دراسات الألسني "جاكبسون" المؤرّخة قبل سنة 1956.
تكوّن الأفازيا برأي جاكبسون ، عطلا يصيب لغة المصاب بها لذلك تساعد دراسة مظاهرها في مجال دراسة اللغة العادية
والسّليمة وتفهّمها بالمقدار نفسه الذي تساهم به في هذا الإطار ، دراسة اكتساب اللغة عند الطفل. وتتمحور دراسات" جاكبسون" حول مشكلتين يعتبرهما أساسيتين::
أ- التّوازي الواضح بين التّفكك الّلغوي عند الأفازي و بين اكتساب الّلغة عند الطّفل .
ينطلق >>جاكبسون<< في دراسته،من مفهوم الإزدواجية في التنظيم اللغوي أوالتلفظ المزدوج وهذا المفهوم يركزعليه الألسنيون البنيانيون،وينصّ على وجود مرتبتين أو مستويين في بنية اللغة: مستوى الفونامات ومستوى المورفامات. في ظل هذا المفهوم الألسني، يلاحظ >> جاكبسون << وجود نوعين من الإصابات المختلفة في ما يتعلق بمقدرة المريض على تفهم الكلام:
أ- النوع الأول من الإصابات يعود إلى مستوى الفونامات.فنحن نعلم أن الفونام أو الوحدة الصّوتية المميزة، يحتوي على قيمة التميزية معينة ويساهم بالتالي وبصورة أساسية،في إضفاء دلالة الكلمات. فحين ينجم عن اضطرابات الأفازي، فقدان بعض السّمات المعينة للفونامات، تحصل إضطرابات في المقدرة الإدراكية الكلامية . فالمريض الذي لم يعد باستطاعته التّمييز في الواقع ، بين الفونام( ر) و الفونام(ل) يكون تنظيمه الفونولوجي ناقصا من حيث عدد عناصره . يلاحظ حينئذ، عند المصاب بهذا اللّون من الافازيا ، ازدياد الكلمات المجانسة من الناحية اللفظية ، مما يؤثر ، بطبيعة الحال ، في مقدرته الإدراكية اللّغوية . ذلك أن ازدياد الجناس في لغة المصاب ينجم عنه بصفة أساسية ، التباس قوي في فهم الكلام وإدراكه .
ب- أنّ المريض الذي قد حافظ على تمييز الفونامات ، وفقد ، بالمقابل ، القدرة على إدراك معاني الكلمات ، يمكن اعتبار إصابته عائدة إلى مستوى المورفامات . ويستطيع المصاب بهذا اللّون من الأفازيا تمييز الكلمات المختلفة الفونامات المؤلفة لها . إلا انه يغيب عنه إدراك معانيها بسبب فقدانه القدرة على التمييز بين كلمتين مختلفتين من حيث المعنى . يستعمل هذا المريض ، وحالته هذه ، كلمة بدل كلمة أخرى فيختلط عليه فهم الكلام .
نلاحظ هنا أن تصنيف الحالات الافازية يتم عن طريق اللّجوء إلى معايير لغوية صرفة وليس بواسطة اعتماد معايير فيزيولوجية . وبما أنّ الدراسة الألسنية البنيانية تميز بين مستوييّ الفونامات والمورفامات في اللغة بات من الطبيعي ان يصنف الالسنيون العاملون في ظل المبادئ البنيانية ، الحالات الأفازية من حيث الإصابات التي تلحق أحد المستويين وتتعدد الإصابات ، داخل المستوى الواحد ، بصورة موازية تعدد الأقسام كل مستوى وقضاياه على هذا الأساس نفهم تصنيف البنيانين الإصابات انطلاقا من التمييز بين المحور الركني والمحور الاستبدالي ....
يلاحظ >> جاكبسون << أنّ فقدان السّمات المميزة عند المصاب يحصل عند المصاب وفقا لتدرّج تحدّده بعض القوانين، فيشير في هذا المضمار ، إلى قيام ارتباط عكسي بين فقدان الفونيمات عند المصاب واكتسابها عند الطفل ، نأخذ على سبيل المثال هنا : أنّ الطفل يكتسب القدرة على التميييزبين الفونامين (ر) و (ل) في حين يلاحظ أنّ الصاب بالأفازية يفقد المقدرة على التّمييز بين هذين الفونامين في بدء إصابته.
نخلص إلى القول إنّ الدراسات البنيانية التي تعالج موضوع الأمراض اللّغوية قد اتخذت اتّجاهين أساسين.
أ- المقارنة بين خصائص اللغة السليمة و بين خصائص اللغة المصابة بالاضطرابات اللغوية .
ب- التمييز بين الحالات الأفازية استنادا إلى المفاهيم اللغوية البنيانية.