الدراسات اللغوية الحديثة جديدة بالنسبة إلينا ولقد تعودنا على الدراسات التقليدية للغة بما تتعارض أحيانا بعض مفاهيمنا عن الدراسات التقليدية وبعض المسلمات في علم اللغة فهي تتطبع بطابع المعيارية (الدراسات التقليدية)؛ ولها أسبابها فالغاية منها تعليمية " تعليم اللغة الفصحى والتي تعتبر جامدة أي لم يطرأ عليها تغير _ في القواعد والأصوات وقد تكون الدلالة لأن النصوص القديمة لا نكاد نفهمها إلا بعد التدقيق والتمحيص وأحيانا لانفهمها كما ينبغي فهذا دليل على تباعد المعنى رغم الدراسات التقليدية، ولا غضاضة في تدريس الدراسات القديمة لأن ديننا الإسلام -الحمد لله- والقرآن نزل بلغة العرب فذلك يحتم علينا تعلم قواعد اللغة الفصحى التي هي لغة القرآن.
ولكن السؤال التي يتبادر في ذهني : أن العلماء القدامى قاموا بجهود جبارة في تحليل اللغة وإن دراساتهم تحمل إشارات إلى حد جيد لبعض ما توصل إليه العلماء اللسانيون حديثا فمثلا علماؤنا القدماء عندما درسوا اللغة بدأوا بدراسة الجملة ككل "نظام" ( كلامنا لفظ جميل .......) ثم انتقلوا إلى الأجزاء مم تتكون الجملة؟ وقسموا أقسام الكلام : اسم، فعل، حرف، ونجد في بعض الكتب الأمهات تختتم بدراسة الحروف "الأصوات" أي انهم بدأوا بالأمور الكلية ثم انتقلوا إلى الأجزاء، وهذا ما نادى به العالم دي سوسير دراسة النظام أولا ثم العناصر والوحدات المكونة لهذا النظام. السؤال كيف يمكن أن نطبق كل ما ينتج عن الدراسات الغربية للغاتهم وخصوصا الإنجليزية علي اللغة العربية؟ نعم هناك مجموعة ظواهر تشترك فيها جميع اللغات أو أغلبها ، لكن قد توجد فروق ، وهذا أمر محتم وخصوصا الفروق بين العربية والإنجليزية فالعربية لغة اشتقاقية بالدرجة الأولى وهي إلصاقية واللغة الإنجليزية ليست اشتقاقية وإنما إلصاقية ، وقد لاحظنا أثناء دراستنا للمدارس اللغوية أن بعض العلماء العرب المحدثين يعمدون إلى تطبيق كل نتائج الدراسات للغات الغربية على العربية بما لاحظنا أنهم يدعون ولو ضمنيا إلى الإنقلاب عن بعض -نقول- بعض الأمور والتي هي صحيحة مائة بالمائة (تؤدي غرضها) في الدراسات التقليدية للغة العربية (تؤدي غرضها)، سؤالي الأهم: كيف يمكن التوفيق بين الدراسات اللسانية الحديثة وبين ما يمكِّن من دراسة اللغة العربية دراسة حديثة دون المساس بالأمور التي قد تقلب الصواب إلى خطأ ؟