاض في بعض تلك الخلافات ، واختار مذهبا معينا .
وكشفت هذه الدراسة أن بعض اختيارات أبي حيان تخالف أقواله في بضع مسائل ، فقد يختار مذهبا معينا في ( الارتشاف ) ويخالفه في أحد كتبه وقد يقع ذلك التردد في الكتاب الواحد .