منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك إستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2 I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةإستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2 I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرإستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2 I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورإستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2 I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةإستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2 I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةإستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2 I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودإستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2 I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرإستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2 I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة إستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2 I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لناإستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2 I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة إستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2 I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبإستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2 I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرإستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2 I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبإستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2 I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارإستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2 I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 إستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد بكاي التلمساني
عضو شرف
عضو شرف


وسام النشاط :
وسام النشاط

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
210

نقاط :
602

تاريخ التسجيل :
15/08/2010

المهنة :
باحث وكاتب


إستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2 Empty
مُساهمةموضوع: إستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2   إستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2 I_icon_minitime2010-09-14, 16:25

بيد أن مفتاح (1985) يقدم توسيعا أشمل، بحيث يعتبر التشاكل متضمنا لتشاكل النصوص مع بعضها البعض ومع ثقافة الأمة، (( فأي نص مهما كان ليس إلا إركاما وتكرارا لنواة معنوية موجودة قبل)) .
ويعزر الباحث تنميته هاته لمفهوم التشاكل بواسطة الاهتمام البارز "بالتشاكل التداولي" الذي أصبح يحتل موقعا هاما في التعريف باعتبار التشاكل " تنمية لنواة معنوية سلبيا أو إيجابيا بإركام قسري أو اختياري لعناصر صوتية ومعجمية وتركيبية ومعنوية وتداولية ضمانا لانسجام الرسالة " .
وقد أرجع مفتاح (1994)/1996) ، وفق منظوره الدينامي، التشاكل التداولي إلى نواة دلالية واحدة هي الحياة / والممات، لأن التحليل التشاكلي، في نظره ، القائم على التحليل بالمقومات يكشف عن بعض الثوابت الأنتروبولوجية الكونية . وهو ما ينسجم مع التصور المعرفي التجرباني الذي دافعنا من خلاله سابقا عن وجود مقومات كلية بمثابة نواة تؤطرها التجارب الإنسانية المشتركة دون أي تجاهل لما قد يتفرع عنها من مقومات سياقية خاصة بكل ثقافة.
غير أن منظورنا لهذا المفهوم، ينطلق من اقتناع أساس يتمثل في ضرورة الانتقال من التشاكلين الدلالي والتداولي نحو مستوى تشاكلي تفاعلي ننعته بالتشاكل البلاغي - الدلالي الذي نستثمره لبناء الجهات البلاغية مع ضرورة تجاوز مفهوم التوازي، نتيجة قصوره الإجرائي، لإدماجه في نظرية التشاكل العامة.
فما مسوغات إلحاق التوازي بالتشاكل ؟
نميز، في البدء، بين التوازي والتجنيس والتكرار باعتبارها ظواهر لصيقة منذ القدم بالآداب العالمية والخطابات السياسية والدينية...، وبين المفاهيم المرتبطة بدراسة تلك الظواهر انطلاقا من تعدد الاتجاهات الوصفية والتأويلية التي تضع قيودا مختلفة لقراءتها. ومن ثم، ندرس الكفاية الإجرائية لمفهوم التوازي بالنظر إلى توفره على اقتضاءات تصورية في مختلف الأدبيات التي تتبناه.
إننا ننطلق من الفرضية التي دافع عنها مفتاح (1985) التي تعتبر التشاكل مفهوما عاما يشمل التكرار والتوازي والتجنيس.. وعليه، يمكن إدراج مقولة التوازي ضمن النسقين؛ التشاكل الدلالي والتشاكل البلاغي - الدلالي، خاصة أن القصور الإجرائي لمفهوم التوازي يتمثل في عدة اعتبارات، شأنه في ذلك شأن مفهوم الجناس في البلاغة العربية، نجملها فيما يلي:
- لا يشمل مفهوم التوازي تحليل الكلمات إلى مقومات من شأنها أن تحدد علاقات الاختلاف و التشابه بين الوحدات المعجمية.
- إن التوازي يفتقد إلى إوالية لوصف الحد متكرر في الكلمة الواحدة، وهو ما أدرجناه آنفا في " التشاكل الجهي ".
- لا يشمل التوازي وصف التشاكل الصوتي في الكلمة الواحدة.
- إن مفهوم التوازي قد ظل سجين الأطروحات الوصفية للشعرية البنيوية، بينما تمت تنمية مباحث التشاكل في الدلالة اللسانية والدراسات السيميائية التأويلية.
ولهذه الاعتبارات أدرجنا التوازي ضمن مباحث التشاكل بالنظر إلى صياغتنا لمفهوم " تشاكل التوازي " الذي يؤول الجهات البلاغية المنتجة للأزمنة بواسطة تفاعل المكونات الصوتية والمعجمية والتركيبة في بناء مواز. ومنطلق هذا التوسيع، أن التوازي بوصفه تكرارًا لنواة صرافية - تركيبية في متواليتين أو أكثر، يراكم التناظر والتغاير على السواء، الشيء الذي يسمح باعتبار تراكم التكافؤ والتباين تشاكلات متوازية نحلل بعض نماذجها في بعض الأمثلة اللاحقة.
وبناء على ماسبق نتبنى الحد التالي:
يستند بناء التشاكل إلى تنمية نواة معنوية بإركام مكونات صوتية ودلالية وأيقونية ضمانا لانسجام الرسالة.
ومن ثم، نعتبر هذه الظاهرة عملية تشييدية - تأويلية تتم على مستوى البعدين التراكبي والاستبدالي للغة، ما دام كل تشاكل يعني تكرار وحدة لغوية ما، معلنة أو مضمرة. غير أن العملية- الأساس هي تحويل مبدأ التكافؤ لمحور الانتقاء إلى محور التنظيم التراكبي. فكل مقوم يتحدد بعلاقة داخل استبدال معين ؛ أي داخل طبقة من الوحدات الدلالية . وتتوزع هذه العلاقة بين علاقة التماثل بالنسبة للمقومات العامة وعلاقة الانفصال بالنسبة للمقومات الخاصة. لكن هذه العلاقات تنقل تشاكلاتها الممكنة إلى المستوى التراكبي القائم على المتواليات، إذ تسقط عليه خصائص التكافؤ والمشابهة واللامشابهة.
