غالية الذرعاني مشرف منتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 268 نقاط : 511 تاريخ التسجيل : 29/04/2010 المهنة : معلمة
| موضوع: ليلة زيارتي لليلى 2010-10-07, 22:33 | |
| ليلة زيارتي لليلى قصة قصيرة من مجموعة ثلج يحترق اقرئي بصمت! - أنا لا أعرف القراءة إلا بصوت عالٍ. - إذن أدرسي في غرفة أخرى ، أريد أن أنام . أصدرت الأمر لشقيقتي ، وأنا أندس بين الأغطية ، وأُمَني النفس بقسطٍ من النوم يزيل عن كاهلي مشاق يوم حافل، فامتثلت لأمري ، وصفقت الباب خلفها بعد أن أطفأت النور وقالت : - حسناً ، قود نايت. إصرارها على حشو كلامها بالعبارات الإنجليزية في كل مرة ، يثير أعصابي ، يستفزني تطفل اللهجة الغريبة على ابنة الضاد، لم أفهم لما تصر على صنيعها ، أهو عجز أم نفور أم تباهي ؟ رتبت الوسادة من جديد ، ووضعت رأسي عليها ، فوصلني صوتها ، وهو يستعير استجداء ليلي العفيفة حين قالت : - ليت للبراق عيناً... تأففت ، ولعنت في سري البراق وليلاه اللذين خلقا لنا قصة نتكئ عليها ، ونحشوها في مناهجنا الدراسية ليلوك أولادنا عباراتنا المقدسة ...كنا ، وكنا . - منية ! أخفضي صوتك ، أريد أن أنام ! طوحت بالصرخة لشقيقتي، فاستجابت لغضبي قائلة : - أوكي ، أوكي ، دونت بي ماد. مرة أخرى تستفزني ، وصوتها الخافت تحول في أذني إلى زعيق ، وهي تحاول أن تحفظ تلك الأبيات ، خطوات قدميها الحافيتين على البساط وهي تذرع الغرفة جيئةً وذهاباً ، استقرت في وعييّ كدوي المعركة ، والضوء الخافت المتسلل من تحت الباب ، ومن فوهة مفتاحه أكتسح الغرفة ، اصطدم بتعرجات غطائي فوق السرير ، وانعكس على الجدار خيالاً لامرأة تهتز كتفيها نشيجاً ، اقتربت منها ، تأملت ثوب عرسها الذي صهرته درعاً تحمي به عفتها ، طبطبت على كتفيها ، فالتفتت إليّ بعينين متورمتين من البكاء ، رأيت في عينيها أمل كاذب ، فتحرك في نفسي شيطان ، وقلت ساخرة من أوهامها : - عزيزتي ، كفكفي دمعك ! فقالت بثقة : - لن أكف عن البكاء حتى تنبت للبراق عيناً. هي الأخرى استفزني أملها الواهم ، فقلت : - ليلى ، لقد صار للبراق ملايين العيون ، لكنه ذرى فيها التراب متعمداً ، بل أنه تمادى في غيه ، ووقع اتفاقية مع خاطفك ، يمنحه بها حق اغتصابك بعدد عيونه . شهقت ، ولملمت دموعها المتناثرة حولها ، دفنتها في قلبها ، وقالت والأمل الكاذب لا زال يصدني عنها بعض الشيء : - لكنه جمع جيشاً ،و... قاطعتها : - ذاك الجيش أتهم بالإرهاب ، وزج بهم في السجون ، بينما براقك يكرع الخمر في جماجم الأطفال ، أما غاصبك فقد منحه جوائز السلام . أحسست أني حاصرت أملها المخادع ، ولطمته ، إذ رأيتها تقف ،وقد صادرت شِعرها ، وأحرقت حروفه ، وتساءلت بغضبٍ وأسى : - وأنا ؟ كنت أفكر لها عن إجابة ، عندما اقتربت خطوات من الغرفة ، فتح الباب ، يد ضخمة تسقط على كتفي ، فأقفز من الذعر ، منية إلى جانبي ، تقول وكأنها تصر على أن أتوسد الغضب : - قود نايت . |
|