إن من نتائج هذا التصور أن تعريف التشاكل تراكبي وليس تعريفا تركيبيا، خاصة إذا افترضنا أن دراسة التشاكلات المرتبطة بالوحدة الدلالية (Sémème) تجري في نطاق الدلالة الجزئية المختلفة عن التركيب. كما أن هذه الدلالة تصف مادة المحتوى، بينما يصف التركيب شكله، ناهيك عن أن تكرارات المقوم المتشاكل مرتبطة فيما بينها بعلاقة التماثل والتناظر دون علاقة الرتبة . ومع ذلك، يمكن التأكيد على الدور الهام الذي تلعبه العلاقات التركيبية في توجيه تأويل التشاكلات انطلاقا من السياق اللساني.
وعليه، نؤكد بأن بناء التشاكلات يستند إلى القراءة والتأويل اللذين يطبقان إحدى أهم عملياتهما على الوحدات الدلالية، وهي المماثلة بواسطة مبدأ الإسقاط. وبذلك، لا يمكن اعتبار معيار عدم التناقض أساسا لتوجيه استراتيجية القارئ نحو بناء انسجام الخطاب. ذلك أن عملية البناء هاته ترتكز أساسا على النظر في البعدين التراكبي والاستبدالي مع مراعاة مدى تأثير العلاقات التركيبية في إنتاج التعدد المعنوي دون الأخذ بقيد عدم التناقض.
إن هذه الاستراتيجية تمكننا من تحديد التشاكل الأفقي والعمودي في الخطاب (راستيي 1972). فالأول يحدد بواسطة افتراض الوحدة المعجمية التي تمثل حقله، وتصنيف الوحدات المنسجمة معه. وقد نشيد أكثر من تشاكل من خلال القراءة المتعددة للوحدات الدلالية. غير أن الحقول المشيدة، هي حقول دلالية سياقية منسجمة مع ما ينتجه كل مجتمع من معارف وتصورات وفق أطر معرفية معينة.
وتؤدي القراءة الاستبدالية إلى تحديد التشاكل العمودي (أو الاستعاري) الذي يبنى على أساس العلاقة بين وحدتين دلاليتين أو مجموعة من الوحدات الدلالية المنتمية إلى حقلين مختلفين. وهذا ما يفسح المجال لحصر المقومات الجوهرية أو العرضية بين الوحدات المتعالقة كما في التشاكل الاستعاري الوارد بين الوحدتين الدلاليتين ' رأس' و ' قمة ' في الجملتين (19) و (20).
19_هذه قمة الجبل.
20_هذا رأس الجبل.
إن المقوم المشترك بين الوحدتين 'رأس' و ' قمة ' هو [+حد] باعتباره مقوما جوهريا فيهما معا. لكن المشترك بين الوحدتين الدلاليتين ' ثابتة ' و ' حية ' في الجملتين (21) و (22)، هو المقوم [+حي] باعتباره عرضيا في الأولى وجوهريا في الثانية.
21_هذه آثار حية
22_هذه آثار ثابتة.
غير أن استثمار مفهوم التشاكل في الدرس الأدبي لتنمية كفايات الذكاء البلاغي لدى التلميذ يستلزم التركيز على مفهوم الجهة الدائرية الذي اقترحناه بوصفه مجالا معرفيا تلتقي فيه مختلف الكفايات والمهارات المرتبطة بتأويل الخطاب وبتفسير مجموعة من الظواهر البلاغية_ الدلالية والأسلوبية مثل الاستعارة والطباق والإيقاع بمختلف أنواعه....
2.4_الجهة الدائرية
من خلال ماسبق، نلاحظ أن نظرية الجهة البلاغية تمثل مقاربة معرفية للأوجه البلاغية انطلاقا من فرضيتين أساسيتين: فلأولى، هي المنظور الزمني التفاعلي الذي يؤول تلك الأوجه بالنظر إلى مواقعها في الجهات البلاغية، بينما الثانية تشكل المنظور المعرفي الذي يضع الجهات في قوالب مستقلة نسبيا عن بعضها بعض ومتفاعلة بواسطة منافذ متعددة.
وهذا يعني أن تلك الأوجه ليست مجرد محسنات، كما كانت تعتقد بذلك النظريات البلاغية التقليدية)العربية والغربية)، بل تمثل قوالب ذهنية ذات وظائف معرفية في سياق تفاعل الإنسان مع العالم. ذلك أن الأساس المعرفي لمفهوم الجهة البلاغية ( Rhetorical aspect ) الذي اقترحناه توسيعا للجهة النحوية (شكري 1998) يتمثل في مدخرات الإنسان المقولية؛ الثقافية والانتربولوجية باعتبارها حصيلة تفاعله مع العالم الخارجي. ( لايكوف1987و 1988).فآلية الإطناب (Redondance) ،مثلا،قبل أن تمعجم في اللغة بواسطة الأساس اللغوي لها عنوان أو عناوين في العالم الحسي_ التجريبي للإنسان. لقد أكد غورهان (1965) على القول بأن الفعل الإنساني أقل إبداعا للآلة، لكنه أكثر إبداعا للزمان والفضاء الإنسانيين، الشيء الذي يفسر ملاءمة المنازل الأولى للتقديمات الإيقاعية؛ إذ يمثل هذا التدجين الرمزي _التخييلي انتقالا من الإيقاعية الطبيعية للفصول والأيام ومسافات المشي إلى إيقاعية مشروطة منظمة داخل الرموز الميقاتية والمترية.
ومن هنا، فالجهة الدائرية المتضمنة للزمن الإيقاعي بوصفه خطا منغلقا على نفسه، تحيل على تصورات العود اللأبدي الموجودة منذ أقدم الحضارات الشرقية أو اليونانية. كما أن الاستعارات دفعت بالإنسان إلى مقارنة حياته (ولادة، كهولة، شيخوخة) بالدائرة الشمسية اليومية (فجر، ظهيرة، مساء..الخ) أو بالدائرة السنوية للفصول .
وهكذا، تمثل الجهة الدائرية العنوان _الأساس للزمن الإيقاعي الذي ينشطر إلى زمن إيقاعي منتظم وآخر غير منتظم؛ أي دوري.إن الزمن الإيقاعي المنتظم باعتباره مجموعة تشاكلات منتظمة، ينتمي حسب النظرية الجشطالتية إلى التوقع بالنظر إلى إدراكه بوصفه نظاما، وإلى تأثيره على المتلقي.فإيقاع النبر، مثلا، له تأثير مقو للطاقة، إذ ينتج لدى المتلقي نشاطا محركا متزامنا .وبذلك، من شروط إدراك الإيقاع؛ التشاكل، سواء أتعلق الأمر بتكرار الحدث الإيقاعي ( البصري أو السمعي ) أم بتساوي الديمومة (Isochronisme ) مع تكرار الفواصل التي يحتمل أن تكسر الإيقاع في حالة حدوث تغيرات في تمفصلها البسيط أو المزدوج كما هو الحال في قصائد الشعر الحر.
بيد أن الاستناد على التشاكل في بناء الإيقاع، لا يعني ضرورة التماثل المطلق بين مجموع مكونات الحدث المتكرر، لأن القافية، مثلا، قد تعتمد فقط على المستوى الأدنى للتشاكل وهو التشاكل في الصائت والصامت الأخيرين ( فارس = ملمس ). كما أن الوجه البلاغي تشاكل الصوائت ( Assonance ) يمثل هذا المستوى الأدنى ويضمن بواسطة المماثلة الصائتية إدراك الزمن الإيقاعي إذا كان التراكم منتظما.
الزمن الإيقاعي المنتظم، إذن، ومن وجهة نظريات الإدراك و الإعلام، يوفر للمتلقي إمكانية التنبؤ بالمعلومة الجديدة ( المستقبلية ) في الخطاب بواسطة مبدأ الانتظار أو التوقع الناتج عن تراكم ثلاثة أحداث، على الأقل، سمعية أو بصرية، وهو ما يؤشر على التفاعل بين النسقين الفضائي والصوتي من جهة والنسق الدلالي من جهة ثانية.ومن أمثلة هذا التفاعل ما يمكن اعتباره تشاكلا بين تقطيع الجمل وطولها ونواتها المعنوية، بحيث يؤشر البعد الفضائي للتركيب على زمن إيقاعي يحيل على التشاكل الدلالي الذي يحيل بدوره على المرجع. لننظر في مقطع شعري لمحمد الخمار الكنوني بعنوان: لامرور .

23_لا مرور
تنتصب العلامة
تزدحم الأسماء
في نوبة الألوان،
قد قامت القيامة
وبدأ المرور
كن لصا أو مهربا،
كن جثة أو بهلوان،
قف أنت، لا مرور
للإنسان....
يتضمن هذا المقطع تراكبات منسقة؛ تنتصب العلامة، تزدحم الأسماء _كن لصا أو مهربا، كن جثة أو بهلوان...وهي تمثل بواسطة تناظر تقطيعها على المستوى الفضائي تشاكل الحاجز الذي ينسجم والعنوان لامرور المنشطر بدوره إلى الوحدات الدلالية " العلامة"، " قف"، " لامرور" المتصارعة مع الوحدة الدلالية لتشاكل المرور؛ "بدأ المرور".
وهكذا، يمكن اعتبار الزمن الإيقاعي المنتظم مؤشرا على التناص المساند للبنيات الإيقاعية التقليدية مثل وحدة القافية والبحر الشعري. وبذلك، فهو زمن تعاقدي وتوقعي في الآن نفسه، أما الزمن الدوري، فهو إيقاع حر وغير منتظم، إذ يعتمد على أنساق صوتية تتردد في الخطاب الشعري بشكل دوري مثل تشاكل الصوامت ( Allitération ) وتشاكل الصوائت ( Assonance )، والعائد ( Anaphore ) تكرارا دوريا لكلمة رئيسة في النص. ومن هنا، يمكن للزمن الدوري أن يؤشر على التناص التهديمي وعلى تفاعل الجهة الدائرية مع الجهة المتشابكة التي تسم التشاكلات باللانظام. غير أن الأوجه البلاغية السابقة يمكن أن ترد تشاكلاتها منتظمة فتندرج حينئذ في الزمن الإيقاعي المنتظم التعاقدي. وعليه، يمكن تحديد كيفية اشتغال الجهة الدائرية بزمنيها انطلاقا من البحث في أنساق التشاكلات الصوتية والمعجمية والتركيبية التي تنتظم مجموعة من الأوجه البلاغية، دون أن نتجاهل، تفاعل هذه الجهة مع جهات بلاغية أخرى بواسطة مبدأ الانعكاس المر آوي ( بيكر 1985).
1.2.4الزمن الإيقاعي: الانتظام/ اللانتظام
نشير في البدء أن دراستنا لنسق التشاكلات الصوتية يراعي قواعد البروز والتكرار في السلسلة اللغوية دون النظر في مبادئ الإنشاد التي تتميز نتائجها بالنسبية وبصعوبة التحديد. وعليه، يمكن اعتبار المستوى الأساس لأصوات اللغة متمثلا في البعد اللساني، إذ لا وجود لعلاقة طبيعية داخل العلامة بين الدال من جهة والمدلول والمرجع من جهة ثانية. وبذلك، كل تأويل ممكن لمعاني الأصوات لا يتم إلا في سياق نصي ضمن علاقات بين أصوات تتناظر وتتغاير من حيت السمات.فالأصوات التي تحاكي الطبيعة تنتمي إلى النسق اللغوي دون النسق الواقعي الذي تمثله اللغة بوصفه تأويلا معرفيا. وما يؤكد ذلك أن الأصوات الحاكية تختلف من لغة إلي أخرى. فالديك الأسباني يمثل لصوته ب Kikiriki وليس ب . Cocoricoوهكذا، كل تأويل للسمات العرضية أو الرمزية للأصوات ما هو إلا تأويل للمقومات العرضية للكلمات كذلك، وهو ما يؤشر على أهمية نبر الكلمة أو نبر الجملة.وبذلك، نعتبر التشاكل الصوتي في الجهة الدائرية داعما لإنتاج المعنى و تأويله انطلاقا من عدة قيود تسمح بتأويل بعض الأوجه البلاغية من قبيل الكلمة- المحور ( (Paragramme التي يمكن أن نجد لها عناوين أخرى في باقي الجهات تبعا لنمطية التشاكل الصوتي ذاته.
إن القيد الأساس لهذا التشاكل في الجهة الدائرية هو الانتظام الذي ينتج الزمن الإيقاعي، وإذا انقلب إلى أللانتظام تحول الزمن إلى زمن دوري. وينشطر هذا القيد إلى قيود فرعية مثل قيد التراكم والتقابل والتوازي والعلاقة الدلالية. ويمكن اختزالها في ثلاثة قيود، هي:
أ_قيد الكثافة
تضع الكثافة الصوتية التشاكلات الصوتية المتعددة في مواقع متوازية ( متناظرة أو متقابلة )، ونمثل لذلك بالأبيات الشعرية لكل من بول فليري وابن زيدون.
24_Je m'offrais dans mon fruit des velours qui' il dévore
V V F F
إن تشاكل الصامت ] V [ و تشاكل الصامت ] F [ قد اعتمدا أساسا على التراكم المنتظم بواسطة التوازي. ويمكن أن نظيف، ضمن قراءة تشاكلية ثالثة، تشاكل الصامت ] D [. غير أن التركيز على التشاكلين الأولين يدمجهما في الجهة الدائرية التي انعكست عليها الجهة الخطية بحكم توالي التشاكلين FF )ثم VV) مع جواز القول، كذلك، بانعكاس الجهة الدائرية على الجهة الخطية وفق مبدأ المرآة (بيكر 1985) الذي يعتبر الانعكاس تفاعليا.

وهكذا، كلما توفر قيد التكرار مع التتابع، انعكس التوالي الزمني على الزمن الإيقاعي الذي يؤشر في الجملة الشعرية (24) على كثافة أولية وبالتالي على إيقاع نموذجيRythme )- ( Proto يتضمن التكرار الواحد لكل صامت.
25_La vieille aux doigts de feu qui fendent les volets
V F F V
نلاحظ أن العلاقة بين التشاكلين الأساسيين ( تشاكل [V ] وتشاكل [F ] ) لم تعد علاقة التوالي الزمني في الجملة الشعرية (25)، بل ينتظمها الزمن الفوضوي الذي يقطع هذا التوالي مما يؤشر على الانعكاس التفاعلي بين الجهة الدائرية والجهة المتشابكة(الفوضوية).











الشكل.6 _الانعكاس المتبادل بين الجهة الدائرية والجهة المتشابكة
إن تحليلنا للكثافة الأولية ( الإيقاع النموذجي ) في الجملتين الشعريتين (24 و25)_المأخوذتين عن جوتيي (1974، ص.24)_يؤكد ما نعتبره نووية الجهة المتراكبة، إذ تتراكب B : V على A : F ،وتتراكب B' : V على A' : F.
26_ما للمدام تديرها عيناك فيميل من نشواتها عطفاك
م ل ل م م ع ك م ل م ع ك
هلا مزجت لعاشقيك سلا فها ببرود ظلمك أو بعذب لماك
ل م ل ع ك ل ب ب ل م ك ب ع ب ل م ك
انحصار التشاكل
تتحقق في هذين البيتين الشعريين الكثافة العالية لتراكم الصوامت ( م، ل، ع، ك، ب ) أربع مرات أو ما فوق مما يؤشر على جهة دائرية تحوي تمام الإيقاع. لكنه إيقاع غير منتظم يهيمن عليه الزمن الدوري مما يجعل الانعكاس متبادلا بين الجهة الدائرية والجهة المتشابكة.
إن ما ينشط تشاكل الصوامت في المثال (26) هو تراكم نبر الجملة على الجملتين: برود ظلمك، عذب لماك باعتبار هما بؤرتين _جوابا عن تساؤل ضم هو: بماذا تمزج لعاشقيها سلا فها ؟. ومن ثم، عزز نبر الجملة التشاكل الصوتي مما أدى إلى بروز قيد انحصار التشاكل في الشطر الثاني من البيت الثاني، إذ انحصر تراكم الصوامت المتشاكلة مع وجود تناظر وتقابل بينها سندر سهما لاحقا.
ب_قيد انحصار التشاكل
إن قيد انحصار التشاكل الصوتي في بيت أو سطر شعري يعزز الكثافة ذاتها. وقد يأتي تكثيفا لتوزع التشاكل بين مجموع الأبيات كما هو حال المثال (26) لابن زيدون. أو تمطيطا لنواة صوتية كما في الأسطر الشعرية لفرو نسي جايمس ( عن جوتيي (1974)، ص.25 ).
27_Je tape les herbes avec une gaule en réfléchissant
S L L L
Et le duvet des pissenlits s'envole en suivant le vent.
V S L S V L S V L V

تنمو في هذه الأسطر الشعرية الكثافة الصوتية في خط تصاعدي آت من التشاكل _المنطلق: تشاكل الصامت ] L [ نحو بروز تشاكل الصامت ] S [ وتشاكل الصامت [ V ]لتنحصر التشاكلات الثلاثة في السطرين الثالث والرابع. وبذلك تتفاعل في هذا المثال جهات ثلاث؛ هي الجهة الدائرية لوجود الزمن الإيقاعي (التراكم) والجهة المتشابكة لكون الزمن السابق زمنا دوريا (غياب الانتظام)، والجهة المطاطية لوجود زمن التوسيع. وتمثيل ذلك الشكل (7).


الشكل(7)_نمو تشاكل الصوامت.

إن تفاعل الجهات يفسره مبدأ المرآة كما طرحه بيكر(1985). ذلك أنه قدم تفسيرا تفاعليا للعلاقة بين المكون الصرافي والمكون التركيبي يجعل الاشتقاقات الصرافية تعكس بالضرورة الاشتقاقات التركيبية والعكس صحيح. وهو ما يستدعي حضورا متوازيا للمكونين معا في البنية اللغوية، يجعلهما في حالة معينة من التماثل (التشاكل). فنموذجنا البلاغي التفاعلي يستثمر هذا المبدأ عن طريق تعميمه، لأن مقصديتنا تروم إسقاط مبادئ التفاعل والانعكاس المتبادل والتوازي على شبكة العلاقات التي تنتظم مختلف الجهات البلاغية. وقد أبرزنا سابقا بعض نماذج الإسقاط المتبادل بين الجهات البلاغية، وسنبرهن خلال الفقرات الموالية على بعض النماذج الأخرى.
وإذا كنا قد انطلقنا من فرضية الكثافة البلاغية المعممة على الشعر وغيره، فإن قيودا صوتية مثل الكثافة والانحصار(Resserrement) قد تتوفر، كذلك، في خطابات غير الخطاب الشعري حيث إن مقصدية المتكلم لا تتغيى إنتاج خطاب أدبي، مما يعني من جديد تهافت نظرية الانزياح، لأن وظيفة الأوجه البلاغية في مثل تلك الخطابات وظيفة تصورية_معرفية، وهي استراتيجية تساعد المتعلم على اكتساب كفايات التحليل والتركيب، حيث تسمح الأولى بتحديد الخصائص المميزة لكل خطاب بينما تسمح الثانية بالنظر إلى الخطابات في تعالقها وتفاعل بعضها مع بعض.
يقول المنصور المر يني في إحدى خطبه(عن النبوغ المغربي لعبد الله كنون، 1975، صص390_391):
28_يا معشر المسلمين، وعصابة المجاهدين: إن هذا يوم عظيم، ومشهد جسيم، ألا وإن الجنة قد
م م م م هـ هـ م م م هـ م
فتحت لكم أبوابها، وزينت أترابها، فخذوا في طلابها، فإن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم
م هـ هـ هـ هـ م م م هـ م
وأموالهم بأن لهم الجنة. فشمروا عن ساعد الجد معاشر المسلمين، في جهاد المشركين، فمن م هـ م هـ م م م م م هـ م م
مات منكم مات شهيدا، ومن عاش عاش غانما مأجورا حميدا، فاصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا
م م م م هـ م م م م

الله لعلكم تفلحون.
م
إذا نظرنا إلى هذا النص من زاوية تشاكل الصوامت فقط وركزنا على نمو كثافة الصامتين (م، ه)، وجدنا جهة مطاطية توسع مواقع التشاكل بواسطة التراكم. ذلك أن الخطيب انطلق من الصامت –النواة [م] وأضاف إليه تراكم الصامت [ه]، ثم انحصرت الكثافة في الوحدتين المعجميتين: أنفسهم وأموالهم؛ وبعد ذلك، حذف الصامت [ه] وألحقت الصوامت (ر، ص، ب، ن...) بالكثافة الصوتية.وبذلك، تفاعلت كل الجهات في هذا النص لتوفره على قيود بلاغية فرعية من قبيل الحذف والإلحاق والتوسيع والتراكم والانحصار..وهي نفس القيود التي يمكن تطبيقها على تشاكل الصوائت في الخطبة ذاتها.
ونظيف إلى قيدي الكثافة وانحصار التشاكل قيد العلاقة الدلالية الذي يدعم التشاكل الصوتي.
ج_قيد العلاقة الدلالية
ينتج عن التشاكل الدلالي التشاكل الصوتي والعكس صحيح كذلك. وهذا ما تمثله بالأساس الكلمة –المحور(Paragramme) التي يشكل بناؤها في النص مظهرا من مظاهر العلاقة التفاعلية بين الصوت والدلالة.لننظر في المقطعين الشعريين لكل من لكنوني وبامرتين(Pamartine).
29_ ( من يد ليد تتنقل هذي الحقول: ترابا، هواء، وماء
ل ت ت ل ل ح ل ت و و
وما بين لص قديم ولص جديد تحول تفاحها الذهبي،
و ل و ل ت ح و ل ت ح
فهل كان ذلكموا قدرا وقضاء؟ )
ل ل و
يراكم هذا المقطع الشعري تشاكل التحول بالنظر إلى تراكم الوحدات الدلالية ' تتنقل'، ' تراب '، 'ماء '، 'هواء'، 'جديد'، ' تحول'...ومن ثم، يمكن بناء الكلمة _المحور: تحول التي ينشطها تراكم الصوامت [ت]، [ح]، [ل]، [و] (الواو يعتبر كذلك نصف صائت ونصف صامت )، على طول السلسلة اللغوية للمقطع في إطار جهة دائرية موسومة بالزمن الدوري. وبذلك، فالكلمة –المحور قد تنتظمها الجهة الدائرية أو غيرها من الجهات بحسب نمطية التراكم الصوتي الذي ينشطها كما هو الحال في الجملة (30) التي ينتمي التراكم فيها إلى الجهة المتشابكة( وهي جهة الزمن الفوضوي).
. 30_Dans le bruit de tes bords, par tes bords répétés
b r t t b r r t b r r t
الجملة الشعرية مأخوذة عن دولبوي 1961، ص.213.) )
إن العلاقة الدلالية بين الوحدتين الدلاليتين Le bruit ' ' و ' répété ' بواسطة المقوم الجوهري العام [+تكرار] ينشطها تراكم الصوامت [t]، [r]، [b]...مما يسمح ببناء الكلمة_ المحور:bruit التي تنتمي هنا إلى الجهة المتشابكة المتفاعلة مع الجهة الدائرية أساسا لوجود الزمن الفوضوي الذي يسم التراكم الصوتي السابق بالقلب كما يلي:

31_ ( ( b r t ) ….(t b r )…( r t b )…( r r t

الجهة الدائرية، إذن، جهة الزمن الإيقاعي بنوعيه؛ المنتظم والدوري. وهي تتفاعل مع كل الجهات لأن التراكم _التكرار قد يكون متتاليا أو دوريا أو موسعا. لكن جهتها الأساس، شأنها في ذلك شأن باقي الجهات، هي الجهة المتراكبة ما دام كل تشاكل أي كل تكرار هو تراكب وحدة على أخرى بواسطة التقابل والتماثل.
وهذا ما تعززه حالة التشاكل التفاعلي، في الجهة الدائرية، بين مختلف المكونات الصوتية والدلالية( بما فيها المعجم والتركيب)، مما يشكل نسقا إيقاعيا أكبر نعتناه بتشاكل التوازي.
2.2.4.البناء الموازي
ننطلق من الفرضية التي دافع عنها مفتاح (1985) التي تعتبر التشاكل مفهوما عاما يشمل التكرار والتوازي والتجنيس...وذلك لكونه يشمل التحليل بالمقومات ووصف وتأويل التشاكل الصوتي والحد ' متكرر' في الكلمة الواحدة. ثم إن مفهوم التوازي ظل سجين الأطروحات الو صفية للشعرية البنيوية، بينما تمت تنمية مباحث التشاكل في الدلالة اللسانية والدراسات السيميائية التأويلية(شكري 2001). وعليه، أدرجنا التوازي ضمن مباحث التشاكل بالنظر إلى صياغتنا لمفهوم تشاكل التوازي الذي يؤول الجهات البلاغية المنتجة للأزمنة بواسطة تفاعل المكونات الصوتية والمعجمية والتركيبية في بناء مواز. ومسوغ هذا التوسيع، إضافة لما سبق، أن التوازي بوصفه تكرارا لنواة صرافية_تركيبية في متواليتين أو أكثر، يراكم التناظر والتغاير على السواء، الشيء الذي يسمح باعتبار تراكم التكافؤ والتباين تشاكلات متوازية نحلل بعض نماذجها في الأمثلة الموالية.

32_Je vous blâmais tantôt, je vous plains à présent
(كورنيي، عن ملين وتامين،1982،ص.209.)



إن تشاكل التوازي في المثال (32) يتم بناؤه اعتمادا على تماثل القضايا التامة والمتكافئة بواسطة تعادل الجملتين في عدد مكوناتهما.
33_كل ما هب، وما دب، وما نام، أو حام على هذا الوجود
من طيور، وزهور، وشذى وينابيع، و أغصان تميد....
وبحار، وكهوف، وذرى وبراكين، ووديان، وبيد.....
وضياء، وظلال، ودجى,., وفصول، وغيوم، ورعود...
وثلوج، وضباب عابر،... وأعاصير وأمطار تجود.....
وتعاليم، ودين، ورؤى، وأحاسيس، وصمت، ونشيد...
كلها تحبا بقلبي حرة غضة السحر، كأطفال الخلود...

(ديوان أبي القاسم الشابي، صص.453_454)


ينتظم الزمن الإيقاعي هذه الأبيات بواسطة تشاكل التقطيع التركيبي، ومحافظة مكونات الجمل في الأبيات الشعرية الستة أساسا على نفس الرتبة الأولية التي ينتجها البيتان؛ الأول والثاني. ويقتضي هذا النظام تفاعل الجهة الدائرية، حيث تعادل العناصر، مع الجهة الخطية حيث تتابع العناصر في شكل سلسلة دائرية. غير أن هذا التشاكل التقطيعي- التركيبي يحوي تراكما للأداتين ( كل ومن ) اللتين تظهران ثم تختفيان، الشيء الذي يعني أنهما تؤشران في الجمل المتناسلة على الضم؛ إذ تغيبان صوتيا وتحضران دلاليا في جمل من قبيل:وX ما دب، وX ما نام... وX زهور، وX شذى....
إن التشاكل التركيبي المبني بواسطة تكافؤ العناصر يراكم في بناء مواز التشاكل الدلالي والصوتي كذلك. ذلك أن تشاكل الحياة يهيمن على الوحدات الدلالية 'هب'، ' دب '، ' طيور'، 'زهور'.... ويوازي تشاكل الصوامت (م، ر، د، ن، ل... ) وتشاكل الصوائت القصيرة والطويلة.
وهكذا، فالبناء الموازي لمختلف التشاكلات ينبني على أساس الترادف، والتباين ( الطباق )، والتوليف ( أو التراكب الاستعاري )، ناهيك عن التماثل والتقابل الصوتيين، ضمن مسارات متوازية للانفصال والاتصال، التي تشكل خصائص هامة لظاهرتي الفصل والوصل. ذلك أن بعض التشاكلات المعجمية والتركيبية تأخذ شكل بنيات مزدوجة تتفاعل فيها جميع الجهات.
لنحلل المثال الموالي:
34 For he hath founded it upon the seas , 1
(And) established it upon the floods.
2
(عن جونستن1991، ص.21)
إن علاقة الاتصال التركيبي والدلالي بين الجملة الأولى والثانية قد تمت بواسطة أداة اتساقية هي And التي تناظر واو العطف في العربية. وبذلك، يقود هذا الاتصال، المعتمد على قيد التتابع في الجهة الخطية وقيد تشاكل الوظائف التركيبية والدلالية والتداولية في الجهة الدائرية، إلى وضع العناصر الموصولة فيما تنعته جونستن (1991) بالزوج المعجمي (Lexical couplet ) الذي نضيف إليه " الزوج التركيبي ".
وبذلك، فالوصل بين وحدتين معجميتين في سياق تركيبي ما، يؤشر على تشاكلهما في الوظيفة التركيبية والوظيفة الدلالية مع إمكانية تشاكلهما في الوظيفة التداولية.
وهكذا، إذا كانت الجهة البلاغية تؤشر في الشعر والنثر على الوظيفتين المعرفية والبلاغية، فإنها تسمح، تبعا لذلك، بتنمية الكفايات الحجاجية والوصفية_ السردية.غير أننا نفضل طرح إشكال غالبا ما يعترض الأستاذ والتلميذ معا، وهو: كيف نؤول الحجاج والحكي في الخطاب الشعري؟
ويأتي طرح هذا الإشكال في سياق اهتمام البرنامج الدراسي لمختلف المواد ( بما فيه البرنامج المرتقب للغة العربية الخاص بالجذوع المشتركة) بظاهرة الحجاج والسرد بوصفها ظواهر لا توجد فقط في الخطابات الفلسفية والحكائية بل تخترق مقصدية الخطاب الشعري كذلك.
3.4.الحكاية الشعرية
نفترض أن لكل قصيدة نواة حكي (مفتاح 1985 و 1990) بالنظر إلى توفرها على بنية عامة تتميز بخاصيتين أساسيتين؛
- المحور الدلالي بوصفه مجموعة اتصالية تربط بين حدين بينهما علاقة اتصال، إذ يمكن الانتقال من حد إلى آخر، وعلاقة انفصال لكونهما متقابلين. وبذلك، يمثل الترابط بين هذين الحدين البنية الأصلية للدلالة( كَريماص 1966)، كما يمثل، في نظرنا، اختزال التطور الزمني من البداية إلى النهاية الذي يسم كل برنامج حكائي.
- التحويل باعتباره يقع في متوالية زمنية منتجة للمحور الدلالي السابق. وهذا يعني أن كل تحويل من حالة أولية إلى حالة نهائية يقتضي الحذف أو التوسيع أو القلب أو الإبدال مما يجعل الحكاية الشعرية فضاء إسقاطات متبادلة بين مختلف الجهات البلاغية.
وعليه، يمكن تحليل البرامج الحكائية باعتبارها انتقالا من الرغبة إلى الإنجاز وفق المنظور السيميائي لمدرسة باريس.
إن التحويلات الممثلة لنسق التطور في الخطاب، يمكن أن تنتظم ضمن بناء سلمي تراكبي يدمج مختلف التحويلات في سرد كلي أي في تحويل عام. وقد تكون التحويلات متتالية وفق قاعدة السبب والنتيجة.
ومن هنا تخضع الحكاية الشعرية، في نظرنا، إلى تنظيم زمني تصاعدي، الشيء الذي يؤثر على أدوار العامل (Actant) التي لا تنفصل عن وضعيته في المجرى الحكائي انطلاقا من أن هاته الوضعية ذاتها غير معزولة عن تاريخ العامل وبالتالي عن ذاكرة الخطاب.
ولتمثيل ماسبق نحلل الزمن التصاعدي_الحكائي في المقطع الشعري للخمار الكنوني(ديوان رماد هسبريس، صص.53_59).
35_ 2- تحولات التفاح الذهبي
أثمرت من حدود المحيط إلى النهر كل الحقول
فارتقت لغة، ولغات تزول
حينما أزهرت لم تكن لغة البيع والغبن قد بدأت
لم تكن كلمات السماسرة ارتفعت
إنما عبرت لغة هي بين الغناء وبين الذهول..
وصلوا، ليس للون لون، ولا للعبير عبير !
هل النهر أخضر، هل نزل الثلج في قمم الغرب، هل هبت الريح ؟
ليس يهم السماسرة العابرين !
عاينوها، أما انخسفت من حسابهمو ؟
سكتوا، وتكلمت اللغة المتعالية النبر:
هذا لكم وعليكم، وهذا لنا وعلينا،
سكتنا وما تتكلم أيامنا أو تقول !

( من يد ليد تتنقل هذي الحقول: ترابا، هواء، وماء
ومابين لص قديم ولص جديد تحول تفاحها الذهبي،
فهل كان ذلكمو قدرا وقضاء ؟ )

أبحرت بالحقول السفين
إلى أين ؟ ليس تجيب العيون
فلو أن هذي الحقول تقول: كلوا جسدي واشربوني دماء ،
لما كان حقا ..
ولو أنها دون أهل - ينامون أو يجهلون -
لما كان حقا ..

( هي الشجر المستباح لمن يعبرون
هي الثمر المستحيل لمن يزرعون )

وما كان حقا، وقد نزلت - في الموانئ أو في الموائد -

فوق رجال رأوها رأوا راية الوطن المستحيل عليها، بكوا...
إنها إنهم: Exporté du Maroc

يسم الزمن التصاعدي الحكاية في هذا المقطع الشعري انطلاقا من محور دلالي يختزل البرنامج الحكائي الأساس كما يلي:
الحيازة الفقدان


ذلك أن ملفوظ الحالة(Enoncé d’état) يحدد، في الأسطر الخمسة الأولى، علاقة اتصال الأهل بثمار الوطن، بالنظر إلى "تشاكل الإزهار" الذي تؤشر عليه الوحدات الدلالية ' التفاح الذهبي '، ' أثمرت '، ' ارتقت '، ' أزهرت '... غير أن الملفوظ ذاته يحدد، في الأسطر الموالية، علاقة انفصال الأهل عن ثمار الوطن بالنظر إلى تراكم تشاكل النهب الذي تعينه الوحدات ' تنتقل '، ' لص'، ' تحول '، ' أبحرت '، ' المستباح'، ' الموانئ '...
لقد ثم الانتقال - التحويل من الاتصال إلى الانفصال بواسطة ملفوظ الفعل (Enoncé de faire) الذي يعين تدخل ذوات غريبة؛ ' لص قديم'، ' لص جديد '، ' السماسرة '، مما يوحي ببوادر صراع درامي بين طرفين متناقضين يتسابقان نحو حيازة موضوع واحد:




















الشكل(8)- تعارض المصالح













وهكذا، فالانتقال من الحالة الأولية (الاتصال) إلى الحالة النهائية (الانفصال) مؤشر على دينامية الزمن التصاعدي الذي يجعل البرنامج الحكائي الأساس منشطرا إلى برامج صغرى هي: - برنامج الارتقاء-وصول السماسرة ( العابرون) - سكوت الأهل - تهريب الثمار إلى الخارج- برنامج الغبن.
وقد انتظمت هذه البرنامج بواسطة قيد التتابع في الجهة الخطية بحيث تلاحقت الأحداث في سلسلة تطورية تربط كل حدث بآخر.
بيد أن الزمن التصاعدي لا يؤشر عليه التحويل فحسب، وإنما يشيد بواسطة الحجاج الشعري كذلك.
4.4.الحجاج الشعري
نميز، في البدء، بين البرهان(Démonstration) التقليدي والمنطق الصوري من جهة، وبين الحجاج (Argumentation) من جهة أخرى. ذلك أن الأولين ثابتان ولا زمنيان، بحيث يعرضان قضايا ذات حقائق ثابتة يراد منها خلاصة معينة. أما الثاني باعتباره مجموعة من الإواليات المقالية، فيمتاز بالدينامية والتفاعل الزمنيين.
إن فعل الحجاج يرتبط بمنفذ يتوجه إلى متلق، يطور أطروحاته ويغيرها حسب السياق قصد تغيير أطروحات المتلقي الذي تبقى له، مع ذلك، حرية الاقتناع. و بذلك، نعتبر كل الأوجه البلاغية في جميع الجهات إواليات حجاجية يوظفها الشاعر والخطيب وغيرهما.

وهكذا، يشيد الحجاج التصاعدي في الخطاب الشعري بواسطة الاستدلال ( الاستنباطي أو الاستقرائي ). فشاعر الغزل، مثلا في الشعر القديم، يحاول إقناع محبوبته بحبه، كما أن شعراء " التيارات السياسية " في الشعر العربي ( خوارج وشيعة وأمويون...) يدافعون عن أطروحتهم، ناهيك عن أن الشعر المغربي دافع عن مواقف الدول المتعاقبة على الحكم وناصر فتوحاتها بواسطة الاستدلال بنوعيه. وبذلك، يمكن الحديث عن استدلال استنباطي ( القياس البلاغي، فاركا 1970) ينطلق من الكل نحو الجزء ويرد ضمنيا في القصيدة من خلال التشبيه والاستعارة والمناقضة وغيرها مع توظيف أدوات الاتساق التركيبية والبلاغية. ومن أمثلة هذا الاستدلال المقطع (36).
Mignonne, allons voir la rose qui est pareille à vous . Elle s’est malheureusement fanée. Donc, puisque tel est également le sort qui vous attend, profitez de la jeunesse (36)-
لقد انطلق الحجاج التصاعدي، في هذه الجمل، من مقدمة كلية هي المشابهة بين المرأة والوردة بواسطة المقارنة التي تنشط المقوم [+ ذبول ] بإسقاطه على الوحدة الدلالية ' Mignonne ' مما نتج عنه تنشيط المقوم الخفي [+ شيخوخة ]. ومن ثم، استلزمت هذه المشابهة - المنطلق استنباط خلاصة - هدف بواسطة الأداة الاتساقية (Donc)، هي ضرورة التمتع بالشباب. وقد تم تنضيد مكونات الزمن التصاعدي الحجاجي بشكل موسع كما يلي:
مقدمـة أولــى
الــوردة نظيــرة المــرأة
الـــــوردة يـصـيـبــــها الـذبــــــول مقدمـة ثانية
عـلـى المـــرأة، إذن، الـتـمـتـــع بـالـشـبـــاب استنتــاج

الشكل (9)- التوسيع الحجاجي الاستنباطي

بيد أن الاستدلال قد يتخذ في الخطاب الشعري صبغة الاستقراء، بحيث ينطلق الشاعر من الخاص نحو العام، ومن الجزء نحو الكل وفق مقصدية الاعتبار المستخلصة من حكاية مقتبسة من التاريخ أو الأسطورة مما يشكل منظورا ذا قيمة تمثيلية. وهذا ما ينعت بالاستدلال بواسطة المثال ( مولينو وطامين 1988). وعليه، يمكن اعتبار التناص أهم مؤشرات هذا الاستدلال التطوري. فمن نماذجه الشعرية قصيدة طويلة لعبد العزيز الملزوزي يدافع فيها عن غزوات يعقوب المنصور المريني بالأندلس انطلاقا من الاستدلال - المثال الذي يستند إلى التناص مع الدين والتاريخ للوصول إلى عبرة - خاتمة هي: إن كل شاعر فان ويبقى مدح بني مرين كتابا يخلد أمجادهم. غير أن القراءة العمودية لمقصديات النص تكشف عن عبر متعددة يراد تقريرها في الخطاب من قبيل: من ناصر الدين نصره الله، و الأصل في الدين جهاد، وبنو مرين ينسخون ما قبلهم... إلخ.
وهكذا، نقسم الاستدلال - المثال، في القصيدة إلى الأقسام التالية :أ- إثبات علم الله وقوته: تشاكل الوحدانية
تمثل هذا التشاكل الأبيات (من 4 إلى 13) التي تراكم الوحدات الدلالية ' خلق '، ' صورهم'، ' واحد '، ' تقدس '، 'يحيط '، ' يعلم '، ' أنشأ '، ' أجرى'، ' سخر'..
إن البيت البؤرة المكثف لهذا الاستدلال الديني هو:
37)- ويعلم في الأراضي السبع علمـــا * يحيـط بعـد حصبـاهـا حسابـــا
ب- إثبات أطروحة الإسلام هو الجهاد: تشاكل الجهاد.
تمثل الأبيات ( من 14 إلى 32) تشاكل الجهاد إذ تتراكم الوحدات الدلالية ' حرضنا '، ' قتل الأعادي '، ' جهاد'، ' نبذل '، ' طعان '، ' ضراب '، ' تفنى'، وهي مساوقة للاستدلال التاريخي بالنظر إلى استدعاء أسماء الأعلام التي تضمر العنصر ضم: [+ جهاد]، و تتمثل في ' ابن عوف '، ' ابن جراح '، 'سعد '، ' زبير'، ' طلحة '...
إن البيت - البؤرة المختزل لهذا الاستدلال هو:
(38)- وهـم قـد جاهـدوا في اللــه حقـــا * وسـلــوا فـي عـداتـهــم الـذبـابـــا
ج- إثبات تفرد بني مرين بالجهاد في بلاد المغرب: تشاكل المجد.
تؤطر هذا التشاكل الوحدات الدلالية ' انسلبت '، ' أرانا '، ' العجب'، ' العجابا '، ' الصعابا '، ' جاز'، ' مجتهد ' ' القطب '، ' غزو'، 'عز'، ' الصدق '...
إن ما ينتظم هذه الوحدات جهة خطية تتوالى فيها الأبيات الشعرية ( من 33 إلى 129) التي تقابل بين حقلين دلاليين؛ حقل الكفر وحقل الإيمان، يؤشر عليهما التقابل بين ' الفنش ' / ' يعقوب '...
وقد مثل الاستدلال الثالث البيت الشعري التالي:
39 ولـم نـر قبلـه فــي العصــر ملكــــا * أرانـا فـي العـدا العجـب العجـابـــا

ومن هنا، فإن ما يعزز بناء الاستدلال في النص انعكاس مختلف الجهات على الجهة المطاطية الموسومة بالزمن التصاعدي الحجاجي. ذلك أن الشاعر راكم تشاكلات الصوامت ( الزهر- الزهر) وتشاكل الصوائت ( شعابا - ضرابا) في الجهة الدائرية، كما راكم القلب والحذف في الجهة المتشابكة ( سبايا - سلابا)... وعليه، خلص الشاعر إلى نتيجة كبرى هي أن بني مرين يستحقون لقب حزب الله الحامي للإسلام، فيستحقون بذلك المدح وتخليد مجدهم في الشعر(الأبيات من 130 إلى آخر النص).
لقد تم بناء الزمن التصاعدي الحجاجي في القصيدة وفق قاعدة توسيعية يؤطرها، ظاهريا، الإطار (Frame): الإسلام، بحيث إن وحدانية الله تقتضي الجهاد ضد الكفر، وكل مجاهد بالغ المجد لا محالة.
غير أن هذا الاستدلال يخفي مقصدية الولاء للحكم المريني التي تستدعي التودد والحظوة مما يستلزم بناء الحجاج من جديد كما يلي:

لا جهـاد فـي المغـرب إلا مـع المرينييــن أحكام جزئية

بنـو مريـن يستحقـون بجهادهـم المجـد والمـدح
كــــــل مـــــــادح - مـــمـــجـــــد يــســـتـحــــــق الــعـطـــــــاء حكم كلي





الشكل (10)- التوسيع الحجاجي الاستقرائي

وعليه، تشهد البيات الثلاثة الأخيرة على ماسبق ذكره:
(40)- مرين لقد مدحتكــم فوفـــــوا * لمــا دحكـــم ببغيتـــه الثوابـــا
وقد ورخت دولتكم وصـارت * حلى يحدو بها الحادي الركابا
وكل منظم شعرا سيــفــنـــى * ويبقـى فيكـــم مدحـــي كتابــــا

وهكذا، شكل المبحث الثاني( الأسس البلاغية ) من هذا الكتاب تحديدا للمفاهيم الدلالية والتداولية والأسلوبية التي ترتبط بوظائف الذهن البشري مما يجعلها مجالا خصبا لنمو الذكاء البلاغي واكتساب كفايات تأويلية نسقية. وقد قدمنا تلك المفاهيم مع تظهيرها بواسطة أمثلة حتى يتمكن الأستاذ من اختيار التأويل الأنسب لمستوى التلاميذ ولمقصديته الخاصة.
ومن ثم، نصل إلى المبحث الثالث لتقديم نماذج ديداكتيكية لكفايات الذكاء البلاغي ضمن نسق تتفاعل خلاله مختلف الآليات التربوية _المعرفية والبلاغية.وفي هذا السياق نشير إلى أن الكفايات المستهدفة خلال المرحلة الثانوية التأهيلية، و الخاصة بمادة اللغة العربية ترتبط أساسا بتقنيات محاورة النصوص وفهمها وتأويلها قصد التواصل مع الأفراد والعالم ضمن نسق معرفي متفتح ومتسامح ومعزز لهويتنا المغربية بمختلف أبعادها.وبذلك، حددنا أربع كفايات ينشطها الذكاء البلاغي، وهي:_الكفاية التداولية وخلفيتها المعرفية الكبرى:الكفاية التواصلية.
_الكفاية التفسيرية وخلفيتها المعرفية الكبرى: الكفاية المنهجية والكفاية الثقافية.
_الكفاية التأويلية وخلفيتها المعرفية الكبرى: الكفاية المنهجية والثقافية كذلك.
_الكفاية المقالية وخلفيتها المعرفية: الكفاية المنهجية والكفاية التواصلية.
القسم الثالث: كفايات الذكاء البلاغي
الذكاء الشعري نموذجا
قصيدة المواكب (جبران خليل جبران) ومؤولة حقوق الإنسان
1.الكفاية التداولية(Pragmatic competency)
تشتغل الكفاية التداولية على الرصيد المعرفي للمتعلم لتنشيط خلفيته المعرفية التي تمكنه من التفاعل مع النص الشعري المدروس وربطه بمحيط الإنتاج والتلقي على السواء.
ومن ثم نحدد، وفق استراتيجيتنا البيداغوجية، لهذه الكفاية ولغيرها من الكفايات ثلاثة مؤشرات أساسية وضرورية في كل تدريس بالكفايات، وهي:
أ_سياق الكفاية: والمقصود به تحديد المرحلة الديداكتيكية التي تمثل الميدان الذي ستشتغل عليه عملية اكتساب الكفاية المعنية. فبالنسبة للكفاية التداولية يتحدد هذا السياق في مرحلة التقديم(في إطار النص) بوصفها الدخل المناسب للتعرف على النص.غير أن لهذه الكفاية سياقات أخرى فرعية من قبيل الخاتمة حيث يتم تحليل مقصدية المنتج ومقصدية المتلقي في ضوء نتائج التحليل، أو من قبيل تحليل الأفعال الكلامية التي تتطلب معرفة سياقات إنتاج الرسالة في مرحلة التحليل ذاتها. ولذلك، نؤكد على أن هذه المؤشرات ذات طابع تفاعلي بحيث لا يجوز النظر إليها أو تصنيفها تراتبيا، مما يعني أن الكفايات (الكفاية التداولية والكفاية التفسيرية والكفاية التأويلية والكفاية المقالية وغيرها) متفاعلة رغم استقلالها النسبي، بحيث يمكن الانتقال من كفاية إلى أخرى في أي مرحلة من المراحل الديداكتيكية.
إن السؤال البيداغوجي الذي يطرحه الأستاذ بالنسبة لسياق الكفاية التداولية، هو:
ما هي المرحلة المناسبة لتنشيط الرصيد المعرفي للتلاميذ ؟
ب_مهارات الكفاية:وهي القدرات القابلة للملاحظة والتقويم، إذ ينطلق الأستاذ، قصد تحديدها، من السؤال التالي:
ما هي القدرات التي سيكتسبها التلاميذ من خلال نشاط الكفاية التداولية ؟
وهنا يركز الأستاذ على قدرة التلاميذ وتمكنهم من ربط البنية الدلالية العامة للنص بسياق إنتاجه اعتمادا على قرائن خارجية مثل ثقافة الشاعر وملابسات تجربته الشعرية.. واعتمادا كذلك على مساق النص نفسه أي بعض المؤشرات الداخلية _المحلية.
ج_تقويم الكفاية: يستلزم هذا المؤشر طرح بعض الأنشطة التقويمية مرحليا وإجماليا.
ونوضح تفاعل هذه المؤشرات عبر عرض مفصل لمقتضيات الكفاية التداولية خلال مرحلة التقديم لنص المواكب آخذين بعين الاعتبار البحث في مؤولة حقوق الإنسان لكونها تستحق في هذا السياق مقاربة بيداغوجية أكثر وضوحا ودينامية، خاصة وأمام الاهتمام المتزايد بتيمات حقوق الإنسان في المدرسة المغربية نخشى أن يتحول الدرس الأدبي إلى مجرد درس في الوثائق والمقتضيات القانونية المحلية والدولية لحقوق الإنسان.

الكفاية التداولية: المهارات والأنشطة خلال مرحلة التقديم(في إطار النص).

الكفايات

المهارات

الأنشطة التعلمية_التعليمية

موضوعات الأنشطة


_الكفاية التداولية:
*إدراك العلاقة بين سياق إنتاج النص ومقصدية الشاعر.

_قدرة التلميذ على أن يحدد بكل تركيز فقط المؤثرات الكبرى التي لها علاقة بتجربة الشاعر الفكرية والأدبية.

_القدرة على على ربط سياق النص بمساقه(المؤشرات الداخلية).

_يحدد التلميذ السياقات التالية:

*رحلة جبران إلى أوروبا والعالم الجديد(أمريكا الشمالية).

*التعرف على مختلف الثقافات العالمية بمافيها التيار الرومانسي والمسيحية والتصوف الإسلامي.ومن ثم، تأثر الشاعر بالقيم الإنسانية الأساسية مثل الحرية والحب والرجوع إلى صفاء الطبيعة.

*تعثر التيار الكلاسيكي العربي في الاستجابة إلى متغيرات التجديد وظهور تيارات الدعوة إلى التغيير كما هو الشأن بالنسبة لبعض النقاد( ميخائيل نعيمة، العقاد والمازني وشكري وغيرهم).

_يطرح الأستاذ بعض الأسئلة التقويمية، مثل:
*إذن، إلى أي حد كان لهذه المؤثرات التأثير القوي على شخصية الشاعر لتوجيهها نحو المذهب الرومانسي بمعناه الإنساني؟
*ما علاقة مقصدية الشاعر(من خلال المبادئ الرومانسية التي تأثر بها) بمبادئ حقوق الإنسان؟
_يبحث التلاميذ، في النص، عن بعض المؤشرات الدالة على السياقات السابقة مثل:

*علاقة البعد الإيحائي للعنوان(المواكب) بالنزعة الفلسفية التأملية.

*الدعوة إلى الطبيعة والحرية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

إستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» استراتيجيات التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية - الجزء 1 -
» دور أستاذ الفلسفة بين التدريس بالأهداف والتدريس بالكفايات
» في مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا -
» أهمية الإدماج في المقاربة بالكفايات
» تحميل كتب في الفلسفة والفكر العربي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  اللسانيات التطبيقية :: تطوير المناهج-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


إستراتيجية التدريس بالكفايات: الأسس المعرفية والبلاغية ، الجزء 2 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
اللغة موقاي العربي ننجز مبادئ كتاب ظاهرة بلال الخطاب المعاصر التداولية مدخل النص النقد الحذف محمد العربية على النحو الأشياء الخيام اسماعيل اللسانيات البخاري قواعد مجلة


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | انشاء منتدى | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع